المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

[فصل ويصح منها ما لم يقتضي الجهالة من وصف للبيع كخيار - السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[مقدمة لا يسع المقلد جهلها

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب النجاسات

- ‌[باب المياه

- ‌[باب ندب لقاضي الحاجة التواري

- ‌[باب الوضوء

- ‌[باب الغسل

- ‌[باب التيمم

- ‌[باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌[باب الأوقات

- ‌[باب الإذان والإقامة

- ‌[باب صفة الصلاة

- ‌[باب والجماعة سنة مؤكدة

- ‌[باب سجود السهو

- ‌[باب والقضاء

- ‌[باب صلاة الجمعة

- ‌[باب ويجب قصر الرباعي

- ‌[باب وشرط جماعة الخوف

- ‌[باب وفي وجوب صلاة العيدين خلاف

- ‌[باب ويسن للكسوفين حالهما ركعتان

- ‌[كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌[باب في نصاب الذهب والفضة

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌[باب ولا شيء فيما دون ثلاثين من البقر

- ‌[باب ولا شيء فيما دون أربعين من الغنم

- ‌[باب " ما أخرجت الارض في نصاب فصاعدا ضم احصاده الحول

- ‌[باب " ومصرفها من تضمنته الآية

- ‌[باب والفطرة تجب من فجر أول شوال إلي الغروب

- ‌كتاب الخمس

- ‌كتاب الصيام

- ‌مدخل

- ‌[باب وشروط النذر بالصوم

- ‌[باب الاعتكاف وشروطه

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌باب العمرة

- ‌باب المتمتع

- ‌باب القارن

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌باب على واهب الأمة وبائعها استبراء غير الحامل

- ‌[باب الفراش

- ‌كتاب الطلاق

- ‌[باب إنما يصح من زوج مختار مكلف

- ‌[باب الخلع

- ‌[باب العدة

- ‌[باب الظهار

- ‌[باب الايلاء

- ‌[باب اللعان

- ‌[باب الحضانة

- ‌[باب النفقات

- ‌[باب الرضاع

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الشروط المقارنة للعقد

- ‌باب الربويات

- ‌[باب الخيارات

- ‌باب ما يدخل في المبيع

- ‌باب البيع غير الصحيح

- ‌باب المأذون

- ‌باب المرابحة

- ‌[باب الإقالة

- ‌[باب القرض

- ‌[باب الصرف

- ‌[باب السلم

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌مدخل

- ‌باب وإجارة الآدميين

- ‌باب المزارعة

- ‌باب الإحياء والتحجر

- ‌باب المضاربة

- ‌كتاب الشركة

- ‌مدخل

- ‌باب شركة الأملاك

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الهبة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌مدخل

- ‌[باب والتدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌[باب الولاء

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌[باب الكفارة

- ‌باب النذر

- ‌باب الضالة واللقطة واللقيط

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الأضحية

- ‌باب الأطعمة والأشربة

- ‌باب اللباس

- ‌كتاب الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب التفليس

- ‌باب الصلح

- ‌باب الإبراء

- ‌باب الإكراه

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد السارق

- ‌كتاب الجنايات

- ‌مدخل

- ‌باب الديات

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب السير

الفصل: [فصل ويصح منها ما لم يقتضي الجهالة من وصف للبيع كخيار

[فصل

ويصح منها ما لم يقتضي الجهالة من وصف للبيع كخيار معلوم أو للمبيع كعلى أنها لبون أو تغل كذا صفة في الماضي ويعرف بأول المستقبل مع انتفاء الضار وحصول ما تحتاج إليه أو للثمن كتأجيله أو يصح أفراده بالعقد كأيصال المنزل ومنه بقاء الشجرة مدة معلومة وما سوى ذلك فلغو وندب الوفاء ويرجع بما حط لأجله من لم يوف له به] .

قوله: "ويصح منها ما لم يقتضي الجهالة".

أقول: هذا صحيح لما قدمنا وما ذكره من الأمثلة صحيح أيضا وكذلك قوله وما سوى ذلك فلغو ووجه كونه لغوا هو ما قدمناه في أول الباب هذا وأما قوله وندب الوفاء فالظاهر من دليل مطلق الشروط حيث قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون عند شروطهم"، أبو داود "3594"ن أحمد "2/366"] ، أنه يجب الوفاء بها جميعها إلا ما استثناه الحديث من قوله:"إلا شرطا أحل حرأما أو حرم حلالا"، وأما كونه يرجع بما حط لأجله من لم يوف له به فظاهر لأن ذلك الحط مقيد بحصول الشرط.

ص: 506

‌باب الربويات

[فصل

إذا اختلف المالان ففي الجنس والتقدير بالكيل والوزن يجوز التفاضل والنساء وفي أحدهما أو لا تقدير لهما التفاضل فقد إلا الموزون بالنقد فكلاهما ونحو سفرجل برمان سلما فإن اتفقا فيها اشترط الملك والحلول وتيقن التسأوي حال العقد والتقابض في المجلس وإن طال أو انتقل البيعان أو أغمى عليهما أو أخذ رهنا أو إحالة أو كفالة ما لم يفترقا إلا المتدرك وما في الذمة كالحاضر والحبوب أجناس وكذلك الثمار واللحوم أجناس وفي كل جنس أجناس والألبان تتبع اللحوم والثياب سبعة والمطبوعات ستة فإن اختلف التقدير اعتبر بالأغلب في البلد فإن صحب إحدى المثلين غيره ذو قيمة غلب المنفرد ولا يلزم إن صحبهما ولا حضور المصاحب ولا المصاحبين غالبا] .

قوله: "باب: الربويات إذا اختلف المالان في الجنس والتقدير بالكيل والوزن يجوز التفاضل والنساء".

