الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ بَدَا لَهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ، فَعَلَيهِ الأُجْرَةُ.
ــ
والجُنُونُ، والجُذَامُ، والبَرَصُ. وفي الدّارِ؛ انْهِدامُ الحائِطِ، والخَوْفُ مِن سُقُوطِها، وانْقِطاعُ الماءِ مِن بِئرِها، أو تَغَيُّرُه بحيثُ يَمْنَعُ الشُّرْبَ والوضُوءَ، وأشْباهُ ذلك مِن النَّقائِصِ. فإنِ رَضِيَ بالمُقامِ ولم يَفْسَخْ؛ لِزَمَه جميعُ الأجْرَةِ؛ لأنَّه رَضِيَ به ناقِصًا، أشْبَهَ ما لو رَضِيَ بالمَبِيعِ مَعِيبًا. وإنِ اخْتَلَفا في المَوْجُودِ، هل هو عَيبٌ أو لا؟ رُجِعَ فيه إلى أهْلِ الخِبْرَةِ، مثلَ أن تكونَ الدّابَّةُ خَشِنَةَ المَشْي، أو أنَّها تُتْعِبُ راكِبَها لكَوْنِها لا تُرْكَبُ كثيرًا، فإن قالوُا: هو عَيبٌ. فله الفَسْخُ، وإلَّا فلا. هذا إذا كان العَقْدُ تَعَلَّقَ بعَينها، فإن كانت مَوْصُوفَةً في الذِّمَّةِ، لم يَنْفَسِخِ العَقْدُ، وعلى المُكْرِي إبْدالُها، كالمُسْلَمِ فيه إذا وَجَدَه مَعِيبًا أو على غيرِ صِفَتِه. فإن عَجَز عن إبْدالِها أو امْتَنَعَ منه، ولم يُمْكِنْ إجْبارُه، فلِلْمُكْتَرِي الفَسْخُ أيضًا.
2197 - مسألة: (وإن بَدَا له قبلَ تَقَضِّي المُدَّةِ، فعليه الأُجْرَةُ)
قد ذَكَرْنا أنَّ الإِجارَةَ عَقْدٌ لازِمٌ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ المُؤْجِرِ الأجْرَ، والمُسْتَأْجِرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَنافِعَ. فإذا فَسَخ المُسْتَأْجِرُ الإِجارَةَ قبلَ انْقِضاءِ مُدَّتها وتَرَك الانْتِفاعَ اخْتِيارًا منه، لم تَنْفَسِخِ الإِجارَةُ، وتَلْزَمُه الأجْرَةُ، ولا يَزُولُ مِلْكُه عن المنافِعِ، كما لو اشْتَرَى شَيئًا وقَبَضَه ثم تَرَكَه. قال الأثرَمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: رَجُلٌ اكْتَرَى بَعِيرًا، فلما قَدِمَ المَدِينَةَ، قال له: فاسِخْنِي. قال: ليس ذلك له، قد لَزِمَه الكِراءُ. قلتُ: فإن مَرِضَ المُسْتَكْرِي بالمَدِينةِ؟ فلم يَجْعَلْ له فَسْخًا؛ لأنَّه عَقْدٌ لازِمٌ مِن الطَّرَفَينِ، فلم يَمْلِكْ أحَدُ المُتعاقِدَينِ فَسْخَه، وإن فَسَخَه، لم يَسْقُطِ العِوَضُ الواجِبُ، كالبَيعِ.
