الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي، مَعْرِفَةُ الْعَينِ بِرُؤيَةٍ أوْ صِفَةٍ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَصِحُّ فِي الآخَرِ بِدُونِهِ، وَلِلْمُستَأجِرِ خِيَارُ الرؤيَةِ.
ــ
فإنِ احْتاجَ إلى ذلك، ولم يَجِدْ مَن يُطْرِقُ له، جاز له أن يَبْذُلَ الكِراءَ، وليس للمُطْرِق أخْذُه؛ لأنَّ ذلك بَذْلُ مالٍ لتَحْصِيلِ مَنْفَعَةٍ مُباحةٍ تَدْعُو الحاجَةُ إليها، فجاز، كشراءِ الأسِيرِ، ورِشْوَةِ الظّالِمِ ليَدْفَعَ ظُلْمَه. وإن أطْرَقَ إنْسان فَحْلَه بغيرِ إجارَةٍ ولا شَرْطٍ، فأُهْدِيَتْ له هَدِيَّة، أو أكْرِمَ بكَرامةٍ لذلك، فلا بَأسَ به؛ لأنَّه فَعَل مَعْرُوفًا، فجازَتْ مُجازاتُه عليه، كما لو أهدَى هَدِيةً فجُوزِيَ عليها. واللهُ أعلمُ.
2170 - مسألة: (الثاني، مَعْرِفةُ العَينِ برُؤيةٍ أو صِفَةٍ، في أحَدِ الوَجْهَين، ويَصِحُّ في الآخرِ بدُونِه، وللمُسْتَاجِرِ خِيارُ الرُّويةِ)
يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ العَينِ المُسْتَأجَرَةِ بالمُشاهَدَةِ إن كانت لا تَنْضَبِطُ بالصِّفاتِ، أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالصِّفَةِ إن كانت تَنْضَبِطُ بها، قِياسًا على البَيعِ. وفيه وَجْه آخَر، أنَّه لا يُشْتَرَطُ، ويَثْبُتُ للمُسْتَأجِر خِيارُ الرُّويةِ. وهو قولُ أصْحابِ الرأي. والخِلافُ ههُنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في البَيعِ. وقد ذَكَرْناه، والمَشْهُورُ الأوَّلُ. فعلى هذا، إذا كانت ممّا لا يَنْضَبِطُ بالصِّفَةِ، كالدورِ، والحَمّامِ، فلا بُدَّ مِن رُؤيتها، كالبَيعِ؛ لأنَّ الغَرَضَ يَخْتَلِفُ بصِغَرِها، وكِبَرِها، ومَرافِقِها، ومُشاهَدَةِ قَدْرِ الحَمّامِ؛ ليَعْلَمَ كِبَرَها مِن صِغَرِها، ومَعْرِفةِ مائِهِ، ومُشاهَدَةِ الإيوانِ (1)، ومُطَّرَحِ الرَّمادِ، ومَوْضِح الزِّبْلِ، ومَصْرِفِ ماءِ الحَمّامِ. فمتى أخَلَّ بهذا أو بعضِه، لم يَصِحَّ؛ للجَهالةِ بما يَخْتَلِفُ به الغَرَضُ. وقد كَرِه أحمدُ، رحمه الله، كَرْىَ الحَمّامِ؛ لأنَّه يَدْخُلُه مَن يَكْشِفُ عَوْرَتَه فيه. قال ابنُ حامدٍ: هذا على طَرِيقِ كَراهَةِ التنزِيهِ دُونَ التَّحْرِيمِ، فأمّا العَقْدُ فصَحِيح في قولِ أكثر أهْلِ العِلْمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ، أنَّ كِراءَ الحَمّامِ جائِر، إذا حَدَّدَه، وذَكَر جميعَ آلتِه شُهُورًا مُسَمّاةً. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرأي؛ لأنَّ المُكْتَرِي إنَّما يَأخُذُ الأجْرَ عِوَضًا عن دُخُولِ الحَمّامِ والاغْتِسالِ بمائِهِ، وأحْوالُ المُسْلِمِين مَحْمُولَةٌ على السَّلامَةِ، وإن وَقَعَ مِن بعضِهم فِعْلُ ما لا يَجُوزُ،
(1) في الأصل: «الأبواب» .