الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إذا مات بعد اللعان قبل الحكم فقد حصل السبب وهو اللعان لأنه فرقة بمجرده كما تقدم ولو كان الحكم شرطا لما كانم موت احدهما مانعا له لأنه يمكن الحاكم ان يحكم بعد موت احدهما بما يقتضيه اللعان من نفي الولد.
وأما قوله: "ولا لبطن ثان لحقه بعد اللعان" فلا وجه له لانها قد حرمت عليه ابدا فلا يمكن بعد ذلك ثبوت الفراش وقد صرح فيما تقدم بأنه يرتفع الفراش وعرفناك ان التحريم المؤبد وارتفاع الفراش يحصلان بمجرد اللعان سواء وقع الحكم من الحاكم ام لا.
وأما قوله: "ويصح للحمل إن وضع لدون أدنى مدته" فلا وجه لهذا التقييد بل يصح للحمل مهما كان ممكنا ان يكون للفراش الذي كان بينهما.
وأما قوله: "لا اللعان" فوجهه أنه قد يكون غير حمل لعلة من العلل ولا وجه لهذا لأن مرجع اللعان هو ان يشاهدها تزني فإن وقع له ذلك لاعنها ونفى ولدها إن وجد ولا يضره إن لم يوجد.
والحاصل ان هذه مسائل مظلمة لم يدل عليها دليل ولا كانت مبنية على رأي معقول.
قوله: "وندب تأكيده بالخامسة".
أقول: الخامسة منصوص عليها في الكتاب العزيز وأمر بها صلى الله عليه وسلم في اللعان الواقع لديه فلها حكم الاربع الشهادات ولا يبعد ان تكون آكد منها ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إنها الموجبة"، فإن هذا يشعر بأن تمام اللعان وصحته وإبجابه لما يوجبه يتوقف عليها فكان الأولى الحكم عليها بما يدل على انها آكد من الاربع الشهادات وأدخل منها في اقتضاء حكم اللعان.
وأما قوله والقيام حاله فيرشد اليه ما وقع في وصف اللعان الواقع بين يديه صلى الله عليه وسلم أنه قام الرجل فقال: وقامت المرأة فقالت.
وأما قوله: "ويجنبه المسجد" فلا وجه له بل هو خلاف ما روى من وقوع اللعان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد عند المنبر
[باب الحضانة
الأم الحرة أولى بولدها حتى يستغنى بنفسه أكلا وشربا ولباسا ونوما ثم امهاتها وإن علون ثم الاب الحر ثم الخالات ثم امهات الاب وإن علون ثم امهات أب الام ثم الاخوات ثم بنات الخالات ثم بنات الاخوات ثم بنات الاخوة ثم العمات ثم بناتهن ثم بنات العم ثم عمات الاب ثم بناتهن ثم بنات اعمام الاب ويقدم ذو السببين ثم ذو الام وينتقل من كل إلي من يليه بالفسق والجنون ونحوه والنشوز والنكاح الا بذي رحم له "م" وتعود بزوالها ومضى
عدة الرجعى فإن عدمن فالاقرب الاقرب من العصبة المحارم ثم من ذوي الرحم المحارم ثم بالذكر عصبته غير محرم ثم من ذوي رحم كذلك] .
قوله: باب: "الحضانة الام الحرة أولى بولدها".
أقول: قال الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 232] فجعل الرضاع اليهن واثبت الحق لهن لا ينزع ذلك عنهن نازع الا مع التعاسر كما في قوله عز وجل: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 2] .
