الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ، أَوْ مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَال، أنْفَقَ عَلَيهَا الْحَاكِمُ
ــ
إليه في شيءٍ فَهَرَب، ابْتِيعَ (1) مِن مالِه. فإن تَعَذَّرَ، فلِلْمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ، فإن لم يَفْسَخْ وصَبَر إلى أن يَقْدِرَ عليه، فله مُطالبَتُه بالعَمَلِ؛ لأنَّ ما في الذِّمَّةِ لا يَفُوتُ بهَرَبِه. وكلُّ مَوْضِعٍ امْتَنَعَ الأجِيرُ مِن العَمَلِ فيه، أو مَنَع المُؤْجِرُ المُسْتَأْجِرَ مِن الانْتِفاعِ، إذا كان بعدَ عَمَلِ البَعْضِ، فلا أجْرَ له فيه، على ما سَبَق، إلَّا أن يَرُدَّ العَينَ قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، أو يُتِمَّ العَمَلَ إن لم يَكُنْ على مُدَّةٍ قبلَ فَسْخِ المُسْتَأْجِرِ، فيكونُ له أجْرُ ما عَمِلَ. فأمّا إن شَرَدَتِ الدّابَّةُ، أو تَعذَّرَ اسْتِيفاءُ المَنْفَعةِ بغيرِ فِعْلِ المُؤْجِرِ، فله مِن الأجْرِ بقَدْرِ ما اسْتَوْفَى بكلِّ حالٍ.
2200 - مسألة: (وإن هَرَب الجَمّالُ، أو ماتَ
(1) في م: «بيع» .
مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ، أوْ أذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي النَّفَقَةِ، فَإِذَا انْقَضَتِ الإجَارَةُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ وَوَفَّى الْمُنْفِقَ، وَحَفِظَ بَاقِيَ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِهِ.
ــ
وتَرَك الجِمال، أنْفَقَ عليها الحاكِمُ مِن مالِ الجَمّالِ، أو أذِنَ لِلمُسْتَأْجِرِ في الإِنْفاقِ، فإذا انْقَضَتِ الإجارَةُ باعَها الحاكِمُ ووَفَّى المُنْفِقَ، وحَفِظَ باقِيَ ثَمَنِها لِصَاحِبه) إذا هَرَب الجَمّالُ في بعضِ الطَّرِيقِ، أو قبلَ الدُّخُولِ فيها، لم يَخْلُ مِن حالينِ؛ أحدُهما، أن يَهْرُبَ بجِمالِه. فإن لم يَجِدِ المُسْتَأْجِرُ حاكِمًا، أو وَجَدَ حاكِمًا لم يُمْكِنْ إثْباتُ الحالِ عندَه، أو أمْكَنَ ولم يَحْصُلْ له [ما يَكْتَرِي به](1) ما يَسْتَوْفِي به حَقَّه منه، فلِلْمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ عليه قَبْضُ المَعْقُودِ عليه، أشْبَهَ ما إذا أفْلَسَ المُشْتَرِي. فإن فَسَخ العَقْدَ وكان الجَمّالُ قد قَبَض الأجْرَ، كات دَينًا في ذِمَّتِه، وإن اخْتارَ المُقامَ على العَقْدِ وكانت الإِجارَةُ على عَمَلٍ في الذمَّةِ، فله ذلك،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومتى قَدَر على الجَمّالِ طالبَه به، وإن كان العَقْدُ على مُدَّةٍ انْقَضَتْ في هَرَبِه، انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ [وقد ذَكَرْناه](1). وإن أمْكَنَ إثْباتُ الحالِ عندَ الحاكِمِ، وكان العَقْدُ على مَوْصُوفٍ غيرِ مُعَيَّن، لم يَنْفَسِخِ العَقْدُ، ويَرْفَعُ الأمْرَ إلى الحاكِمِ، ويُثْبِتُ عندَه حاله. فإن وَجَد الحاكِمُ للجَمّالِ مالًا، اكْتَرَى به، وإن لم