الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْم شَيئًا مَعْلُومًا، فَجَائِزٌ. وَإنْ أكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بدرْهَم، أوْ كُلَّ دَلْو بتَمْرَةٍ، فَالْمَنْصُوصُ أنهُ يَصِحُّ، وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإجَارَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ
ــ
2158 - مسألة: (وإن سَمَّى لكل يوم شَيئًا مَعْلُومًا، فجائِزٌ)
وقال الشافعي: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ مُدَّةَ الإجارَةِ مَجْهُولةٌ. ولنا، أن عَلِيًّا، رضي الله عنه، أجَر نَفْسَه كُلَّ دَلْو بتَمْرةٍ، وكذلك الأنْصارِيُّ، فلم يُنْكِرْه النبي صلى الله عليه وسلم (1). ولأنَّ كلَّ يَوْم مَعْلُومٌ مُدَّتُه وأجْرُه، فصَحَّ، كما لو أجَرَه شَهْرًا كُلَّ يَوْمٍ بدِرْهم، أو اسْتَأجَرَه لنَقْلِ صُبْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كُلَّ قَفِيز بدِرْهَمٍ إذا ثَبَت هذا، فلا بُدَّ مِن تَعْيِينِ ما يَسْتَأجرُ له، مِن رُكُوبٍ، أو حَمْلٍ مَعْلُوم (2). ويَسْتَحِقُّ الأجْرَ المُسَمَّى لكلِّ يوم، سواء أقامَتْ أو سارَتْ؛ لأنَّ المنافِعَ ذَهَبت في مُدَّتِه، أشبَهَ ما لو اكْتَرَى دارًا وغَلَقها ولم يَسْكُنها.
2159 - مسألة: (وإن أكْراه كلَّ شَهْرٍ بدِرْهَم، أو كلَّ دَلْو بتَمْرةٍ، فالمنْصُوصُ)
عن أحمدَ (أنَّه يَصِحُّ، وكلَّما دَخَل شَهْرٌ لَزِمَهما
(1) تقدم تخريجهما في صفحة 301.
(2)
سقط من: الأصل.
مِنْهُمَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْر. وَقَال أبو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ: لَا يَصِحُّ.
ــ
حُكْمُ الإجارَةِ، ولكلِّ واحدٍ منهما الفَسْخُ عندَ تَقَضِّي كلِّ شَهْر. وقال أبو بكرٍ، وابنُ حامِدٍ: لا يَصِحُّ) اخْتَلَفَ أصحابُنا في ذلك، فقال القاضِي: يَصِحُّ. ونَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وهو اخْتِيارُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخِرَقِيِّ. [إلَّا أنَّ](1) الشَّهْرَ الأوَّلَ تَلْزَمُ الإجارَةُ فيه بإطْلاقِ العَقْدِ؛ لأنَّه مَعْلُومٌ يَلي العَقْدَ، وأجْرُه مَعْلُومٌ، وما بعدَه مِن الشُّهُورِ يَلْزَمُ العَقْدُ فيه بالتَّلبُّسِ به، وهو السُّكْنَى في الدّارِ، إن أجَرَه دارًا؛ لأنَّه مَجْهُولٌ حال العَقْدِ، فإذا تَلَبَّسَ به، تَعَيَّنَ بالدُّخُولِ (2) فيه، فصَحَّ بالعَقْدِ الأولِ. وإن لم يتَلبَّسْ به، أو فَسَخ العَقْدَ عندَ انْقِضاء الأولِ، انْفَسَخَ، وكذلك حُكْمُ كلِّ شَهْرٍ يَأتِي. وهذا مَذْهَبُ أبي ثَوْرٍ، وأصَحاب الرأي. وحُكِيَ عن مالكٍ نحوُ هذا. إلَّا أنَّ الإِجارَةَ لا تَكُونُ لازِمَةً عندَه؛ لأنَّ المنافِعَ مُقَدَّرَةٌ بتَقْدِيرِ الأجْرِ، فلا يُحْتاجُ إلى ذِكْرِ المُدَّةِ إلَّا في اللُّزُوم. واختار أبو بكرٍ عبدُ العزيز، و [أبو عبدِ الله](3) بنُ حامِدٍ، وابنُ عَقِيلٍ، أنَّ العَقْدَ لا يَصِحُّ. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، والصَّحيحُ مِن قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأنَّ «كلَّ» اسمٌ للعَدَدِ، فإذا لم يُقَدِّرْه كان مُبْهَمًا (4) مَجْهُولًا، فيَكُونُ فاسِدًا، كقَوْلِه: أجَرْتُكَ أشْهُرًا. وحَمَل (5) أبو بكرٍ، وابنُ حامدٍ كَلامَ أحمدَ على أنَّه وَقَع على أشْهُر مُعَيَّنةٍ. وَوَجْهُ الأولِ،
(1) في ر 1، م:«لأن» .
