الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ تَصِحُّ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
2118 - مسألة: (وهل تَصِحُّ على ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ؟ على رِوايَتَينِ)
إحداهما، تجوزُ. اخْتارَها أبو بكرٍ. وهو قولُ مالكٍ، وأبي يُوسُف، ومحمدٍ، وأبي ثَوْرٍ، وأحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأنَّها إذا جازَتْ [في المَعْدُومَةِ](1) مع كَثْرةِ الغَرَرِ فيها، فمع وُجُودِها وقِلَّةِ الغَرَرِ فيها أوْلَى. وإنَّما تَصِحُّ إذا بَقِيَ مِن العَمَلِ ما تَزِيدُ به الثَّمَرَةُ؛ كالتَّأبِيرِ، والسَّقْي، وإصْلاحِ الثَّمَرةِ، فإن بَقِيَ ما لا تَزِيدُ به الثَّمَرةُ، كالجِذاذِ ونحوه، لم يَجُزْ، بغيرِ خِلافٍ. والثانيةُ، لا تجوزُ. وهو القولُ الثاني للشافعيِّ؛ لأنَّه
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ليس بمَنْصُوص عليه، ولا في مَعْنَى المَنْصُوصِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عامَلَ أهْلَ خَيبَرَ عَلى الشّطْرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِن زَرْعٍ أوْ ثَمَرٍ. ولأنَّ هذا يُفضِي إلى أن يَسْتَحِقَّ بالعَقْدِ عِوَضًا مَوْجُودًا يَنْتَقِلُ المِلْكُ فيه عن رَبِّ المالِ إلى المُسَاقِي، فلم يَصِحَّ، كما لو بدا صَلاحُ الثَّمرةِ، ولأنَّه عَقْدٌ على العَمَل في المالِ بِبَعْضِ نَمائِه، فلم يَجُزْ بعد ظُهُورِ النَّماءِ، كالمُضَارَبَةِ، ولأنَّ هذا يَجْعَلُ العقدَ (1) إجارَةً بمَعْلُومٍ ومَجْهُولٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو اسْتَأْجَرَهُ على العَمَلِ بذلك. وقولُهم: إنَّها أَقلُّ غَرَرًا. قُلنا: قِلَّةُ الغَرَرِ ليست مِن المُقْتَضِي للجَوازِ، ولا كَثْرَتُه المَوْجُودَةُ في مَحَلِّ النَّصِّ مانِعَةً منه، فلا تُؤَثِّرُ قِلَّتُه شيئًا، والشَّرْعُ ورَدَ به على وَجْهٍ لا يَسْتَحِقُّ العامِلُ فيه عِوَضًا مَوْجُودًا، ولا يَنْتَقِلُ إليه مِن مِلْكِ رَبِّ المالِ شيءٌ، وإنَّما يَحْدُثُ النَّماءُ، الموجُودُ على مِلْكِهما، على ما شَرَطاه، فلم تَجُزْ مُخالفةُ هذا المَوْضُوعِ، ولا إثْباتُ عَقْدٍ ليس في مَعْناه إلْحاقًا به، كما لو بَدَا صَلاحُ الثَّمَرَةِ،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكالمُضارَبَةِ بعد ظُهُورِ الرِّبْحِ. ومَن نَصَرَ الروايةَ الأُولَى قال: نَصُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على المُساقَاةِ على الثَّمَرةِ المَعْدُومَةِ بجُزْءٍ منها، تَنْبِيهٌ على جَوَازِها على المَوْجُودَةِ، لِما ذَكَرْنا، ولا يَصحُّ القِياسُ على المُضارَبةِ إذا ظَهَر الرِّبْحُ، لأنَّها لا تَحْتاجُ إلى عَمَل، وههُنا العَمَلُ (1) يُحْتاجُ إليه، فلا يَصحُّ القِياسُ، ونَظِيرُ ذلك المُساقاةُ على الثَّمَرَةِ بعد بُدُوِّ صَلاحِها، فإنَّه لا يَصحُّ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه، لكَوْنِ العَمَلِ لا يَزِيدُ في الثَّمَرَة بخِلافِ الرِّوايةِ الأُولى، فإنَّ العَمَلَ يَزِيدُ فيها، فافتَرَقا.
فصل: وإذا ساقَاهُ على وَدِيِّ النَّخْلِ (2)، أو صِغارِ الشَّجَرِ، إلى مُدَّةٍ يَحْمِلُ فيها غالِبًا بجُزْءٍ من الثَّمَرَةِ، صَحَّ، لأنَّه ليس فيه أكْثَرُ مِن أنَّ عَمَلَ العامِلِ يَكْثُرُ، وذلك لا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، كما لو جُعِلَ له سَهْمٌ مِن ألْفٍ. وفيه الأقْسامُ التي نَذْكُرُها في كِبَارِ النَّخْلِ والشَّجَرِ، فإن قلنا: المُساقاةُ عَقْدٌ جائِزٌ. لم يُحْتَجْ إلى ذِكْرِ مُدَّةٍ. وإن قُلنا: هو لازِمٌ. اشْتُرِطَ ذِكْرُ المُدَّةِ، وسَنَذْكُرُه.
(1) سقط من: م.
(2)
ودى النخل: صغاره.