المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عدم ذلك وأما ثمن السلم فلما كان قبضه في مجلس - السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[مقدمة لا يسع المقلد جهلها

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب النجاسات

- ‌[باب المياه

- ‌[باب ندب لقاضي الحاجة التواري

- ‌[باب الوضوء

- ‌[باب الغسل

- ‌[باب التيمم

- ‌[باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌[باب الأوقات

- ‌[باب الإذان والإقامة

- ‌[باب صفة الصلاة

- ‌[باب والجماعة سنة مؤكدة

- ‌[باب سجود السهو

- ‌[باب والقضاء

- ‌[باب صلاة الجمعة

- ‌[باب ويجب قصر الرباعي

- ‌[باب وشرط جماعة الخوف

- ‌[باب وفي وجوب صلاة العيدين خلاف

- ‌[باب ويسن للكسوفين حالهما ركعتان

- ‌[كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌[باب في نصاب الذهب والفضة

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌[باب ولا شيء فيما دون ثلاثين من البقر

- ‌[باب ولا شيء فيما دون أربعين من الغنم

- ‌[باب " ما أخرجت الارض في نصاب فصاعدا ضم احصاده الحول

- ‌[باب " ومصرفها من تضمنته الآية

- ‌[باب والفطرة تجب من فجر أول شوال إلي الغروب

- ‌كتاب الخمس

- ‌كتاب الصيام

- ‌مدخل

- ‌[باب وشروط النذر بالصوم

- ‌[باب الاعتكاف وشروطه

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌باب العمرة

- ‌باب المتمتع

- ‌باب القارن

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌باب على واهب الأمة وبائعها استبراء غير الحامل

- ‌[باب الفراش

- ‌كتاب الطلاق

- ‌[باب إنما يصح من زوج مختار مكلف

- ‌[باب الخلع

- ‌[باب العدة

- ‌[باب الظهار

- ‌[باب الايلاء

- ‌[باب اللعان

- ‌[باب الحضانة

- ‌[باب النفقات

- ‌[باب الرضاع

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الشروط المقارنة للعقد

- ‌باب الربويات

- ‌[باب الخيارات

- ‌باب ما يدخل في المبيع

- ‌باب البيع غير الصحيح

- ‌باب المأذون

- ‌باب المرابحة

- ‌[باب الإقالة

- ‌[باب القرض

- ‌[باب الصرف

- ‌[باب السلم

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌مدخل

- ‌باب وإجارة الآدميين

- ‌باب المزارعة

- ‌باب الإحياء والتحجر

- ‌باب المضاربة

- ‌كتاب الشركة

- ‌مدخل

- ‌باب شركة الأملاك

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الهبة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌مدخل

- ‌[باب والتدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌[باب الولاء

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌[باب الكفارة

- ‌باب النذر

- ‌باب الضالة واللقطة واللقيط

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الأضحية

- ‌باب الأطعمة والأشربة

- ‌باب اللباس

- ‌كتاب الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب التفليس

- ‌باب الصلح

- ‌باب الإبراء

- ‌باب الإكراه

- ‌باب القضاء

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد السارق

- ‌كتاب الجنايات

- ‌مدخل

- ‌باب الديات

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب السير

الفصل: عدم ذلك وأما ثمن السلم فلما كان قبضه في مجلس

عدم ذلك وأما ثمن السلم فلما كان قبضه في مجلس عقده شرطا لئلا يكون من بيع الكاليء بالكاليء كان القول قول المنكر قبضه في المجلس لا بعده ولا وجه له إلا ما يذكرونه من أنه إذا احتمل العقد وجهي صحة وفساد كان جانب الصحة أرجح ولا أرى هذا مرجحا بل يتوجه الرجوع إلي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين.

وأما قوله: "وللبائع في قدره وجنسه ونوعه وصفته قبل تسليم المبيع" فلا وجه لهذا إلا ما يذكرونه من أن اليد للبائع قبل التسليم ولا أرى هذا مرجحا بل القول في القدر لمنكر الزيادة وأما في الجنس أو النوع أو الصفة فكما تقدم في المبيع من غير فرق بين أن يكون الاختلاف قبل تسليم المبيع أو بعده.

ص: 561

‌كتاب الشفعة

[فصل

تجب في كل عين ملكت بعقد صحيح بعوض معلوم مال على أي صفة كانت لكل شريك مالك في الأصل ثم الشرب ثم الطريق ثم الجار الملاصق وإن ملكت بفاسد أو فسخ بحكم بعد الحكم بها إلا لكافر على مسلم مطلقا أو كافر في خططنا ولا ترتيب في الطلب ولا فضل بتعدد السبب وكثرته بل بخصوصه ويجب بالبيع وتستحق بالطلب وتملك بالحكم أو التسليم طوعا] .

