الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا الحديث يدل على ان الحكم في الامة المشتركة هو هذا الحكم العلوي مع هذا التقرير المصطفوي والقرعة قد ثبت العمل بها في السنة في مواضع كثيرة كما أوضحنا ذلك في شرح هذا الحديث من شرحنا للمنتقى.
وأما ما ذكره المصنف فهو مجرد رأي لا يجمل الرجوع اليه مع ورود اقل دليل وأبعد مستند.
[باب الفراش
إنما يثبت للزوجة بنكاح صحيح أو فاسد امكن الوطء فيهما أو باطل يوجب المهر غالبا تصادقا على الوطء فيه مع بلوغهما ومضى اقل مدة الحمل وللأمة بالوطء في ملك أو شبهته مع ذينك والدعوة] .
قوله: باب: "الفراش إنما يثبت للزوجة بنكاح صحيح أو فاسد امكن الوطء فيهما" الخ.
أقول: هذا الذي ذكره المصنف صحيح وقد افرط من قال إنه لايعتبر إمكان الوطء وان العقد بمجرده يكفي فإن هذا إثبات للفراش بما لا يصدق عليه اسم الفراش لا لغة ولا شرعا وفرط من قال إنه لا بد من العلم بالدخول فإن معرفة هذا متعسرة جدا فاعتباره يؤدي إلي بطلان كثير من الانساب فالتوسط بين الافراط والتفريط هو الحق وهو ما ذكره المصنف الا ان قوله أو باطل يوجب المهر تصادقا على الوطء فيه لا وجه له بل يكفي فيه مجرد الامكان كما كفى في الصحيح والفاسد لأن الدخول فيه مع العقد وجهل المبطل يصير به في حكم العقد الشرعي في ثبوت الفراش ولحوق النسب.
وأما فيما عدا ذلك فقد قدمنا الكلام فيه وأما مضى اقل مدة الحمل فامر لا بد منه لانها إذا ولدت قبل مضيها كان ذلك كاشفا عن كون المولود هذا كائنا من غير هذا الفراش.
قوله: "وللأمة بالوطء في ملك أو شبهته مع ذينك والدعوة".
أقول: ثبوت فراش الامة هو مورد النص كما في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما قالت اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلي شبهه وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي شبهه فرأى شبها بينا بعنبة، فقال:"هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة".
وفي لفظ للبخاري أنه قال: "هو أخوك يا عبد".
فهذا الحديث قد دل على ثبوت الفراش للأمة ودل على ثبوت افراش الحرة بفحوى الخطاب وتمسك المشترطون للدعوة بهذه الدعوة الواقعة في الحديث ولكن هذا انما اتفق في هذه الحادثة وليس فيه ما يدل على ان ذلك شرط لا يثبت النسب بدونه فقد كان الصحابة في زمنه صلى الله عليه وسلم يطأون الاماء ويحدث لهم منهن الأولاد ويصيرون أولادا لهم ولم يسمع أنه صلى الله عليه وسلم اخبرهم بأنه لا بد من الدعوة ولا ورد ذلك في شيء من المرفوع ولا سمع عن صحأبي أنه قال باشتراط ذلك وهكذا من بعد الصحابة.
فالحاصل ان فراش الامة يثبت بما يثبت به فراش الحرة وثبوت الملك عليها بمنزلة العقد على الحرة فلا يعتبر معه الا ما يعتبر في فراش الحرة من إمكان الوطء.
[فصل
وما ولد قبل ارتفاعه لحق بصاحبه قيل وإن تعدد كالمشتركة والمتناسخة في طهر وطئها كل فيه قبل بيعه وصادقهم الاخر وادعوه معا فإن اتفق فراشان مترتبان فبالاخر إن امكن والا فبالأول إن امكن والا فلا يهما واقل الحمل ستة اشهر واكثره اربع سنين] .
قوله: فصل: "وما ولد قبل ارتفاعه لحق بصاحبه".
