الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَجُوزُ إِجَارَةُ الْحَلْي بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ.
ــ
2152 - مسألة: (وتَجُوزُ إجَارَةُ الحَلْي بأُجْرةٍ مِن جِنْسِه
.
وقيلَ: لا تَصحُّ) تجوزُ إجارَةُ الحَلْي [للُّبْسِ والعارِيَّةِ](1) نصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ ابْنِه عبدِ اللهِ. وبه قال الثَّوْرِيُّ، والشافعي، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأي. ورُوِيَ عن أحمدَ أنَّه قال في إجارَةِ الحَلْي: ما أدْرِي ما هو؟ قال القاضِي: هذا مَحْمُول على إجارَته بأُجْرةٍ مِن جِنْسِه، فأمّا بغيرِ جنْسِه، فلا بَأسَ؛ لتَصْرِيحِ أحمدَ بجَوازِه. وقال مالكٌ في إجارَةِ الحَلْي والثيابِ: هو مِن المُشْتَبِهاتِ. ولعَلَّه يَذْهَبُ إلى أنَّ المَقْصُودَ بذلك الزينَةُ، وليس ذلك مِن المَقاصِدِ الأصْلِيَّةِ. ومَن مَنَع ذلك بأجْرٍ مِن جِنْسِه، احْتَجَّ بأنَّها تَحْتَكُّ بالاسْتِعْمالِ، فيَذْهَبُ منه أجْزاء وإن كانت يَسِيرَةً، فيَحْصُلُ الأجْرُ في مُقابَلَتِها ومُقابَلَةِ الانْتِفاعِ بها، فيُفْضِي إلى بَيع ذَهَبٍ بذَهَبٍ وشيءٍ آخَرَ. ولَنا، أنَّها عَين يُنْتَفَعُ بها مَنْفَعَةً مُباحَة مَقْصُودَة مع بَقاءِ عَينها، فأشْبَهَتْ سائِرَ ما يَجُوزُ إجارَتُه. والزِّينَةُ مِن المقاصِدِ الأصْلِيَّةِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى امْتَنَّ بها علينا بقَوْلِه:{لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (2). وقولِه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} (3). وأباح الله تَعالى
(1) سقط من: ق، ر، م.
(2)
سورة النحل 8.
(3)
سورة الأعراف 32.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن التَّحَلِّي واللِّباسِ للنِّساءِ (1) ما حَرَّمَ على الرِّجَالِ؛ لحاجَتِهِنَّ إلى التَّزَيُّنِ للأزْواجِ، وأسْقَطَ الزَّكاةَ عن حَلْيِهِنَّ مَعُونَةً لَهُنَّ على اقْتِنائِه. وما ذَكَرُوه مِن نَقْصِها بالاحْتِكاكِ لا يَصحُّ؛ لأنَّ ذلك يَسير لا يُقابَلُ بعِوَض، ولا يَكادُ يَظْهَرُ في وَزْنٍ، ولو ظهر، فالأجْرُ في مُقابَلَةِ الانْتِفاعِ، لا في مقابَلَةِ الأجْزاءِ؛ لأنَّ الأجْرَ في الإجارَةِ إنَّما هو عِوَضُ المَنْفَعَةِ، كما في سائِرِ المواضِعِ، ولو كان في مُقابَلَةِ الجُزْءِ الذّاهِبِ، لَما جازَ إجارَةُ أحَدِ النَّقْدَين بالآخَرِ؛ لإِفْضائِه إلى التَّفْرُّقِ في مُعاوَضَةِ أحَدِهما بالآخَرِ قبل القَبْضِ.
