الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل بل الخيار للمالك إن شاء أن يعطى من النوعين فعل وان شاء أن يعطى من أحدهما فعل والكل سنة ثابتة وشريعة قائمة فإن طلب ما هو الانفع للفقراء فذلك أمر مفوض اليه والاعمال بالنيات.
[باب ولا شيء فيما دون أربعين من الغنم
وفيها جذع ضأن أو ثنى معز إلي مائة واحدى وعشرين وفيها اثنتنان إلي إحدى ومائتين وفيها ثلاث إلي اربعمائة وفيها اربع ثم في كل مائة شاة.
والعبرة بالام في الزكاة ونحوها وبسن الأضحية وبالأب في النسب] .
قوله: باب: "ولا شيء فيما دون اربعين من الغنم".
أقول: أما عدم الوجوب فيما دون الاربعين فلما قدمنا في الباب الذي قبل هذا ولما ثبت في حديث أنس بلفظ فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من اربعين شاة واحدة فليس فيها شيء الا ان يشاء ربها.
وأما ما ذكره المصنف من الواجب في الاربعين وما بعدها فهو الذي في حديث أنس المذكور بلفظ وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت اربعين ففيها شاة إلي شعرين ومائة فإذا زادت ففيها شاتان إلي مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلي ثلاثمائة فإذا زادت ففي كل مائة شاة.
وفي حديث ابن عمر الذي أخرجه أحمد ["8/207"، وأبو دأود "1568"والترمذي "621"]، وحسنه بلفظ:"وفي الغنم من أربعين شاة شاة إلي عشرين ومائة فإذا زادت شاة ففيها شاتان إلي مائتين فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلي ثلاثمائة فإذا زادت فليس فيها شيء حتى تبلغ اربعمائة فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة".
قوله: "والعبرة بالأم في الزكاة ونحوها وبالاب في النسب".
أقول: المعتبر صدق ما تجب فيه الزكاة من إبل أو بقر أو غنم فإذا كان ذلك الموجود يطلق عليه انه من الغنم أو الإبل أو البقر كان من جملة الجنس الذي هو منه.
وأما كون الاعتبار بالاب في النسب فإن كان هذا اعتبار اللغة فممنوع فإن العرب لا تجعل لمن امه امة ما تجعله لمن امه حرة في الانتساب إلي الاب العربي ولهذا يقول عنترة
إني امرؤ من خير عبس منصبا
…
شطري وأحمى سائري بالمنصل
فجعل شطره منتسبا بنسب أبيه وشطره منتسبا بنسب أمه.
وكانت امه امة وان كان هذا باعتبار الشرع فمحتاج إلي دليل في نفس كون الاعتبار بالاب في النسب في الرفاعة والوضاعة لا في كونه حرا يرث ويورث ويثبت له ما يثبت للأحرار فإن هذا معلوم من الشرع ومن الشعر المنسوب إلي المأمون أو المقول على لسانه لما كانت امه امة يقال لها مراجل:
لا تزرين بفتى من ان يكون له
…
أم من الروم أو سوداء عجماء
فإنما امهات الناس أوعية
…
مستودعات وللأبناء آباء
[فصل
ويشترط في الانعام سوم اكثر الحول مع الطرفين فمن ابدل جنسا بجنسه فأسامه بنى والا استأنف وانما يؤخذ الوسط غير المعيب ويجوز الجنس والافضل مع إمكان العين والموجود ويترادان الفضل ولا شيء في الأوقاص ولا يتعلق بها الوجوب وفي الصغار احدها إذا انفردت] .
قوله: فصل: "ويشترط في الانعام سوم اكثر الحول مع الطرفين".
أقول: أما اشتراط ذلك في الغنم فلحديث أنس الثابت في الصحيح بلفظ: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت اربعين ففيها شاة".
وفي لفظ منه آخر: "وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من اربعين شاة واحدة فليس فيها شيء".
وأما في الإبل فلما وقع في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا: "في كل إبل سائمة"[أبو دأود "1757"، النسائي "2444"] ، الحديث.
وأما في البقر فلما أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس ليس في البقر العوامل صدقة وفي إسناده سوار بن مصعب وهو متروك عن ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.
ورواه من وجه آخر عنه وفيه الصقر بن حبيب وهو ضعيف ورواه من حديث جابر بلفظ: ليس في المثيرة صدقة وضعف البيهقي إسناده ورواه موقوفا وصححه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الا انه قال الإبل بدل البقر قال ابن حجر وإسناده ضعيف.
قال البيهقي: وأشهر من ذلك ما روى موقوفا من حديث أبي إسحاق عن الحارث وعاصم عن علي "ليس في البقر العوامل شيء".
قال البيهقي: رواه النفيلي عن زهير بالشك في وقفه أو رفعه وروى عن زهير مرفوعا
ورواه غير زهير عن أبي إسحاق موقوفا قال ابن حجر وهو عن أبي دأود وابن حبان وصححه ابن القطان على قاعدته في توثيق عاصم بن ضمرة وعدم التعليل بالوقوف وبالرفع.
هذا حاصل ما ورد في اعتبار السوم والانعام الثلاث لها حكم واحد في الزكاة فالوارد في بعضها يقوى الوارد في البعض الاخر ولا سيما مع اعتضاد ذلك بأن الاصل البراءة فلا ينقل عنها الا ناقل صحيح وقد ورد الناقل وهو ايجاب الزكاة في الانعام مقترنا بكونه في السائمة كما عرفت.
