الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "وإذا تعذر على الوصي الرد من التركة فمن ماله".
أقول: لا وجه لهذا من معقول ولا من منقول فالوصي لا جناية منه ولا تفريط ولا تغرير ولا تدليس فبأي وجه حل تغريمه بإنه إذا تعذر عليه الرد من التركة لثمن ما باعه كان صاحب ذلك الثمن من جملة من يتعلق له حق بتركة الميت ويصير كأحد الغرماء يصير له من الأسوة بقدر ما هو له من الثمن إذا لم يمكن أن يوجد في التركة ما يقوم بجميع الثمن هذا على تقدير أن العين المبيعة التي اشتراها منه الوصي قد تلفت أما لو كانت باقية كان أحق بها كما حكم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "من وجد سلعته عند مفلس فهو أحق بها"، والميت الذى صارت تركته مستغرقة بالدين له حكم المفلس ولتركته حكم ما في يد المفلس.
[فصل
وإذا اختلف المشتريان فالقول في الرؤية لمن رد وفي الشرط لمن سبق والجهة واحدة فإن اتفقا فالفسخ لمن رضي ويلزمه جميعا وله أرش حصة الشريك] .
قوله: "والقول في الرؤية لمن رد".
أقول: وجه ذلك أنه قد ثبت له حق الرد ولا يلزمه رضا صاحبه وكذلك صاحبه لا يلزمه عدم رضا شريكه به فكان لمن اختار الفسخ استيفاء حقه بالرد فإن وافقه الراضي فذاك وإن اختار عدم الفسخ كان له ذلك إلا أن يكون في رد البعض وإمساك البعض ضرر على البائع فإنه يجب دفع الضرر عنه بإجبار الشريكين على الاتفاق أما فسخا أو رضا وهكذا الكلام في خيار الشرط ولا وجه للفرق ولا دل عليه دليل عقل ولا نقل والحكم في السبق والاتفاق منهما واحد لا تأثير لأحدهما في الترجيح لأحد الجانبين أصلا وهكذا الكلام في العيب لكل واحد منهما اختياره إلا فيما يضر بالبائع والحاصل أن هذه المسائل مبنية على خيالات مختلة وعلل معتلة وما بمثل هذه الأمور الزائفة تثبت أحكام الله عز وجل.
باب ما يدخل في المبيع
[فصل
يدخل في المبيع ونحوه للمماليك ثياب البذلة وما تعورف به وفي الفرس العذار فقط وفي الدار طرقها وما ألصق بها لينفع مكانه وفي الأرض الماء إلا لعزف والسواقي
والمساقي والحيطان والطرق المعتادة إن كانت وإلا ففي ملك المشتري إن كان وإلا ففي ملك البائع إن كان وإلا فعيب ونابت يبقى سنة فصاعدا إلا ما يقطع منه إن لم يشترط من غصن وورق وثمر ويبقى للصلاح بلا أجرة فإن اختلط بما حدث قبل القبض قيل بسد العقد لا بعده فيقسم ويبين مدعي الزيادة والفضل وما استثنى أو بيع مع حقه بقي وعوض والقرار لذي الأرض وإلا وجب رفعه ولا يدخل معدن ولا دفين ولا درهم في بطن شاة أو سمك والإسلامي لقطة إن لم يدعه البائع والكفري والدرة للبائع والعنبر والسمك في سمك ونحوه للمشتري] .
قوله: "باب: ما يدخل في المبيع وتلفه واستحقاقه يدخل في المبيع ونحوه للمماليك" الخ.
أقول: هذا وإن كان ردا إلي مجرد العادة فهي في مثل هذا متبعة لأنها كائنة في ضمير كل واحد من المتبايعين فإذا قال بعت منك العبد أو الأمة فمعلوم لكل واحد منهما أنه لا بد أن يكون عليهما ما يستر عورتيهما ويواري ما جرت عادة الناس في مماليكهم بمواراته على اختلاف في ذلك بين أعراف أرباب بالمناصب والحشمة والثروة وبين غيرهم فقد يسمح الغني ومن له رياسة بما لا يسمح به الفقير ومن هو من أهل الحرف الدنية والأعراف الجارية بين الناس التى لا يخالف الشرع قد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالرد إليها كما في قوله في غير موضع بالمعروف عل أنه قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر بلفظ: " ومن ابتاع عبدا فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع". ولكن الباب مبني على الأعراف ومن المرجوع إليه في الأعراف بيع الحيوانات الفرس وغيرهما فما كان متعارفا به كان في حكم المنطوق به ولا وجه لقول المصنف وفي الفرس العذار فقط بل المتوجه الرد إلي العرف كائنا ما كان وعرف أهل بلد لا يلزم أهل بلد آخر إذا تخالفت أعرافهم.
