الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُشْتَرَطُ أنْ تَكُونَ المُدَّةُ مَعْلُومَةً، يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَين فِيهَا، وَإنْ طَالتْ.
ــ
وغيرِه؛ فأمّا غيرُ الآدَمِيِّ، فمثلُ إجارَةِ الدارِ شَهْرًا، والأرْضِ عامًا. وأمّا إجارَةُ الآدَمِيِّ، فمثلُ أن يَسْتَاجِرَ رَجُلًا يَبْنِي معه يومًا، أو يَخِيطَ له شهرًا، فهذا يُسَمَّى الأجِيرَ الخاصّ؛ لأنَّ المُسْتَأجِرَ يَخْتَص بمَنْفَعتِه في مُدَّةِ الإجارَةِ، لا يُشارِكُه فيها غيرُه.
2182 - مسألة: (ويُشْتَرَطُ أن تكونَ المُدَّةُ مَعْلومةً، يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقَاءُ العَينِ فيها، وإن طالتْ) [
كالشهْر والسَّنَةِ ونحو ذلك، وأقلَّ وأكثرَ، إذا كان مَضْبُوطًا] (1). فأمّا ضَبْطُها بالشَّهْرِ والسَّنَةِ، فلا نَعْلَمُ فيه خلافًا، وإنَّما اشْتُرِطَ العِلْمُ بالمُدَّةِ؛ لأنَّها هي الضّابِطَةُ، فاشتُرِطَ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَعْرِفَتُها، كعَدَدِ المَكِيلاتِ فيما بِيعَ بالكَيلِ. فإن قدَّرَ المُدةَ بسَنَةٍ مُطْلَقةٍ، حُمِلَ على السنةِ الهِلالِيةِ؛ لأنَّها المَعْهودَةُ، قال الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (1). فوَجَبَ أن يُحْمَلَ العَقْدُ عليه. فإن قال: هِلَالِيةً. كان تَوْكِيدًا، وإن قال: عَدَدِيَّةً. أو: سَنَةً بالأيامِ. فهي ثَلاثُ مائةٍ وسِتُّونَ يَوْمًا؛ لأن الشَّهْرَ العَدَدِيَّ ثَلاُثونَ يَوْمًا. وإنِ اسْتَأجَرَ سَنَةً هِلاليَّةً في أوَّلِها، عَدَّ اثْنَي عَشَرَ شَهْرًا بالأهِلَّةِ، سواء كان الشَّهْرُ تامًّا أو ناقِصًا؛ لأنَّ الشَّهْرَ الهِلالِيَّ ما بينَ الهِلالينِ، يَنْقُصُ مَرَّةً ويَزِيدُ أُخْرَى. وكذلك إن كان العَقْدُ على أشْهُر دُونَ السَّنَةِ. وإن جَعَلَا المُدَّةَ سَنةً رُومِيَّةً أو شَمْسِيَّةً أو فارِسِيَّةً أو قِبْطِيَّةً، وهما يَعْلَمانِها، جازَ، وهي ثَلاثُ مِائةٍ وخَمْسَة وسِتُّونَ يَوْمًا ورُبْع يَوْمٍ؛ [فإنَّ الشهُورَ الرُّومِيَّةَ منها سَبْعَة أحَد وثَلاثونَ يومًا، وأرْبَعَة ثَلاثونَ يومًا، وشَهْر واحدٌ ثمانِية وعِشْرُونَ يومًا، وشُهُورُ القِبْطِ كلها ثَلاثونَ ثَلاثون، وزادُوها خَمْسَةَ أيام لِتُساويَ سَنَتُهم السَّنَةَ الرُّومِيَّةَ](2). وإن جَهِلَا ذلك أو أحَدُهما، لم يَصِحَّ.
(1) سورة البقرة 189.
