الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإجَارَةِ أرْضٍ مُعَينَّةٍ لِزَرْعِ كَذَا، أوْ غَرْسٍ، أوْ بِنَاءٍ مَعْلُومٍ.
ــ
2145 - مسألة: (أو بناءِ حائِطٍ يَذْكُرُ طُولَه وعَرْضَه وسُمْكَه وآلتَه، وإجارةِ أرْضٍ مُعَيَّنةٍ لزَرْعِ كذا، أو غَرْسٍ، أو بناءٍ مَعْلُومٍ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه يَجُوزُ الاسْتِئْجار للبناءِ، ويُقَدَّرُ بالزَّمانِ والعَمَلِ، فإن قُدِّرَ بالعَمَلِ، فلا بُدَّ مِن مَعْرِفَةِ مَوْضِعِه؛ لأنَّه يَخْتَلِفُ بقُرْبِ الماءِ وسُهُولَةِ التُّرابِ، ولابدَّ مِن ذِكْرِ طُولِه وعَرْضِه وسُمْكِه ، وآلةِ البِناءِ مِن طِينٍ أو لَبِنٍ أو آجُرٍ أو حِجَارَةٍ أو شِيدٍ (1)، أو غيرِ ذلك. قال ابنُ أبي موسى: وإذا اسْتَأجَرَهُ لبِناءِ ألْفِ لَبِنَةٍ في جِدارٍ، أو اسْتَأجَرَه يَبْنِي له فيه يَوْمًا، فعَمِلَ ما اسْتُؤْجِرَ عليه، ثم سَقَط الحائِطُ، فله أجْرُه؛ لأنَّه وَفى العَمَلَ. فإن قال: ارْفَعْ لي هذا الحائِطَ عَشَرَةَ أذْرُعٍ. فرَفَعَ بعضَه، فسَقَطَ، فعليه إعادَةُ ما سَقَطَ، وإتْمامُ ما وَقَعَتْ عليه الإجارَةُ مِن الذَّرْعِ. وهذا إذا لم يكنْ سُقُوطُه في الأوَّلِ لأمْرٍ مِن جِهَةِ العامِلِ، فأمّا إن فَرَّطَ، أو بَناه مَحْلولًا، أو نحْوَ ذلك، فسَقَطَ، فعليه إعادَتُه وغَرامَةُ ما تَلِف منه (2).
(1) الشيد: ما يطلى به الحائط من جص ونحوه.
(2)
في م: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجُوزُ الاسْتِئْجارُ لتَطْيِينِ السُّطُوحِ والحِيطانِ وتَجْصِيصِها. ولا يَجُوزُ على عَمَلٍ مُعَيَّنٍ؛ لأن الطِّينَ يَختَلِفُ في الرِّقَّةِ والغِلَظِ، والأرضَ تَخْتَلفُ، منها العالي والنّازِل، وكذلك الحِيطان، فلذلك لم يَجُزْ إلَّا على مُدَّةٍ.
فصل: وإذا اسْتَأجَرَ دارًا، جاز إطْلاقُ العَقْدِ، ولم يَحْتَجْ إلى ذِكْرِ السُّكْنَى، ولا صِفَتِها؛ لِما ذَكَرْنا. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأي. وقال أبو ثَوْرٍ: لا يَجُوزُ حتى يقولَ: أبِيتُ تَحتَها أنا وعِيَالِي؛ لأنَّ السُّكْنَى تَخْتَلِفُ، ولو اكْتَراها ليَسْكُنَها، فتَزَوَّجَ امرأةً، لم يَكُنْ له أن يُسْكِنَها معه. ولَنا، أنَّ الدّارَ لا تُكْتَرى إلَّا للسُّكْنَى، فاسْتُغْنِيَ عن ذِكْرِه، كإطْلاقِ الثَّمَنِ في بَلَدٍ فيه نَقْدٌ مَعْرُوفٌ، والتَّفاوُتُ في السُّكْنَى يَسِيرٌ، فلم يَحْتَجْ إلى ضَبْطِه؛ لِما ذَكَرْنا. وما ذَكَره (1) لا يَصِحُّ؛ فإن الضَّرَرَ لا يَكادُ يَخْتَلِفُ بكَثْرَةِ مَن يَسْكُنُ وقِلَّتِهم، ولا يُمْكِنُ ضبْطُ ذلك، فاجْتُزِئ فيه بالعُرْفِ، كما في دُخُولِ الحَمّامِ وشِبْهِهِ، ولو اشْتُرِط ما ذَكَرَه، لوَجَبَ أن يَذْكُرَ عَدَدَ السُّكّانِ، وأن لا يَبِيتَ عندَه ضَيفٌ، ولا غيرُ مَن ذَكَرَه، ولكان يَنْبَغي أن يَعْلَمَ صِفَةَ السّاكِنِ كما يَعْلَمُ ذلك فيما إذا اكْترَى للرُّكُوبِ.