أقول: قد أشار المصنف ها هنا إلي ثبوت الربا في كل مالين اتفقا جنسا وتقديرا ثم خص

ص: 506

التقدير بالكيل والوزن وهذا هو أحد الأقوال في تعيين العلة التى تقتضي الربا مع الاتفاق في الجنس وقد قيل إنه قال بهذا العترة جميعا وحكى عن أبي حنيفة واصحابه واستدلوا على ذلك لذكر النبي صلى الله عليه وسلم للوزن كما في حديث أبي سعيد عند مسلم "77/1584"، وغيره أحمد "2/53، 61" بلفظ: "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء"، ومثل هذا عند مسلم "91/1891"، وغيره "أحمد 2/262"، النسائي "4569"، من حديث أبي هريرة قال فيه:"الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل"، وهكذا في حديث فضالة بن عبيد بن مسلم وغيره قال:"لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن"، وورد ذكر الكيل في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع الرجل تمر حائطه إن كان نخلا بتمر كيلا وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام وورد في حديث آخر:"لا صاعين بصاع" ولا يخفاك أن ذكره صلى الله عليه وسلم للكيل والوزن في الأحاديث لبيان ما يتحصل به التسأوي في الأجناس المنصوص عليها فكيف كان هذا الذكر سببا لإلحاق سائر الأجناس المتفقة في الكيل والوزن بهذه الأجناس الثابتة في الأحاديث وأي تعدية حصلت بمثل ذكر ذلك وأي مناط استفيد منها مع العلم أن الغرض بذكرها هو تحقيق التساوي كما قال: "مثلا بمثل سواء بسواء" وقال الشافعي ومن وافقه إن العلة هي الاتفاق في الجنس والطعام واستدلوا على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث معمر بن عبد الله قال كنت اسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الطعام بالطعام مثلا بمثل"، وكان طعامنا يومئذ الشعير وأقول: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الطعام فكان ماذا وأي دليل دل على أنه أراد بهذا الذكر الإلحاق وأي فهم يسبق إلي كون ذلك هو العلة المعدية حتى تركب على ذلك القناطر وتبنى عليه القصور ويقال هذا دليل على أن كل ما به طعم كان بيعه ما به طعم متفاضلا ربا مع أن أول ما يدفع هذا الاستدلال ويفت في عضده الذهب والفضة اللذان هما أول منصوص عليه في الأحاديث المصرحة لذكر الأجناس التى يحرم فيها الربا ومما يدفع القولين جميعا أنه قد ثبت في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العددي كما في حديث عثمان عند مسلم بلفظ لا تبيعوا الدينار بالدينارين وفي رواية من حديث أبي سعيد: "ولا درهمين بدرهم" ولم يعتبر العدد أحد من أهل هذين القولين ولا من غيرهم وقد وافقت المالكية الشافعي في الطعام وزادت عليه الإدخار والاقتيات فوسعوا الدائرة بما ليس بشيء.

والحاصل أنه لم يرد تقوم به الحجة على إلحاق ما عدا الأجناس المنصوص عليها بها ولكنه روى الدارقطني والبزار عن الحسن بن عبادة وأنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعا واحدا وما كيل فمثل ذلك فإذا اختلف النوعان فلا بأس به"، وقد ذكره ابن حجر في التلخيص ولم يتكلم عليه وفي إسناده الربيع بن صبيح قال أحمد لا بأس به وقال يحيى بن معين في رواية عنه: إنه ضعيف وفي أخرى ليس به بأس ربما دلس وقال ابن

ص: 507

سعد والنسائي ضعيف وقال أبو زرعة شيخ صالح وقال أبو حاتم رجل صالح انتهى ولا يلزم من وصفه بالصلاح أن يكون ثقة في الحديث وقال في التقريب صدوق سيء الحفظ ولا يخفاك أن الحجة لا تقوم بمثل هذا الحديث لا سيما في مثل هذا الأمر العظيم فإنه حكم بالربا الذى هو من أعظم معاصي الله سبحانه على غير الأجناس التى نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يستلزم الحكم على فاعله بأنه مرتكب لهذه المعصية التى هى من الكبائر ومن قطعيات الشريعة ومع هذا فإن هذا الإلحاق قد ذهب إليه الجمع والجم والسواد الأعظم ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية فقط.

وأعلم أن من أعظم الربا وأشده ربا الجأهلية الذى وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلت عليه الأحاديث الصحيحة وثبت إجماع الأئمة جميعا على تحريمه وهو أن يحضر أجل الدين فلا يرده من هو عليه فيزيد عليه من هو له شيئا ويمهله إلي أجل آخر فهذا ربا ثابت وإن لم يكن التبايع الكائن في تلك الأجناس المنصوص عليها ثم أعلم أنه لا ينافي ثبوت ربا الفضل في تلك الأجناس ما ثبت في الصحيحين [البخاري "2187"، مسلم "101، 102، 103/1596"] وغيرهما [النسائي: "4580، 4581"، ابن ماجة "2257"، أحمد "5/200"]، من حديث أسامة بن زيد مرفوعا بلفظ:"إنما الربا في النسيئة" زاد مسلم في رواية عن ابن عباس: "لا ربا فيما كان يدا بيد" لأنه وقع الاختلاف في الجمع بين هذا الحديث وبين الأحاديث المصرحة بالربا في الأجناس المنصوص عليها إذا لم يكن مثلا بمثل سواء بسواء فقيل إن حديث أسامة هذا منسوخ ولكن النسخ لا يثبت بالاحتمال ولعل القائل بالنسخ لما بلغه رجوع ابن عباس عن العمل به ظن أنه منسوخ وقيل معنى قوله إنما الربا في النسيئة الربا الأغلظ الشديد التحريم فيكون من الحصر الادعائي وهو خلاف الظاهر والأولى أن يقال إن حديث: "إنما الربا في النسيئة" دل بمفهومه على نفي ربا الفضل في الأجناس المنصوص عليها وفي غيرها وأحاديث ربا الفضل المنصوص عليه في الأجناس المنصوص عليها مخصصة لهذا العموم وأيضا الأحاديث الدالة على تحريم ربا الفضل تدل على ذلك بمنطوقها ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم.