فصل: ولو استأجَرَ مَن يَسْلُخُ له بَهِيمةً بجِلْدِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يَعْلَمُ هل يَخْرُجُ الجِلْدُ سَلِيمًا أوْ لا؟ وهل هو ثَخِينٌ أوْ رَقِيق؟ ولأنَّه لا يَجُوزُ أن يكون عِوَضًا في البَيعِ، فلا يَجُوزُ أن يكونَ عِوَضًا في الإِجارَةِ، كسائِرِ المَجْهُولاتِ. فإن سَلَخَه بذلك، فله أجْرُ مِثْلِه. وإنِ استَأجَرَه لطَرْحِ مَيتَةٍ بجِلْدِها، فهو أْبلَغُ في الفَسادِ؛ لأنَّ جِلْدَ المَيتَةِ نَجِسٌ لا يجوزُ بَيعُه، وقد خَرَج بمَوْتِه عن كَوْنِه مِلْكًا، وله أجْرُ مِثْلِه إن فَعَل.
فصل: ولو استأجَرَ راعِيًا لغَنم بثُلَثِ دَرِّها وصُوفِها وشَعَرِها
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونَسْلِها، أو نِصْفِه أو جَمِيعِه، لم يَجُزْ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ جَعْفَرِ (1) بن محمدٍ النَّسائيِّ؛ لأنَّ الأجْرَ غيرُ مَعْلُوم، ولا يَصْلُحُ عِوضًا في البيعِ. قال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ: سألتُ أحمدَ عن الرجلِ يَدْفَعُ البَقَرَةَ إلى الرجلِ على أن يَعْلِفَها ويَحْفَظَها، ووَلَدُها بينهما. فقال: أكْرَه ذلك. وبه قال أبو أيُّوبَ وأبو خَيثَمَةَ. ولا أعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّ العِوَضَ مَعْدُومٌ مَجْهُولٌ لا يُدْرَى أيوجَدُ أمْ لا، والأصْلُ عَدَمُه، ولا يَصْلُحُ أن يَكُونَ ثَمَنًا. فإن قيل: فقد جَوَّزْتُم دَفْعَ الدّابَّةِ إلى مَن يَعْمَلُ عليها بنِصْفِ مَغَلِّها (2). قلنا: إنَّما جازَ ثَمَّ تَشْبِيهًا بالمُضارَبةِ، ولأنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ، فجازَ اشْتِراطُ جُزْء مِن النَّماءِ، كالمُضارَبَةِ والمُساقاةِ. وفي مَسألَتِنا لا يُمْكِنُ ذلك؛ لأنَّ النَّماءَ الحاصِلَ في الغَنَمِ لا يَقِفُ حُصُولُه على عَمَلِه فيها، فلم يُمْكِنْ إلْحاقُه بذلك. وذَكَر صاحِبُ المُحَرَّرِ روايةً أخرى: أنَّه يَجُوزُ، بِنَاءً على ما إذا دَفَع دابتَّهَ أو عَبْدَه بجُزْءٍ مِن كَسْبِه. والأوَّلُ ظاهِرُ المَذْهَبِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الفَرْقِ. وعِلى قِياسِ ذلك، إذا دَفَعَ نَحْلَهُ إلى مَن يَقُومُ عليه بجُزْءٍ مِن عَسَلِه وشَمْعِه، يُخرَّجُ على الرِّوايَتَين. فإنِ اكْتَراه على رَعْيِها مُدَّةً مَعْلُومةً بجُزْءٍ مَعْلُومٍ منها، صَحَّ؛ لأنَّ العَمَلَ والمُدَّةَ والأجْرَ مَعْلُومٌ، فصَحَّ، كما لو جَعَل الأجْرَ دَراهِمَ، ويَكُونُ النَّماءُ الحاصِلُ بينهما بحُكْمِ المِلْكِ؛ لأنَّه مَلَكَ الجُزْءَ المَجْعُولَ له منها في الحالِ، فكان له نَماؤه، كما لو اشْتَراه.
(1) في النسخ: «سعيد» . وانظر: طبقات الحنابلة 1/ 124.
(2)
أي غلتها التي تأتي من العمل عليها.