الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَصِحُّ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، أنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ
ــ
2041 - مسألة: (ولا تَصِحُّ إلَّا بِشَرطَين؛ أحَدُهما، أن يَكُونَ رَأْسُ المالِ دَراهِمَ أو دَنانِيرَ)
ولا خِلَاف في أنَّه يَجُوزُ أن يُجْعَلَ رأْسُ المالِ دَراهِمَ أو دَنانِيرَ إذا كانَت غيرَ مَغْشُوشَةٍ؛ لأنَّهما قِيَمُ الأمْوالِ (1) وأثْمانُ البِياعاتِ، والنّاسُ يَشْتَرِكُون فيها مِن لَدُنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى زَمَنِنا هذا مِن غيرِ نَكِيرٍ.
فصل: ولا تَصِحُّ بالعُرُوضِ في ظاهِرِ المَذْهَبِ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ أبي طالِبٍ، وحَرْبٍ. وحَكاه عنه ابنُ المُنْذِرِ. وكَرِه ذلك يحيى ابنُ أبِي كَثِيرٍ، وابنُ سِيرِينَ، والثَّوْرِيُّ، والشافِعِيُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْي؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ إمَّا أن تَقَعَ على أعْيانِ العُرُوضِ أو قِيمَتِها أو أثْمانِها، لا يَجُوزُ وُقُوعُها على أعْيانِها؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ تَقتَضِي
(1) في الأصل: «الآمال» .
أوْ دَنَانِيرَ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ بِالْعُرُوض، وَيُجْعَلُ رَأسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ.
ــ
الرُّجُوعَ عندَ المُفاضَلَةِ برَأسِ المالِ أو بمِثْلِه، وهذه لا مِثْلَ لها فيُرْجَعُ إليه (1)، وقد تَزِيدُ قِيمَةُ جِنْسِ أحَدِهما دُونَ الآخرِ، فيَسْتَوْعِبُ بذلك. جَمِيعَ الرِّبْحِ أو جَمِيعَ المالِ، وقد تَنْقُصُ قِيمَتُه (2)، فيُؤدِّي إلى أن يُشارِكَه الآخرُ (3) في ثَمَنِ مِلْكِه الذي ليس برِبْحٍ، ولا على قِيمَتِها؛ لأنَّ القِيمةَ غيرُ مُتَحَقِّقَةِ القَدْرِ، فيُفْضِي إلى التَّنازُعِ، وقد يُقَوَّمُ الشيءُ بأكْثَرَ مِن قِيمَتِه، ولأنَّ القِيمَةَ قد تَزِيدُ في أحَدِهما قبلَ بَيعِه، فيُشارِكُه الآخَرُ في العَينِ المَمْلُوكَةِ له، ولا يَجُوزُ وُقُوعُها على أثْمانِها؛ لأنَّها مَعْدُومَةٌ حال العَقْدِ، ولا يَمْلِكانِها؛ لأنَّه إن أرادَ ثَمَنَها الذي اشْتَراها به، فقد خَرَج عن مِلْكِه وصار للبائِعِ، وإن أرادَ ثَمَنَها الذي يَبِيعُها به، فإنَّها تَصِيرُ شَرِكَةً مُعَلَّقةً على شَرْطٍ، وهو بَيعُ الأعْيانِ، وهذا لا يَجُوزُ. وفيه رِوايَةٌ أُخرى، أنَّ الشَّرِكَةَ والمُضارَبَةَ تجُوزُ بالعُرُوضِ (ويُجْعَلُ رأسُ المالِ قِيمَتَها وَقْتَ العَقْدِ) (4). قال أحمدُ: إذا اشْتَرَكا في العُرُوضِ، يُقَسَّمُ الرِّبْحُ على
(1) في م: «عليه» .
(2)
في م: «قيمتها» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في الأصل، ر، ق:«قيمتها وقت العقد رأس المال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما اشْتَرَطا. وقال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسألُ عن المُضارَبَةِ بالمَتاعِ، فقال: جائِزٌ. فظاهِرُ هذا صِحَّةُ الشَّرِكَةِ بها. اختارَه أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطّاب. وهو قولُ مالكٍ، وابنِ أبي لَيلَى. وبه قال في المُضارَبَةِ طاوُسٌ، والأَوْزاعِيُّ، وحَمّادُ بنُ أبي سُلَيمانَ؛ لأنَّ مَقْصُودَ الشَّرِكَةِ جَوازُ تَصَرُّفِهما (1) في المالين جميعًا، وكَوْنُ رِبْحِ المالين بينَهما، وهو حاصِل في العُرُوضِ كحُصُولِه في الأثْمانِ، فيَجبُ أن تَصِحَّ الشَّرِكَةُ والمُضارَبَةُ بها، كالأثْمانِ، ويَرْجِعُ كلُّ واحدٍ منهما عندَ المُفاضَلَةِ بقِيمَةِ مالِه عندَ العَقْدِ، كما أنَّنا جَعَلْنا نِصابَ زَكاتِها قِيمَتَها. وقال الشافعيُّ: إن كانَتِ العُرُوضُ مِن ذَواتِ الأمْثال كالحُبُوبِ والأدْهانِ، جازَتِ الشَّرِكَةُ بها في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأَنَّها مِن ذواتِ الأمْثالِ (2)، أشْبَهَتِ النُّقُودَ، ويَرْجِعُ عندَ المُفاضَلَةِ بمِثْلِها، وإن لم تَكُنْ مِن ذَواتِ الأمْثالِ، لم يَجُزْ، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بمِثْلِها. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه نَوْعُ شَرِكَةٍ، فاسْتَوَى فيها ما له مِثْلٌ مِن العُرُوضِ وما لا مِثْلَ له، كالمُضارَبَةِ، فإنَّه سَلَّمَ أنَّ المُضارَبَةَ لا تَجُوزُ بشيءٍ مِن العُرُوضِ؛ ولأنَّها ليست بنَقْدٍ، فلم تَصِحَّ الشَّرِكَةُ بها، كالذِي لا مِثْلَ له.
(1) في الأصل: «تصرفها» .
(2)
سقط من: م.