الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَامِسُ، كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤجِرِ، أو مَأذُونًا لَهُ فِيهَا، فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأجرِ إجَارَةُ الْعَينِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.
ــ
عَقْدٌ على المَنْفَعةِ، ولا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ هذه المَنْفَعَةِ مِن هذه العَينِ، فلا تَجُوزُ إجارَتُها، كالعَبْدِ الآبِقِ.
2174 - مسألة: (الخامسُ، كَوْنُ المَنْفَعَةِ مَمْلُوكةً للمُؤْجِرِ، أو مَأذُونًا له فيها)
لأنَّه تَصَرُّفٌ فيما لا يَمْلِكُه ولا أذِنَ فيه مالِكُه، فلم يَجُزْ، كَبَيعِه. ويَحْتَمِلُ أن يَجُوزَ ويَقِفَ على إجازَةِ المالِكِ، بِنَاءً على بَيع العَينِ بغيرِ إذْنِ مالِكِها. [وقد ذَكَرْنا الخِلافَ في ذلك في كتابِ البيعِ](1).
2175 - مسألة: (يَجُوزُ للمُسْتَأجِرِ إجارَةُ العَينِ لمَن يَقُومُ مَقامَه)
مِن المُؤْجِرِ وغيرِه. يَجُوزُ للمُسْتَأجِرِ [أن يُؤجِرَ](2) العَينَ المُسْتَأجَرَةَ إذا قَبَضَها. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ،
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «إجارة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وابنِ سِيرِينَ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ، وأبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، والنَّخَعِيِّ، والشَّعْبيِّ، والثَّوْريِّ، والشافعيِّ، وأصحاب الرأي. وذَكَر القاضي فيه رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه لا يَجُوزُ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن رِبْح ما لم يُضْمَنْ (1). والمَنافِعُ لم تَدْخُلْ في ضَمانِه، ولأنَّه عَقَدَ على ما لم يَدْخُلْ في ضَمانِه، فلم يَجُزْ، كبَيعِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ قبل قَبْضِه. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ قَبْضَ العَينِ قامَ مَقامَ قَبْضِ المَنافِعِ، بدَلِيلِ أنّه يجوزُ التَّصَرُّفُ فيها، فجاز العَقْدُ عليها، كبَيعِ الثَّمَرَةِ على الشّجَرةِ، وبهذا الأصْلِ يَبْطُلُ قياسُ الرِّوايةِ الأخْرَى. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا تَجُوزُ إجارَتُه إلَّا لمَن يَقُومُ مَقامَه، أو دُونَه في الضَّرَرِ؛ لأن هذه المَنْفَعَةَ صارَتْ مَمْلُوكَةً له، فله أن يَستوْفِيَها بنَفْسِه وبنائِبهِ. والمُسْتأجَرَةُ لا تَجُوزُ إجارَتُها لمَن هو أكثرُ ضَرَرًا منه، ولا لمَن يُخالِفُ ضَرَرُه ضَرَرَه؛ لِما نَذْكُرُه.
(1) تقدم تخريجه في 11/ 216.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا إجارَتُها قبلَ قَبْضِها، فتَجُوزُ مِن غيرِ المُؤْجِرِ في أحَدِ الوَجْهَين. وهو قولُ بعضِ الشافعيةِ؛ لأنَّ قَبْضَ العَينِ لا يَنْتَقِلُ به الضَّمانُ إليه، فلم يَقِفْ جَوازُ التَّصَرُّفِ عليه. والثاني، لا يَجُوزُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، والمَشْهُورُ مِن قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأنَّ المَنافِعَ مَمْلُوكَة بعَقْدِ مُعاوَضَةٍ، فاعْتُبِرَ في جَوازِ العَقْدِ عليها القَبْضُ، كالأعْيانِ. وأمّا إجارَتُها للمُؤْجِرِ قبلَ القَبْضِ، فإذا قُلْنا: لا يَجوزُ مِن غيرِ المُؤْجِرِ. ففيها ههُنا وَجْهان؛ أحدهما، لا يَجوز كغيرِه. والثاني، يَجُوزُ؛ لأنَّ القَبْضَ لا يَتَعَذَّرُ عليه، بخِلافِ الأجْنَبِيِّ، وأصْلُهما بَيعُ الطَّعامِ قبلَ قَبْضِه، هل يَصِحُّ مِن بائِعِه؛ على رِوايَتَين. وتَجوزُ إجارَتُها مِن المُؤْجِرِ بعدَ قَبْضِها. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ؛ لأنَّه يُؤَدِّي إلى تَناقُضِ الأحكامِ؛ لأنَّ التسْلِيمَ مُسْتحَقٌّ على (1) المُكْرِى، فإذا اكْتَراها صار
(1) في م: «من» .