وأما رواية مسلم عن ابن عباس بلفظ: "لا ربا فيما كان يدا بيد" فلم يثبت ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان ثابتا لبقي عليه ابن عباس ولم يرجع عن قوله وقد روى الحازمي رجوع ابن عباس واستغفاره عند أن سمع عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل على تحريم ربا الفضل وقال حفظا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أحفظ ولو سلمنا ثبوت تلك الزيادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان عمومها المدلول عليه بالنكرة الواقعة في سياق النفي مخصص بأحاديث ربا الفضل في تلك الأجناس المنصوص عليها ولو سلمنا التعارض تنزلا لكانت الأحاديث المصرحة بربا الفضل أرجح لثبوتها في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة قال الترمذي بعد أن ذكر حديث أبي سعيد المصرح بالأجناس المثبت لربا الفضل وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي وهشام بن عامر والبراء بن أرقم

ص: 508

وفضالة بن عبيد وأبي بكرة وابن عمر وأبي الدرداء وبلال وبما ذكرناه يرتفع الإشكال على كل تقدير وقد وقع للجلال في هذا المقام من شرحه لهذا الكتاب من الهذيان الذى جرت به عادته ما لا يخفي بطلانه إلا على فاقد الفهم غير نافذ العرفان ولا ناقد لزائف الكلام.

قوله: "وفي أحدهما أولا تقدير لهما التفاضل فقط".

أقول: أما الأجناس الربوية إذا اختلف فيدل على جواز التفاضل فيها دون النساء ما أخرجه مسلم وغيره من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وآله س وسلم قال: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد"، وفي لفظ لأبي دأود والنسائي وابن ماجة: وأمرنا أن نبيع البر بالشعير والشعير بالبر يدا بيد كيف شئنا والإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا اختلفت هذه الأصناف"، الخ يدل على أنه يجوز فيها مع الاختلاف التفاضل دون النساء فلا يجوز مثلا بيع الطعام بالدراهم إلا إذا كان يدا بيد وقد استدل من جوز ذلك بما صح في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قالت اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعأما بنسيئة وأعطاه درعا له رهنا ولا معارضة بين هذا وبين حديث عبادة لإمكان الجمع بأن هذا مخصص لاشتراط التقابض بمثل هذه الصورة إذا سلم المشتري رهنا في الثمن وقد استدل بعضهم بالإجماع على جواز ذلك من غير تقابض إذا كان الثمن نقدا فإذا صح هذا الإجماع كان حجة عند من يرى حجيته.

وأما قول الجلال إنها زيادة تفرد بها عبادة فليس من جنس كلام أهل العلم فإن الزيادة الخارجة من مخرج صحيح مقبولة بالإجماع وتفرد الصحأبي بالرواية حجة عند جميع المسلمين كيف وقدمنا حديث ابن عمر الثابت عند أحمد وأهل السنن مع تصحيح الحاكم له أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني أبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير فقال: "لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"، وأخرجه ابن حبان والبيهقي ولم يأت من أعله بحجة مقبولة وسماك إمام حجة وأما جواز التفاضل فيما لا تقدير له بكيل أو وزن فقد ثبت عند أحمد ومسلم وأهل السنن من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين وثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي وما أظنه يخالف في جواز التفاضل في هذا إذا كان يدا بيد أحد من أهل العلم.

وأما جواز النساء فيه فقد أخرج أحمد وأبو دأود والدارقطني من حديث عبد الله ابن عمر وقال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبعث جيشا على إبل كانت عندي قال فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل وبقيت بقية من الناس وقلت: يا رسول الله الإبل قد نفدت وقد بقيت بقية من الناس لا ظهر لهم فقال لي: "ابتع علينا إبلا بقلائص من إبل الصدقة

ص: 509

إلي محلها حتى تنفذ هذا البعث" فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إسناده محمد بن إسحق وهو إمام وإن كان قد تكلم فيه بعض أهل العلم فذلك بغير حق وقد رواه البيهقي من غير طريقه وقوى ابن حجر في الفتح إسناد هذا الحديث ولكنه قد عارض هذا الحديث ما أخرجه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن الجارود من حديث الحسن عن سمرة قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ورجال إسناده ثقات إلا ما هو مشهور من الخلاف في سماع الحسن من سمرة وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند من حديث جابر بن سمرة مثله وأخرج البزار والطحأوي وابن حبان والدارقطني من حديث ابن عباس نحو حديث سمرة قال في الفتح ورجاله ثقاة إلا أنه اختلف في وصله وإرساله فرجح البخاري وغيره إرساله وقد ذهب الجمهور إلي جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضلا مطلقا وشرط مالك أن يختلف الجنس ومنع من ذلك مطلقا مع النسيئة أبو حنيفة وأحمد بن حنبل وحمل الشافعي المنع على النسئية من الطرفين لأنه من بيع الكاليء بالكاليء وهو لا يصح عند الجميع وعلى فرض عدم إمكان الجمع فأحاديث النهي أرجح واصح ولم يصب من حمل النهي على المضامين وهي ما في بطون الأنعام كما فعل الجلال فإنه حمل الأحاديث على أندر صورة وقد ورد النهي عن بيع الملاقيح والمضامين على حدته وهو أعم من أن تشتري بنقد أو عرض ولكن محبة الإغراب تأتي بمثل هذا العجاب.

وأما قوله المصنف: "إلا الموزون بالنقد فكلاهما" فقد قدمنا الكلام عليه قريبا.

وأما قوله: "ونحو سفرجل برمان سلما" فليس ها هنا ما يدل على المنع من بيع السفرجل بالرمان على أي صفة كان ولا مدخل للربا في ذلك بوجه لكونهما لم يكونا من الأجناس التي نص عليها الشارع ولا اتفق التقدير فيهما بالكيل أو الوزن ولا اعتبار عند المصنف بالعدد ولا عند غيره.

قوله: "فإن اتفقا فيهما اشترط الملك" الخ.

أقول: هذا كله صحيح وأما اشتراط الملك فلكون التصرف في مال الغير بغير إذنه من أكل أموال الناس بالباطل لا من التجارة عن تراض وأما اشتراط الحلول فللأحاديث المصرحة باشتراط أن يكون يدا بيد ولحديث: "إنما الربا في النسيئة" وأما تيقن التسأوي حال العقد فللأحاديث المصرحة باشتراط أن يكون مثلا بمثل سواء بسواء وأما التقابض في المجلس فلقوله يدا بيد ونحو ذلك وإن كان قد أغنى عن هذا القيد قوله الحلول فإنه عدم التأجيل ولا يتحقق عدم التأجيل إلا بالتقابض وأما قوله وإن طال فما دأما في المجلس فلا فرق بين أن يقفا فيه وقوفا طويلا أو قصيرا.