يَجِدْ له مالًا وأمْكَنَه أن يَقتَرِضَ عليه ما يَكْتَرِي له به، فَعَلَ. فإن دَفَع الحاكِمُ المال إلى المُكْتَرِي ليَكْتَرِيَ به لِنَفْسِه، جازَ في ظاهِرِ كلام أحمدَ. وإن كان القَرْضُ مِن المُكْتَرِي، جاز، وصار دَينًا في ذِمَّةِ الجَمّالِ. وإن كان العَقْدُ على مُعَيَّن، لم يَجُزْ إبْدالُه ولا اكْتِراءُ غيرِه، لأنَّ العَقْدَ تَعَلَّقَ بعَييه، فيُخَيَّرُ المُكْتَرِي بينَ الفَسخِ، أو الصَّبْرِ إلى أن يَقْدِرَ عليه فيُطالِبَه بالعَمَلِ. الحالُ الثاني، إذا هَرَب وترَك جِماله، فإنَّ المُكْتَرِيَ يَرْفَعُ الأمْرَ إلى الحاكِمِ، فإن وَجَد للجَمّالِ مالًا، اسْتَأْجَرَ به مَن يَقُومُ مَقامَه في الإِنْفاقِ على الجِمالِ، والشَّدِّ عليها، وفِعْلِ ما يَلْزَمُ الجَمّال. فإن لم يَجِدْ له غيرَ الجِمالِ، وكان فيها فَضْلَةٌ عن الكِراءِ، باعَ بِقَدْرِ ذلك، وإن لم يَكُنْ فيها فَضْلٌ، أو لم يُمْكِنْ بَيعُه، اقْتَرَضَ عليه الحاكِمُ، كما ذَكَرْنا.
(1) سقط من: تش، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن ادّانَ مِن المُكْتَرِي وأنْفَقَ، جازَ. وإن أذِنَ لِلْمُكْتَرِى في الإِنْفاقِ مِن مالِه بالمَعْرُوفِ؛ ليكونَ دَينًا على الجَمّالِ، جازَ؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجةٍ. فإذا رَجَع، واخْتَلَفا فيما أنْفَقَ، وكان الحاكِمُ قَدَّرَ النَّفَقَةَ، قُبِلَ قَوْلُ المُكْتَرِي في ذلك، دُون ما زادَ، وإن لم يُقَدِّرْ له، قُبِلَ قولُه في قَدْرِ النَّفَقَةِ بالمَعْرُوفِ؛ لأنَّه أمِينٌ، فأشْبَهَ الوَصِيَّ إذا ادَّعَى النَّفَقَةَ على الأيتامِ بالمَعْرُوفِ، وما زادَ لا يَرْجِعُ به؛ لأنَّه مُتَطَوِّعٌ به. وإذا وَصَل المُكْتَرِي، رَفَع الأمْرَ إلى الحاكِمِ، فيَفْعَلُ ما يَرَى الحَظَّ فيه، مِن بَيعِ الجِمالِ، فيُوَفِّي عن الجَمّالِ ما لَزِمَه مِن الدَّينِ للمُكْتَرِي أو لغيرِه، ويَحْفَظُ باقِيَ الثَّمَنِ له. وإن رَأى بَيعَ بعضِها وحِفْظَ باقِيها، والإنْفاقَ على الباقِي مِن ثَمَنِ ما باعَ، جازَ. وإن لم يَجدْ حاكِمًا، أو عَجَز عن اسْتِئْذانِه، فله أن يُنْفِقَ عليها، ويُقِيمَ مُقامَ الجَمّالِ فيما يَلْزَمُه، ولا يَرْجِعُ بذلك إن فَعَلَه مُتَبَرِّعًا. وإن نَوَى الرُّجُوعَ وأشْهَدَ على ذلك، رَجَع به؛ لأنَّه حالُ ضَرُورةٍ. وهذا أحَدُ الوَجْهَين لأصْحابِ الشافعيِّ. وإن لم يُشْهِدْ، ونَوَى الرُّجُوعَ، فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يَرْجِعُ به، لأنَّ تَرْكَ الجِمالِ مع العِلْمِ بأنَّها لا بُدَّ لها مِن نَفَقةٍ إذْن في الإِنْفاقِ. والثاني، لا يَرْجِعُ به؛ لأنَّه (1) يُثْبِتُ لِنَفْسِه حَقًّا على غيرِه. وكذلك إن لم [يَجِدْ مَن يُشْهِدُه] (2) وأنْفَقَ مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ. قال شيخُنا (3): وقِياسُ المَذْهَبِ، أنَّ له
(1) في الأصل: «لا» .
(2)
في م: «يشهد» .
(3)
في: المغني 8/ 96.