الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِحُمُولَةِ شَيءٍ، فَزَادَ عَلَيهِ، أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ،
ــ
لأنَّه اسْتَوْفَى مَنْفَعَةً غيرَ التي عَقَد عليها [لا يجوزُ له اسْتِيفاؤُها](1) فَلَزِمَه أجْرُ المِثْلِ، كالغاصِبِ.
2194 - مسألة: (وإنِ اكْتَرَاها لحُمولةِ شيءٍ، فزادَ عليه، أو إلى
(1) سقط من: الأصل.
فَجَاوَزَهُ، فَعَلَيهِ الْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: عَلَيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ.
ــ
مَوْضِعٍ، فجاوَزَهُ، فعليه الأُجْرَةُ المَذْكُورَةُ وأُجْرَةُ المِثْلِ للزّائِدِ. ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. وقال أبو بكرٍ: عليه أُجْرَةُ المِثْلِ للجَمِيعِ) وجملةُ ذلك، أنَّ مَنِ اكْتَرَى دابَّةً لحُمُولةِ شيءٍ فزادَ عليه، كمَن اكْتَرَى لحَمْلِ قَفِيزَين فحَمَلَ ثلاثةً، أو إلى مَوْضِعٍ فجاوَزَه؛ مثلَ أن يَكْتَرِيَها مِن دِمَشْقَ إلى القُدْسِ فيَرْكَبَها إلى مِصْرَ، وَجَب عليه الأجْرُ المُسَمَّى، وأجْرُ المِثْلِ لِما زاد، وضَمانُها إن تَلِفَتْ. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ. ونَصَّ عليه أحمدُ، فيما إذا اسْتَأْجَرَها إلى مَوْضِعٍ فجاوَزَه. وإليه ذَهَب ابنُ شُبْرُمَةَ، والحَكَمُ، وهو الظاهِرُ مِن قَوْلِ الفُقَهاءِ السَّبْعَةِ. وقال الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ: لا أجْرَ عليه لِما زادَ؛ لأنَّ مَنافِعَ الغَصْبِ غيرُ مَضْمُونَةٍ عندَهما. وحُكِيَ عن مالكٍ، أنَّه إذا تَجاوَزَ بها إلى مَسافَةٍ بَعِيدةٍ، خُيِّرَ صاحِبُها بينَ أَجْرِ المِثْلِ وبينَ المُطالبةِ بقِيمَتِها يومَ التَّعَدِّي؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بإمْساكِها، فكان لصاحِبِها تَضْمِينُها إيّاهُ. ولَنا، أنَّ العَينَ باقِيةٌ بحالِها يُمْكِنُ أخْذُها، فلم تَجِبْ قِيمَتُها، كما لو كانت المَسافَةُ قَرِيبةً. وما ذَكَرُوه (1) تَحَكُّمٌ لا دَلِيلَ عليه ولا نَظِيرَ له، فلا يجوزُ المَصِيرُ إليه. وسَيأتِي الكَلامُ مع أبي حنيفةَ في بابِ
(1) في ر 1: «ذكره» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغَصْبِ، إن شاء اللهُ تعالى. وحَكَى القاضي، أنَّ قولَ أبي بكرٍ فيما إذا اكْتَرَى لحُمُولَةِ شيءٍ فزادَ عليه، وُجُوبُ أجْرِ المِثْلِ [في الجَمِيع](1)، [أخْذًا مِن قولِه في مَن اسْتَأْجَرَ أرْضًا لِيَزْرَعَها شَعِيرًا، فزَرَعَها حِنْطَةً، أنَّ عليه أجْرَ المِثْلِ للجَمِيعِ](2)؛ لأنَّه عَدَل عن المَعْقُودِ عليه إلى غيرِه، فأشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ أرْضًا فَزَرَع أُخْرَى. فجَمَعَ القاضي بينَ مَسْألَةِ الخِرَقِيِّ ومَسْألَةِ أبي بكرٍ، وقال: يُنْقَلُ قولُ كلِّ واحدٍ مِن إحْدَى المسْألَتَين إلى الأُخْرَى؛ لِتَساويهِما في أنَّ الزِّيادَةَ لا تَتَمَيَّزُ، فيكونُ في المَسْألَتَين وَجْهانِ. وليس الأمْرُ كذلك، فإنَّ بينَ المَسْألَتَين فَرْقًا ظاهِرًا، فإنَّ الذي حَصَل التَّعَدِّي فيه في الحَمْلِ مُتَمَيِّزٌ عن المَعْقُودِ عليه، وهو القَفِيزُ الزائِدُ، بخِلافِ الزَّرْعِ، ولأنَّه في مسألةِ الحَمْلِ اسْتَوْفَى المَنْفَعَةَ المَعْقُودَ عليها وزادَ، وفي الزَّرْعِ لم يَزْرَعْ ما وَقَع العَقْدُ عليه، ولهذا عَلَّلَه أبو بكرٍ بأنَّه عَدَل عن المَعْقُودِ عليه، ولا يَصِحُّ هذا القَوْلُ في مَسْألةِ الحَمْلِ، فإنَّه قد حَمَل المَعْقُودَ عليه وزادَ عليه، بل إلحاقُ هذه المسْألةِ بما إذا اكْتَرَى إلى مَسافَةٍ فزادَ عليها أشَدُّ، وشَبَهُها بها أشَدُّ؛ لأنَّه في مَسْألَةِ الحَمْلِ مُتَعَدٍّ بالزِّيادَةِ وَحْدَها، وفي مَسْألةِ الزَّرْعِ مُتَعَدٍّ بالزَّرْعِ كلِّه، فأشْبَهَ الغاصِبَ.
(1) في م، تش:«للجميع» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا مَسْألَةُ الزَّرْعِ فيما إذا اكْتَرَى لِزَرْعِ الشَّعِيرِ، فزَرَعَ حِنْطَةً، فقد نَصَّ أحمدُ، في رِوايةِ عبدِ اللهِ، فقال: يَنْظُرُ ما يَدْخُلُ على الأرْضِ مِن النُّقْصانِ ما بينَ الحِنْطةِ والشَّعِيرِ، فيُعْطِي رَبَّ الأرْضِ. فجَعَلَ هذه المَسْألةَ كمسْألَتَي الخِرَقِيِّ، في إيجابِ المُسَمَّى وأجْرِ المِثْلِ للزّائِدِ. ووَجْهُه، أنَّه لمّا عَيَّنَ الشَّعِيرَ، لم يَتَعَيَّنْ، ولم يَتَعَلَّقِ العَقْدُ بِعَينِه، كما سَبَقَ ذِكْرُه، ولهذا قُلْنا: له زَرْعُ مِثْلِه وما هو دُونَه في الضَّرَرِ. فإذا زَرَع حِنْطةً، فقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّه وزِيادَةً، أشْبَهَ ما لو اكْتَرَاها إلى مَوْضِعٍ فجاوَزَه. وقد ذَكَرْنا قولَ أبي بكرٍ أنَّ له أجْرَ المِثْلِ؛ لأنَّه عَدَل عن المَعْقُودِ عليه (1)، فإنَّ الحِنْطَةَ ليست بشَعِيرٍ وزِيادَةٍ. وإن قلنا: إنَّه قدِ اسْتَوْفَى المَعْقُودَ عليه وزِيادَةً، غيرَ أنَّ الزِّيادَةَ ليست مُتَمَيِّزَةً عن المَعْقُودِ عليه. بخِلافِ مَسْألَتَي الخِرَقِيِّ. وقال الشافعيُّ: المُكْرِي مُخَيَّرٌ بينَ أخْذِ الكِراءِ وما نَقَصتِ الأرْضُ عمّا يَنْقُصُها الشَّعِيرُ، وبينَ أخْذِ كِراءِ مِثلِها لِلْجَمِيعِ؛ لأنَّ هذه المَسْألةَ أخَذَتْ شَبَهًا مِن أصْلَين؛ أحدهما، إذا رَكِبَ دابَّةً فجازَ (2) بها المَسافَةَ المُشْتَرَطةَ، لكَوْنِه اسْتَوْفَى المَعْقُودَ عليه
(1) سقط من: م، تش.