(2)
في م: «الدخول» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل، م.
(5)
في الأصل: «حكى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ عَلِيًّا، رضي الله عنه، اسْتَقَى لرَجُلٍ مِن اليَهُودِ كلَّ دَلْوٍ بتَمْرةٍ، وجاء به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأكَلَ منه. قال عَليٌّ (1): كُنْتُ أدْلُو الدَّلْوَ بتَمْرَةٍ وأشْتَرِطُها جَلْدَةً. وعن رَجُلٍ مِن الأنصارِ أَنه قال ليَهُودِيّ: أسْقِي نَخْلَكَ؟ قال: نعم، كل دَلْو بتَمْرةٍ. واشْتَرَط الأنصاريُّ أن لا يَأخُذَها خَدِرَةً (2) ولا تارِزَةً (3) ولا حَشَفةً (4)، ولا يَأخُذُ إلا جَلْدَةً. فاسْتَقَى بنَحْو مِن صاعَين، فجاء به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. رواهما ابنُ ماجه [في «سُنَنِه»](5). وهو نظيرُ مسألةِ إجارَةِ الدّارِ، ونَصَّ في المسألةِ الأخرى. ولأنَّ شُرُوعَه في كلِّ شَهْر مع ما تَقَدَّمَ (6) مِن الاتِّفاقِ على تَقْدِيرِ أجْرِه والرِّضا ببَذْلِه به، جَرَى مَجْرَى ابْتداءِ العَقد عليه، وصار كالبَيعِ بالمُعاطاةِ، إذا وَجَد مِن المُسَاوَمةِ ما دَلَّ على التَّراضِي بها. فعلى هذا، مَتَى تَرَكَ التَّلبسَ به في شَهْر، لم تَلْزَمِ الإجارَةُ فيه؛ لعَدَم العَقْدِ. وكذلك إن فَسَخ، وليس بفَسْخٍ في الحَقِيقةِ؛ لأنَّ العَقْدَ الثاني ما ثَبَت. والقِياسُ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ؛ لأنَّ العَقْدَ تَناوَلَ جَمِيعَ الأشْهُرِ، وذلك مَجْهُولٌ. ثم لا وَجْهَ
(1) سقط من: م.
(2)
الخدرة: التي تقع من النخل قبل نضجها.
(3)
في الأصل، ر 1:«بارزة» . والتارزة: اليابسة.
(4)
الحشف: أردأ التمر.
(5)
سقط من: م. وتقدم تخريجهما في صفحة 301.
(6)
بعده في م: «العقد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لاعْتِبارِ الشُّرُوعِ في الشهْرِ الذي يلي الأولَ، مع كَوْنِ الشُّهُورِ كلِّها داخِلةً في اللَّفْظِ. فأمّا أبو حنيفةَ فَذَهَب إلى أنَّهما إذا تَلبَّسا بالشهْرِ الثاني، فقد اتَّصَلَ القَبْضُ بالعَقْدِ الفاسِدِ. قال شيخُنا (1): ولا يَصِحُّ هذا العُذْرُ؛ لأن العَقْدَ الفاسِدَ في الأعْيانِ لا يَلْزَمُ بالقَبْضِ، ولا يُضْمَنُ بالمُسَمَّى، ثم لم يَحْصُلِ القَبْضُ هاهُنا إلَّا فيما (2) اسْتَوْفاهُ. وقولُ مالكٍ لا يَصِحُّ؛ لأن الإجارَةَ مِن العُقُودِ اللازِمَةِ، فلا يَجُوزُ أن تَكُونَ جائِزَةً.
فصل: إذا قال: أجَرْتُكَ دارِي عِشْرِينَ شَهْرا، كلَّ شَهْر بدِرْهَم، جازَ، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه (3)؛ لأنَّ المُدةَ مَعْلُومَة والأجْرَ مَعْلُومٌ، وليس لواحِدٍ منهما فَسْخٌ بحالٍ؛ لأنها مُدَّة (4) واحِدَة، فأشْبَهَ ما لو قال: أجَرْتُكَ عِشْرِين شهرًا بعِشْرِين دِرْهمًا. فإن قال: أجَرْتُكَها شَهْرًا بدِرْهَم، وما زاد فبِحِسَاب ذلك. صَحَّ في الشَّهْرِ الأولِ؛ لأنَّه أفْرَدَه بالعَقْدِ، وبَطَل في الزّائِدِ؛ لأَنَّه مَجْهُول. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ في كل شَهْر تَلَبَّسَ به، كما لو قال: أجَرْتُكَها كلَّ شهر بدِرْهَم؛ لأنَّ مَعْناهُما واحِدٌ. ولو قال: أجَرْتُكَها هذا الشَّهْرَ بدِرْهَم، وكلَّ شَهْر بعدَ ذلك بدِرْهَم أو بدِرْهَمَين. صَحَّ في الأولِ، وفيما بعدَه وَجْهان؛ لِما ذَكَرْنا.