ولا يخفاك ان ظاهر أحاديث اعتبار الحول التي قدمنا ذكرها يدل على انه لا بد ان يحول عليها الحول سائمة وان سامت في بعض الحول وعلفت في بعضه فالظاهر عدم الوجوب.
وهكذا إذا بدل جنسا بجنسه غير قاصد للحيلة فإنه يستأنف التحويل للبدل من عند دخوله في ملكه ولا اعتبار بحول المبدل ولا يبنى عليه.
قوله: "وإنما يؤخذ الوسط غير المعيب".
أقول: أما كونه يؤخذ الوسط فلما أخرجه أبو دأود ["1582"]، والطبراني بإسناد جيد من حديث عبد الله بن معأوية الفاضري من غاضرة قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثلاث من فعلهن طعم طعم الايمان من عبد الله وحده وانه لا إله الا الله واعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام ولا يعطى الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط اموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره".
فإن بذلك المسالك ما هو خير مما يجب عليه طيبة به نفسه فلا بأس بذلك لما أخرجه أحمد وأبو دأود والحاكم وصححه من حديث أبي بن كعب قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا فمررت برجل فلم أجد عليه في ماله الا ابنة مخاض فاخبرته انها صدقته فقال ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر وما كنت لأقرض الله مالا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة سمينة فخذها فقلت ما انا بآخذ ما لم أومر به فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فخرج معي وخرجنا بالناقة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الذي عليك وان تطوعت بخير قبلناه منك وآجرك الله فيه" قال: فخذها فأمر رسول الله صلى الله عليه بقبضها ودعا له بالبركة وفي إسناده محمد بن إسحاق ولكنه قد صرح هنا بالتحديث وهكذا إذا قبل المصدق ما هو معيب فإنه يجزئ رب المال لما في حديث أنس الصحيح المتقدم [البخاري "1448، 1450، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955"، أبو دأود "1567" النسائي "2447"] . ذكر بعضه بلفظ: "ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس الا إن يشاء المصدق".
وأما قوله: "غير المعيب"، فلما تقدم في حديث الغاصري وفي حديث أنس هذا ولما في حديث ابن عمر المتقدم ذكر بعضه بلفظ:"ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب من الغنم" وكما روى
في تعيين الشرار فقد ورد تعيين الخيار في حديث سفيان بن عبد الله الثقفي عند مالك في الموطأ والشافعي في مسنده ان عمر بن الخطاب قال نعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا نأخذها ولا تاخذ الاكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم رواه ابن أبي شيبة مرفوعا.
وأما قول المصنف: "ويجوز الجنس والافضل مع إمكان العين"، فقد عرفت مما سبق جواز إخراج الافضل وأما جواز إخراج الجنس مع إمكان العين فغير مسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجوز ذلك الا بشرط عدم وجود ما هو الواجب في الملك كما في حديث أنس المتقدم وفيه ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إذا استيسرتا له أو عشرين درهما وفيه أيضا ومن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتي إذا استيسرنا له أو عشرين درهما وفيه ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إذا استيسرتا له أو عشرين درهما وفيه ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إذا استيسرتا له أو عشرين درهما وفيه ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده الا حقة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين.
وبهذه الروايات يتبين لك وجه قول المصنف: "والموجود ويتردان الفضل".
قوله: "ولا شيء في الأوقاص ولا يتعلق بها الوجوب".
أقول: أما كونه لا شيء في الأوقاص وهو ما بين الفريضتين فظاهر وقد صح الدليل لذلك وهو قوله في حديث أنس وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من اربعين شاة فليس فيها شيء وكما في قوله في حديث معاذ المتقدم فأمرني ان لا آخذ فيما بين ذلك وزعم ان الأوقاص لا فريضة فيها وهكذا ما ورد في الفاظ الاحاديث ولا شيء في كذا حتى يبلغ كذا فإنه تصريح بعدم الوجوب في الأوقاص.
وأما كونه لا يتعلق بها الوجوب فغير مسلم بل الشاة الخارجة مثلا من الاربعين هي عن جميع الاربعين لا عن الشاة الموفية للأربعين وهكذا سائر الفرائض التي علق النبي صلى الله عليه وسلم الوجوب بها فإن المراد ان تلك الزكاة عن جميع ما وجد من الانعام لا عن الموفى للنصاب ونفي الوجوب عن الأوقاص هو ما دامت أوقاصا لا إذا بلغت إلي النصاب فإن الزكاة المخرجة هي عن جميع ذلك النصاب.
قوله: "وفي الصغار احدها إذا انفردت".
أقول: قد قدمنا الادلة الدالة على اعتبار الحول وقدمنا انه لا يكون حول الفرع حول اصله فهذه الصغار ان حال عليها الحول بعدانفرادها فهي إذ ذاك كبار وليست بصغار على انا قدمنا في حديث سويد بن غفلة النهي من النبي صلى الله عليه وسلم له ان لا يأخذ من راضع لبن شيئا فهذا يدل على انه لا يؤخذ منها ما دامت صغارا راضعة وأنه لا يكون حولها حول اصلها.