الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ تَلِفَتْ، ضَمِنَ قِيمَتَهَا، إلا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ صَاحِبِهَا، فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
الوَجْهَينِ؛ لأنَّهما اتَّفقا على حَمْلِه على سَبِيلِ الإِجارَةِ فجَرَى مَجْرَى المُعاطاةِ في البَيعِ، ودُخُولِ الحَمّامِ مِن غيرِ تَقْدِيرِ أجْرٍ. والثاني، لا أجْرَ له؛ لأنَّ المُكْتَرِيَ لم يَجْعَلْ له على ذلك أجْرًا. وإن كاله المُكْرِي وحَمَلَه المُكْتَرِي على الدّابَّةِ عالِمًا بذلك مِن غيرِ أن يَأْمُرَه بحَمْلِه، فعليه أجْرُ القَفِيزِ الزّائِدِ، وإن أمَرَه بحَمْلِه، فَفِي وُجُوبِ الأجْرِ وَجْهانِ، كَما لو حَمَله المُكْرِي عليها؛ لأنَّه إذا أمَرَ به كان ذلك كفِعْلِه. وإن كالهُ أحَدُهما وحَمَلَه أجْنَبِيٌّ، فهو كما لو حَمَلَه الذي كالهُ، وإن كان بِأمْرِ الآخَرِ، فهو كما لو حَمَلَه الآخَرُ، وإن حَمَلَه بغيرِ أمْرِهِما، فهو كما لو كالهُ ثمَّ حَمَلَهُ.
2195 - مسألة: (وإن تَلِفَتْ)
ضَمِنَها (إلَّا أن تكونَ في يَدِ صاحِبِها، فيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِها، في أحَدِ الوَجْهَينِ) إذا تَلِفَتِ الدّابَّةُ التي تَعَدَّى فيها، إمّا بزِيادَةٍ على الحَمْلِ، أو زِيادَةٍ على المَسافةِ، ضَمِنَها بقِيمَتِها، سواءٌ تَلِفَتْ في الزِّيادَةِ أو بعدَ رَدِّها إلى المَسافةِ، وسواءٌ كان صاحِبُها مع المُكْتَرِي أو لم يَكُنْ. هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ والفُقَهاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السَّبْعةِ، إذا تَلِفَتْ حال التَّعَدِّي. وقال القاضِي: إن كان المُكْتَرِي نَزَل عنها، وسَلَّمَها إلى صاحِبِها ليُمْسِكَها أو يَسْقِيَها، فتَلِفَتْ، فلا ضَمانَ على المُكْتَرِي، وإن هَلَكَتْ والمُكْتَرِي راكِبٌ عليها، أو حِمْلُه عليها، ضَمِنَها. وقال [أبو الخَطّابِ] (1): إن كانت يَدُ صاحِبِها عليها، احْتَمَلَ أن [يَلْزَمَ المُكْتَرِيَ](2) جميعُ قِيمَتِها، واحْتَمَلَ أن يَلْزَمَه النِّصْفُ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: إن لم يَكُنْ صاحِبُها معها لَزِمَ المُكْتَرِيَ جميعُ القِيمَةِ، وإن كان معها فتَلِفَتْ في يَدِ صاحِبِها لم يَضْمَنْها المُكْتَرِي؛ لأنَّها تَلِفَتْ في يَدِ صاحِبِها، أشْبَهَ ما لو تَلِفَتْ بعد مُدَّةِ التَّعَدِّي. وإن تَلِفَتْ تَحْتَ الراكِبِ، ففيه قَوْلانِ؛ أحدُهما، يَلْزَمُه نِصْفُ القِيمَةِ؛ لأنَّها تَلِفَتْ بفِعْلٍ مَضْمُونٍ [وغيرِ مَضْمُونٍ](3)، أشْبَهَ ما لو تَلِفَتْ بجِراحَتِه وجِراحَةِ مالِكِها. والثاني، تُقَسَّطُ القِيمَةُ على المَسافَتَين، فما قابَلَ مَسافَةَ الإِجارَةِ سَقَط، وَوَجَب الباقِي. ونحوُ هذا قولُ أبي حنيفةَ، فإنَّه قال في مَن اكْتَرَى جَمَلًا لِحَمْلِ تِسْعَةٍ فحَمَلَ عَشَرَةً، فتَلِفَ: فعلى المُكْتَرِي عُشْرُ قِيمَتِه. قال شيخُنا (4): ومَوْضِعُ الخِلافِ في لُزُومِ كَمالِ القِيمَةِ إذا كان صاحِبُها
(1) في الأصل: «القاضي» .
