الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَانْقِلَاعِ الضِّرْسِ الَّذِي اكْتَرَى لِقَلْعِهِ، أو بُرْئِهِ، وَنَحْو هَذَا وَإنِ اكْتَرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ، أوْ أَرضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا، انْفَسَخَتِ الْإجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ.
ــ
لو مَنَعَ الوارِثَ الانْتفاعَ، لَما اسْتَحَقَّ شيئًا مِن الأجْرِ، ويُفارِقُ هذا ما لو حُبِسَ المُسْتَأجِرُ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه انْتِفاعُه، وهذا لم يُؤيَسْ منه بالحَبْسِ؛ لأنَّه يُمْكِنُ خُرُوجُه فىَ كلِّ وَقْتٍ مِن الحَبْسِ وانْتِفاعُه، ويُمْكِنُ أن يَسْتَنِيبَ مَن يَسْتَوْفِي المَنْفَعَةَ له؛ إمّا بأجْرَةٍ أو غيرِه، بخِلافِ المَيِّتِ، فإنَّه قد فاتَ انْتِفاعُه بنَفْسِه ونائِبِه، أشْبَهَ ما ذَكَرْنا مِن الصُّوَرِ.
2204 - مسألة: (وانْقِلاعِ الضِّرْسِ الذي اكْتَرَى لِقَلْعِه، أو بُرْئِه)
وكذلك إنِ اكْتَرَى كَحّالًا لِيَكْحَلَ عَينَه فبَرَأتْ أو ذَهَبَتْ، انْفَسَخَ العَقْدُ؛ لأنه تَعَذَّرَ استِيفاءُ المَعْقُودِ عليه، أشْبَهَ ما لو تَعَذَّرَ بالمَوْتِ.
2205 - مسألة: (وإنِ اكْتَرَى دارًا فانْهَدَمَتْ، أو أرْضًا للزَّرْعِ فانْقَطَعَ ماؤُها، انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ فيما بَقِيَ مِن المُدَّةِ، في أحَدِ الوَجْهَينِ. وفي الآخَرِ، يَثْبُتُ للمُسْتَأجِرِ خِيارُ الفَسْخِ)
وجملةُ ذلك،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه إذا حَدَث في العَينِ المُكْتَراةِ ما يَمْنَعُ نَفْعَها، كَدارٍ انْهَدَمَتْ، أو أرْض غَرِقَتْ، أو انْقَطَعَ ماؤُها، فهذه يُنْظرُ فيها؛ فإن لم يَبْقَ فيها نَفْعٌ أصْلًا، فهي كالتّالِفَةِ سواءً، وإن بَقِيَ فيها نَفْع غيرَ ما اسْتَأْجَرَها له، مثل أن يُمْكِنَ الانْتِفاعُ بِعَرْصَةِ الدّار أو الأرْضِ لِوَضْعِ حَطَبٍ فيها، أو وَضْعِ خَيمَةٍ في الأرْضِ التي اسْتَأْجَرَها للزَّرْعِ، أو صَيدِ السَّمَكِ مِن الأرْضِ التي غَرِقَتْ، انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ أيضًا؛ لأنَّ المَنْفَعَةَ التي وَقَع العَقْدُ عليها تَلِفَتْ، فانْفَسَخَتِ الإِجارَةُ، كما لو اسْتَأْجَرَ دابَّةً ليَرْكَبَها فزَمِنَتْ، بحيثُ لا تَصْلُحُ إلَّا لِتَدُورَ في الرَّحَى. وقال القاضِي، في الأرْضِ التي انْقَطَعَ ماؤُها: لا تَنْفَسِخُ الإِجارَةُ فيها. وهو مَنْصُوصُ الشافعيِّ؛ لأنَّ المَنْفَعَةَ لم تَبْطُلْ جُمْلَةً؛ لأنَّه يُمْكِنُ الانْتِفاعُ بعَرْصَةِ الأرْضِ بِنَصْبِ خَيمَةٍ أو جَمْعِ حَطَبٍ فيها، فأشْبَهَ ما لو نَقَص نَفْعُها مع بَقائه. فعلى هذا، يُخَيَّرُ المُسْتَأْجِرُ بينَ الفَسْخِ والإِمْضاءِ، فإن فَسَخ، فحُكْمُه حُكْمُ العَبْدِ إذا ماتَ، وإن اخْتارَ إمْضاءَ العَقْدِ، فعليه جميعُ الأُجْرةِ؛ لأنَّ ذلك عَيبٌ، فإذا رَضِيَ به، سَقَط حُكْمُه، فإن لم يَخْتَرِ الفَسْخَ ولا الإِمْضاءَ؛ إمّا لجَهْلِه بأنَّ له الفَسْخَ، أو لغيرِ ذلك، فله الفَسْخُ بعدَ ذلك. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَقاءَ غيرِ المَعْقُودِ عليه لا يَمْنَعُ انْفِساخَ العَقْدِ بتَلَفِ المَعْقُودِ عليه، كالأعْيانِ في البَيعِ. ولو كان النَّفْعُ الباقِي في العَينِ ممّا لا يُباحُ اسْتِيفاؤُه بالعَقْدِ، كدابَّةٍ اسْتأْجَرَها للرُّكُوبِ فصارَتْ لا تَصْلُحُ إلَّا لِلْحَمْلِ أو بالعَكْسِ، انْفَسَخَ العَقْدُ، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّ المَنْفَعَةَ الباقِيَةَ لا يَمْلِكُ اسْتِيفاءَها مع سَلامَتِها، فلا يَمْلِكُها مع تَعَيُّبِها، كبَيعِها، فأمّا إن أمْكَنَ الانْتِفاعُ بالعَينِ فيما (1) اكتَراها له على نَعْتٍ مِن القُصُورِ (2)، مثلَ أن يُمْكِنَه زَرْعُ الأرْضِ
(1) في م: «وفيما» .
(2)
في تش، ر 1:«المقصود» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بغيرِ ماءٍ، أو كان الماءُ مُنْحَسِرًا عن الأرْضِ التي غَرِقَتْ على وَجْهٍ يَمْنَعُ بعضَ الزِّراعةِ، أو يَسُوءُ (1) الزَّرْعَ، أو كان يُمْكِنُه سُكْنَى ساحَةِ الدّارِ، إمّا في خَيمَةٍ أو غيرِها، لم تَنْفَسِخِ الإِجارَةُ؛ لأنَّ المَنْفَعَةَ المَعْقُودَ عليها لم تَزُلْ بالكُلِّيَّةِ، فأشْبَهَ ما لو تَعَيَّبَتْ، وللمُسْتَأْجِرِ خِيارُ الفَسْخِ، على ما ذَكَرْنا، إلَّا في الدّارِ إذا انْهَدَمَتْ، ففيها وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا تَنْفَسِخُ الإِجارَةُ. والثّاني، تَنْفَسِخُ؛ لأنَّه زال اسْمُها بِهَدْمِها، وذَهَبَت المَنْفَعَةُ التي تُقْصَدُ منها، ولذلك لا يَسْتَأْجِرُ أحَدٌ عَرْصَةَ دارٍ لِيَسْكُنَها. فأمّا إن كان الحادِثُ في العَينِ لا يَضُرُّها، كغَرَقِ الأرْضِ بماءٍ يَنْحَسِرُ عن قَرِيبٍ، بحيثُ لا يَمْنَعُ الزَّرْعَ ولا يَضُرُّه، وانْقِطاعِ الماءِ عنها إذا ساقَ المُؤْجِرُ إليها ماءً مِن مكانٍ آخَرَ، أو كان انْقِطاعُه في زَمَن لا يَحْتاجُ إليه فيه، فليس للمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ؛ لأنَّ هذا ليس بِعَيبٍ. وَإن حَدَث الغَرَقُ المُضِرُّ أو انْقِطاعُ الماءِ أو الهَدْمُ بِبَعْضِ العَينِ المُسْتَأْجَرَةِ، فلذلك البعضِ حُكْمُ نَفْسِه في الفَسْخِ أو ثُبوتِ الخِيارِ، وللمُكْتَرِي الخِيارُ في بَقِيَّةِ العَينِ؛ لأنَّ الصَّفْقَةَ تَبعَّضَتْ عليه. فإنِ اخْتارَ الإِمْساكَ أمْسَكَ بالحِصَّةِ مِن الأجْرِ، كما إذا تَلِفَ أحَدُ القَفِيزَينِ مِن الطَّعامِ في يَدِ البائِعِ.
(1) في تش: «يسوغ» .