الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالث، الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلا تَصحُّ إِجَارَةُ الآبِقِ، وَالشَّارِدِ، وَلَا الْمَغْصُوبِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أخْذِهِ.
وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ مُفْرَدًا لِغَيرِ شَرِيكِهِ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازه.
ــ
لم يُحَرَّمِ الأجْرُ المَأخُوذُ منه، كما لو اكْتَرَى دارًا ليَسْكُنَها، فشربَ فيها خَمْرًا.
2171 - مسألة: (الثالثُ، القُدْرَةُ على التَّسْلِيمِ، فلا يَصِحُّ إجازَةُ الآبِقِ والشّارِدِ، ولا المَغْصُوبِ)
مِن غيرِ غاصِبِه، إذا لم يَقْدِرْ على أخْذِه منه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ المَعْقُودِ عليه، فلم تَصِحَّ إجارَتُه، كبَيعِه.
2172 - مسألة: (ولا تَجُوزُ إجارَةُ المُشَاعِ مُفْرَدًا لغيرِ شَرِيكِه. وعنه ما يَدُلُّ على الجَوازِ)
قال أصحابُنا: لا تَجُوزُ إجارَةُ المُشاعِ لغيرِ الشَّرِيكِ، إلَّا أن يُؤْجِرَ الشرِيكان معًا. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، وزُفَرَ؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه، فلم تَصِحَّ إجارَتُه، كالمَغْصُوبِ، يُحَقِّقُ ذلك أنَّه لا يَقدِرُ على تَسْلِيمه إلَّا بتَسْليمِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ، ولا ولايةَ له على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مالِ شَرِيكِه. واخْتارَ أبو حَفْص العُكْبَرِي جَوازَه. وقد أوْمأ إليه أحمدُ. وهو قولُ مالك، والشافعيِّ، وأبي يوسفَ، ومحمدٍ؛ لأنه مَعْلُوم يَجُوزُ بَيعُه، فجازَتْ إجارَتُه، كالمُفْرَدِ. ولأنَّه عَقْد في مِلْكِه يَجُوزُ مع شَرِيكِه، فجاز مع غيرِه، كالبَيعِ. ومَن نَصَر الأولَ، فَرّقَ بينَ مَحَلِّ النِّزاعِ وبينَ ما إذا أجَرَه الشرِيكان، أو أجَرَه لشَرِيكِه، فإنَّه يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ إلى المُسْتَأجِرِ، فأشْبَهَ إجارَةَ المَغْصُوبِ مِن غاصِبِه دُونَ غيرِه. وإن كانت لواحدٍ فأجَرَ نِصْفَها، صَح؛ لأنه يُمْكِنُه تَسْلِيمُه، ثم إن أجَرَ نِصْفَها الآخَرَ للمُسْتَأجِرِ الأولِ، صَحَّ؛ لإمْكانِ تَسْلِيمِه إليه. وإن أجَرَه لغيرِه، فَفِيه وَجْهان، كالمسألة التي قبلَها؛ لأنه لا يُمْكِنُه تَسْلِيمُ ما أجَرَه إليه. وإن أجَرَ الدّارَ لاثْنَين، لكُلِّ واحدٍ منهما نصفها، وكذلك؛ لأنه لا يُمْكِنُه تَسْلِيمُ نَصيبِ كُلِّ واحدٍ إليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا تَجُوزُ إجارَةُ المُسْلِمِ للذِّمِّيِّ لخِدْمَتِه. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ، فقال: إن أجَرَ نَفْسَه مِن الذِّمِّيِّ في خِدْمَتِه لم يَجُزْ، وإن كان في عَمَل شيءٍ جاز. وهذا أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال في الآخَرِ: تَجُوزُ، لأَنه يَجُوزُ له إجارَةُ نَفْسِه في غيرِ الخِدْمَةِ، فجاز فيها، كإجارَته مِن المُسْلِمِ. ولَنا، أَنه عَقْد يَتَضَمَّنُ حَبْسَ المُسْلِمِ عندَ الكافِرِ وإذْلاله له واسْتِخْدامَه، أشبَهَ البَيعَ، يُحَقِّقُه أنَّ عَقْدَ الإجارَةِ للخِدْمَةِ يَتَعَيَّنُ فيه حَبْسُه مُدَّةَ الإجارَةِ واسْتِخدامُه، والبَيعُ لا يَتَعَيَّنُ فيه ذلك، فإذا مُنِعَ منه، فالمَنْعُ مِن الإجارَةِ أوْلَى. فأمّا إن أجَرَ نفْسَه منه في عَمَل مُعَيَّن في الذِّمَّةِ، كخِياطَةِ ثَوْبٍ، جاز بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ عَلِيًّا، رضي الله عنه، أجَرَ نَفْسَه مِن يَهُودِيٍّ يَسْتَقِي له كلَّ دَلْوٍ بتَمْرةٍ، وأخْبَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فلم يُنْكِرْه، وكذلك الأنْصاري (1). ولأنه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ لا يَتَضَمَّنُ إذْلال المُسْلِمِ ولا استِخْدامَه، فأشْبَهَ مُبايَعَتَه. وإن أجَرَ نَفْسَه منه [لعمل غيرِ](2) الخِدْمةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، جاز أيضًا، في ظاهِرِ
(1) تقدم تخريجهما في صفحة 301.
(2)
في م: «لغير» .