وأما قوله: "أو انتقل البيعان" فمشروط بأن لا يتفرقا أما لو انتقلا متفرقين فقد انقضى المجلس الأول وهما غير متقابضين فلم يكن ذلك القبض الواقع في المجلس الآخر مما يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا يدا بيد". وقوله: "إلا هاء وهاء".

ص: 510

وأما قوله: "أو أغمى عليهما أو على أحدهما" فصحيح لأن ذلك عذر مسوغ.

وأما قوله: "أو أخذ رهنا أو إحالة أو كفالة" فباطل مخالف للأدلة مدفوع بها إن أراد أن أحد هذه الأمور يغني عن القبض وإن أراد أنه يكفي ذلك ما دأما في المجلس كما يفيده قوله ما لم يفترقا فلا حاجة إلي هذه الأمور مع البقاء في المجلس لأن التقابض فيه يكفي من غير توسيط هذه الأمور والتعرض لذكر مفارقة المستدرك لهما مما لا حاجة إله ولا مدخل له.

قوله: "وما في الذمة كالحاضر".

أقول: هذه الكلية وإن كان ظاهرها المخالفة للأدلة المشروطة للتقابض المحقق فيمكن أن يستشهد لصحتها بالقرض فإن المستقرض دفع مثل الثابت في ذمته مع عدم وجوده حال القضاء فكان ما في ذمته كأنه حاضر ولكن لا بد أن يكون ما في الذمة باعتبار أحد المتبايعين والمقابل له حاضر وإلا كان من بيع الكاليء بالكاليء كما تقدم.

وأما قوله: "والحبوب أجناس" إلي قوله: "فإن اختلف التقدير" فلا يخفاك أنه لا بد أن يصدق على ما قيل بجنسيته أن أهل اللغة يطلقون عليه ذلك الاسم أو يثبت أنه جنس عند أهل الشرع وأما مجرد الأعراف والاصطلاحات فلا يتعلق ببيانها كثير فائدة ولا يترتب عليها ثمرة إلا في مثل الأيمان وما يلتحق بها فإن كل حالف أو متكلم بكلام لا يقصد في الظاهر إلا عرف قومه واصطلاح أهل بلده والمقام مقام ثبوت الربا أو عدمه فلا يتكل فيه على ما لا يسمن ولا يغني من جوع.

قوله: "فإن اختلف التقدير اعتبر بالأغلب في البلد".

أقول: هذا العرف الغالب لا يثبت به شيء من الأمور الشرعية مثلا لو جرى عرفهم أن الذهب والفضة يكالان لم يكن الكيل مصححا لبيع الجنس بجنسه حتى يقع الوزن لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل"، وهكذا لو جرى عرفهم أن البر أو الشعير يوزنان لم يجز بيع الجنس بجنسه حتى يعرف التسأوي بينهما بالكيل ومن قال إن الاتفاق في التقدير بالكيل والوزن موجب لثبوت الربا كما سبق لم يكن مجرد كيل بلد أو وزنها مقتضيا لذلك لأنه قد رتب على هذا أمر شرعي ولو كان مثل ذلك مسوغا لإثبات الأحكام الشرعية لكان الربا في الشيء ثابتا في بلد وغير ثابت في أخرى وإنما يثبت بذلك حمل ما يصدر من أهل البلد في المجأوزة عليه لأنه الذي يتعلق به القصد لهم وأما مثل صاع الفطرة وأوساق الزكاة فالاعتبار بمكيال المدينة في المكيل وهكذا الاعتبار في مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"في خمس أواق صدقة"، وفي الدية ونصاب السرقة ونحو ذلك بميزان مكة لما أخرجه أبو دأود والنسائي والبزار وابن حبان والدارقطني وصححاه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة"، ورواه أيضا أبو دأود من حديث ابن عباس وأخرجه أيضا الدارقطني عن ابن عباس من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان عن خنظلة عن طأوس عنه وأخرجه عنه ومن طريق أبي نعيم عن الثوري عن حنظلة عن سالم بدل طأوس قال الدارقطني أخطأ أبو أحمد فيه.

ص: 511

وإذا تقرر لك أن الاعتبار في الأمور الشرعية بمكيل المدينة ووزن مكة عرفت أنه لا اعتبار بما يخالف ذلك وأن أطبق عليه الأكثر أوالأغلب بل يعتبر في الأمور العرفية ما جرى به العرف في البلد فإن اختلف كان الاعتبار بالأغلب لما تقدم فكلام المنصف لا يصح إلا من هذه الحيثية وبهذا الاعتبار فمن حلف مثلا لا أكل موزونا لم يحنث إلا بما هو موزون في بلدة لأنه المقصود له عند حلفه ولا يتصور غيره.

قوله: "فإن صب أحد المثلين إلي آخر الفصل".