وأما قوله: "وفي الدار طرقها" فليس دخول الطرقات لمجرد العرف بل هو للضرورة التى لا يمكن الانتفاع بالمبيع إلا بها فلو باع الدار من دون طرقها كان في منع المشتري من الطريق التى لا يمكن دخول الدار إلا منها إبطال لفائدة الدار وقد تقدم أن بيع ما لا نفع فيه لا يصح وهكذا قوله وما ألصق بها لينفع مكانه فإن ذلك داخل في مسمى الدار لاشتمالها على جميع أبوابها وطاقاتها ونحوها حال البيع لمن أدعى أن شيئا من ذلك خارج عن المبيع لم يقبل منه إلا ببرهان وهكذا قوله وفي الأرض الماء الخ فإنه وإن كان العقد واقعا على مجرد الأرض فدخول ما لا يمكن الانتفاع بها إلا به هو من لوازم البيع ومعلوم أن سواقي الأرض ومساقيها والماء الذى تشرب منه تابع للأرض وإذا جرت الأعراف بما يخالف هذا كان ذلك في حكم الاستثناء لتلك الأمور أو لبعضها وهكذا طرق الأرض تابعة لها ويتوقف الانتفاع بها عليها كما
تقدم في الدار فإن اشترى الأرض ولا طريق لها عالما بذلك فقد رضي بالعيب ولا رد ولا أرش وإن كان جأهلا كان له فسخها لأن ذلك عيب من أعظم العيوب بل لم ينعقد البيع من الأصل لأنه لم يرض بأرض لا طريق لها فقد كشف عدم وجود الطريق على أن الرضا السابق كلا رضا فلم يوجد المناط الشرعي الذى هو قوله عز وجل: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29] ، بلا وجه لقوله ففي ملك المشتري إن كان وإلا ففي ملك البائع إن كان بل الأعتبار لما ذكرناه من علم المشتري بعدم الطريق أو عدم علمه.
قوله: "وثابت يبقى سنة فصاعدا".
أقول: ما كان هكذا فالظاهر أنه داخل في بيع الأرض غير مستثنى ولهذا ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع"، فأفاد أن ثمرة النخل قبل أن يؤبر للمشتري وإذا كان هذا في نفس الثمرة فبالأولى الشجر الثابت الذى يراد به البقاء فلا يقال إنه دخل بالعرف بل بنفس العقد على الأرض وأما ما يقتطع منه من غصن وورق وثمر فينبغي إلحاقه بثمر النخلة فإن كان قد وقع من البائع فيه عمل كالعمل الواقع بالتأبير فهو للبائع وإلا فهو للمشتري وإذا قد فعل فيه البائع عملا كذلك فهو له ويستحق بقاءه حتى يصلح ولا يلزمه أجرة للمشتري لأن الشرع قد جعل ذلك له فلا بد من بقائه حتى يصلح لأن ذلك من تمام كونه له وإذا اختلط هذا الذي قد صار للبائع بالعمل فيه بغيره مما لا عمل له فيه كان الرجوع في ذلك إلي أهل الاختيار فإن ميزوا بينهما فذاك وإن لم يميزوا جعلوا للبائع بقدر ما يكون في أمثال ذلك المبيع وقت البيع وللمشتري ما عدا ذلك فإن التبس الأمر من كل وجه فكما قال المصنف يقسم ويبين مدعي الزيادة.
قوله: "وما استثنى أو بيع من حقه" الخ.
أقول: هذا مرجعه التراضي بين البائع والمشتري فإن تراضيا على مقدار البقاء لزم ما تراضيا عليه وإن لم يتراضيا فإن جرى عرف بين أهل بلدها بالبقاء أو عدمه كان العمل على ذلك وإن لم يحصل التراضي ولا وجد العرف رفع المستثني ما استثناه ولا حق له في البقاء وأما ما بيع مع حقه فيبقى الحق ثابتا للمشتري وإذا تلف فإن جرت الأعراف باستمرار ثبوتها للمشتري وتعويضها إذا تلفت أو بعضها كان للمشتري ذلك لأن العرف معلوم لكل واحد منهما عند العقد وإن لم يكن منها بل من التي ينتفع بها ما دامت باقية فليس للمشتري التعويض والأعراف في هذا الباب محكمة كما قدمنا وأما كون القرار لذي الأرض فشيء معلوم لا يحتاج إلي النص عليه.
وأما قوله: "وإلا وجب رفعه" فقد عرفت مما قدمنا أنه لا بد من التفصيل.
قوله: "ولا يدخل معدن".
أقول: وجه هذا أن البائع لو علم به لم تطب نفسه بالثمن الذى تراضيا عليه فقد كشف ذلك عن اختلال التراضي الذي هو المناط في نقل الأملاك وإذا اختل فلا بيع فلا بد بعد
انكشاف المعدن والدفين ونحوهما من التراضي عن البيع بثمن تطيب به نفساهما فإن وقع منهما ذلك كان بيعا جديدا وهكذا الكلام فيما وجد في بطن الشاة والسمك أنه مستحق للبائع وأما التفصيل بين كونه إسلاميا أو كفريا فلا دخل له في الباب بل ذلك حكم أخر يعمل البائع فيه بما يقتضيه الشرع وهكذا حكم العنبر في سمك ونحوه والحاصل أن من عرف أن مناط أحكام البيع الشرعية هو التراضي لم يستبعد هذا ومن خفي عليه فمن نفسه أتي.