قوله: "كتاب الشفعة فصل يجب في كل عين".

أقول: قد حكى الإجماع على مشروعية الشفعة كثير من المحققين فخلاف أبي بكر الأصم لم ينبغي الاعتداد به ولا الالتفات إليه فإنه كما هو مخالف للإجماع من المسلمين هو أيضا مخالف لما تواتر من السنة وأراد المصنف بقوله في كل عين إخراج الشفعة في المنافع فإنها إنما تكون تبعا لملك الأعيان وإذا وقع تصييرها إلي الغير بإجارة أو نحوها فهي باقية في ملك مالكها والشفعة إنما هى فيما خرج من مالك إلي مالك خروجا تأما فالعجب ممن أثبتها في الإجارة ونحوها وأدخلها تحت عموم أدلة الشفعة زاعما بأن ذلك هو الحق وتبعه من تبعه وهو خارج عن معنى الشفعة ومضمونها وفائدتها وأما استدلاله بمثل عموم قضائه صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فهو عليه لا له فإن القسمة من خواص الأعيان لا منافعها فلا معنى لقسمتها لأنها متعلقة بالعين تابعة لها ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في تمام هذا الحديث: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا

ص: 561

شفعة"، فأي حدود بمجرد الحقوق وأي تصريف لطرقها وفي حديث آخر وفي الصحيح بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط وبهذا تعرف أن أطلاق الشيء كما في حديث "الشفعة في كل شيء"، [أبو داود "3513، 3514"، الترمذي "1370"،النسائي "4646"، ابن ماجة "2492، 2493"، أحمد "3/296، 272"، مقيد بالشيء الذي ينتقل من ملك إلي ملك ويمكن قسمته وضرب الحدود له وتصريف الطرق إليه كما صرحت بذلك الأحاديث والحاصل أنا أولا نمنع أنها شيء ونمنع ثانيا ثبوت الشفعة في شيء باق على ملك مالكه بمجرد تسليطه للغير على الانتفاع به والقيام في مقام هذين المنعين لا ينقل عنه إلا ما ينتهض للحجية من الدليل لا مجرد المرأوغة بالقال والقيل.

وأما قوله: "بعقد صحيح" فقد عرفناك أن العقود الصحيحة هى التي حصل فيها المناط الشرعي وتجردت عن المانع الشرعي فما كان كذلك ثبت في نفسه وثبتت فيه الشفعة وما لم يكن كذلك لم يثبت في نفسه فضلا عن أن يثبت ما ترتب عليه وأما كونها بعوض مال معلوم فقد تقدم في البيع أنه لا يكون إلا كذلك والشفعة مترتبة عليه.

وأما قوله: "على أي صفة كانت" فوجهه عموم أدلة الشفعة ووجود ما علل ثبوتها من دفع الضرر.

قوله: "لكل شريك مالك في الأصل" الخ.

أقول: أحاديث ثبوت الشفعة لمطلق الجار قد قيدتها الأحاديث الواردة بأن الشفعة في كل ما لم يقسم وأنها إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة فإفاد هذا التقييد بأنه لا شفعة للجار الملاصق الذي لا خلطة بينه وبين شريكه ودعوى الإدراج في قوله فإذا وقعت الحدود الخ غير مقبولة فإنها ثابتة من حديث جابر عند البخاري وغيره وقد أخرجها أبو دأود وابن ماجه بإسناد رجاله ثقات بلفظ: "إذا قسمت الدار وحدث فلا شفعة"، ومع هذا فأصل الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما بلفظ أنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم وفي لفظ قضى بالشفعة في كل شركة لم يقسم يدل على أنه لا شفعة فيما قد قسم وهذا هو معنى هذه الزيادة فمن أعلها بالإدراج ورتب على ذلك ثبوت شفعة الجار الملاصق بعد القسمة مردود عليه بأصل الحديث وأما حديث:"الشفعة في كل شيء"، على فرض ثبوته فهو مطلق مقيد بالأحاديث المصرحة بعدم القسمة وبأنها إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وأما حديث الشريد بن سويد قال: قلت: يا رسول الله أرضي ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار فقال: "الجار أحق بسقيه ما كان" أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه فقد أعل بالاضطراب والإرسال وعلى كل حال فهو لا يصلح لمعارضة ما في الصحيحين وغيرهما وأما حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جار الدار أحق بالدار من غيره". أخرجه أحمد "5/8:12"، وأبو دأود "3517"،والترمذي "1368"،وصححه والبيهقي والطبراني والضياء فهو من طرق الحسن عن سمرة وفي سماعه منه المقال المتقدم على أنه مقيد بما في الصحيحين وغيرهما وبحديث جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة

ص: 562

جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا". أخرجه أحمد "3/303"، وأبو دأود "3518"،وابن ماجه "2494"،والترمذي "1369"،وحسنه ومع الاشتراك في الطريق فالشركة باقية وعدم القسمة كائن ولم تصرف الطرق.