أقول: هذا المسائل التي يسمونها مسائل الاعتبار مردودة مدفوعة بالنسبة الصحيحة الصريحة دفعا أظهر من شمس النهار وأجل من عمود الصباح أما أولا فبالأحاديث المتواترة المشتملة على أن تلك الأجناس لا تباع إلا مثل بمثل سواء بسواء فانضمام ما ليس من جنس واحد المتسأويين إلي أحدهما لا يسوغ أن يكون الجنس المقابل له أكثر قدرا منه ولو بلغ في القيمة ما بلغ ووصل في النفاسة وارتفاع الجنس إلي أبلغ غاية وأما ثانيا فحديث القلادة الذى أخرجه مسلم وغيره وصححه جماعة من الأئمة من حديث فضالة بن عبيد قال اشتريت قلادة يوم خيبر بأثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يباع حتى يفصل"، وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا حتى تميز بينه وبينه"، فقال: إنما أردت الحجارة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا حتى تميز بينهما"، وقد أخرجه الطبراني في الكبير من طرق كثيرة جدا يدل أبلغ دلالة على أن هذه المسائل مخالفة للشريعة المطهرة مضادة لها وتنادى بأعلى صوت أن مثلها يستلزم تحليل ما حرم الله من الربا الذى توعد عليه بالحرب منه واتفق المسلمون على تحريمه وأنه من كبائر الذنوب والعجب ممن يزعم من أهل الإنصاف كالمقبلي أنها إذا طابت أنفس المتعاملين لذلك ورضيا به كان من البيع المأذون فيه فإن هذه غفلة عظيمة للعلم لأن الله سبحانه لم يجعل للتراضي فيما هو ربا أو وسيلة إلي الربا حكما يحلل هذا الحرام البحت والكبيرة العظيمة وأما تأويل حديث القلادة هذا بأنه وجد فيها ذهبا أكثر من شرائها به فلم يكن المنفرد غالبا كما فعل الجلال في شرحه لهذا الكتاب فتأويل زائف وقد ذهب إلي العمل بحديث القلادة كثير من السلف الصالح وإليه ذهب مالك والليث وأحمد وإسحق وغيرهم وهو الحق الذى لا شك فيه ولا شبهة.

[فصل

ويحرم بيع الرطب والتمر والعنب بالزبيب ونحوهما والمزابنة إلا العرايا وتلقي الجلوبة واحتكار قوت الآدمي والبهيمة الفاضل عن كفايته ومن يمون إلي الغلة مع الحاجة

ص: 512

وعدمه إلا مع مثله فيكلف البيع في القوتين فقط والتفريق بين ذوي الأرحام المحارم في الملك حتى يبلغ الصغير وإن رضي الكبير والنجش والسوم على السوم والبيع على البيع بعد التراضي وسلم أو سلف وبيع وربح ما اشترى بنقد غصب أو ثمنه وبيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء وبأقل مما شرى به إلا من غير البائع أو منه غير حيلة أو بغير جنس الثمن الأول أو بقدر ما انتقص من عينه وفوائده الأصلية] .

قوله: "ويحرم بيع الرطب بالتمر".

أقول: وجهه ما أخرجه أحمد "1/175"، وأهل السنن أبو داود "3359"، الترمذي "1225"، النسائي "4545، 4546"، ابن ماجة "2264"، وصححه الترمذي "3/528"، وابن خزيمة والحاكم كلهم وصححه أيضا قبلهم ابن المديني من حديث سعد بن أبي وقاص قال سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال لمن حوله:"أينقص الرطب إذا يبس؟ "، قالوا: نعم فنهى عن ذلك.

وأما قوله: "والعنب بالزبيب" فلما سيأتي في الحديث المتفق عليه من تحريمه صلى الله عليه وسلم لبيع الكرم بالزبيب والمراد بالكرم العنب ولا علة للمنع من ذلك إلا تجويز النقص وكونه في شجرة لا تأثير له فكان محرما بالنص لا بالقياس على التمر بالرطب وأما قوله ونحوهما فالمراد به كل جنس ربوي إذا كان بعضه أخضر وبعضه يابسا أو بعضه مبلولا وبعضه غير مبلول لعدم العلم بالتساوي فمنعه داخل تحت النصوص المصرحة بقوله صلى الله عليه وسلم: "إلا مثلا بمثل سواء بسواء".

قوله: "والمزابنة إلا العرايا".

أقول: المزابنة بيع التمر في النخل بالتمر كما وقع تفسيرها بذلك في الصحيحين [البخاري "4/384"، مسلم "72/154"] ، وغيرهما أبو داود "3361"، النسائي "7/266"، ابن ماجة "2265"، أحمد "2/5"، بلفظ:"وهي بيع التمر على رؤوس النخل كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا"، وهذا التفسير إن صح رفعه قامت به الحجة في تفسير المزابنة وإن كان مدرجا كما قيل فهو يدل على معناه ما في الصحيحين [البخاري "5/50"، مسلم "70/81540"] ، وغيرهما أحمد "4/140"، من حديث رافع بن خديج وسهل ابن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة بيع الثمر بالثمر إلا أصحاب العرايا والثمر بالثاء المثلثة وقوله بالتمر بالتاء المثناة الفوقية والمراد بالثمر بالمثلثة هو ما كان في النخلة فلا يقال له ثمرا إلا ما دام فيها وهكذا في الصحيحين وغيرهما من غير حديثهما وقد صرح بذلك مسلم في رواية له فقال ثمر النخلة وفي الصحيحين أيضا في حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة أن يبيع الرجل تمر حائطه إن كان نخلا بتمر كيلا وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام نهى عن ذلك كله فتقرر بهذا أن المزابنة بيع ثمر النخلة ما دام فيها ومثل ذلك بيع العنب في أصوله وبيع الزرع قبل قطعه بأجناس هذه الثلاثة الأجناس التي قد جفت ويبست فإن كل ذلك مزابنة ووجه المنع عدم العلم بالتساوي في الجنس الربوي وأما العرايا فأصلها أن العرب كانت تتطوع على من لا ثمر له كما

ص: 513

يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة وهي عطية اللبن دون الرقبة قال الجوهري في الصحاح العرية هي النخلة التى يعريها صاحبها رجلا محتاجا بأن يجعل له ثمرها عأما من عراه إذا قصده انتهى فرخص صلى الله عليه وسلم لمن لا نخل لهم أن يشتروا الرطب على النخل بخرصها تمرا كما وقع في الصحيحين [البخاري "4/387، مسلم "67/1540"، وغيرهما أبو داود "3663"، الترمذي"1303"، النسائي "7/268"، من حديث سهل بن أبي حثمة وكذا في البخاري وغيره من حديث زيد بن ثابت وفي لفظ في الصحيحين [البخاري "4/377، مسلم "61/1539"]، من حديثه:"رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا"، وفي لفظ لهما من حديثه:"ولم يرخص في غير ذلك" فهذا جائز والذي أخبرنا بتحريم الربا ومنعنا من المزابنة هو الذي رخص لنا في العرايا والكل حق وشريعة واضحة وسنة قائمة ومن منع من ذلك فقد تعرض لرد الخاص بالعلم ولرد الرخصة بالعزيمة ولرد السنة بمجرد الرأي وهكذا من منع من البيع وجوز الهبة كما روى عن أبي حنيفة ولكن هذه الرخصة مقيدة بأن يكون الشراء بالوسق والوسقين والثلاثة والأربعة كما وقع في حديث جابر عند الشافعي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم فلا يجوز الشراء بزيادة على ذلك.

