الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ، فَهَلْ تَفْسُدُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
فَسَدَتْ، فَسَدَتْ أرْكانُها وتَوابِعُها، كالصلاةِ. ونَمْنَعُ وُجُوبَ المُسَمَّى في النِّكاحِ الفاسِدِ، وإذا لم يَجِبْ له المُسَمَّى، وَجَب أجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّه إنَّما عَمِل ليَأخُذَ المُسَمَّى، فإذا لم يَحْصُلْ له، وَجَب رَدُّ عَمَلِه إليه، وهو مُتَعَذِّرٌ، فتَجِبُ قِيمَته، وهي أجْرُ مِثْلِه، كما لو تَبايَعا بَيعًا (1) فاسِدًا، وتَقابَضا، وتَلِف أحَدُ العِوَضَين في يَدِ قابضِه، وَجَب رَدُّ بَدَلِه. فعلى هذا، له أجْر المِثْلِ، سواءٌ ظَهَر في المالِ رِبْحٌ أَو لم يَظْهَرْ. فإن رَضِيَ المُضارِبُ بالعَمَلِ بغيرِ عِوَضٍ، مثلَ أن يَقُولَ: قارَضْتُك والرِّبْحُ كلُّه لي. فالصَّحِيحُ أنَّه لا شيءَ للمُضارِبِ ههُنا؛ لأنَّه تَبَرَّعَ بعَمَلِه، أشْبَهَ ما لو أعانَه في شَيْءٍ، أو تَوَكَّلَ له بغيرِ جُعْلٍ، أو أخَذَ له بِضاعَةً.
الفصلُ الثّالِثُ، أن لا يَضْمَنَ ما تَلِف بغيرِ تَعَدِّيه وتَفْرِيطِه؛ لأنَّ ما كان المَقْبُوضُ في صَحِيحِه مَضْمُونًا، كان مَضْمُونًا في فاسِدِه، وما لم يُضْمَنْ في صَحِيحِه لم يُضْمَنْ في فاسِدِه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو يُوسُف، ومحمدٌ: يَضْمَنُ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ لا يَضْمَنُ ما قَبَضَه في صَحِيحِه، فلا يَضْمَنُ في فاسِدِه، كالوَكالةِ، ولأنَّها إذا فَسَدَتْ صارت إجارَةً، ولا يَضْمَنُ مَنُ الأجِيرُ ما تَلِف بغيرِ فِعْلِه ولا تَعَدِّيه، كذلك ههُنا.
2075 - مسألة: (وإن شَرَطا تَأْقِيتَ المُضارَبَةِ، فهل تَفْسُدُ؟ على رِوَايَتَين)
وتَأْقِيتُها أن يَقُولَ: ضارَبْتُك على هذه الدَّراهِمِ سَنَةً، فإذا
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انْقَضَتِ السنَةُ فلا تَبعْ ولا تَشْتَرِ. إحداهما، يَصِحُّ. قال مُهَنّا: سألتُ أحمدَ عن رجلٍ أعْطىَ رجلًا ألْفًا مُضارَبَةً شَهْرًا، فإذا مَضَى شهْرٌ تَكُونُ قَرْضًا. قال: لا بَأْسَ به. قُلْتُ: فإن جاء الشَّهْرُ وهي مَتاعٌ. قال: إذا باع المَتاعُ يَكُونُ قَرْضًا. وهذا قولُ أبي حنيفةَ. والثّانِيَةُ، لا يَصِحُّ. وهو قولُ الشافعيِّ، ومالكٍ، واخْتِيارُ أبي حَفْصٍ العُكْبَرِيِّ؛ لأمُورٍ ثَلاثَةٍ؛ أحَدُها، أنَّه عَقْدٌ يَقَعُ مُطْلَقًا، فإذا شَرَط قَطْعَه لم يَصِحَّ، كالنِّكاحِ. الثّانِي، أنَّه ليس مِن مُقْتَضَى العَقْدِ ولا فيه له مَصْلَحَةٌ، أشْبَهَ إذا شَرَط أن لا يَبِيعَ. وبيانُ أنَّه ليس مِن مُقْتَضَى العَقْدِ، أنَّه يَقْتَضِي أن يَكُونَ رَأْسُ المالِ ناضًّا، فإذا مَنَعَه البَيعَ لم يَنِضَّ. الثَّالِثُ، أنَّ هذا يُودِّي إلى ضَرَرٍ بالعامِلِ؛ لأنَّه قد يَكُونُ الرِّبْحُ والحَظُّ في تَبْقِيَةِ المَتاعِ وبَيعِه بعد السَّنَةِ، فيَمْتَنِعُ ذلك بمُضِيِّها. ولَنا، أنَّه تَصَرُّفٌ يَتَوَقَّتُ بنَوْعٍ مِن المَتاعِ، فجاز تَوْقِيتُه في الزَّمانِ، كالوَكالةِ. والمَعْنَى الأوَّلُ الذي ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالوَكالةِ