الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ الاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْمَيتَةِ وَالْخَمْرِ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ، وَيُكْرَهُ أكْلُ أجْرَتِهِ.
ــ
أو لبَيعِ الخَمْرِ، أو القِمارِ. وبه قال الجَماعَةُ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان بَيتُكَ في السَّواد فلا بَأسَ. وخالفَه صاحِبَاه. واخْتَلَفَ أصحابُه في تَأويل قَوْلِه. ولَنا، أنَّه فِعْل مُحَرَّم، فلم تَجُزِ الإجارَةُ عليه، كإجارَةِ عَبْدِه للفُجُورِ. ولو اكْتَرَى ذِمِّي مِن مُسْلِم دارًا، فأرادَ بَيعَ الخَمْرِ فيها، فلصاحِبِ الدّارِ مَنْعُه. وبذلك قال الثوْرِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان بَيتُكَ في السَّوادِ والجَبَلِ، فله أن يَفْعَلَ ما يَشاءُ. ولَنا، أنَّه مُحَرَّم، جاز المنْعُ منه في المِصْرِ، فجاز في السَّوادِ، كقَتْلِ النفْسِ المُحَرَّمَةِ.
2160 - مسألة: (ولا يَجُوزُ الاسْتِئْجارُ على حَمْلِ المَيتَةِ والخَمْرِ. وعنه، يَصِحُّ)
للحُرِّ (ويُكْرَهُ أكْلُ أجْرَتِه) لا يَجُوزُ الاسْتِئْجارُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على حَمْلِ الخَمْرِ لمن يَشْرَبُها (1)، أو يأكُلُ المَيتَةَ، ولا على حَمْل خِنْزِير، كذلك. وبه قال أبو يوسفَ، ومحمد، والشافعي. وقال أبو حنيفةَ: يَجُوزُ؛ لأنَّ العَمَلَ لا يَتَعَيَّنُ عليه، بدَلِيلِ أنَّه لو حَمَلَه مثلُه، جاز، ولأنَّه لو قَصَدَ إراقَتَه أو طَرْحَ المَيتَةِ، جاز. وقد رُوِيَ عن أحمدَ في مَن حَمَلَ خِنْزِير الذِمِّيَّةٍ، أو خمْرًا لنَصْرانِي: أكْرَهُ أكْلَ كِرائِه، ولكنْ يُقْضَى للحَمّالِ بالكِراءِ، فإذا كان لِمُسْلِم فهو أشَدُّ. قال القاضي: هذا مَحْمُود على أنَّه اسْتَأجَرَه ليُريقَها، فأمّا للشُّرْبِ فمَحْظُورٌ، لا يَحِلُّ أخْذُ الأجْرِ عليه. قال شيخُنا (2): وهذا تَأويل بَعِيد؛ لقَوْلِه: أكْرَه أكْلَ كِرائِه، وإذا كان لمُسْلِم فهو أشَدُّ. والمَذْهَبُ خِلافُ هذه الرِّوايَةِ؛ لأنه اسْتِئْجار لِفعْل مُحَرَّم، فلم يَصِحَّ، كالزِّنَى. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَن حامِلَها
(1) في م: «يشتريها» .
(2)
في: المغني 8/ 131.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمَحْمُولَةَ إلَيهِ (1)، وقولُ أبي حنيفةَ: لا يَتَعَيَّنُ. يَبْطُلُ بما لو اسْتَأجَرَ أرْضًا ليَتَّخِذَها مَسْجدًا. فأمّا حَمْلُ الخَمْرِ لإراقَتِها، والمَيتَةِ لطَرْحِها، والاسْتِئجارُ لكَسْحِ الكُنُفِ، فجائِر؛ لأنَّ ذلك مُباح، وقد اسْتَأجَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا طَيبةَ فحَجَمَه (2). وقد قال أحمد، في رِوايَةِ ابنَ منصور، في مَن يُؤاجِرُ نَفْسَه لنِظارَةِ كَرْمِ نَصْرَانِي: يُكْرَه ذلك؛ لأنَّ الأصْلَ في ذلك راجِعٌ إلى الخَمْرِ.