قوله: "وتلقي الجلوبة".

أقول: لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما ثبت في الصحيحين [البخاري"4/373"، مسلم "15/518" [، وغيرهما [أحمد "1/430"، ابن ماجة "2180"، الترمذي "1220"]، من حديث ابن مسعود نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع وفي لفظ من حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق والنهي ثابت في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر وابن عباس وقد اختلف أهل العلم هل هذا البيع صحيح أم باطل واستدل من قال بأنه صحيح بإثبات الخيار المذكور في الحديث فإنه يدل على انعقاد البيع وقالوا أيضا النهي هنا لأمر خارج لا لعين البيع ولا لوصفه ونقول هذا التلقي حرمه الشارع على فاعله بنهيه الثابت بلا خلاف فمن زعم أن ما ترتب على هذا الحرام صحيح فقد خالف مقاصد الشرع بمجرد رأي حرره أهل الأصول لا يستند إلي ما تقوم به الحجة وأما إثبات الخيار فهو دليل على أن هذا البيع موكول إلي اختيار صاحبه إن أمضاه مضى وإن لم يمضه فوجوده كعدمه فهو حجة عليهم لا لهم لأن هذا الإمضاء هو الذي وقع به التجارة عن تراض وما تقدم منه من الرضا فقد أبطله انكشاف الأمر على غير ما وقع من تغرير المتلقي وليس المراد بقوله سبحانه: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29] ، مثل هذا الرضا الناشيء عن التغرير والتلبيس بل الرضا المحقق بلا تغرير وطيبة النفس الصحيحة.

قوله: "واحتكار قوت الآدمي والبهيمة".

ص: 514

أقول: لما ثبت في صحيح مسلم "129/1605"، وغيره [أبو داود "3447"، الترمذي "1267"، ابن ماجة "2154"، أحمد "6/400"]، من حديث معمر بن عبد الله العدوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحتكر إلا خاطيء"، ولحديث معقل بن يسار عند أحمد والترمذي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على الله أن يعقده بعظم من النار يوم القيامة"، ورجاله رجال الصحيح كما قال في مجمع الزوائد إلا زيد بن مرة أبو المعلا قال ولم أجد من ترجمة ولحديث ابن عمر عند ابن ماجه وإسحق بن راهويه والدارمي وأبي يعلى والعقيلي والحاكم بلفظ:"الجالب مرزوق والمحتكر معلون" وفي إسناده ضعف ولحديث ابن عمر عند أحمد وابن أبي شيبة والبزار وأبي يعلى والحاكم بلفظ: "من احتكر الطعام أربعين يوما فقد برئ من الله وبرئ الله منه" وفي إسناده أصبغ بن زيد وكثير بن مرة والأول مختلف فيه والثاني كذلك وقد وثق الأول النسائي ووثق الثاني أو سعيد وفي الباب أحاديث والاحتكار والحكرة قد فسرا بحبس السلع عن البيع وهذا يدل على تحريم الاحتكار لكل ما تدعو إليه حاجة الناس ويؤيد هذا حديث: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين" فإنه يعم كل ما له سعر فلا يكون التنصيص على الطعام في بعض الأحاديث مقتضيا لتخصيص تحريم الاحتكار لأن ذلك من التنصيص على بعض أفراد العام وأيضا إذا كانت العلة الإضرار بالمسلمين فهو يشمل كل ما يتضررون باحتكاره وتدعو حاجتهم إليه وإن كان التضرر باحتكار الطعام أكثر لمزيد الحاجة إليه ويدخل في ذلك قوت الدواب.

وأما قوله: "الفاضل عن كفايته ومن يمون إلي الغلة" فقد حكى ابن رسلان في شرح السنن الإجماع على جواز ذلك فقال ولا خلاف في أن ما يدخره الإنسان من قوت وما يحتاجون إليه من سمن وعسل وغير ذلك جائز لا بأس به انتهى ويدل على ذلك ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي كل واحدة من أزواجه مائة وسق من خيبر قال ابن رسلان في شرح السنن وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخر لأهله قوت سنتهم من تمر وغيره.

وأما قوله: " مع الحاجة" فهذا القيد لا بد منه لأن إدخار ما لا حاجة للناس إليه لا يضربهم إلا إذا كان فعله لذلك يقضي إلي الغلاء فإنه يتنأوله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليغليه عليهم".

قوله: "فيكلف البيع".

أقول: هذا صحيح لأنه فاعل لما هو من محرمات الشريعة مع مزيد أن فيه إضرارا بالمسلمين فلا يجوز تقريره على الحرام ولا يجوز ترك المسلمين يتلهفون من الجوع صيانة لهذا المحتكر الخاطيء المضار للمسلمين ولهذا عاقبة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بتحريق طعامه وأما قول الجلال ها هنا إلي المنكر هو ما كان دليله قطعيا بحيث لا خلاف فيه فمن ساقط الكلام وزائفه فإن إنكار المنكر لو كان مقيدا بهذا القيد لبطل هذا الباب وانسد بالمرة وفعل من شاء ما شاء إذ لا محرم من محرمات الشريعة في الغالب إلا وفيه قول لقائل أو شبهة من الشبه وسيأتي في هذا الكتاب في السير أنه لا إنكار في مختلف فيه على ما هو مذهب وهو أيضا باطل من القول وإن كان أقل مفسدة من هذا الكلام.

ص: 515

قوله: "إلا التسعير في القوتين".

