الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ غُصِبَتِ الْعَينُ، خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَينَ الفَسْخِ وَمُطَالبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ فَسَخَ، فَعَلَيهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى.
ــ
فَسْخُها لِعُذْرٍ في نَفْسِه، مثلَ أن يَكْتَرِيَ جَمَلًا لِيَحُجَّ عليه فيَمْرَضَ فلا يَتَمَكَّنُ مِن الخُرُوجِ، أو تَضِيعَ نَفَقَتُه، أو يَكْتَرِيَ دُكّانًا للبَزِّ فيَحْتَرِقُ مَتاعُه، وما أشْبَهَ هذا؛ لأنَّ هذا العُذْرَ يتَعَذَّرُ معه اسْتِيفاءُ المَنْفَعَةِ المَعْقُودِ عليها، فمَلَكَ به الفَسْخَ، كما لو اسْتَأْجَر عَبْدًا فأبَقَ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ لا يجوزُ فَسْخُه لغيرِ عُذْرٍ، فلم يَجُزْ لِعُذْرٍ في غيرِ المَعْقُودِ عليه، كالبَيعِ؛ ولأنَّه لو جازَ فَسْخُه لِعُذْرِ المُكْتَرِي، لجازَ لعُذْرِ المُكْرِي، تَسْويةً بينَ المُتعاقِدَينِ ودَفْعًا للضَّرَرِ عن كلِّ واحدٍ منهما، ولم يَجُزْ ثَمَّ، فلا يجوزُ ههُنا. ويُفارِقُ الإِباقَ؛ فإنَّه عُذْر في المَعْقُودِ عليه.
2208 - مسألة: (وإن غُصِبَتِ العَينُ، خُيِّرَ المُسْتَأْجِرُ بينَ الفَسْخِ)
والإِمْضاءِ (ومُطالبَةِ الغاصِب بأُجْرَةِ المِثْلِ) إذا غُصِبَتِ العَينُ المُسْتَأْجَرةُ، فللمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ؛ لأَنَّ فيه تَأْخِيرَ حَقِّه، فإن فَسَخ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالحُكْمُ فيه كما لو انْفَسَخَ العَقْدُ بِتَلَفِ العَينِ، وإن لم يَفْسَخْ حتى انْقَضَتْ مُدَّةُ الإجارَةِ، فله الخِيارُ بينَ الفَسْخِ والرُّجُوعِ بالمُسَمَّى، وبينَ البَقاءِ على العَقْدِ ومُطالبةِ الغاصِبِ بأجْرِ المِثْلِ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه لم يَفُتْ مُطلقًا، بل إلى بَدَلٍ، وهو القِيمَةُ، فأشْبَهَ ما لو أتْلَفَ الثَّمَرةَ المَبِيعَةَ آدَمِيٌّ قبلَ قَطْعِها، ويَتَخَرَّجُ انْفِساخُ العَقْدِ بكلِّ حالٍ على الرِّوايةِ التي تقولُ: إنَّ مَنافِعَ الغَصْبِ لا تُضْمَنُ. وهو قولُ أصحاب الرَّأْي. ولأصْحابِ الشافعيِّ في ذلك اخْتِلافٌ. فإن رُدَّتِ العَينُ في أثناءِ المُدَّةِ، ولم يَكُنْ فَسَخ، اسْتَوْفَى ما بَقِيَ منها، ويكونُ فيما مَضَى مِن المُدَّةِ مُخَيَّرًا، كما ذَكَرْنا. وإن كانتِ الإجارَةُ على عَمَل، كخِياطَةِ ثَوْبٍ، أو حَمْلِ شَيءٍ إلى مَوْضِع مُعَيَّنٍ، فغُصِبَ جَمَلُه الذي يَحْمِلُ عليه، أو عَبْدُه الذي يَخِيطُ له، لم يَنْفَسِخِ العَقْدُ، وللمُسْتَأْجِرِ مُطالبَةُ الأجِيرِ بعِوَضِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَغْصُوبِ وإقامَةِ مَن يَعْمَلُ العَمَلَ؛ لأنَّ العَقْدَ على ما في الذِّمَّةِ، كما لو وَجَد بالمُسْلَمِ فيه عَيبًا فرَدَّه، فإن تَعَذَّرَ البَدَلُ، ثَبَتَ للمُسْتَأجِرِ الخِيارُ بينَ الفَسْخِ والصَّبْرِ إلى أن يَقْدِرَ على العَينِ المَغْصوبةِ، فيَسْتَوْفِيَ منها.
فصل: فإن حَدَث خَوْفٌ عامٌّ يَمْنَعُ مِن سُكْنَى المَسْكَنِ الذي فيه العَينُ المُسْتَأْجَرَةُ، أو يُحْصَرُ البَلَدُ، فيَمْتَنِعُ خُرُوجُ المُسْتَأْجِرِ إلى الأرضٍ المُسْتَأْجَرَةِ للزَّرْعِ، ونحو ذلك، ثبتَ للمُسْتَأْجرِ خِيارَ الفَسْخِ؛ لأنَّه أمْرٌ غالِبٌ [مَنَع المُسْتَأْجِرَ](1) اسْتِيفاءَ المَنْفَعَةِ، فأَثْبَتَ الخِيارَ، كغَصْبِ العَينِ. ولو اكْتَرَى دابّةً لِيَرْكَبَها، أو يَحْمِلَ عليها إلى مَوْضِع مُعَيَّن، فانْقَطَعَتِ الطَّرِيقُ إليها لِخَوْفٍ حادِثٍ، أو اكْتَرَى إلى مَكَّةَ فلم يَحُجَّ الناسُ ذلك العامَ مِن تلك الطرَّيقِ، مَلَك كلُّ واحدٍ منهما فَسْخَ الإِجارَةِ. وإنِ اخْتارَا (2) إبْقاءَها إلى حينِ إمْكانِ اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ، جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما. فأمّا إن كان الخَوْفُ خاصًّا بالمُسْتَأْجِرِ، كمَن خافَ وحدَه؛ لِقُرْبِ أعْدائِه مِن المَوْضِعِ المُسْتَأْجَرِ، أو حُلُولِهم في طَرِيقِه، لم يَمْلِكِ الفَسْخَ، لأنَّه عُذْرٌ يَخْتَصُّ به، لا يَمْنَعُ اسْتِيفاءَ المَنْفَعَةِ بالكُلِّيَّةِ، أشْبَهَ مَرَضَه.
(1) في م: «يمنع من» وفي تش، ر 1:«منعه من» .
(2)
في الأصل، م:«اختار» .