[فصل
وإذا تلف المبيع قبل التسليم النافذ في غير يد المشتري وجنايته فمن مال البائع قيل وإن استعمله فلا خراج وإن تعيب ثبت الخيار وبعده من مال المشتري ولو في يد البائع وإذا استحق رد لمستحقه فبالإذن أو الحكم بالبية أو العلم يرجع بالثمن وإلا فلا وما تلف أو استحق منه ما ينفرد بالعقد فكما مر فإن تغيب به الباقي ثبت الخيار] .
قوله: "وإذا تلف المبيع قبل التسليم النافذ" الخ.
أقول: أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بأنه إذا حصل التفرق من مجلس العقد فقد وجب البيع ومعلوم أن وجوب البيع يقتضي دخوله في ملك المشتري وخروجه من ملك البائع وإذا قد دخل في ملك المشتري صار له غنمه وعليه غرمه كسائر أمواله فيتلف من ماله ولم يأت دليل يدل على أنه لا بد من القبض وأنه لا يدخل في ملكه إلا به ولم ترد الأدلة إلا في نهي البائع عن أن يبيع ما لم يكن في قبضه وما ليس عنده إذا تقرر لك أن التفرق من مجلس العقد موجب للبيع كما صرحت بذلك الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما وأنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن من ذلك إلا بيع الخيار فكيف يقال إن المبيع يتلف من مال البائع بعد البيع قبل القبض فإن هذا من غرائب الأحكام ومع كونه مخالفا للدليل فهو أيضا مخالف للرأي المستقيم الجاري على نمط الاجتهاد لأن تلف ما قد صار في ملك لا يتلف إلا من ملكه وتضمين غير المالك ظلم له.
فالحاصل أنا نمنع أولا كونه يتلف من مال البائع بعد التفرق من مجلس العقد مسندين هذا المنع إلي الدليل الناطق بأنه وجب البيع بالتفرق ثم نمنع ثانيا كون القبض شرطا فلا عذر للقائل بأنه يتلف من مال البائع أخذا من الدليل المنتهض لما منعناه فإن قلت قد ثبت فى صحيح مسلم وغيره من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بعت من أخيك تمرا فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق"، وفى لفظ لأحمد وأبى دأود والنسائى أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح قلت قد ثبت فى الصحيحين وغيرهما من حديث أنس ما يدل على تقييد هذا الوضع بما إذا وقع البيع قبل الصلاح ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن بيع الثمرة حتى تزهى، قالوا: وما تزهى؟ قال: "تحمر" وقال: "إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك؟ " فهذا الوضع قد ترتب على بيع منهي عنه وما كان منهيا عنه فهو غير صحيح والكلام هنا في بيع صحيح وجب بالتفرق وهذا فارق واضح لا يصح معه القياس ويؤيد هذا ما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبى سعيد قال أصيب رجل في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا عليه" فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال:"خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" ولم يوجب صلى الله عليه وسلم على البائع منه للثمار أن يرد الثمن الذى قبضه منه ولو سلمنا تنزلا لكان وضع الجوائح مختصا بما تلف بالآفات السمأويه كما تقدم فى حديث أنس بلفظ: "إذا منع الله الثمرة" وأما إذا تلف المبيع بجناية فإن كانت من المشتري فقد جنى على ماله وأتلفه وإن كان الجاني غيره كان ضمانة عليه سبب الجناية سواء كان الجاني هو البائع أو غيره.
قوله: "وإذا استحق رد لمستحقه" الخ.
أقول: هذا أمر قد قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرج أحمد وأبو دأود والنسائي من حديث سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به ويتبع البيع من باعه"، وفي لفظ أحمد وابن ماجه:"إذا سرق من الرجل متاع أو ضاع منه فوجده بيد رجل بعينه فهو أحق به ويرجع المشتري على البائع بالثمن"، ورجال إسناد الحديث ثقات وهو من سماع الحسن عن سمرة وفيه خلاف ولكن الحسن إمام لا يروي ما لم يثبت وهذا مبني على أنه قد حصل التصادق على أنه ملك ذلك المدعي له أما إذا وقع الخلاف فلا بد من قيام الشهادة على ذلك ولهذا قال المصنف فبالإذن أو الحكم بالبينة أو العلم يرجع الثمن وإلا فلا.
وأما قوله: "وما تلف أو استحق.." الخ فإذا أمكن رد البعض المستحق فهو الواجب وإن تعذر بوجه من الوجوه اختص به أحدهما وسلم للآخر قدر نصيبه من القيمة وإن اختلفا قرع بينهما وأما تلف بعض المبيع قبل التسليم فقد عرفت الكلام في تلف المبيع قبل التسليم وهو أعم من أن يكون التالف كله أو بعضه.
[فصل
ومن اشترى مشارا إليه موصوفا غير مشروط صح وخير في المخالف مع الجهل فإن شرط فخالف ففي المقصود فسد وفي الصفة صح مطلقا وخير في الأدنى مع الجهل وفي الجنس فسد مطلقا وفي النوع إن جهل البائع وإلا صح وخير المشتري فإن لم يشر وأعطي خلافه ففي الجنس سلم البائع المبيع وما قد سلم مباح مع العلم قرض فاسد مع