(2)
في الأصل: «للمكتري» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في: المغني 8/ 79.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مع راكِبها، أو تَلِفَتْ في يَدِ صاحِبها. فأمَّا إن تَلِفَتْ في حالِ التَّعَدِّي، ولم يَكُنْ صاحِبُها مع راكِبِها، فلا خِلافَ في ضَمانِها بكَمالِ قِيمَتِها؛ لأنَّها تَلِفَتْ في يَدٍ عادِيَةٍ، فوَجَبَ ضَمانُها، كالمَغْصُوبِ. وكذلك إذا تَلِفَتْ تحتَ الرّاكِبِ أو تحتَ حِمْلِه وصاحِبُها معها؛ لأنَّ اليَدَ للرّاكِبِ وصاحِبِ الحِمْلِ، بدَليلِ ما لو تَنازَعا دابَّةً أحَدُهُما راكِبُها أو له عليها حِمْلٌ، والآخَرُ آخِذٌ بزِمامِها، كانت لصاحِبِ الحِمْلِ والرّاكِبِ، ولأنَّ الرّاكِبَ مُتَعَدٍّ بالزِّيادَةِ، وسُكُوتُ صاحِبِها لا يُسْقِطُ الضَّمانَ، كمَن حَرَق (1) ثِيابَ إنْسانٍ وهو ساكِتٌ. ولأنَّها إن تَلِفَتْ بسَبَبِ تَعَبِها، فالضّمانُ على المُتَعَدِّي، كمَن ألْقَى حَجَرًا في سَفِينَةٍ مُوقَرَةٍ فغرَّقَها. فأمَّا إن تَلِفَتْ في يَدِ صاحِبِها بعدَ نُزُولِ الرّاكِبِ عنها، وكان تَلَفُها بِسَبَبِ تَعَبِها بالحِمْلِ والسَّيرِ، فهو كتَلَفِها تحت الحِمْلِ والرّاكِبِ، وإن كان بِسَبَبٍ آخَرَ مِن افْتِراسِ سَبُعٍ أو سُقُوطٍ في هُوَّةٍ، فلا ضَمانَ فيها؛ لأنَّها لم تَتْلَفْ في يَدٍ عادِيَةٍ، ولا بِسَبَبِ عُدْوانٍ. وقولُهم: تَلِفَتْ بفِعْلٍ مَضْمُونٍ وغيرِ مَضْمُونٍ، أشْبَهَ ما لو تَلِفَتْ بجِرَاحَينِ. يَبْطلُ بما إذا قُطِعَ السّارِقُ ثمَّ قَطَع آخَرُ يَدَه عُدْوانًا، فمات منْهُما. وفارَقَ ما لو جَرَح نَفْسَه وجَرَحَه غيرُه؛ لأنَّ الفِعْلَين عُدْوانٌ، فَقُسِّمَ الضَّمانُ عليهما.
(1) في م: «خرق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَسْقُطُ الضَّمانُ برَدِّها إلى المَسافَةِ. وبه قال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ، والشافعيُّ. وقال محمدٌ: يَسْقُطُ، كما لو تَعَدَّى في الوَدِيعَةِ ثمَّ رَدَّها. ولَنا، أنَّها يَدٌ صارَتْ ضامِنَةً فلا يَزُولُ الضَّمانُ عنها إلا بإذْنٍ جَدِيدٍ، ولم يُوجَدْ. والأصْلُ مَمْنُوعٌ إلَّا أن يَرُدَّها إلى مالِكها، أو يُجَدِّدَ له (1) إذْنًا.
(1) في م، تش:«لها» .