فعرفت بمجموع ما ذكرناه أن مجرد الجوار بعد القسمة وتصريف الطرق لا تثبت به الشفعة.

فالحاصل أنه لا سبب للشفعة إلا الخلطة وهي أعم من أن تكون في أرض أو دار أو طريق أو في ساقية للشرب أو في شيء من المنقولات.

وأما قوله: "وإن ملكت بفاسد أو فسخ بحكم" فقد قدمنا أنه إذا وجد ما يبطل عقد البيع بطل ما يترتب عليه وأما إذا كان قد حصل التراضي فهو المقتضى فإذا انضم إليه عدم المانع وهو أن لا يكون البيع من البيوع المنهي عنها فلا يضره ما يدعي أنه مفسد ولا يضره عروض التفاسخ الذي لم يكن السبب موجبا لإبطال البيع من أصله.

قوله: "إلا لكافر على مسلم" الخ.

أقول: الكافر المعصوم الدم بالذمة الإسلامية إذا طلب شفعة له من مسلم ورافعه إلي الشريعة الإسلامية وجب علينا الحكم له كما تدل على ذلك الآيات القرآنيه ولم يثبت في السنة ما يدل على إخراج أهل الذمة من هذا الحكم الذى شرعه الله لعباده وقد جازت المعاملة لهم للبيع ونحوه وإذا كان الذمي الطالب للشفعة في جزيرة العرب فلا شك أنا مأمورون بإخراجه وإخراج أمثاله منها لكن إذا لم نفعل وقررناهم فيها كان ذلك موجها للحكم بالشريعة الإسلامية ما داموا فيها كما يجوز البيع منهم لاتحاد البيع والشفعة في كونهما موجبين لانتقال الملك مع تحريم المضارة لهم بوجه من وجوه الضرر فلهم ما للمسلمين فيما توجبه الشريعة من دفع المفاسد وجلب المصالح إلا ما خصه دليل ولا يصلح لمثل هذا الاستدلال بقوله: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141]، وقوله صلى الله عليه وسلم:"الإسلام يعلو"، فإنه ها هنا لم يكن له سبيل على المؤمنين بشريعته ولا من جهة نفسه بل بشريعة الإسلام ولم يعل لدفع الضرر عن نفسه بها وأما ثبوت التشافع في ذات بينهم فالأمر أظهر.

قوله: "ولا ترتيب في الطلب".

أقول: إذا ترك الطلب من له حق في الشفعة وقت العلم بالبيع لظنه أن غيره أولى بها منه كان ذلك عذرا له كما سيأتي هذا على تقدير أن الطلب على الفور وأن التراخي مبطل.

وأما قوله: "ولا فصل بتعدد السبب" فصحيح لأن المراد وجود ما تستحق به الشفعة والواحد والكثير مستويان في هذا وهكذا الاعتبار بكثرته.

وأما قوله: "بل بخصوصه" فقد عرفناك أن السبب ليس إلا الخلطة وهي شيء واحد فلا يتم الخصوص إلا على الفور بتعدد أسباب الشفعة كما تقدم للمصنف ومعنى قوله ويجب البيع أنه يصير من له الشفعة مستحقا للمطالبة بها وأما كونها تستحق بالطلب فمعناه أن الشفيع إذا طلب فذلك هو السبب في الاستحقاق فإن رضي المشتري صار المشفوع فيه ملكا له بمجرد

ص: 563

ذلك ويجب عليه دفع ما دفعه من الثمن وإن لم يرض مع عدم المانع الشرعي صار آثما لأنه امتنع من حق واجب عليه وعلى حاكم الشرع إجباره بتسليم ما أوجبه عليه الشرع وأما كونها تملك بالحكم أو التسليم طوعا فظاهر.

[فصل

وتبطل بالتسليم بعد البيع وإن جهل تقدمه إلا لأمر فارتفع أو لم يقع بتمليكها الغير ولو بعوض ولا يلزم وبترك الحاضر الطلب في المجلس بلا عذر قيل وإن جهل استحقاقها وتأثير التراخي لا ملكه السبب أو اتصاله وبتولي البيع لا إمضائه وبطلب من ليس له طلبه أو المبيع بغيرها أو بغير لفظ الطلب عالما أو بعضه ولو بها غالبا إن اتحد المشتري ولو لجماعة ومن جماعة وبخروج السبب عن ملكه باختيار قبل الحكم بها وبتراخي الغائب مسافة ثلاث فما دون عقيب شهادة مطلقا أو خبر يثمر الظن دينا فقط عن الطلب والسير أو البعث بلا عذر موجب قدرا يعد به متراخيا فلو أتم نفلا ركعتين أو قدم التسليم أو فرضا تضيق لم تبطل] .

