الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا انْقَضَتِ الإجَارَةُ وَفِي الْأرضِ غِرَاسٌ أوْ بِنَاءٌ لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِها، خُيِّرَ الْمَالِكُ بَينَ أخذِهِ بِالْقِيمَةِ، أو تَركِهِ بِالأجْرَةِ، أو قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ. وإنْ شُرِطَ قَلْعُهُ لَزِمَ ذَلِكَ، وَلَم تَجِبْ تَسْويَةُ الْأرضِ إلا بِشَرطٍ.
ــ
2222 - مسألة: (وإذا انْقَضتِ الإِجارَةُ وفي الأرضِ غرِاس أو بِناء، لم يُشْتَرَطْ قَلْعُه عندَ انْقِضاءِ)
الأجَلِ، فلِلمالِكِ (أخْذُه بالقِيمة) و (تَركُه بالأجْرةِ، أو قَلْعُه وضَمانُ نَقْصِه. وإنِ) اشْتَرطَ القَلْعَ (لَزِمَه ذلك) ولا يَلْزَمُه (تَسْويةُ الأرضِ إلَّا بشَرطٍ) إذا اسْتَأجَرَ أرضًا للغِراسِ أو للبناءِ سَنَةً، صَحَّ؛ لأنَّه يُمكِنُه تَسْلِيمُ مَنْفَعَتِها المُباحَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَقْصُودَةِ، فأشْبَهتْ سائِرَ المَنافِعِ، وسواء شَرَطَ قَلْعَ الغِراسِ والبِناءِ عندَ انْقِضاءِ المُدَّةِ أو أطلَقَ، وله أن يَغْرِسَ قبلَ انْقِضاءِ المُاةِ، فإذا انْقَضَتْ لم يَكُنْ له أن يَغْرِسَ ولا أن يبنِيَ؛ لِزَوالِ عَقْدِه، فإذا انْقَضَتِ السنةُ، وكان قد شَرَطَ القَطْعَ عندَ انْقِضائِها، لَزِمَه ذلك؛ وَفاءً بمُوجَبِ شَرطِه. وليس على صاحِبِ الأرضِ غَرامةُ نَقْصِه، ولا على المُسْتأجِرِ تَسْويةُ الحَفْرِ وإصلاحُ الأرضِ؛ لأنهما دَخَلا على هذا؛ لرِضاهُما بالقَلْعِ، واشْتِراطِهما عليه. وإنِ اتفَقا على إبْقائِه بأجْرةٍ أو غيرِها، جازَ، إذا شَرَطا مُدَّةً مَعلُومةً. وكذلك لو اكْتَرَى الأرضَ سَنةً بعدَ سَنةٍ، كما انْقَضَى عَقْد جَدَّدَ آخَرَ. وإن أطْلَقَ العَقْدَ، فللمُكْتَرِي القَلْعُ؛ لأنَّه مِلْكُه، فله أخْذُه، كطعامِه في الدَّارِ التي باعها. وإذا قَلَع فعليه تسْويةُ الحَفْرِ؛ لأنه نَقْصٌ دَخَلَ على مِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه. وهكذا إن قَلَعَه قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ ههُنا وفي التي قبلَها؛ لأنَّ القَلْعَ قبلَ الوَقْتِ لم يأذَنْ فيه المالِكُ، ولأنَّه تَصَرَّفَ في الأرضِ تَصرُّفًا نَقَصَها لم يَقْتَضِه عَقْدُ الإجارَةِ، وإن أبى القَلْعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يُجْبَر عليه، إلا أن يَضْمَنَ له المالِكُ النَّقْصَ، فيُجْبَرُ (1) حينئذٍ. وبهذا قال الشافعيّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: عليه القَلْعُ مِن غيرِ ضَمانِ النَّقْصِ له؛ لأنَّ تَقْدِيرَ المُدَّةِ في الإجارَةِ يَقْتَضِي التَّفْرِيغَ عندَ انْقِضائِها، كما لو اسْتَأجَرَها للزَّرعِ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَيسَ لِعِرقٍ ظالِم حَقٌّ» (2). مَفْهُومُه أنَّ غيرَ الظالِمِ له حَق، وهذا غيرُ ظالِم، ولأنه غَرَسَ بإذْنِ المالِكِ، ولم يَشْرُطْ قَلْعَه، فلم يُجْبَر على القَلْعِ مِن غيرِ ضَمانِ النَّقْصِ، كما لو اسْتعارَ منه أرضًا للغَرسِ مُدَّةً فرَجَعَ قبلَ انْقِضائِها،
(1) في ر، م:«فيخير» .