(1) في م: «ذكروه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ في إباحَةِ إجارَةِ العَقَارِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ اسْتِئْجارَ المَنازِلِ والدَّوابِّ جائزٌ. وقد ذَكَرْنا أنّه يَجُوزُ الاسْتِئْجارُ للخِدْمَةِ كلَّ شَهْر بشيءٍ مَعْلُوم، وسَواء كان الأجِيرُ رجلًا أو امرأةً، حُرًّا أو عَبْدًا. وبهذا قال الشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأبو ثَوْرٍ؛ لأنَّه تَجُوزُ النِّيابةُ فيه، ولا يَخْتَصُّ فاعِلُه بكَوْنِه مِن أهلِ القُرْبَةِ. قال أحمد: أجِيرُ المُشاهَرةِ يَشْهَدُ الأعيادَ والجُمُعَةَ، وإن لم يَشْتَرِطْ ذلك. قِيلَ له: فيَتَطَوَّعُ بالرَّكْعَتَين؟ قال: ما لم يَضُرَّ بصاحِبِه. وإنَّما أباح له ذلك؛ لأنَّ أوْقاتَ الصلاةِ مُسْتَثْناة مِن الخِدْمَةِ، ولهذا وَقَعَتْ مُسْتَثْناةً في حَقِّ المُعْتَكِفِ لتَرْكِ مُعْتَكَفِه لها. وقال ابنُ المُبارَكِ: لا بَأسَ أن يُصَلِّيَ الأجيرُ رَكَعاتٍ مِنَ السُّنَّةِ. وقال أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: ليس له مَنْعُه منها. قال أحمدُ: يَجُوزُ أن يَسْتَأجِرَ الأمَةَ والحُرَّةَ للخِدْمَةِ، ولكنْ يَصْرِفُ وَجْهَه عن النَّظَرِ، ليستِ الأمَةُ مثلَ الحُرَّةِ، ولا يَخْلُو معها في بَيتٍ، ولا يَنْظُرُ إليها مُتَجَرِّدَةً، ولا إلى شَعَرِها. إنما قال ذلك، لأنَّ حُكْمَ النَّظَرِ بعدَ الإجارَةِ كحُكْمِه قبلَها، وفَرَّق بينَ الحُرَّةِ والأمَةِ؛ لأنَّهما يَخْتَلِفان قبلَ الإجارَةِ، فكذلك بعدَها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا اسْتَأجَر أرْضًا، احْتاج إلى ذِكْرِ ما تُكْتَرَى له مِن غِراس أو بناءٍ أو زَرْعٍ؛ لأنَّها تُكْتَرَى لذلك كُلِّه، وضَرَرُه يَخْتَلِفُ، فوَجَبَ بَيانُه، وفي إجارَةِ الأرْضِ للزَّرْعِ اخْتِلافٌ ذَكَرْناه في بابِ المُساقاةِ.
فصل: ويَجُوزُ الاسْتِئْجارُ لضَرْبِ اللَّبِنِ؛ لِما ذَكَرْنا، ويكونُ على مُدَّةٍ أو عَمَلٍ، فإن قَدَّرَه بالعملِ، احْتاج إلى تَعْيينِ عَدَدِه، وذِكْرِ قالبِه، ومَوْضِعِ الضَّرْبِ؛ لأنَّ الأرْضَ تَخْتَلِفُ باخْتِلافِه، لكَوْنِ التُّرابِ في بعضِ الأماكِنِ أسْهَلَ، والماءِ أقْرَبَ. فإن كان هناك قالبٌ مَعْرُوفٌ لا يَخْتَلِفُ، جاز، كما إذا كان المِكْيالُ مَعْرُوفًا. وإن قَدَّرَهُ بالطُّولِ والعَرْضِ والسُّمْكِ، جاز، ولا يَكْتَفِي بمُشاهَدَةِ قالبِ الضَّرْبِ إذا لم يَكُنْ مَعْرُوفًا؛ لأنَّ فيه غَرَرًا، وقد يَتْلَفُ القالبُ، فلا يَصِحُّ، كما لو أسْلَم في مِكْيالٍ بِعَينه.