أقول: يدل على عدم جواز التسعير القرآن الكريم قال الله عز وجل: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29]، فمن وقع الإجبار له أن يبيع بسعر لا يرضاه في تجارته فقد أجبر بخلاف ما في الكتاب وهكذا يدل على عدم جواز التسعير قوله سبحانه وتعالي:{وَلا تَأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29]، فإن من أكره على بيع ماله بدون ما يرضى به فقد أكل ماله بالباطل وهكذا يدل على عدم جواز التسعير قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيبة من نفسه"، ويدل على عدم جوازه على الخصوص ما أخرجه أحمد وأبو دأود والترمذي وابن ماجه والدارمي والبزار وأبو يعلى وصححه الترمذي وابن حبان من حديث أنس إن السعر غلاء فقالوا يا رسول الله سعر لنا فقال:"إن الله هو المسعر القابض الباسط وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال"، قال ابن حجر وإسناده على شرط مسلم.

ويدل على عدم جوازه على الخصوص أيضا ما أخرجه أحمد وأبو دأود من حديث أبي هريرة قال جاء رجل فقال: يا رسول الله سعر، فقال:"بل أدعو الله" ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله سعر فقال: "بل الله يخفض ويرفع" قال ابن حجر وإسناده حسن.

ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه ابن ماجة والبزار والطبراني في الأوسط من حديث أبي سعيد بنحو حديث أنس قال ابن حجر وإسناده حسن أيضا قال وللبزار نحوه من حديث علي وعن ابن عباس في الطبراني في الصغير وعن أبي جحيفة في الكبير وأغرب ابن الجوزي فأخرجه في الموضوعات عن علي وقال إنه حديث لا يصح انتهى وظاهر هذه الأدلة عدم الفرق بين القوتين وغيرهما لأن الكل يتأثر عنه عدم طيبة النفس ويقع على خلاف التراضي المعتبر ولا فرق بين أن يكون في التسعير الرد إلي ما يتعامل به الناس أو إلي غيره فإن الفرق بمثل هذا الفرق هو مجرد رأي وملاحظة مصلحة في شيء يخالف الشرع وقد أشار صلى الله عليه وسلم في حديث أنس السابق إلي ما يفيد أن في التسعير مظلمة فلا خير ولا مصلحة في مظلمة بل الخير كل الخير والمصلحة كل المصلحة في العمل بما ورد به الشرع.

قوله: "والتفريق بين ذوي الأرحام والمحارم".

أقول: لحديث أبي أيوب عند أحمد والترمذي وحسنه والدارقطني والحاكم وصححه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة"، ولحديث أبي موسى عند ابن ماجه والدارقطني بإسناد لا بأس به قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرق بين الوالد وولده وبين الأخ وأخيه ولحديث علي عند أبي دأود والدارقطني أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع وقد أعله أبو دأود بالانقطاع ولكنه أخرجه الحاكم وصحح إسناده ورجحه البيهقي لشواهده ولحديث علي أيضا عند ابن ماجه والدراقطني وصححه ابن خزيمة وابن الجارود

ص: 516

وابن حبان والحاكم والطبراني وابن القطان قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما وفرقت بينهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعا"، ولحديث أنس أيضا عند ابن عدي بلفظ:"لا يولهن والد عن ولده"، وفي إسناده مبشرين عبيد وهو ضعيف ورواه من طريق أخرى فيها إسماعيل ابن عياش عن الحجاج بن أرطاه وقد تفرد به إسماعيل وهو ضعيف في غير الشاميين ولحديث أبي سعيد عند الطبراني بلفظ:"لا توله والدة بولدها"، وأخرجه البيهقي.

وهذه الأحاديث تدل على تحريم التفريق بين الوالدة وولدها وبين الوالد وولده وبين الأخوين وقد قيل إنه مجمع على تحريم التفريق بين الوالدة وولدها ومن عدا من هو مذكور في هذه الأحاديث فقيل إنه يحرم بطريق القياس وظاهر الأحاديث أنه يحرم التفريق بالبيع وغيره.

وأما قوله: "حتى يبلغ الصغير وأن رضى الكبير" فقد استدل على ذلك بما أخرجه الدارقطني والحاكم من حديث عبادة بن الصامت بلفظ: "لا يفرق بين الأم وولدها" قيل: إلي متى؟ قال: "حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية" وفي إسناده عبد الله بن عمرو الواقعي وهو ضعيف وقد رماه علي بن المديني بالكذب ولكن لم يبق بعد البلوغ ما يحصل به التضرر التام كما في من كان صغيرا وقد حكى المصنف في الغيث الإجماع على جواز التفريق بعد البلوغ.

قوله: "والنجش".

أقول: النجش في اللغة تنفير الصيد وإثارته من مكان ليصاد يقال نجشت الصيد أنجشه وفي الشرع الزيادة في السلعة فيعطي بها الشيء وهو لا يريد شراءها ليقتدي به السوام فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعون نجشه وقد ثبت النهي عن ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عمر وعند مسلم من حديث عقبة بن عامر وفي الباب غير ذلك وقد نقل ابن بطال الإجماع على أن الناجش عاص بفعله قال واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع إذا وقع على ذلك وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة وهو وجه للشافعية قلت وهو الحق لاقتضاء النهي لذلك.

قوله: "والسوم على السوم".

أقول: لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من النهي عنه من حديث أبي هريرة وغيره كما ثبت النهي عن السوم على السوم ثبت النهي عن البيع على البيع في الصحيحين [البخاري "2140"، مسلم "1515"، وغيرهما أبو داود "3443"، من حديث أبي هريرة أيضا وثبت في غير الصحيحين من غير حديثه وصورة السوم أن يأخذ الرجل سلعة ليشتريها فيقول له قائل رده لأبيعك خيرا منه أو مثله بأرخص منه أو يقول للبائع رده لأشتريه منك بأكثر وأما صورة البيع على البيع والشراء على الشراء فهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار أفسخ لأبيعك بأنقص أو

ص: 517

يقول للبائع: أفسخ لأشتري منك بأزيد قال ابن حجر في الفتح وهذا مجمع عليه فعرفت بهذا أن صورة السوم على السوم غير صورة البيع على البيع وأن تقييد المنع بكونه بعد التراضي هو الصواب وأما بيع المزايدة فقد دل على جوازه ما أخرجه أحمد وأبو دأود والنسائي والترمذي وحسنه من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم باع

قدحا وحلسا فيمن يزيد وفي لفظ لأبي دأود أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى على قدح وحلس لبعض أصحابه فقال رجل هما علي بدرهم قال آخرهما علي بدرهمين وحكى البخاري عن عطاء أنه قال أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد وقال الترمذي بعد إخراجه لحديث أنس المذكور والعمل على هذا عند بعض أهل العلم لم يروا بأسا ببيع من يزيد في المغانم والمواريث قال ابن العربي لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث فإن الباب واحد والمعنى مشترك.