(1) في: المغني 8/ 22.
(2)
بعده في تش: «إذا» .
(3)
سقط من: م.
(4)
بعده في تش: «معلومة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل في مَسائِلِ الصُّبْرَةِ: وفيها عَشْرُ مَسائِلَ؛ أحدُها، أن يَقولَ: اسْتَأجَرْتُكَ لحَمْلِ هذه الصُّبْرَةِ إلى مِصْرَ بعَشَرةٍ. فهي صَحِيحَة بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ الصُّبْرَةَ مَعْلُومَة بالمُشاهَدَةِ، فجاز الاسْتِئْجارُ عليها، كما لو عَلِم كَيلَها. الثانيةُ، قال: اسْتَأجَرْتُكَ لتَحْمِلَها، كلَّ قَفِيز بدِرْهَم. فيَصِحُّ. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ في قَفِيزٍ، ويبطُلُ فيما زادَ. وَمَبْنى الخِلافِ على الخِلافِ في بَيعِها، وقد ذَكَرْناه. الثالثةُ، قال: لتَحْمِلَها لي قَفِيزًا بدِرْهَم، وما زاد فبِحِساب ذلك. فيَجُوزُ، كما لو قال: كلَّ قَفِيز بدِرْهَم. وكذلك كل لَفْظٍ يَدُلُّ على إرادَةِ حَمْلِ جَمِيعِها، كقَوْلِه: لتَحْمِلَ قَفِيزًا منها بدِرْهَم، وسائِرَها -أو- باقِيَها بحِسابِ ذلك. أو قال: وما زادَ بحِسَابِ ذلك. يُرِيدُ باقِيَها كلَّه، إذا فَهِما ذلك مِن اللَّفْظِ، لدَلالتِه عندَهما عليه، أو لقَرِينَةٍ صُرِفَتْ إليه. الرابعةُ، قال: لتَحْمِلَ قَفِيزًا منها بدِرْهَم، وما زادَ فبحِسابِ ذلك. يُرِيدُ مهما حَمَلْتَه مِن باقِيها. فلا يَصِحُّ. ذَكَرَه القاضِي. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه بعضُها، وهو مَجْهُول. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ؛ لأَنه في مَعْنَى: كلَّ دَلْوٍ بتَمْرَةٍ. الخامسةُ، قال: لتَنْقُلَ لي منها كلَّ قَفِيز
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بدِرْهَمٍ. فهي كالرابعةِ سواءً. السادسةُ، قال: لتَحْمِلَ لي منها قَفِيزًا بدِرْهَم، على أن تَحْمِلَ الباقِيَ بحِسَاب ذلك. فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه في مَعْنَى بَيعَتَين في بَيعةٍ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ؛ لأنَّ مَعْناه: لتَحْمِلَ لي كلَّ قَفِيز منها بدِرْهَم. السابعةُ، قال: لتَحْمِلَ لي هذه الصُّبْرَةَ، كلَّ قَفِيز بدِرْهَم، وتَنْقُلَ لي صُبْرَةً أُخْرَى في البَيتِ بحِسابِ ذلك. فإن كانا يَعْلَمان الصُّبْرَةَ التي في البَيتِ بالمُشاهَدَةِ، صَحَّ فيهما؛ لأنَّهما كالصُّبْرَةِ الواحِدَةِ. وإن جَهِلَها (1) أحَدُهما، صَحَّ في الأولَى، وبَطَل في الثانيةِ؛ لأنَّهما عَقْدان، أحدُهما على مَعْلُوم، والثاني على مَجْهُولٍ، فصَحَّ في المَعْلُومِ، وبَطَل في المَجْهُولِ، كما لو قال: بِعْتُكَ عَبْدِي هذا بعَشَرَةٍ، وعَبْدِي الذي في البَيتِ بعَشَرةٍ. الثامنةُ، قال: لتَحْمِلَ لي هذه الصُّبْرَةَ والتي في البَيتِ بعَشَرَةٍ. فإن كانا يَعْلَمان التي في البَيتِ، صَحَّ فيهما، وإن جَهِلاها، بَطَل فيهما؛ لأنَّه عَقْدٌ واحِدٌ بعِوَضٍ واحدٍ، على مَعْلُوم ومَجْهُولٍ، بخِلافِ التي
