الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلى رَبِّ الْمَالِ مَا فِيهِ حِفْظُ الأَصْلِ مِنْ سَدِّ الْحِيطَانِ، وَإجْرَاءِ الْأنْهَارِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَالدُّولَابِ وَمَا يُدِيرُهُ. وَقِيلَ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ، فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ، وَمَا لَا، فَلَا.
ــ
2128 - مسألة: (وَعَلى رَبِّ الْمَالِ مَا فِيهِ حِفْظُ الأَصْلِ مِنْ سَدِّ الْحِيطَانِ، وَإجْرَاءِ الْأنْهَارِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَالدُّولَابِ وَمَا يُدِيرُهُ)
وكذلك شِراءُ ما يُلَقَّحُ به، إذا أطْلَقَا العَقْدَ، وإن شَرَطا ذلك كان تَأْكيدًا (وقيل: ما يَتَكَرَّرُ كلَّ عام، فهو على العامِلِ، وما لا، فلا) قال شيخُنا (1): وهذا صَحِيحٌ إلَّا في شِراءِ ما يُلَقَّحُ به، فإنَّه على رَبِّ المالِ وإنْ تَكَرَّرَ؛ لأنَّ هذا ليس مِن العَمَلِ. فأمّا البَقَرُ الَّذي يُدِيرُ الدُّولابَ، فقال أصحابُنا: هي على رَبِّ المالِ؛ لأنَّها ليستْ مِن العَمَلِ، أشْبَهَ ما يُلَقَّحُ به. قال شيخُنا (1): والأوْلَى أنَّها على العامِلِ؛ لأنَّها تُرَادُ للعَمَلِ، أشْبَهَتْ بَقَر الحَرْثِ، ولأنَّ اسْتِقاءَ الماءِ على العامِلِ إذا لم يَحْتَجْ إلى بَهِيمةٍ، فكان عليه وإنِ احْتاجَ إليها، كغَيرِهِ مِن الأعْمالِ. وقال بعضُ أصحابِ الشافعيِّ: ما يتَعلَّقُ بالأُصُولِ والثَّمَرَةِ معًا، كَكَسْحِ النَّهْرِ، هو على مَن شُرِطَ
(1) في: المغني 7/ 539.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه (1) منهما، وإن أُهْمِلَ شَرْطُ ذلك على أحَدِهما، لم تَصِحَّ المُساقاةُ. وقد ذَكَرْنا ما يَدُلُّ على أنَّه على (2) العامِلِ. فأمّا تَسْمِيدُ الأَرْضِ بالزِّبْل إذا احْتاجَتْ إليه، فتَحْصِيلُه على رَبِّ المالِ؛ لأنَّه ليس مِن العَمَلِ، أشْبَهَ ما يُلَقَّحُ به، وتَفْرِيقُه في الأَرْضِ على العامِلِ، كالتَّلْقِيحِ.
فصل: فإن شَرَطا على أحَدِهما شيئًا مِمّا يَلْزَمُ الآخَرَ، فقال القاضي، وأبو الخَطّاب: لا يجوزُ ذلك. فعلى هذا، تَفْسُدُ المُساقاةُ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأَئه شَرْط يُخالِفُ مُقْتَضى العَقْدِ، فأفْسَدَه، كالمُضارَبةِ إذا شُرِطَ العَمَلُ فيها على رَبِّ المالِ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على صِحَّةِ ذلك؛ فإنَّه ذَكَر أنَّ الجِذاذَ عليهما، فإن شَرَطه على العامِلِ، جازَ؛ لأنَّه شَرْطٌ لا يُخِلُّ بمَصْلَحَةِ العَقْدِ، ولا مَفْسَدَةَ فيه، فَصَحَّ، كتَأْجِيلِ الثَّمَنِ في البَيعِ، وشَرْطِ الرَّهْنِ والضَّمِينِ والخِيارِ فيه، لكنْ يشْتَرَطُ أن يكونَ ما يَلْزَمُ كلَّ واحدٍ منهما مِن العَمَلِ مَعْلُومًا؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلى التَّنَازُعِ فيَخْتَلَّ العَمَلُ، وأن لا يكونَ على رَبِّ المالِ أَكْثَرُ العَمَلِ ولا نِصْفُه؛ لأنَّ العامِلَ إنَّما يَسْتَحِقُّ بعَمَلِه، فإذا لم يَعْمَلْ أكثر العَمَلِ، كان وُجُودُ عَمَلِه كَعَدَمِه، فلا يَسْتَحِقُّ شيئًا.