ويؤيد ثبوت الحق لهن وتقديمهن على غيرهن قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وهو حديث حسن لا مطعن في إسناده ويؤيده حديث:"لا توله والدة بولدها" وستأتي الاحاديث الدالة على المنع من التفريق ولا يزال الحق ثابتا للأم حتى يبلغ الصبي إلي سن الاستقلال فإذا بلغ ذلك ووقع النزاع بين الام والاب كان العمل على حديث تخيير الصبي الذي أخرجه أحمد وابو دأود والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للغلام: "هذا أبوك وهذه أمك فاتبع أيهما شئت"، فتبع أمه فالجمع بين الحديثين ظاهر مكشوف ولا ينافي ذلك كون الاب اعرف بمصالح المعاش وادرى بما فيه المنفعة للصبي في حاله وماله فإن النظر منه في ذلك ممكن مع كون الصبي عند امه وفي حضانتها ولا وجه لرد الاحاديث بمجرد هذا الخيال ثم لا فرق بين الحرة والامة لعموم الأدلة ولاستوائهما في الحنو على الصبي ورعاية ما يصلحه ودفع ما يضره فإن لم يقع الاختيار من الصبي أو تردد في الاختيار وجب الرجوع إلي الاقراع بينهما لثبوت ذلك في حديث أبي هريرة عند أبي شيبة بلفظ:"استهما فيه" وصححه ابن القطان.
قوله: "ثم امهاتها وإن علون".
أقول: ليس على هذا دليل الا مجرد القياس على الامهات وغيره من طرق النص الذي لا يجوز معه التعلق بالاقيسة وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "الخالة أم"، [البخاري "2699"] ، قال ذلك عند وقوع التخاصم في الحضانة فإذا عدمت الأم أو بطل حقها فالخلالة أقدم من الجدات وهي مع الأب كالام معه يثت بينهما التخيير للصبي والاستهام عليه ولم يأت من خالف هذا بشيء يعول عليه أو يصلح للرجوع اليه.
وأما قوله: "ثم أمهات الأب" إلي آخر المعدودات فلا دليل على شيء من ذلك بل مجرد رأي بحت وجهه النظر إلي من هو مظنة للحنو على الصبي.
والحاصل ان الحق في الحضانة للأم ثم للخالة فإن عدما فالأب أولى بولده يضعه حيث يشاء من قرائبه أو غيرهن وإذا وقع النزاع بينه وبين الام أو الخالة كان الحكم ما تقدم في الاحاديث كما بينا وإذا كان الاب لا يحسن حضانة ولده أو ليس ممن يقوم برعاية مصالحه كان للحاكم أن يعين من يحضنه من قرائبه أو غيرهن وهكذا إذا كان الاب غير موجود.
وما ذكره من تقديم ذوي النسبين على ذوي النسب ومن تقديم ذوي الام على غيرهم فوجهه ما قدمنا من تقديم من هو مظنة للحنو والحياطة.
قوله: "وينتقل من كل إلي من يليه بالفسق".
أقول: ليس على هذا دليل فإن العدالة معتبرة فيما اعتبره الشرع لا في كل أمر من الامور واعتبارها في هذا الموضع حرج عظيم وتعسير شديد فان غالب النساء التسأهل في كثير من الامور الدينية ولو كانت العدالة معتبرة فيهن ومسوغة لنزع أولادهن من ايديهن لم يبق صبي بيدامه الا في اندر الاحوال وأقلها فيكون في ذلك اعظم جناية على الصبيان بنزعهم عمن يرعى مصالحهم ويدفع مفاسدهم وجناية أيضا على الام بتولها بولدها والتفريق بينها وبينه ومخالفة لما عليه أهل الإسلام سابقهم ولاحقهم.
وأما انتقال الولاية بالجنون فظاهر لأنها لا تقدر على تدبير نفسها فضلا عن ان تقدر على تدبير غيرها وأيضا يخشى على الصبي ان تدعه يموت جوعا وعطشا أو تهلكه عند ثوران جنونها واستحكام تخليطها.
وأما النشوز فلا وجه لجعلها من أسباب الانتقال ولا مقتضى لذلك بل حقها ثابت بالنص فلا يسقطه الا مسقط شرعي بدليل مرضي.