(2)
تقدم تخريجه في 13/ 299.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُخالف الزّرعَ، فإنَّه لا يَقْتَضِي التَّأبِيدَ. فإن قِيلَ: فإن كان إطْلاقُ العَقْدِ في الغِراسِ يَقْتَضِي التّأبِيدَ، فشَرطُ القْلعِ يُنافِي مُقْتَضَى العَقْدِ، فيَنْبَغِي أن يُفْسِدَه. قلنا: إنَّما اقْتَضَى التّأبِيدَ مِن حيثُ إنَّ العادَةَ في الغِرَاسِ التبقِيَةُ، فإذا أطْلَقَه، حُمِلَ على العادَةِ، وإذا شَرَطَ خِلافَه، جازَ، كما إذا باعَ بغيرِ نَقْدِ البَلَدِ، أو شَرَطَ في الإِجارَةِ سَيرًا يُخالِف العادَةَ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ رَبَّ الأرضِ يُخَيَّرُ بينَ ثلاثةِ أشياءَ؛ أحدُها، أن يَدفَعَ قِيمةَ الغِراسِ والبِنَاءِ، فيَملِكَه مع أرضِه؛ لأنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ عنهما به، أشْبَه الشَّفِيعَ في غِراسِ المُشْتَرِي الثاني، أن يَقْلَعَ الغِراسَ والبِنَاءَ، ويَضْمَنَ أرشَ نَقْصِه لذلك. الثالثُ أن يُقِرَّ الغِراسَ والبِناءَ، ويأخُذَ منه أجرَ المِثْلِ. وبهذا قال الشافعي؛ لأنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ عنهما بذلك. وقال مالكٌ: يتَخَيَّرُ بينَ دَفْعِ قِيمَتِه فيَملِكُه وبينَ مُطالبَتِه بالقَلْعِ مِن غيرِ ضَمانٍ، وبينَ تركِه، فيكونان شَرِيكَين. والأوَّلُ أصَحُّ. فإنِ اتَّفَقَا على بَيعِ الغَرسِ والبناءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للمالِكِ، جازَ، وإن باعَهُما صاحِبُهما لغيرِ مالِكِ الأرضِ، جازَ، ومُشْتَرِيهما يَقُومُ مَقامَ البائِعِ فيهما. وقال أصحابُ الشافعي في أحَدِ الوَجْهينِ: ليس له بَيعُهما لغيرِ مالكِ الأرضِ؛ لأنَّ مِلْكَه ضَعِيفٌ، بدَلِيل أنَّ لِصاحِبِ الأرضِ تملُّكَه عليه بالقِيمةِ بغيرِ رِضاه. ولَنا، أنَّه مِلك له يجوزُ بَيعُه لمالِكِ الأرضِ، فجازَ لغيره، كالشِّقْصِ المَشْفُوعِ، وبهذا يَبْطُلُ ما ذَكَرُوه، فإنَّ للشَّفِيعِ تملُّكَ الشِّقْصِ بغيرِ رِضَا المُشْتَرِي، ويجوزُ بَيعُه لغيرِه (1).
فصل: فإن شَرَطَ في العَقْدِ تَبْقِيةَ الغِراسِ، فذَكَرَ القاضِي أنَّه صَحِيحٌ، وحُكْمُه حُكمُ ما لو أطْلَقَ العَقْدَ سواء. وهو قولُ أصحابِ الشافعيِّ. ويَحتَمِلُ أن يَبْطُلَ العَقْدُ؛ لأنَّه شَرَطَ ما يُنافِي مُقْتَضَى العَقْدِ، فلم يَصِحَّ، كما لو شَرَطَ ذلك في الزَّرعِ الذي لا يَكْمُلُ قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، ولأنَّ الشرطَ باطِل؛ بدَلِيلِ أنَّه لا يَجِبُ الوَفاءُ به، وهو مُؤثِّر. فأبْطَلَه، كشَرطِ تَبْقِيةِ الزّرعَ بعدَ مُدَّةِ الإِجارَةِ.
(1) في ق: «كغيره» .