قوله: "وسلم أو سلف وبيع".

أقول: قد ثبت النهي عن السلف والبيع بما أخرجه أحمد وأبو دأود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح وصححه أيضا ابن خزيمة والحاكم من حديث عبد الله ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل سلف وبيع"، الحديث قال أحمد هو أن يقرضه قرضا ثم يبايعه عليه بيعا يزداد عليه وهو فاسد لأنه إنما يقرضه على أن يحأبيه في الثمن وقد يكون السلف بمعنى السلم وذلك مثل أن يسلم إليه في شيء ويقول إن لم يتهيأ المسلم فيه عندك فهو بيع لك وهذه الصورة داخلة تحت الأحاديث المشتملة على النهي عنه أن يبيع الإنسان ما ليس عنده وداخلة تحت الأحاديث المشتملة على النهي عن بيع الشيء قبل قبضه فهذه الصورة التى ذكرها المصنف قد منع الشارع عنها وكل ما منع الشارع عنه فهو باطل ولا فرق بن منع ومنع ولا بين نهي ونهي إلا أن تقوم قرينة تدل على أن المراد من ذلك مجرد الكراهية فقط القاصرة عن رتبة التحريم وما اعتل به الحامدون على الرأي من قولهم هذا نهي عنه لذاته وهذا نهي عنه لوصفه وهنا نهى عنه لأمر خارج عنه كما وقع ذلك في كتب الأصول فقد عرفناك غير مرة أن هذه التفرقة مبنية على رأي بحت لم تربط بدليل عقل ولا نقل ولا شك أنه لم يذكر كثيرا من المناهي ولها حكم هذه المذكورة.

قوله: "وربح ما اشترى ينقد غصب أو ثمنه".

أقول: إنما تعرض المصنف لذكر الربح هنا مع كونه في مناهي البيع لأن ذلك مترتب على الشراء بنقد الغصب أو ثمنه فهو من ذيول مباحث البيع والشراء من هذه الحيثية على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر عدم حل هذا الربح مقترنا بمناهي البيع كما في حديث عبد الله بن عمرو بلفظ: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك"، أخرجه أحمد وأبو دأود والنسائي والترمذي وصححه أيضا ابن خزيمة والحاكم وقد تقدم طرف منه قريبا.

قوله: "وبيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النسا".

ص: 518

أقول: يمكن الاستدلال لهذا المنع بما أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وصححه من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا"، وبما أخرجه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صفقتين في صفقة قال سماك هو الرجل يبيع البيع فيقول هو بنسا بكذا وهو ينقد بكذا وكذا قال في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات فهذان الحديثان قد دلا على أن الزيادة لأجل النسا ممنوعة ولهذا قال:"فله أوكسهما أو الربا" والأعيان التي هي غير ربوية داخلة في عموم الحديثين وقد أفردت هذا البحث في رسالة مستقلة سميتها شفاء العلل في حكم زيادة الثمن لأجل الأجل والكلام في المقام يطول وقد ذهب الجمهور إلي جواز بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النسا ونازعوا في دلالة الحديثين المذكورين على محل النزاع.

قوله: "وبأقل مما اشترى به" الخ.

أقول: إذا كان المقصود التحيل فلا فرق بين بيعه من البائع أو غيره وبين أن يكون بجنس الثمن الأول أو بغير جنسه فالأولى أن يقال وبأقل مما شرى به حيلة فإن ذلك يغني عن هذا التطويل الذي ذكره المصنف ووجه المنع من ذلك ما فيه من التوصل إلي الربا لأن الغالب في مثل هذا أن يريد الرجل أن يزيد له المستقرض زيادة على ما أقرضه فيتوصل إلي تحليل ذلك بهذه الحيلة الباطلة وهي أن يبيع منه عينا بأكثر من قيمتها ثم يشتريها منه بأقل من ذلك فتبقى هذه الزيادة في ذمة المشتري وهي في الحقيقة زيادة في قدر ما استقرضه وهنا البيع هو بيع العينة الذى ورد الوعيد عليه بما أخرجه أحمد وأبو دأود عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم"، ولفظ أبي دأود:"إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا يرفعه حتى ترجعوا إلي دينكم" وأخرجه أيضا الطبراني وابن القطان وصححه قال ابن حجر في بلوغ المرام ورجاله ثقات وقال في التلخيص إنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحا لأن الأعمش مدلس ولم يذكر سماعه من عطاء وعطاء يحتمل أن يكون هو عطاء الخراساني فيكون فيه تدليس التسوية بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر انتهى ولا يخفاك أن الحديث بعد تصحيح ذلك الإمام والحكم على رجاله بأنهم ثقات قد قامت به الحجة والأصل عدم ما ذكره من الاحتمال فلو كان مجرد الاحتمال الذي في مثل هذا مبطلا للاستدلال لمذهب شطر السنة بالدعأوى ودفع من شاء ما شاء والأعمش إمام حافظ ثقة حجة فأقل أحواله أن يحمل ما يرويه على الصحة حتى يتبين ما يخالف ذلك ولكنه قال المنذري في مختصر السنن إن في إسناده إسحق بن أسيد أبو عبد الرحمن الخراساني نزل مصر لا يحتج بحديثه وفيه أيضا عطاء الخراساني وفيه مقال انتهى قال الذهبي في الميزان إن هذا من مناكيره انتهى قال أبو حاتم في إسحق بن أسيد لا يشتغل به شيخ ليس بالمشهور وقال ابن عدي مجهول.

ص: 519