وأما الانتقال بالنكاح فلقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحي".
وقوله: "إلا بذي رحم له" يدل عليه قصة التنازع في ابنة حمزة فإن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بها للخالة كما تقدم وهي كانت تحت جعفر بن أبي طالب ولم يجعل نكاحها بذي رحم للصبي وهو جعفر عم الصبية مبطلا لحقها.
وأما القول بأنه يعودالحق للمرضعة بزوال سبب الانتقال فصحيح لأن المانع قد زال فلم يبق وجه لجعله مانعا بعد زواله.
وأما قوله: "فإن عدمن فالأقرب الاقرب" الخ فليس ذلك وجه بل ينبغي الرجوع إلي حاكم الشرع فيضعه عند من رأى فيه صلاحا من هؤلاء فإن كان غيرهم اصلح منهم وضعه عنده إذ لا حق لهؤلاء في الحضانة ولا ورد بذلك دليل يرجع اليه.
[فصل
وللأم الامتناع إن قبل غيرها وطلب الأجرة لغير ايام اللبإ ما لم تبرع وللأب نقله إلي مثلها تربية بدون ما طلبت وإلا فلا والبينة عليه وليس للزوج المنع من الحضانة حيث لا أولى منها وعلى الحاضنة القيام بما يصلحه لا الاعيان والرضاع يدخل تبعا لا العكس
وتضمن من مات لتفريطها عالمة غالبا وإلا فعلى العاقلة ولها نقله إلي مقرها غالبا والقول لها فيما عليه] .
قوله: "وللأم الامتناع إن قبل غيرها".
أقول: الحق لها كما تقدم ولها تركه متى شاءت وعليها حق للطفل فلا يجوز لها ان تتركه في حال يتضرر بتركه فيها ومن جملتها عدم قبول الصبي لغيرها.
وأما الأجرة فقد صوغها لها القرآن الكريم قال الله عز وجل: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] .
وأما استثناء ايام اللبإ فلا وجه له لأن الله سبحانه اطلق استحقاق الأجرة ولم يقيده بما يخرج هذ الايام وتعليلهم ذلك بأن الصبي لا يعيش بدونها باطل فكم من صبي تموت امه في النفاس ولم يرضع منها ويعيش بلبن غيرها من النساء بل ولبن غيرهن وكم من امرأة تضع ولا لبن لها ولا يرى فيها اللبن الا بعد أيام فيرضع الصبي في هذه ايام اللبإ من لبن غيرها وهذا معلوم يعرفه كل احد.
قوله: "وللأب نقله إلي مثلها تربية بدون طلب".
أقول: الله سبحانه قد أمر الازواج بان بعطوهن اجورهن فقال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ} [الطلاق: 6]، وأوجب ذلك على الزوج بالامر القرأني وأكد ذلك بقوله:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، ولفظ على ظاهر في الوجوب فان كانت الام راضية بالأجرة المتعارفة المتوسطة في عرف الناس فليس له نقل الرضيع إلي غيرها وإن تبرع الغير بإرضاعه بدون أجرة فضلا عن ان يرضى بدون ما رضيت الام وقد اخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن الامهات احق بأولادهن وأوجب لهن الأجرة فنزعهم عنهن مخالف للقرآن والسنة وظلم بين فإن طلبت فوق الأجرة المتعارفة وكان الزوج يتعاسر ذلك فلا بأس بأن ينقله منها لقول الله عز وجل:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] .
وبهذا تجتمع الأدلة وتجرى على نمط واحدة ويوافق بعضها بعضا ومما يومئ إلي هذا الجمع الذي ذكرناه قوله عز وجل: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ، فإن تقييد ذلك بالمعروف مشعر بأنه الذي على الزوج لها فليس عليه ان يزيد عليه ولا عليها ان ترضع بدونه ويوميء إلي ذلك أيضا لفظ التعاسر المذكور في الاية.