فَصْلٌ: وَيَلْزَمُ الْمُؤْجِرَ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنَ النَّفْعِ، كَزِمَامِ الْجَمَلِ، وَرَحْلِهِ، وَحِزَامِهِ، والشَّدِّ عَلَيهِ، وَشَدِّ الْأَحْمَالِ
ــ
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(ويَلْزَمُ المُؤْجِرَ) كلُّ (ما يَتَمَكَّنُ بهِ مِن النَّفْعِ، كزِمامِ الجَمَلِ، وَرَحْلِه، وحِزامِه، والشَّدِّ عليه، وشَدِّ
وَالْمَحَامِلِ، وَالرَّفْعِ، وَالْحَطِّ، وَلُزُومِ الْبَعِيرِ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَمَفَاتِيحِ الدَّارِ، وَعِمَارَتِهَا، وَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ.
ــ
الأحْمالِ والمَحامِلِ، والرَّفْعِ، والحَطِّ، ولُزُومِ البعِيرِ ليَنْزِلَ لِصَلاةِ الفَرْضِ، ومَفاتِيحِ الدّارِ، وعِمارَتِها، وكلِّ ما جَرَتْ عادَتُه به) يَلْزَمُ المُكْرِيَ كلُّ ما جَرَتِ العادَةُ أن يُوطَأَ به للرُّكُوبِ، مِن الحِداجَةِ (1) لِلْجَمَلِ، والقَتَبِ، وما يَتَمَكَّنُ به الرّاكِبُ مِن النَّفْعِ، كزِمامِ الجَمَلِ، والبُرَةِ التي في أنْفِه، إن كانت العادَةُ جارِيةً بها، والسَّرْجُ واللِّجامُ للفَرَسِ، والبَرْذَعةُ والإِكافُ للبَغْلِ والحِمارِ، على ما يَقْتَضِيه العُرْفُ بِحَمْلِ الإِطْلاقِ عليه. وما زادَ على ذلك مِن المَحْمِلِ والمحَارَةِ، والحَبْلِ الذي يُشَدُّ به بين المَحْمِلَينِ، على المُكْتَرِي؛ لأنَّه مِن مَصْلَحَةِ الحِمْلِ (2)، وكذلك الوطاءُ الذي يُشَدُّ فَوْقَ الحداجَةِ تحتَ المَحْملِ. وعلى المُكْرِي رَفْعُ المَحْمِل وحَطُّه وشَدُّه على الجَمَلِ، ورَفْعُ الأحْمالِ وشَدُّها وحَطُّها؛ لأنَّ هذا هو العُرْفُ، وبه يَتَمكَّنُ مِن الرُّكُوبِ. ويَلْزَمُه القائِدُ والسائِقُ،
(1) الحداجة: مركب للنساء كالمحفة.
(2)
في تش: «الجمل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا إذا كان الكِراءُ على أن يَذْهَبَ مع المُكْتَرِي، فإن كان على أن يَتَسَلَّمَ الراكِبُ البَهِيمَةَ ليَرْكبَها بنَفْسِه، فكلُّ ذلك عليه؛ لأنَّ الذي على المُكْرِي تَسْلِيمُ البَهِيمَةِ، وقد سَلَّمَها. فأمَّا الدَّلِيلُ فهو على المُكْتَرِي؛ لأنَّ ذلك خارِجٌ عن البَهِيمَةِ المُكْتَراةِ وآلَتِها، فأشْبَهَ الزّادَ. وقيل: إن كان اكْتَرَى منه بَهِيمَةً بعَينِها، فأُجْرةُ الدَّلِيلِ على المُكْتَرِي؛ لأنَّ الذي عليه تَسْلِيمُ الظَّهْرِ، وقد سَلَّمَه، وإن كانتِ الإِجارَةُ على حَمْلِه إلى مكانٍ مُعَيَّنٍ في الذِّمَّةِ، فهو على المُكْرِي (1)؛ لأنَّه مِن مُؤْنَةِ إيصالِه إليه وتَحْصِيلِه فيه. فإن كان الرّاكِبُ مِمَّن لا يَقْدِرُ على الرُّكُوبِ والبَعِيرُ قائِمٌ، كالمَرْأةِ والشَّيخِ والضَّعِيفِ والسَّمِينِ، فعلى الجَمّالِ أن يُبْرِكَ الجَمَلَ لِرُكُوبِه ونُزُولِه؛ لأنَّه لا يتَمَكَّنُ مِنْهُما إلَّا به، وإن كان مِمَّن يُمْكِنُه الرُّكُوبُ والنُّزُولُ مع قِيامِ البَعِيرِ، لم يَلْزَمِ الجَمّال أن يُبْرِكَ الجَمَلَ؛ لإِمْكانِ اسْتِيفاءِ المَعْقُودِ عليه بدُونِه. فإن كان قَويًّا حال العَقْدِ، فتَجَدَّدَ له الضَّعْفُ، أو