(2)
في م: «فجاوز» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وزِيادةً. والثاني، إذا اسْتَأْجَرَ أرْضًا فَزَرَع غيرَها؛ لأنَّه زَرَع مُتَعَدِّيًا، فلهذا خَيَّرَه بينَهما، ولأنَّه وُجِدَ سَبَبٌ يَقْتَضِي كلَّ واحدٍ مِن الحُكْمَين، وتَعَذَّرَ الجَمْعُ بينَهما، فكان له أوْفَرُهُما. وفَوَّضَ اخْتِيارَه إلى المُسْتَحِقِّ، كقَتْلِ العَمْدِ. والأَوْلَى، إن شاء اللهُ تعالى، قولُ أبي بكرٍ، فإنَّ هذا مُتَعَدٍّ بالزَّرْعِ كلِّه، فكان عليه أجْرُ المِثْلِ، كالغاصِبِ، ولهذا مَلَك رَبُّ الأرْضِ مَنْعَه مِن زَرْعِه، ويَمْلِكُ [أخْذَه بنَفَقَتِه](1) إذا زَرَعَه. ويُفارِقُ مَن زادَ على حَقِّه زِيادَةً مُتَمَيِّزَةً، في كَوْنِه لم يَتَعَدَّ بالْجَمِيعِ، إنَّما تَعَدَّى بالزِّيادَةِ فقط، ولهذا لا يَمْلِكُ المُكْرِي مَنْعَه مِن الجَمِيعِ. ونَظِيرُ هاتَين المسْألتَين، مَن اكْترَى (2) غُرْفةً لِيَجْعَلَ فيها أقفِزَةَ حِنْطةٍ، فجَعَلَ أكْثَرَ منها، ومَنِ اكْتَراها ليَجْعَلَ فيها قِنطارَ قُطْنٍ، فجَعَلَ فيها قِنْطارَ حَدِيدٍ، ففي الأُولَى، له المُسَمَّى وأجْرُ الزِّيادَةِ، وفي الثّانيةِ، يُخَرَّجُ فيها مِن الخِلافِ كقَوْلِنا في مسألةِ الزَّرْعِ. وحُكْمُ المُسْتَأْجِرِ الذي يَزْرَعُ أضَرَّ مِمّا اكْتَرَى له حُكْمُ الغاصِبِ، لِرَبِّ الأرْضِ مَنْعُه في الابْتِداءِ؛ لِما يَلْحَقُه مِن الضَّرَرِ، فإن زَرَع، فرَبُّ الأرْضِ مُخيَّرٌ بين تَركِ الزَّرْعِ بالأجْرِ (3) وبينَ أخْذِه ودَفْعِ النَّفَقَةِ، وإن لم يَعْلَمْ حتى أخَذَ المُسْتَأْجِرُ زَرْعَه، فله الأجْرُ، على ما نَذْكُرُ في الغَصْبِ.
(1) في الأصل: «أخذ بقيته» .
(2)
في الأصل، ر، ق:«أكرى» .