وأما قوله: "وليس للزوج المنع من الحضانة" الخ فمبني على أنه لم يوجد غيرها فإن وجد من يرضعه لم يتعين الوجوب عليها وجاز للزوج منعها من ذلك لوجوب طاعتها له في غير معصية الله.
وأما قوله: "وعلى الحاضنة القيام بما يصلحه" فمعلوم لا يحتاج إلي النص عليه لأن ذلك هو معنى الحضانة وأما الاعيان التي يحتاج اليها الرضيع فذلك على أبيه وقد أوجب الله عليه أجرتها فضلا عما يحتاج اليه ولده.
وأما قوله: "والرضاع يدخل تبعا" فمن هذيان المفرعين.
وأما كونها من مات لتفريطها عالمة فمعلوم لأن ذلك جناية توجب الضمان ومع عدم العلم هي قاتلة خطأ والكلام فيها كالكلام على قاتل الخطا وسيأتي إن شاء الله تعالى.
قوله: "ولها نقله إلي مقرها".
أقول: هذا اقتضاه إثبات اخصيتها به بالنص النبوي فلها ان تنقله إلي مقرها ولا سيما إذا كان عليها ضرر في بقائها في غير مقرها وقد كانت الحواضن الاجنبيات في أيام النبوة وأيام الصحابة ينقلن الاطفال المدفوعين اليهن للرضاع إلي مساكنهن وقرى قومهن ومن جملة من وقع له هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن حليمة السعدية لما استرضعت له نقلته إلي دار قومها وإذا جاز هذا للأجنبيات مع عدم ثبوت الحق لهن.
فكيف لا يجز للأمهات ومن يلتحق بهن مع ثبوت الحق لهن.
وأما قوله: "والقول لها فيما عليه" فخروج عن مقصود الباب والحكم فيه ان على المدعى البينة وعلى المنكر اليمين لأن كون الاب هو القائم بمصالحه يقوى كون ما عليه له وكونه في يد الام يقوى كون ما عليه لها وسيأتي بسط الكلام في هذا في الدعأوي إن شاء الله.
[فصل
ومتى استغنى بنفسه فالأب أولى بالذكر والأم بالانثى وبهما حيث لا اب فإن تزوجت فمن يليها فإن تزوجن خير بين الام والعصبة وينقل إلي من اختار ثانيا] .
قوله: فصل: "ومتى استغنى بنفسه فالاب أولى بالذكر والام أولى بالانثى".
أقول: هذا رجوع إلي مجرد الرأي وعمل بالاستحسان مع قطع النظر عن الأدلة والواجب على المتشرع العمل بالدليل وترك القال والقيل وقد قدمنا حديث التخيير وان النبي صلى الله عليه وسلم قال لصبي: "هذا أبوك وهذه أمك فاتبع أيهما شئت"، وقدمنا أيضا حديث الاستهام ويعضد ذلك ما أخرجه أحمد والنسائي عن عبد الحميد بن جعفر الانصاري ان جده اسلم وأبت امرأته ان تسلم فجاء بابن صغير له لم يبلغ وفي رواية انها صبية فاجلس النبي صلى الله عليه وسلم الاب ها هنا والام ها هنا وخيره وقال:"اللهم اهد قلبه"، فمال إلي أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم اهده"، فمال إلي أبيه فأخذه.
فهذا التخيير وقع بين ابوين احدهما مسلم والاخر كافر وفي الحديث الأول وقع بين ابوين مسلمين ومعلوم ان مصير الصبي أو الصبية إلي يد الكافر فيه عند أهل الرأي مفسدة اعظم من المفسدة المجوزة إذا صار الذكر إلي الام المسلمة أو الانثى إلي الاب المسلم لأن اعظم ما يخشى على الصبي الصائر إلي الكفار أو الكافرة ان يرغباه في دينهما ويحبباه إليه ولهذا ورد في الصحيح