(1) تقدم تخريجه في 2/ 337.
(2)
أبو طيبة مولى الأنصار. انظر ترجمته في: الإصابة 7/ 233. والحديث أخرجه البخاري، في: باب ذكر الحجام، وباب من أجرى أمر الأنصار على ما يتعارفون. . . . من كتاب البيوع، وباب ضريبة العبد، من كتاب الإجارة، وباب الحجامة من الداء، من كتاب الطب. صحيح البخاري 3/ 82، 103، 122، 7/ 161. ومسلم، في: باب حل أجرة الحجامة، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1204.كما أخرجه أبو داود، في: باب في كسب الحجام، من كتاب الإجارة. سنن أبي داود 2/ 239. والترمذي، في: باب ما جاء في الرخصة في كسب الحجام، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 278. والدارمي، في: باب في الرخصة في كسب الحجام، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 272. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام. الموطأ 2/ 974. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 100، 174، 182، 353.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قد ذَكَرْنا أنَّ الاسْتِئْجارَ لكَسْحِ الكُنُفِ جائِز؛ إلَّا أَنه يُكْرَهُ له أكْلُ أجْرَتِه، كأجْرَةِ الحَجَّامِ، بل هذا أوْلَى. وقد روَى سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، أنَّ رَجُلًا حَج، وأتَى ابنَ عَبَّاس، فقال له: إنِّي رَجُل أكنُسُ، فما تَرَى في مَكْسَبِي؟ قال: أي شيءٍ تَكْنُسُ؟ قال: العَذِرَةَ. قال: ومنه حَجَجْتَ، ومنه تَزَوَّجْتَ؟! قال: نعم. قال: أنت خَبِيثٌ، وحَجُّك خَبِيثٌ، وما تَزَوَّجْتَ خَبِيثٌ. أو نحوَ هذا (1). ولأنَّ فيه دَناءَةً، فكُرِهَ، كالحِجامَةِ. وإنَّما قُلْنا بجَوازِ الإجارَةِ عليه؛ لدُعُوِّ الحاجَةِ إليه، ولا يَنْدَفِعُ ذلك إلَّا بالإباحَةِ، فجازَ، كالحِجامَةِ.
(1) أخرج البيهقي نحوه عن عبد الله بن عمرو. السنن الكبرى 6/ 139.
فَصْلٌ: وَالْإجَارَةُ عَلَى ضَرْبَينِ؛ أحَدُهُمَا، إجَارَةُ عَين، فَتَجُوزُ إجَارَةُ كُلِّ عَين يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ مِنْهَا مَعَ بَقَائِهَا.
ــ
فصل: ويُشْتَرَطُ أن تَكُونَ المَنْفَعَةُ مَقْصُودَةً، فلا يَجُوزُ اسْتِئْجارُ شَمْعٍ ليَتَجَملَ به ويَرُدَّهُ، ولا طعام ليَتَجَملَ به على مائِدَتِه ثم يَرُده، ولا النقُودِ ليَتَجَمَّلَ بها الدكّانُ؛ لأنَّها لم تُخْلَقْ لذلك ولا تُرادُ له، فبذلُ العِوَضِ فيه سَفَهٌ، وأخْذُه مِن أكْلِ المالِ بالباطِلِ، وكذلك اسْتِئْجارُ ثَوْبٍ ليُوضَعَ على سَرِيرِ المَيِّتِ؛ لِما ذَكَرْنا.
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(والإجارَةُ على ضَرْبَين؛ أحدُهما، إجارَةُ عَينٍ، فتَجُوزُ إجارَةُ كُلِّ عَين يُمْكِنُ اسْتِيفاءُ المَنْفَعةِ المُباحةِ منها مع بَقائِها) كالأرْضِ، والدّارِ، والعَبْدِ، والبَهِيمَةِ، والثِّيابِ، والفَساطِيطِ، والحِبالِ، والخِيامِ، والمَحامِلِ، والسُّرُجِ، واللِّجامِ، والسَّيفِ، والرُّمْحِ، وأشْباهِ ذلك. وقد ذَكَرْنا بعضَ ذلك في مَواضِعِه.