(1) في م: «المكتري» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالعَكْسِ، فالاعْتِبارُ بحالِ الرُّكُوبِ؛ لأنَّ العَقْدَ اقْتَضَى رُكُوبَه بحَسَبِ العادَةِ. ويَلْزَمُ الجَمّال أن يَقِفَ البَعِيرَ لِيَنْزِلَ لِصَلاةِ الفَرْضِ، وقَضاءِ حاجَةِ الإِنْسانِ، والطَّهارَةِ، ويَدَعَ البَعِيرَ واقِفًا حتى يَفْعَلَ ذلك؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه فِعْلُ شيءٍ مِن هذا على ظَهْرِ البَعِيرِ. وما يُمْكِنُه فِعْلُه عليه مِن الأكْلِ والشُّرْبِ وصَلاةِ النّافِلةِ، لا يَلْزَمُه أن يَقِفَه له مِن أجْلِه، فإن أرادَ المُكْتَرِي إتمامَ الصَّلاةِ فطالبَه الجَمّالُ بقَصْرِها، لم يَلْزَمْه ذلك؛ بل تكونُ خَفِيفَةً في تَمامٍ.
فصل: إذا اكْتَرَى ظَهْرًا في طَرِيقٍ العادَةُ فيه النُّزُولُ والمَشْيُ عندَ اقْتِرابِ المَنْزِلِ، والرّاكِبُ امْرَأةٌ أو ضَعِيفٌ، لم يَلْزَمْه ذلك؛ لأنَّه اكْتَرَى جَمِيعَ الطَّرِيقِ، [ولم تَجْرِ له عادَةٌ بالمَشْي، فلَزِمَ حَمْلُه في جَمِيعِ الطَّرِيقِ](1)، كالمَتاعِ. وإن كان جَلْدًا قَويًّا، احْتَمَلَ أن لا يَلْزَمَه أيضًا؛ لأنَّه عَقَد على جَمِيعِ الطَّرِيقِ (2)، أشْبَهَ الضَّعِيفَ. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَه؛ لأنَّه مُتعارَفٌ، والمُتعارَفُ كالمَشْرُوطِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان المُكْتَرَى دارًا أو حَمّامًا، فعلى المُكْرِي ما يَتَمَكَّنُ به مِن الانْتِفاعِ، كتَسْلِيمِ مَفاتِيحِ الدّارِ والحَمّامِ؛ لأنَّ عليه التَّمْكِينَ مِن الانْتِفاعِ، وتَسْلِيمُ مَفاتِيحِها تَمْكِينٌ مِن الانْتِفاعِ. فإن ضاعَتْ أو تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطِ المُسْتَأْجِرِ، فعلى المُؤْجِرِ بَدَلُها؛ لكَوْنِها أمانَةً في يَدِ المُسْتَأْجِرِ، فأشْبَهَ حِيطانَ الدّارِ وأبْوابَها. وإن سَقَط حائِطٌ أو خَشَبَةٌ أو انْكَسَرَتْ، فعليه إبْدالُها وبِناءُ الحائِطِ. وعليه تَبْلِيطُ الحَمّامِ، وعَمَلُ الأبْوابِ والبِرَكِ ومَجْرَى الماءِ؛ لأنَّ بذلك يَحْصُلُ الانْتِفاعُ، ويَتَمَكَّنُ منه؛ وما كان لاسْتِيفاءِ المَنافِعِ كالحَبْلِ والدَّلْو والبَكْرَةِ (1)، فعلى المُكْتَرِي. فأمَّا التَّحْسِينُ والتَّزْويقُ، فلا يَلْزَمُ واحِدًا منهما؛ لأنَّ الانْتِفاعَ مُمْكِنٌ بدُونِه.
(1) في م: «البركة» .