قوله: "فصل: وتبطل بالتسليم بعد البيع".

أقول: لأن ذلك حق للشفيع فإذا أبطله بطل وأما قوله وإن جهل تقدمه فغير مسلم لأنه لا بد أن يعلم ثبوت الحق له ثم يبطله وأما قبل أن يعلم بتقدم العقد فيمكن أنه أبطله لعلمه أنه لا يبطل بإبطاله قبل المبيع فهو من جملة ما يصدق عليه قوله إلا لأمر فارتفع فإنه أبطله لظنه أمرا وهو عدم تقدم العقد فارتفع بانكشاف تقدم العقد والوجه فيه أنه أسقط لظنه أمرا فانكشف خلافه فلا تطيب نفسه بذلك الإسقاط والحق له حكم الملك في إنه لا يحل للغير إلا بطيبة من نفس من هو له والكل يصدق عليه اسم المال والفرق إنما هو مجرد إصطلاح للفقهاء وهكذا إذا ظن وقوع أمر فانكشف أنه لم يقع فإنه كظنه الأمر الذى ارتفع.

وأما قوله: "وتمليكها الغير" الخ فغير مسلم فإنه لم يرض بإسقاط حق نفسه إلا بشرط هو مصيره إلي من ملكه فإذا لم يصر إليه فهو على حجته وأما تعليل هذا التمليك لكونه نوعا من التراخي فسيأتي الكلام على التراخي وأما كون العرض لا يلزم فغير صحيح لأنه مال أمريء مسلم طابت به نفسه فحل لمن صار إليه مع تراضيهما على ذلك وكان تجارة عن تراض.

قوله: "ويترك الحاضر الطلب في المجلس بلا عذر".

أقول: قد ثبت في السنة المطهرة بالأحاديث الصحيحة أن الشفعة حق ثابت لمن له سبب يستحقها به فمن زعم أنه يشترط فيها الفور وأن التراخي يبطلها فعليه الدليل فإن جاء به صافيا عن

ص: 564

شرب الكدر فبها ونعمت وإن عجز عن ذلك كان الحق الثابت بالدليل الصحيح باقيا غير باطل بترك الفور وحصول التراخي ولم يأت المدع للبطلان بشيء يصلح للتمسك به أصلا فإن حديث: "الشفعة كحل العقال" قد قال ابن حبان لا أصل له وقال أبو زرعة منكر وقال البيهقي ليس بثابت وأما الاستشهاد له بحديث: "الشفعة لمن واثبها" فهذا إنما رواه من لا معرفة له بعلم الرواية من الفقهاء كأبي الطيب الطبري وابن الصباغ صاحب الشامل في الفقه والمأوردي وهؤلاء ليس من رجال الرواية ولا يرجع إلي مثلهم في ذلك فليس هذا بحديث لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا هو في كتاب حدثني فمن اغتر به وزعم أنه يشهد للحديث الأول ويفيد أن لهما أصلا في الجملة فقد أخطأ فإن الحديث الأول منكر غير ثابت وإن أخرجه ابن ماجه ففي كتابة السنن الكثير من أمثاله وأما الآخر فليس بحديث ومما يؤيد ما ذكرناه ما تقدم في حديث جابر بلفظ: "ينتظر بها وإن كان غائبا"، وهو حديث حسن كما تقدم.

وإذا تقرر لك هذا عرفت أن من تراخى جأهلا لاستحقاقها أو يكون تراخيه مؤثرا للبطلان لا تبطل شفعته بالأولى فإنها إن لم تبطل بالتراخي لغير عذر كان عدم بطلانها بالتراضي بعذر مثل هذا من باب فحوى الخطاب.

وأما قوله: "لا ملك السبب واتصاله" فتكرير لقوله إلا لأمر فارتفع أو لم يقع فإن هذين قد أفادهما ذاك.

