الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا ضَمَانَ عَلَيهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ، أوْ بِغَيرِ فِعْلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا عَمِلَ فِيهِ. وَعَنْهُ، يَضْمَنُ.
ــ
فصل: وذَكَر القاضِي أنَّه إذا كان المُسْتَأْجَرُ على حَمْلِه عَبِيدًا، صِغارًا أو كِبارًا، فلا ضَمانَ على المُكارِي فيما تَلِفَ مِن سَوْقِه وقَوْدِه، إذ لا يَضْمَنُ بَنِي آدَمَ مِن جهَةِ الإِجارَةِ؛ لأنَّه عَقْدٌ على مَنْفَعةٍ. والأوْلَى وُجُوبُ الضَّمانِ؛ لأنَّ الضَّمانَ ههُنا مِن جِهَةِ الجِنايَةِ، فوَجَبَ أن يَعُمَّ بَنِي آدَمَ وغيرَهم، كسائِرِ الحَيواناتِ، وما ذَكَرَه يَنْتَقِضُ بجِنايَةِ الطَّبِيبِ والخاتِنَ.
2213 - مسألة: (ولا ضَمانَ عليه فيما تَلِفَ مِن حِرزِه، أو بغيرِ فِعْلِه، ولا أُجْرَةَ له فيما عَمِلَ فيه. وعنه، يَضْمَنُ)
اختَلَفتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في الأجِيرِ المُشْتَرَكِ إذا تَلِفَتِ العَينُ مِن حِرْزِه مِن غيرِ تَعَدٍّ منه ولا تَفْرِيطٍ، فرُويَ عنه، لا يَضْمَنُ. في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وهو قولُ طَاوُس، وعَطاءٍ، وأبي حنيفةَ، وزُفَرَ، وقولٌ للشافعيِّ. ورُوِيَ عن أحمدَ، إن كان هَلاكُه بما يُسْتَطاعُ، ضَمِنَه، وإن كان غَرَقًا أو عَدُوًّا غالِبًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلا ضَمانَ عليه. قال أحمدُ، في رِوايَةِ أبي طالبٍ: إذا جَنَتْ يَدُه، أو ضاعَ مِن بينِ مَتاعِه، ضَمِنَه، وإن كان عَدُوًّا أو غَرَقًا فلا ضَمانَ. ونحوَ هذا قال أبو يُوسُفَ. والصَّحِيحُ في المَذْهَبِ الأوَّلُ. وهذه الرَّوايةُ تَحْتَمِلُ أنَّه إنَّما أوْجَبَ عليه الضَّمانَ إذا تَلِفَ مِن بينِ مَتاعِه خاصَّةً؛ لأنَّه يُتَّهَمُ. ولهذا قال في الوَدِيعةِ، في رِوايةٍ: إنَّه يَضْمَنُ إذا ذَهَبَتْ مِن بينِ مالِه، فأمّا في غيرِ ذلك، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ تَخْصِيصَه التَّضْمِينَ بما إذا تَلِفَ (1) مِل، بينِ مالِه، يَدُلُّ على أنَّه لا يَضْمَنُ إذا تَلِفَ مع (2) مَتاعِه، ولأنَّه إذا لم يَكُنْ منه تَفْرِيطٌ ولا عُدْوانٌ، لم يَجِبْ عليه الضَّمانُ، كما لو تَلِفَ
(1) في م: «أتلف» .
(2)
في الأصل: «من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بأمْرٍ غالِبٍ. وقال مالكٌ، وابنُ أبي لَيلَى: يَضْمَنُ بكلِّ حالٍ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى اليَدِ مَا أَخذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (1). ولأنَّه قَبَضَ العَينَ لِمَنْفَعةِ نَفْسِه مِن غيرِ اسْتِحْقاقٍ، فلَزِمَه ضَمانُها، كالمُسْتَعِيرِ. ولَنا، أنَّها عَينٌ مَقْبُوضةٌ بِعَقْدِ الإِجارَةِ، لم يُتْلِفْها بفِعْلِه، فلم يَضْمَنْها، كالعَينِ المُسْتَأْجَرَةِ، ولأنَّه قَبَضَها بإذْنِ مالِكِها لِنَفْعٍ يَعُودُ إليهما، فلم يَضْمَنْهِا؛ كالمُضارِبِ، والشَّرِيكِ، والمُسْتَأْجِرِ. ويُخالِفُ العارِيَّةَ، فإنَّه يَنْفرِدُ بِنَفْعِها. والخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِما ذَكَرْنا مِن الأصُولِ، فنَخُصُّ مَحَلَّ النِّزاعِ بالقِياسِ عليها. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا أجْرَ له فيما عَمِلَ فيها؛ لأنَّه لم يُسَلِّمْ عَمَلَه إلى المُسْتَأْجِرِ، فلم يَسْتَحِقَّ عِوَضَه، كالمَبِيعِ مِن الطَّعامِ إذا تَلِفَ في يَدِ البائِعِ قبلَ تَسْلِيمِه.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في تضمين العارية، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 265. والترمذي، في: باب ما جاء في أن العارية مؤداة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 269. وابن ماجه، في: باب العارية، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه 2/ 802. والدارمي، في: باب في العارية مؤداة، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 264. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 8، 12.