فصل: قد ذَكَرْنا أنَّ المُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ المَنافِعَ بالعَقْدِ، كما يَمْلِكُ المُشْتَرِي المَبِيعَ بالبَيعِ، ويَزُولُ مِلْكُ المُؤْجرِ عنها، كما يَزُولُ مِلْكُ البائِع عن المَبِيعِ، فلا يجوزُ له التَّصرُّفُ فيها؛ لَأنَّها صارتْ مَمْلُوكَةً لغيرِه. فإن تَصرَّفَ فيها، وكان ذلك في حالِ يَدِ المُسْتَأْجِرِ قبلَ تَقَضِّي المُدَّةِ، مثلَ أن يَكْتَرِيَ دارًا سَنَةً، فيَسْكُنُها شَهْرًا ويَتْرُكُها، فيَسْكُنُها المالِكُ بَقِيَّةَ السَّنةِ، أو يُؤْجِرُها لغيرِه، احْتَمَلَ أن يَنْفَسِخَ العَقْدُ فيما اسْتَوْفاهُ المالِكُ؛ لأنَّه تَصرَّفَ فيه قبلَ قَبْضِ المُكْتَرِي له، أشْبَهَ ما لو أتْلَفَ المَكِيلَ قبلَ تَسْلِيمِه وسَلَّمَ باقِيَه. فإن تَصرَّفَ في بعضِ المُدَّةِ دُونَ بعضٍ، انْفَسَخَ العَقْدُ في قَدْرِ ما تَصرَّفَ فيه
خاصَّةً، وعلى المُسْتَأْجِرِ أجْرُ ما بَقِيَ. فإن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَكَن المُسْتَأْجِرُ شَهْرًا [وتَرَكَها شَهْرًا (1)](2)، وسَكَن المالِكُ عَشَرَةَ أشْهُرٍ، لَزِمَ المُسْتَأْجِرَ أجْرُ شَهْرَينِ. وإن سَكَنَها شَهْرًا، وسَكَن المالِكُ شَهْرَين ثم تَرَكَها، فعلى المُسْتَأْجِرِ أجْرُ عَشَرَةِ أشْهُر. واحْتَمَلَ أن يَلْزَمَ المُسْتَأْجِرَ أجْرُ جَمِيعِ المُدَّةِ، وله على المالِكِ أجْرُ المِثْلِ لِما سَكَن أو تَصَرَّفَ فيه، يَسْقُطُ ذلك ممّا على المُسْتَأْجِرِ مِنَ الأجْرِ، ويَلْزَمُه الباقِي، لأنَّه تَصَرَّفَ فيما مَلَكَه المُسْتَأْجِرُ عليه بغيرِ إذْنِه، أشْبَهَ ما لو تَصَرَّفَ في المَبِيع بعدَ قَبْضِ المُشْتَرِي إيّاه. وقَبْضُ الدّارِ ههُنا قام مَقامَ قَبْضِ المنافِع، بدَلِيلِ أنَّه يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ في المَنافِعِ بالسُّكْنَى والإِجارَةِ وغيرِها. فعلى هذا، لو كان أجْرُ المِثْلِ الواجِبُ على المالِكِ بقَدْرِ الأجْرِ المُسَمَّى في العَقْدِ، لم يَجِبْ على المُسْتَأْجِرِ شيءٌ. وإن فَضَلَتْ منه فَضْلَة، لَزِمَ المالِكَ أداؤُها إلى المُسْتَأْجِرِ. والأوّلُ أوْلَى. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشافعيِّ. وإن تَصَرَّفَ المالِكُ قبلَ تَسْلِيمِه العَينَ، أو امْتَنَعَ مِن تَسْلِيمِها حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِجارَةِ، انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ، وَجْهًا واحدًا، لأنَّ العاقِدَ أتْلَفَ المَعْقُودَ عليه قبلَ تَسْلِيمِه، فانْفَسَخَ العَقْدُ،؛ لو باعَه طَعامًا فأتْلَفَه قبلَ تَسْلِيمِه. وإن سَلَّمَها إليه في أثناءِ المُدَّةِ، انْفَسَخَتْ فيما مَضَى، ويَجِبُ أجْرُ الباقِي بالحِصَّةِ، كالمَبِيعِ إذا سَلَّمَ بَعْضَه وأتْلَفَ بعضًا.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.