وأما قوله: "وتولى البيع" الخ فمبني على ما تقدم من بطلانها بالتراخي وقد عرفت ما فيه فلا فرق بين تولي البيع وبين إمضائه وقد أكثروا من التعسفات فى إبطال هذا الحق الثابت بالشرع كقوله ويطلب من ليس له طلبه أو المبيع بغيرها أو بغير لفظ الطلب فإن جعل هذه المبطلات للشفعة مجرد دعأوي لم تعضد ببرهان ولا دل عليها نقل ولا عقل ومجرد قولهم إن الاشتغال بذلك مع العلم تراخ فنقول لهم هذا الأصل الذى بنيتم عليه هذه القناطر قد هدمناه وأرحناكم من التعب في تقويمه وهكذا قوله أو بعضه ولو بها إلي آخر البحث فإنه مبني على ذلك الأصل المهدوم.

قوله: "وبخروج السبب عن ملكه" الخ.

أقول: وجه ذلك أنه رضي بإبطال شفعته بإخراج ما هو سبب لثبوتها عن ملكه قبل مصيرها إليه فبطلت.

وأما قوله: "وبتراخي الغائب" الخ فلا وجه لهذا التحديد وقد تقدم في حديث جابر بلفظ: "ينتظر بها وإن كان غائبا" وظاهره أنه ينتظر سواء طالت المدة أو قصرت وسواء كان في مسافة ثلاث أو أكثر وكلام المصنف هذا وما بعده إلي آخر الفصل مبني على أن الشفعة تبطل بالتراخي وقد عرفت ما فيه فلا نطيل الكلام في غير طائل.

ص: 565

[فصل

ولا تبطل بموت المشتري مطلقا ولا الشفيع بعد الطلب أو قبل العلم أو التمكن ولا بتفريط الولى والرسول ولا بالتقائل مطلقا ولا بالفسخ بعد الطلب ويمتنعان بعده ولا بالشراء لنفسه أو للغير ويطلب نفسه ولا يسلم إليها] .

قوله: "فصل: ولا تبطل بموت المشتري مطلقا".

أقول: لأن الحق للشفيع قد ثبت بنفس البيع فموت المشتري لا يؤثر في بطلان حق شرعي.

وأما قوله: "ولا الشفيع بعد الطلب" فالظاهر أنه الشفعة لا تبطل بموت الشفيع مطلقا من غير فرق بين قبل الطلب وبعده لأنه حق يورث عنه كما تورث سائر الحقوق ودفع الضرر غير مختص لمن كان موجودا عند الشراء لأن وارثه يتضرر كما يتضرر وإذا مات الشفيع قبل أن يعلم بالبيع أو قبل أن يتمكن من الطلب فلوارثه ما كان له وهكذا لو مات بعد العلم أو بعد التمكن من الطلب كما قدمنا لك من عدم اشتراط الفور في الطلب وأما كونها لا تبطل بتفريط الولي والرسول فلكون صدور ذلك من جهة أنفسهما وهما إنما أمرا بإيقاع الطلب فلا يبطل بتفريطهما ما هو حق لغيرهما.

قوله: "ولا بالتقائل مطلقا".

أقول: إذا أقال المشتري البائع رجع المبيع له وكأن البيع لم يكن وهكذا إذا أقال البائع المشتري أو أقال كل واحد منهما الآخر فلم يتم البيع تمأما شرعيا فلا وجه لما قاله المصنف وهكذا لا وجه لما تقدم له من أن الإقالة بيع في حق الشفيع وهكذا لا وجه لقوله ولا بالفسخ بعد الطلب لأنه بفسخ قد عاد على أصل البيع الذى هو سبب استحقاق الشفعة بالبطلان وهكذا لا وجه لقوله ويمنعان بعده.

والحاصل أن هذه تفريعات على أصول منهارة وأن كونها لا تبطل بالشراء لنفسه فلعدم ورود ما يدل على أن ذلك مبطل لحقه من الشفعة إذا قام يشفع غيره مما له استحقاق لها وهكذا لا تبطل للشراء لغيره ولكن لا بد عند من يوجب الفور أن يطلب نفسه كما قال المصنف وأما كونه لا يسلم إليها فلأنه مأمور بإدخال المبيع في ملك موكله لا بإخراجه عن ملك فإن ذلك لا يقتضيه التوكيل.

[فصل

وللمشتري قبل الطلب الانتفاع والإتلاف لا بعده لكن لا ضمان للقيمة ولو أتلف

ص: 566

ولا أجرة وإن استعمل إلا بعد الحكم أو التسليم باللفظ وللشفيع الرد بمثل ما يرد به المشتري إلا الشرط ونقض مقاسمته ووقفه وعتقه واستيلاده وبيعه فإن تنوسخ شفع بمدفوع من شاء فإن أطلق فبالأول ويرد ذو الأكثر لذي الأقل وعليه مثل الثمن النقد المدفوع قدرا وصفة ومثل المثلى جنسا وصفة فإن جهل أو عدم بطلت فيتلف المشتري أو ينتفع حتى يوجد وقيمة القيمي وتعجيل المؤجل وغرامة زيادة فعلها المشتري قبل الطلب للنماء ولا للبقاء وقيمة غرسه وبنائه وزرعه قائما لإبقاء له إن تركه أو أرش نقصانها إن رفعه أو بقاء الزرع بالأجرة وله الفوائد الأصلية إن حكم له وهي متصلة لا منفصلة فللمشتري إلا مع الخليط لكن يحط بحصتها من الثمن إن شملها العقد وكذا في كل ما نقص بفعله أو فعل غيره وقد اعتاض] .