(2)
زيادة من: ر، ق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن أجَرَه إلى العِيدِ، انْصَرَفَ إلى الذي يلِيه، وتَعَلَّقَ بأوَّلِ جُزْءٍ منه؛ لأنّه جَعَلَه غايةً، فتَنْتَهِي مُدَّةُ الإِجارَةِ بأوَّلِه. وقال القاضِي (1): لا بُدَّ مِن تَعْيِينِ العِيدِ فِطْرًا أو أضْحَى، مِن هذه السَّنَةِ أو مِن سَنةِ كذا. وكذلك الحُكْمُ إن عَلَّقَه بشَهْر يَقَعُ اسْمُه على شَهْرَين، كجُمادَى ورَبِيعٍ، يَجِبُ على قَوْلِه أن يَذْكُرَ الأوّلَ أو الثاني من سَنَةِ كذا. وإن عَلَّقه بشَهْر مُفْرَدٍ؛ كرَجَبٍ (1) فلا بُدَّ أن يبينه مِن أيِّ سَنَةٍ، وإن عَلَّقَه بِيَوْم، بَيَّنَه مِن أيِّ أسْبوع، وإن عَلَّقَهُ بعِيدٍ مِن أعيادِ الكُفَّارِ وهما يَعْلَمانِه، صَحَّ، وإلَّا لم يَصِحَّ.
فصل: ولا تتَقَدَّرُ أكثرُ مُدَّةِ الإجارَةِ، بل يجوزُ إجارةُ (2) العَينِ مُدّةً يَغْلِبُ على الظن بَقَاءُ العَينِ فيها، وإن طالتْ. وهذا قولُ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ، غيرَ أنَّ أصحابَ الشافعيِّ اخْتَلَفُوا في مَذْهَبِه، فمِنْهم مَن قال: له قَوْلان؛ أحْدُهما، كما ذَكَرْنا، وهو الصَّحِيحُ. والثاني، لا يجوزُ أكْثَرَ مِن سَنةٍ؛ لأنَّ الحاجَةَ لا تَدْعُو إلى أكْثَرَ منها. ومنهم من قال: له قَوْل ثالِث: أنَّها لا تجوزُ أكثَرَ مِن [ثلاثينَ سَنَةً](3). وحَكَى القاضِي في كِتابِ الخِلافِ عن ابنِ حامِدٍ، أنَّ أصحابَنا اخْتَلَفُوا في مُدَّةِ الإجارَةِ، فمِنْهُم مَن قال: لا
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «أجرة» .
(3)
في الأصل: «ثلاث سنين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تجوزُ أكثر مِن سَنَةٍ. واختارَه. ومنهم مَن قال: إلى ثَلاثينَ سنةً، [لأنَّ الغالِبَ أنَّ الأعْيانَ لا تَبْقَى أكثر منها وتَتَغَيّرُ الأسْعارُ والأجْرُ](1). ولَنا، قولُه تعالى إخْبارًا عن شُعَيب، عليه السلام، أنَّه قال:{عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (2). وشَرعُ مَن قَبْلَنا شَرْع لَنا ما لم يَقُمْ على نَسْخِه دَلِيل. ولأن ما جاز العَقْدُ عليه سَنَة، جازَ أكثر منها، كالبَيعِ، والنِّكاحِ، والمُساقاةِ، والتَّقْدِيرُ بسَنةٍ وثَلاثينَ تَحَكُّمٌ لا دَليلَ عليه، وليس هو بأوْلَى مِن التَّقْدِيرِ بزِيادَةٍ عليه أو نُقْصانٍ منه.
فصل: وإذا اسْتَأجَره سِنِينَ، لم يَحْتَج إلى تَقْسِيطِ الأجْرِ على كلِّ سَنَةٍ، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ، كما لو اسْتَأجَرَ سَنَة لم يَحْتَجْ إلى تَقْسِيطِ أجْرِ كلِّ شَهْر بالاتِّفاقِ، وكذلك لا يَفْتَقِرُ إلى تَقْسِيطِ أجْرِ كل يوم إذا اسْتَأجَرَ شَهْرًا، ولأن المَنْفَعَةَ كالأعْيانِ في البَيعِ، ولو اشْتَمَلَتِ الصَّفْقَةُ على أعْيانٍ، لم يَلْزَمْه تَقْدِيرُ ثَمَنِ كلِّ عَين، كذلك ها هنا. وقال الشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيه: يَفْتَقِرُ إلى تَقْسِيطِ أجْرِ كلِّ سَنَةٍ؛ لأنَّ المنافِعَ تَخْتَلِفُ باخْتِلافِ السِّنينَ، فلا يَأمَنُ أن يَنْفَسِخَ العَقْدُ فلا يَعْلَمُ بم يَرْجِعُ، وهذا يبطُلُ بالشهُورِ، فإنه لا يَفْتَقِرُ إلى تَقْسِيطِ الأجْرِ على كل شَهْر مع الاحْتِمالِ الذي ذَكَرُوه.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة القصص 27.