الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَ فِيها زَرعٌ بَقَاؤهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأجِرِ، فَلِلْمَالِكِ أخْذُهُ بِالْقِيمَةِ، وَتَركُهُ بِالأجْرَةِ. وَإنْ كَانَ بِغَيرِ تَفْرِيطٍ، لَزِمَ تركُهُ بِالأجْرَةِ.
ــ
2223 - مسألة: (وإن كان فيها زَرعٌ بقاؤه بتَفْرِيطِ المُسْتَأجِرِ، فللمالِكِ أخْذُه بالقِيمَةِ، وتَركُه بالأجْرَةِ. وإن كان بغيرِ تَفْرِيطٍ، لَزِمَ تَركُه بالأجْرَةِ)
إذا اسْتَأجَرَ أرضًا للزِّراعةِ مُدَّةً، فانقْضَتْ، وفيها زَرع لم يَبْلُغْ حَصادَه، لم يَخْلُ مِن حالينِ؛ أحدُهما، أن يكونَ لتَفْرِيطِ المُسْتَأجِرِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مثلَ أن يَزْرَعَ زَرعًا لم تَجْرِ العادَةُ بكَمالِه قبلَ انْقِضاء المُدَّةِ، فحُكْمُه حُكْمُ زَرعِ الغاصِبِ، يُخَيَّرُ المالِكُ [بعدَ المُدَّة](1) بينَ أخَذِه بالقِيمةِ، أو تَركِه بالأجْرَةِ لِما زادَ على المُدَّةِ؛ لأنَّه أبقَى زَرعَه في أرضِ غيرِه بعُنوانِه، وإنِ اخْتارَ المُسْتَأجِرُ قَطْعَ زَرعِه في الحالِ وتَفْرِيغَ الأرضِ، فله ذلك؛ لأنَّه يُزِيلُ الضَّرَرَ، ويُسَلِّمُ الأرضَ على الوَجْهِ الذي اقْتَضاه العَقْدُ. وذَكَرَ القاضِي، أنَّ على المُسْتَأجِرِ نَقْلَ الزّرعِ وتَفْرِيغَ الأرضِ، وإنِ اتفقَا على تَركِه بعِوَض أو غيرِه، جازَ. وهذا مَذْهبُ الشافعيِّ، بِناءً على قَوْلِه في الغاصِبِ. وقِياسُ المَذْهبِ ما ذَكَرناه. الحالُ الثاني، أن يكونَ بَقاؤه بغير
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَفْرِيطِه، مثلَ أن يَزْرَعَ زَرعًا يَنْتَهِي في المُدَّةِ عادَةً، فأبْطَأ لبَردٍ أو غيرِه، فيَلْزَمُ المُؤْجرَ تركُه بالأجْرةِ إلى أن يَنْتَهِيَ، وله المُسَمى وأجْرُ المِثْلِ لِما زاد. وهذا أَحَدُ الوَجهينِ لأصحابِ الشافعيِّ. والوَجْهُ الثانِي، يَلْزَمُه نَقْلُه؛ لأنَّ المُدَّةَ ضُرِبَتْ لِنَقْلِ الزَّزعِ، فلَزِمَ العَمَلُ بمُوجَبِه، وقد وُجدَ منه تَفْرِيطٌ؛ لأنَّه كان يُمكِنُه أن يَسْتَظْهِرَ في المُدَّةِ، فلم يَفْعَلْ. ولَنا، أن الزَّرعَ حَصَلَ في أرضِ غيرِه بإذْنِه مِن غيرِ تَفْرِيطٍ، فلَزِمَه (1) تَركُه، كما لو أعارَه أرضًا فزَرَعَها ثم رَجَعَ المالِكُ قبلَ كَمالِ الزَّرعِ. وقولُهم: إنَّه مُفرِّطٌ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّ هذه المُدَّةَ التي جَرَتِ العادَةُ بكَمالِ الزَّرعِ فيها، وفي زِيادَةِ المُدَّةِ تَفْويتُ زِيادَةِ الأجْرِ بغيرِ فائِدَةٍ، وتَضْيِيعُ زِيادَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ لِتَحصِيلِ شيءٍ مُتَوَهَّم، على خِلافِ العادَةِ، هو التَّفْرِيط، فلم يَكُنْ تَركُه تَفْرِيطًا. ومتى أرادَ المُسْتأجِرُ زَرعَ شيءٍ لا يُدرَكُ مِثلُه في مُدَّةِ الإِجارَةِ، فللمالِكِ مَنْعُه؛ لأَنه سَبَبٌ لوُجُودِ زَرعِه في أرضِه بغيرِ حَق. فإن زَرَعَ لم يملِكْ مُطالبَتَه بقَلْعِه قبلَ المُدَّةِ؛ لأنَّه في أرض يَملِكُ نَفْعَها، ولأنَّه لا يَملِكُ ذلك بعدَ المُدَّةِ، فقَبْلَها أوْلَى، ومَن أوْجَبَ عليه قَطْعَه بعدَ المُدَّةِ، قال: إذا لم يَكُنْ بُدٌّ مِن المُطالبةِ بالنَّقْلِ، فليَكُنْ عندَ المُدَّةِ التي يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَها إلى المُؤْجِرِ فارِغَةً.
(1) في م: «فله» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا اكْتَرَى (1) الأرضَ لِزَرعِ مُدَّةٍ لا يَكْمُلُ فيها، مثلَ أنِ اكْتَرَى خَمسةَ أشْهُرٍ لِزَرع لا يَكْمُلُ إلا في سِتَّةٍ، نَظَرنا؛ فإن شَرَطَ تَفْرِيغَها عندَ انْقِضاءِ المُدَّةِ ونَقْلَه عنها، صَحَّ؛ لأنَّه لا يُفْضِي إلى الزِّيادَةِ على مُدَّتِه، وقد يكونُ له غرضٌ في ذلك، لأخْذِه إيّاه قَصِيلًا (2) أو غيرَه، ويَلْزَمُه ما الْتَزَمَ. وإن أطْلَقَ العَقْدَ، ولم يَشْرُطْ شيئًا، احتَمَلَ أن يَصِحَّ؛ لأنَّ الانْتِفاعَ بالزرعِ (3) في هذه المُدَّةِ ممكِنٌ، واحتَمَلَ أنَّه إن (4) أمكَنَ أن يَنْتَفِعَ بالأرضِ في زَرع ضَرَرُه كَضَرَرِ الزَّرعِ المَشْرُوطِ ودُونِه، مثلَ أن يَزْرَعَها شَعِيرًا يأخُذُه قَصِيلًا، صَحَّ العَقْدُ (4)؛ لأنَّ الانْتِفاعَ بها في بعضِ ما اقْتَضاه العَقْدُ مُمكِن، وإن لم يَكُنْ كذلك، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه اكْترَى للزَّرعِ ما لا يُنْتَفَعُ بالزرعِ فيه، فأشْبَه إجارَةَ السَّبْخَةِ له. فإن قلنا: يَصِحُّ. فإذا انْقَضَتِ المُدَّةُ، ففيه وجهان؛ أحدُهُما، حُكْمُه حُكْمُ زرع
(1) في الأصل: «أكرى» .
(2)
القصيل: ما جمع من الزرع أخضر.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل، تش، م.