قوله: "فصل: وللمشتري قبل الطلب الانتفاع والإتلاف لا بعده".

أقول: هذا صحيح لأنه هالك تصرف في ملكه قبل أن يتعلق به حق للغير وبعد الطلب قد تعلق به حق للشفيع فلا يجوز له إبطاله بالتصرف.

وأما قوله: "لكن لا ضمان للقيمة وأن أتلف" فوجهه أنه أتلف ملكه وإن عصى بتفويت الحق على الشفيع وهكذا لا وجه للزوم الأجرة له إذا استعمل المبيع لأنه استعمل ملكه قبل أن يخرج عنه وإنما يضمن القيمة وتلزمه أجرة الاستعمال إذا أتلف أو استعمله بعد أن انتقل إلي ملك الشفيع بحكم أو بالتراضي وهذا كله من تكثير الكلام بما لا تدعو إليه حاجة ولا يتعرض دونه إشكال.

قوله: "وللشفيع الرد بمثل ما يرد به المشتري".

أقول: هذا صحيح لأن المبيع انتقل إليه بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فله أن يرده على مشتريه بما أثبته له لشرع ولا ينافي ذلك كونه يأخذه من يد مشتريه وإن كره انتقاله إليه لأن مثل هذا ليس بمانع شرعي لما سوغه الشرع ولا فرق بين سبب وسبب من أسباب الرد المتقدمة ولا مانع من أن يجعل لنفسه خيار الشرط في هذا الأمر الذى أثبته له الشرع فيقول للمشتري إن رغبت في انتقال هذا المبيع إلي بحق الشفعة في مدة كذا وكذا وإلا فهو رد عليك وليس للمشتري أن يمتنع من قبول هذا الشرط وهذا ونحوه وإن أبته المقلدة فهو لا يأباه من وفى الاجتهاد حقه.

وأما قوله: "ويقض مقاسمته" الخ فوجهه أن إيقاع المشتري لهذه الأمور لا تبطل الحق الثابت في تلك العين للشفيع لأنها مسبوقة بحقه الذى أثبته له الشرع وموقوفة على إبطاله أو بطلانه بمتقض للبطلان.

قوله: "فإن تنوسخ شفع بمدفوع من شاء".

أقول: الشفعة وجد سببها بالعقد الأول فإذا انضم إليه الطلب وبذل ما دفعه المشتري من الثمن فلا حكم للعقود التى ترتبت على هذا العقد الذى كان هو السبب للشفعة بل تبطل كلها

ص: 567

ويتراجع أهلها بما دفعوه من الأثمان سواء زادت على ما دفعه المشتري الأول أو نقصت عنه فإن قلت: إن حق الشفيع يثبت بكل واحد منها على حد ثبوته بالعقد الأول فما المانع للشفيع من أن يشفع ما شاء منها؟ قلت: إذا كان حق الشفيع ثابت في العقد الأول فلا يصح ما ترتب عليه ولا يشفع إلا به وإن كان قد أبطل شفعته فيه أو بطلت بمبطل شرعي كان العقد الثاني بمنزلة عقد أول فليس له أن يشفع إلا به لا بما ترتب عليه ثم هكذا الكلام في بقية العقود وأما الحكم لجميعها بالصحة وتفويض الشفيع إلي ما يقترحه ويريده فخارج عن مسلك العدل والعقل فإنه يؤدي إلي تغريم بعض البائعين بعد أن باع ملكه بيعا أذن الله له به وأحل له ما قبضه من الثمن بمجرد هذا التشهي المجعول للشفيع خبطا وجزافا.

وأما كون عليه مثل الثمن فمعلوم لا تدعو إليه حاجة إلي ذكره.

وأما كونها تبطل مع جهل الثمن أو عدمه فإن استمر ذلك ولم يتبين القدر أو لم يوجد فوجه البطلان أن المشتري لا يجب عليه إخراج المبيع من ملكه إلي ملك الشفيع إلا بالثمن الذى دفعه والمفروض أنه قد طرأ ما أوجب جهالته أو تعذر وجوده فلا يجوز أن يكلف بإخراجه من ملكه لأنه هجوم على ما لا عدل فيه والعدول إلي القيمة قد يكون مخالفا لغرض مالكه فالشفيع مخير بين أن يدفع له بما يرضى به حتى يكون ذلك تجارة عن تراض أو يدع الشفعة.