(3)
في الأصل: «بالأرض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإنِ اكْتَرَى دابَّةً إلى مَسافَةٍ، فسَلَكَ أشَقَّ منها، فهي كمَسْألَةِ الزَّرْعِ، يُخَرَّجُ فيها وَجْهانِ. وقِياسُ مَنْصُوصِ أحمدَ، أنَّ له الأجْرَ المُسَمَّى وزِيادَةً، لكَوْنِ المَسافَةِ لا تَتَعَيَّنُ على قولِ أصْحابِنا. وقِياسُ قولِ أبي بكرٍ، أنَّ له أجْرَ المِثْلِ؛ لأنَّ الزِّيادَةَ غيرُ مُتَمَيِّزَةٍ، ولأنَّه مُتَعَدٍّ بالجَمِيعِ، بدَلِيلِ أنَّ لِرَبِّ الدَّابَّةِ مَنْعَه مِن سُلُوكِ تِلك الطَّرِيقِ كلِّها، بخِلافِ مَن سَلَك تلك الطَّرِيقَ وجازَها (1)، فإنَّه إنَّما يَمْنَعُه الزِّيادَةَ لا غيرُ. وإنِ اكْتَرَى لِحَمْلِ قُطْنٍ فحَمَلَ بوَزْنِه حَدِيدًا، أو بالعَكْسِ، فعليه أجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ ضَرَرَ أحَدِهما مُخالِفٌ لِضَرَرِ الآخَرِ، فلم يَتَحَقَّقْ كَوْنُ المَحْمُولِ مُشْتَمِلًا على المُسْتَحَقِّ بعَقْدِ الإِجارَةِ وزِيادَةٍ عليه، بخِلافِ ما قبلَها مِن المسائلِ. وسائِرُ مَسائِلِ العُدْوانِ يُقاسُ على ما ذَكَرْنا مِن المَسائِلِ، ما كان مُتَمَيِّزًا وما لم يَكُنْ مُتَمَيِّزًا، فتُلْحَقُ كلُّ مَسْألةٍ بنَظِيرَتِها.
(1) في م: «جاوزها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: [فإنِ اكْتَرَاها](1) لِحَمْلِ قَفِيزَينِ، فحَمَلَهُما، فوَجَدَهُما ثلاثةً، فإن كان المُكْتَرِي تَوَلَّى الكَيلَ ولم يَعْلَمِ المُكْرِي بذلك، فهو كمَنِ اكْتَرَى لحُمُولَةِ شيءٍ فزَادَ عليه، وإن كان المُكْرِى تَوَلَّى كَيلَه وتَعْبِئَتَه ولم يَعْلَمِ المُكْتَرِي، فهو غاصِبٌ، لا أجْرَ له في حَمْلِ الزّائِدِ. وإن تَلِفَتْ دابَّتُه، فلا ضَمانَ لها؛ لأنَّها تَلِفَتْ بِعُدْوانِ صاحِبِها، وحُكْمُه في ضَمانِ الطَّعامِ حُكْمُ مَن غَصَبَ طَعامَ غيرِه. وإن تَوَلَّى ذلك أجْنَبِيٌّ، ولم يَعْلَما، فهو مُتَعَدٍّ عليهما، عليه لصاحِبِ الدَّابَّةِ الأَجْرُ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُها، وعَلَيهِ لِصاحِبِ الطَّعامِ ضَمانُ طَعَامِه، وسَواءٌ كاله أحَدُهما وَوَضَعَهُ الآخَرُ على ظَهْرِ الدَّابَّةِ، أو كان الذي كالهُ وعَبَّأهُ وَضَعَه على ظَهْرِها. وقال أصحابُ الشافعيِّ، في أحَدِ الوَجْهَينِ: إذا كاله المُكْتَرِي وَوَضَعَه المُكْرِي على ظَهْرِ البَهِيمَةِ، لا ضَمانَ على المُكْتَرِي؛ لأنَّ المُكْرِيَ مُفَرِّطٌ في حَمْلِه. ولَنا، أنَّ التَّدْلِيسَ مِن المُكْتَرِي إذ أخْبَرَه بكَيلِها بخِلافِ ما هو به، فلَزِمَه الضَّمانُ، كما لو أمَرَ أجْنَبِيًّا بتَحْمِيلِها. فأمَّا إن كالها المُكْتَرِى وَوَضَعَها المُكْرِى على الدّابَّةِ عالِمًا بكَيلِها، لم يَضْمَنِ المُكْتَرِى الدّابَّةَ إذا تَلِفَتْ؛ لأنَّه فَعَلَ ذلك من غيرِ تَدْلِيسٍ ولا تَغْرِيرٍ، وله أجْرُ القَفِيزِ الزّائِدِ، في أحَدِ
(1) في م، تش، ر:«وإن اكتراه» . وفي ق: «فإن أكراه» .