أقول: وجهه ان السبب وهو الفراش لما كان باقيا كان المسبب وهو لحوق الولد ثابتا وأما قوله: "وإن تعدد كالمشتركة والمتناسخة" فالحكم في هاتين الامتين هو الحكم الذي قضى به على رضيى الله عنه وقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما قوله: "فإن اتفق فراشان مترتبان" الخ فهذا هو غاية ما يجب من التحري في حفظ الانساب وعدم التسأهل في إثباتها فإن تعذر على كل حال لم يجز حمل النسب على الغير بغير مسوغ لان ذلك ظلم له وللولد.
قوله: "واقل الحمل ستة أشهر وأكثره أربع سنين".
أقول: لم يات دليل قط لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف مرفوع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ان اقل الحمل كذا ولم يستدلوا الا بقوله عز وجل: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [الأحقاف: 15]، مع قوله سبحانه:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان:14] .
ويقوى هذه الدلالة الايمائية أنه لم يسمع في المنقول عن أهل التواريخ والسير أنه عاش مولود لدون ستة اشهر وهكذا في عصرنا لم يسمع بشيء من هذا بل الغالب ان المولود لستة اشهر لا يعيش إلا نادرا لكن وجود هذا النادر يدل على أن الستة الاشهر اقل مدة الحمل وقد كان من جملة من ولد لستة اشهر من المشهورين عبد الملك بن مروان الخليفة الاموي وهكذا لم
يرد في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف مرفوع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اكثر مدة الحمل اربع سنين ولكنه قداتفق ذلك ووقع كما تحكيه كتب التاريخ غير ان هذا الاتفاق لا يدل على ان الحمل لا يكون اكثر من هذه المدة كما ان اكثرية التسعة الاشهر في مدة الحمل لا تدل على أنه لا يكون في النادر اكثر منها فإن ذلك خلاف ما هو الواقع.
والحاصل أنه ليس هناك ما يوجب القطع بل إذا كان ظاهر بطن المرأة ان فيه حملا كأن يكون متعاظما ولا علة بالمراة تقتضي ذلك وحيضها منقطع وهي تجد ما تجده الحامل فالانتظار متوجه ما دامت كذلك وإن طالت المدة أما إذا كان ثم حركة في البطن كما يكون في بطن الحامل فلا يقول بأنها إذا مضت الاربع السنين لا يكون له حكم الحمل الا من هو من أهل الجمودالذين لا يميزون فإن الحمل ها هنا قد صار متيقنا بوجود الحركة التي لا تكون الا من جنين موجود في البطن ولا يجوز المصير إلي تجويز ان ذلك المتحرك غير جنين.
وأما إذا لم يكن البطن متعاظما وليس الا مجرد دعوى المراة على الحمل بانقطاع حيضها أو بغيره من القرائن التي لا تظهر وتحس فيجب الانتظار إلي انقضاء المدة الغالبة وهي التسعة الاشهر فإن مضت ولم يظهر في بطنها ما يدل على الحمل من التعاظم والحركة فلا انتظار بعدها لأن هذه المدة الغالبة لاتنقضي والبطن كما هي في غير الحامل فهذا هو الذي ينبغي اعتماده في مثل هذه المسألة.
[فصل
وإنما يقر الكفار من الانكحة على ما وافق الإسلام قطعا أو اجتهادا فمن اسلم عن عشر واسلمن معه عقد بأربع إن جمعهن عقد والا بطل ما فيه الخامسة فإن التبس صح ما وطيء فيه فإن التبس أو لم يدخل بطل فيعقد وقيل يطلق ويعقد فيختلف حكمهن في المهر ولميراث] .
قوله: فصل: "وإنما يقر الكفار من الانكحة" الخ.
أقول: الاصل في هذا ما أخرجه أحمد وابو دأود والترمذي وابن ماجه والشافعي وصححه ابن حبان وغيره وحسنه الترمذي من حديث الضحاك بن فيروز عن أبيه قال اسلمت وعندي امراتان اختان فأمرني النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أطلق إحداهما ولفظ الترمذي: أنه صلى الله عليه وسلم قال له: "اختر أيتهما شئت".
وهكذا حديث غيلان الثقي أنه اسلم عن عشر واسلمن معه فامره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يختار منهن أربعا وقد قدمنا تخريجه وتصحيحه.
وفي هذين الحديثين دليل على أنه لا يقر الكفار من انكحتهم الا على ما يوافق الإسلام أي