وأما قوله: "وتعجيل المؤجل" فلا وجه له لأنه صار إليه البيع بالحق الثابت له بالشرع فلا يلزمه إلا ما لزم المشتري ولا يجب عليه دفع الثمن إلا في الوقت الذى يجب على المشتري دفعه فيه.

قوله: "وغرامة وزيادة" الخ.

أقول: ما غرمه المشتري في المبيع مما يحصل به زيادة فيه من حرث أو غرس أو بناء ونحوها كان له الرجوع بقيمة ذلك على الشفيع لأنه فعله في ملكه قبل أن يستحق عليه بالشفعة وأما بعد أن يعلم أن الشفيع قد صار مطالبا بالشفعة مضيقا في مصير المبيع إليه فليس له أن يفعل فيه شيئا إلا بإذن الشفيع فإن فعل بغير إذنه والحال هكذا كان له رفع ما يمكن رفعه ولا يرجع بما لا يمكن رفعه وللمشتري الفوائد الحادثة في المبيع بعد البيع قبل طلب الشفيع سواء كانت أصلية أو فرعية لأنها فوائد ملكه فإن اختلط بما كان منها موجودا قبل البيع كان له بقدر ما حدث بعد البيع قبل الطلب وإذا حصل في المبيع نقص بعد البيع قبل طلب الشفع فإن كان بفعل المشتري أو تفريطه كان مضمونا عليه للشفيع وإن كان لا بفعله ولا تفريطه فليس عليه وذلك كرخص السعر والهزال بلا سبب والآفات السمأوية والأمر الغالب من غيرها والحاصل أن المشتري لا يضمن إلا ما كان بجنايته أو تفريطه فإن كانت بجناية الغير على المبيع رجع عليه الشفيع بما قبضه من الجاني إن كان قد قبض الأرش منه وإلا كان للشفيع مطالبة الجاني بأرش جنايته هكذا ينبغي أن يقال في الزيادة والنقص.

ص: 568

[فصل

وإنما يؤخذ المبيع قسرا بعد الحكم فهو كالأمانة أو التسليم والقبول باللفظ فهو كالمبيع فيؤخذ من حيث وجد ويسلمه من هو في يده وإلا فغصب إلا لقبض الثمن ولو بائعا مستوفيا وهي هنا نقل في الأصح ويحكم للموسر ولو في غيبة المشتري ويمهل عشرا ولا تبطل بالمطل إلا لشرط وللملتبس مشروطا بالوفاء لأجل معلوم وللحاضر في غيبة الأولى ومتى حضر حكم له وهو معه كالمشتري مع الشفيع وللوكيل وإن طلب المشتري يمين الموكل الغائب في نفي التسليم أو التقصير لا للمعسر وإن تغيب حتى أيسر والحط والإبراء والإحلال من البعض قبل القبض يلحق العقد لا بعده ولا الهبة ونحوها مطلقا والقول للمشتري في قدر الثمن وجنسه ونفي السبب وملكه والعذر في التراخي والحط وكونه قبل القبض وللشفيع في قيمة الثمن العرض التالف ونفي الصفقتين بعد اشتريتهما وإذا تداعيا الشفعة حكم للمبين ثم الأول ثم المؤرخ ثم تبطل] .

قوله: "فصل: وإنما يؤخذ المبيع قسرا" الخ.

أقول: إذا وقع الطلب من الشفيع وصح سببه الذى يستحق به الشفعة وبذل تسليم الثمن كان على المشتري تسليم المبيع إليه فإن أبى لا لموجب شرعي كان غاصبا وإذا تلف تلف من ملكه وإن لم يحصل منه الامتناع من التسليم بل هو باذل لتسليمه ومنع من التعجيل مانع معقول فقد صار في ملك الشفيع ويتلف من ملكه.

وأما قوله: "وهي نقل في الأصح" فلا يخفاك أن الشفعة حق للشفيع ثبت بالشرع فمصيره إليه هو بما أوجبه الشرع على المشتري من قبول حكم الله عليه فهذا هو الذى أوجب الملك للشفيع ونزعه من يد البائع وأما التعبير بكونه نقلا وفسخا فاصطلاح متجدد لا يحل أن يترتب عليه شيء من أحكام الشرع.

وأما قوله: "ويحكم للموسر" الخ فصحيح لأنه إذا رافع من له هذا الحق الشرعي إلي حاكم الشرع وجب عليه أيضا له به كما يحكم على الغائب في سائر ما يجب عليه التخلص منه.

وأما ما ذكره من أنه يمهل عشرا فهذا ليس عليه دليل ولا هو رأي مستقيم والذى ينبغي أن يقال إنه يمهله إن كان يحتاج في تحصيل الثمن إلي بيع من أملاكه أو نحو ذلك مدة يتمكن فيها من ذلك سواء كانت أقل من العشر أو أكثر ولا تبطل شفعته إن مطل زيادة على المدة المجعولة له ومجرد الشرط لا يسقط حقه الثابت بالشرع إلا أن يرضى بذلك لنفسه وإلا فهو شرط مخالف ما يقتضيه الشرع لكنه إذا عرف منه تعمد المطل ومضارة المشتري بعدم تسليم الثمن أجبره الحاكم على التسليم إلا أن يختار ترك الشفعة.

وأما قوله: "وللملتبس مشروطا بالوفاء" فلا يحتاج إلي هذا الشرط لأنه مشروط من جهة

ص: 569

الشرع أن يدفع الشفيع مثلما دفعه المشتري فإن لم يفعل فلا شفعة.

وأما قوله: "ويحكم للحاضر" الخ فصحيح لأنه طالب بحق له أثبته الشرع لوجود سببه والاعتبار بالانتهاء إذا كان ثم شفيع أحق منه بالشفعة وهكذا يحكم لوكيل الشفيع إن وجد السبب المقتضي لذلك.

قوله: "لا للمعسر وإن تغيب حتى أيسر".

أقول: هذا هو الحق الثابت بالشرع إذ لا بد أن يكون الشفيع متمكنا من تسليم مثل الثمن ولا يشترط في هذا أن يكون متمكنا منه في ملكه بل إذا تمكن منه بالقرض ثبتت شفعته ولو كان فقيرا لا يملك شيئا لأنه قد حصل المقصود برد مثل الثمن ولا يجب غير ذلك.

وأما الحكم ببطلانها بمجرد الإعسار فدفع للشرع بالصدر بغير برهان.

وأما كون الحط والإبراء والإحلال من البعض يلحق العقد قبل القبض فصحيح لأنه لا يجب على الشفيع أن يدفع إلا ما دفعه المشتري.

وأما بعد القبض فوجهه أنه قد يكون ذلك بمقصد خارج عن التبايع من مكارمة أو صداقة أو نحوهما والظاهر أن ما كان راجعا إلي ذلك العقد الواقع بينهما فهو لا حق له وكونه بمقصد آخر خلاف الظاهر لأن كونه مضافا إلي ثمن المبيع يوجب للشفيع مثلما وقع للمشتري إلا أن يتقرر ببرهان شرعي أن ذلك كان لسبب آخر فله حكمه.

وأما الهبة ونحوها فلا مانع منها إذا كانت لمقصد صحيح لا لمجرد الحيلة على الشفيع والفرق بين ما كان بلفظ الهبة ولفظ الحط ونحوه لا يخفى أنه مجرد ملاحظة للألفاظ التي لا اعتبار بها في الشرع كما عرفناك غير مرة فينبغي في الجميع الرجوع إلي ما يقتضيه الظاهر وتوجبه المقاصد.

قوله: "والقول للمشتري في قدر الثمن وجنسه".

أقول: ينبغي أن يكون القول قول النافي للزيادة في القدر والنافي لكون الجنس أعلى وأكثر قيمة والبينة على مدعي الأمرين وأما الجزم بأن القول للمشتري فيهما مطلقا فخلاف الصواب بل خلاف قواعدهم المألوفة في غير هذا الباب ومعلوم أن الشفيع لا يقع منه إنكار أصل الثمن ولا إنكار كونه على جنس من الأجناس إنما يقع منه إنكار الزيادة والنفاسة ونحوهما.

وأما كون القول قوله في نفي السبب فصحيح لأن الأصل عدمه وهكذا القول له في إنكار اتصاله بالمبيع أي كونه سببا يصح له التشافع على ما قدمنا تقريره وهكذا القول له في نفي الحط لا الأصل عدمه وسواء كان المشتري يدعي أنه قبل القبض أو بعده.

وأما قوله: "وللشفيع في قيمة الثمن العرض التألف" فلا يخفاك أنه ليس أحدهما أولى من الآخر لكون القول قوله فيكون فيه كما قدمنا في قدر الثمن وجنسه.

وأما كون القول قول الشفيع في نفي الصفقتين فظاهر لأن الأصل عدم كون البيع وقع دفعات ولا فرق بين أن يكون المشتري قد قال اشتريتهما أم لا.

ص: 570