(1) زيادة من: م.
(2)
في ر، ر 1، ق، م:«من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن شَرَط أن يَعْمَلَ معه غِلْمانُ رَبِّ المالِ، فهو كعَمَلِ رَبِّ المالِ، فإنَّ يَدَ الغُلامِ كَيَدِ مَوْلاه. وقال أبو الخَطّابِ: فيه وَجْهان؛ أحَدُهما كما ذَكَرْنا. والثَّاني، يَجوزُ؛ لأنَّ غِلْمانَه مالُه، فجاز أن يُجْعَلَ تَبَعًا لمالِه، كَثَوْرِ الدُّولابِ، وكما يجوزُ في القِراضِ أن يَدْفَعَ إلى العامِلِ بَهِيمَةً يَحْمِلُ عليها. وأمّا رَبُّ المالِ، لا يجوزُ جَعْلُه تَبَعًا. وهذا قولُ مالِكٍ، والشافعيِّ، ومحمدِ بنِ الحَسَنِ. فإذا شَرَط غلْمانًا يَعْمَلُون معه، فنَفَقَتُهمُ على ما يَشْتَرِطان عليه، فإن أطْلَقَا، فهي على رَبِّ المالِ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال مالكٌ: نَفَقَتُهُم على المُساقِي، ولا يَنْبَغِي أن يَشْرُطَها على رَبِّ المالِ؛ لأنَّ العَمَلَ على المُساقِي، فمُؤْنَةُ مَنِ يَعْمَلُه عليه، كمُؤْنَةِ غِلْمانِه. ولَنا، أنَّه مَمْلُوكُ رَبِّ المالِ، فكانت نَفقتُه عليه عندَ الإِطْلاقِ، كما لو أجَرَه، فإن شَرَطَها على العامِلِ، جاز. ولا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُها. وبه قال الشافعيُّ. وقال محمدُ بنُ الحَسَنِ: يُشْتَرَطُ؛ لأنَّه اشْتَرَطَ عليه ما لا يَلْزَمُه، فوَجَبَ أن يكونَ مَعْلُومًا، كسائِرِ الشُّرُوطِ. ولَنا، أنَّه لو وَجَب تَقْدِيرُها، لوَجَبَ ذِكْرُ صفاتِها، ولا يَجِبُ ذلك، فلم يَجِبْ تَقْدِيرُها. ولا بُدّ مِن مَعْرِفَةِ الغِلْمانِ المَشْرُوطِ عَمَلُهُم برُويةٍ، أو صِفَةٍ تَحْصُلُ بها مَعْرِفَتُهُم؛ في عَقْدِ الإِجارَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن شَرَط العامِلُ أنَّ أجْرَ الأُجَراء الَّذِينَ يَحتاجُ إلى الاسْتِعانةِ بهم مِن الثَّمَرةِ، وقَدَّرَ الأُجْرَةَ، لم يَصِحَّ؛ لَأنَّ العَمَلَ عليه، فإذا شَرَط أجْرَه (1) مِن المالِ، لم يَصِحَّ، كما لو شَرَط لنَفْسِه أجْرَ عَمَلِه. وكذلك إن لم يُقَدِّرْه؛ [لذلك، و](2) لأنَّه مَجْهُودٌ. ويُفارق هذا ما إذا شَرَط المُضارِبُ [أَجْرَ من يَحْتاجُ إليهم مِن الحَمّالِين ونحْوهم؛ لأنَّ ذلك لا يَلْزَمُ العامِلَ، فكان على المالِ، ولو شَرَط أجْرَ ما يَلْزَمُه عَمَلُه بنَفْسِه، لم يَصِحَّ](3).
(1) في الأصل، م:«أجرة» .
(2)
سقط من: ر 1، وسقطت الواو من: م.
(3)
سقط من: الأصل.