(1) في م: «جهل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَها. فإن كانا يَعْلَمان التي في البَيتِ، لكنَّها مَغْصُوبَة، أو امْتَنَعَ تَصْحِيحُ العَقْدِ فيها لمانِعٍ اخْتَصَّ بها، بَطَل العَقْدُ فيها، وفي صِحَّتِه في الأخْرَى وَجْهان، بِناءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، إلَّا أنَّها إن كانت قُفْزانُهما (1) مَعْلُومةً، أو قَدْرُ إحْداهما مَعْلُومٌ مِن الأخْرَى، فالأوْلَى صِحَّتُه؛ لأنَّ قِسْطَ الأجْرِ فيها مَعْلُومٌ، وإن لم يَكُنْ كذلك، فالأوْلَى بُطْلانُه؛ لِجهالةِ العِوَضِ فيها. التاسعةُ، قال: لتَحْمِلَ لي هذه الصُّبْرَةَ، وهي عَشَرَةُ أقْفِزَةٍ، بدِرْهَم، فإن زادَتْ على ذلك، فالزّائِدُ بحِسابِ ذلك. صَحَّ في العَشَرَةِ؛ لأنَّها مَعْلُومة، ولم يَصِحَّ في الزِّيادَةِ؛ لأنَّها مَشْكُوكٌ فيها، ولا يَجُوزُ العَقْدُ على ما يُشَكُّ فيه. العاشرةُ، قال: لتَحْمِلَ لي هذه الصُّبْرَةَ، كلَّ قَفِيز بدِرْهَم، فإن قَدِمَ لي طَعَامٌ فحَمَلْتَه، فبحِسابِ ذلك. صَحَّ أيضًا في الصُّبْرَةِ، وفَسَد في الزِّيادَةِ؛ لِما ذَكَرْناه.
(1) في م: «قفزانها» .
فَصْلٌ: الثالِثُ، أنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً مَقْصُودَةً، فَلَا تَجُوزُ الإجَارَةُ عَلَى الزِّنَى، وَالزَّمْرِ، وَالْغِنَاءِ، وَلَا إجَارَةُ الدَّارِ لِتُجْعَلَ كَنِيسَةً أوْ بَيتَ نَار، أو لبَيعِ الْخَمْرِ.
ــ
فصل: قال المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالى:(الثالثُ، أن تَكُونَ المَنْفَعَةُ مُباحةً مَقْصُودَةً، فلا تَجُوزُ الإجارَةُ على الزنَى، والزَّمْرِ، والغِناءِ، ولا إجارَةُ دارٍ لتُجْعَلَ كَنِيسَةً أو بَيتَ نار، أو لبَيعِ الخَمْرِ) أو القِمارِ. وجلةُ ذلك، أنَّ مِن شَرْطِ صِحَّةِ الإجارَةِ أن تَكُونَ المَنْفَعَةُ مُباحَةً، فإن كانت مُحَرَّمَةً، كالزنَى، والزَّمْرِ، والنَّوْحِ، والغِناءِ، لم يَجُزْ الاسْتِئْجارُ لفِعْلِه. وبه قال مالك، والشافعيُّ، وأبو حنيفةَ (1)، وصاحِباه، وأبو ثَوْرٍ. وكَرِهَ ذلك الشَّعْبِي، والنَّخَعِي؛ لأنَّه مُحَرَّم، فلم يَجُزْ الاسْتِئْجارُ عليه، كإجارَةِ الأمَةِ للزِّنى. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ على إبْطالِ إجارَةِ النائِحَةِ والمُغَنِّيَةِ.
فصل: ولا يَجُوزُ اسْتِئْجارُ كاتِبٍ ليَكْتُبَ له غِناءً أو نَوْحًا. وقال أبو حنيفةَ: يَجُوزُ. ولنا، أنَّه انْتِفاع بمُحَرَّم، أشْبَهَ ما ذَكَرْنا. ولا يَجُوزُ الاسْتِئْجارُ على كَتْبِ شِعْر مُحَرَّم، ولا بِدْعةٍ، ولا شيءٍ مُحَرم؛ لذلك.
فصل: ولا يَجُوزُ للرَّجُلِ (2) إجارَةُ دارِه لمن يَتَّخِذُها كَنِيسةً أو بِيعةً،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.