الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ لَهُ أنْ يُودِعَ، أوْ يَبِيعَ نَسَاءً، أوْ يُبْضِعَ، أوْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ، أوْ يَرْهَنَ، أوْ يَرْتَهِنَ؟ عَلى وَجْهَينِ.
ــ
لأنَّه يَصِيرُ مِن التِّجارَةِ المَأذُونِ فيها ومَعْنَى قَوْله: يَأْخُذُ به سُفْتَجَةً. أنَّه يَدْفَعُ إلى إنْسانٍ شيئًا مِن مالِ الشَّرِكَةِ، ويَأخُذُ منه كِتابًا إلى بَلَدٍ آخَرَ، ليَسْتَوْفِيَ منه ذلك المال. ومعنى قَوْلِه: يُعْطِيها. أنَّه يَأْخُذُ مِن إنْسانٍ بِضاعَةً، ويُعْطِيه بثَمَنِ ذلك كِتابًا إلى بَلَدٍ آخَرَ، ليَسْتَوْفِىَ ذلك منه، فلا يَجُوزُ؛ لأن فيه خَطَرًا على المالِ.
2055 - مسألة: (وهل له أن يُودِعَ، أو يَبِيعَ نَساءً، أو يُبْضِعَ، أو يُوَكِّلَ فيما يَتَوَلَّى مثلَه)
بنَفْسِه (أو يَرْهَنَ، أو يَرْتَهِنَ؟ على وَجْهَين) اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في الإيداعِ والإبضاعِ، على رِوايَتَين؛ إحْداهما، له ذلك؛ لأنَّه عادَةُ التُّجّارِ، وقد تَدْعُو الحاجَةُ إلى الإِيداعِ. والثّانِيَةُ، لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَجُوزُ؛ لأنَّه ليس مِن الشَّرِكَةِ، وفيه غَرَرٌ. والصَّحِيحُ أنَّ الإيداعَ يَجُوزُ عندَ الحاجَةِ إليه؛ لأنَّه مِن ضَرُورَةِ الشَّرِكَةِ، أشْبَهَ دَفْعَ المَتاعِ إلى الحَمّالِ. وهل له أن يَبِيعَ نَسَاءً؟ يُخَرَّجُ على الرِّوايَتَين في الوَكِيلِ والمُضارِبِ؛ إحْداهم، له ذلك؛ لأنَّه عادَةُ التُّجّارِ، والرِّبْحُ فيه أكثَرُ. والأخْرَى، لا يَجُوزُ؛ لأنَّ فيه تَغْرِيرًا بالمالِ. فإنِ اشْتَرَى شيئًا بنَقْدٍ عندَه مثلُه، أو نَقْدٍ مِن غيرِ جِنْسِه، أو اشْتَرَى بشَيءٍ مِن ذَواتِ الأمْثالِ وعندَه مثلُه، جاز؛ لأنَّه إذا اشْتَرَى بجِنْسِ [ما عندَه، فهو يُؤدِّي مِمّا في يَدِه، فلا يُفْضِي إلى الزِّيادَةِ في الشَّرِكَةِ. وإن لم يَكُنْ في يَدِه نَقْدٌ ولا مِثْلِيٌّ مِن جِنْسِ ما](1) اشْتَرَى به، أو كان عندَه عَرْضٌ فاستَدانَ عَرْضًا، فالشِّراءُ له خاصَّةً، ورِبْحُه له، وضَمانُه عليه؛ لأنَّه استَدانَ على مالِ الشَّرِكَةِ، وليس
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له ذلك؛ لِما نَذْكُرُه. قال شيخُنا (1): والأوْلَى أنَّه متى كان عندَه مِن مالِ الشَّرِكَةِ ما يُمْكِنُه أداءُ الثَّمَنِ منه ببَيعِه، أنَّه يَجُوزُ؛ لأنَّه أمْكَنَه أداءُ الثَّمَنِ مِن مالِ الشَّرِكَةِ، أشْبَهَ ما لو كان عندَه نَقْدٌ، ولأنَّ هذا عادَةُ التُّجّارِ، ولا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عنه. وهل له أن يُوكِّلَ فيما يَتَوَلَّى مثلَه بنَفْسِه؟ على وَجْهَين، بِناءً على الوَكِيلِ. وقِيلَ: يَجُوزُ للشَّرِيكِ التَّوْكِيلُ، بخِلافِ الوَكِيلِ؛ لأنَّه لو جاز للوَكِيلِ التَّوْكِيلُ، لاسْتَفادَ بحُكْمِ العَقْدِ مثلَ العَقْدِ، والشَّرِيكُ يَسْتَفِيدُ بعَقْدِ الشَّرِكَةِ ما هو أخَصُّ منه ودُونَه؛ لأنَّ التَّوْكِيلَ أخَصُّ مِن عَقْدِ الشَّرِكَةِ. فإن وَكَّلَ أحَدُهما، مَلَك الآخرُ عَزلَه؛ لأنَّ لكلِّ واحِدٍ منهما التَّصَرُّفَ في حَقِّ صاحِبِه بالتَّوْكِيلِ،
(1) في: المغني 7/ 130.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فكذلك بالعَزْلِ. وهل لأحَدِهما أن يَرْهَنَ أو يَرْتَهِنَ بالدَّينِ الذي لهما؟ على وَجْهَين؛ أصَحُّهما، أنَّ له ذلك عندَ الحاجَةِ؛ لأنَّ الرَّهْنَ [يُرادُ للإيفاءِ](1)، والارْتِهانُ يُرادُ للاستيفاءِ، وهو يَمْلِكُ الإيفاءَ والاستيفاءَ، فمَلَكَ ما يُرادُ لهما. والثّانِي، ليس له ذلك؛ لأنَّ فيه خَطَرًا، ولا فَرْقَ بينَ أن يكُونَ مِمَّن وَلِيَ العَقْدَ، أو مِن غيرِه؛ لكَوْنِ القَبْضِ مِن حُقُوقِ العَقْدِ، وحُقُوقُ العَقْدِ لا تَخْتَصُّ العاقِدَ، فكذلك ما يُرادُ له. وهل له السَّفَرُ؟ فيه وَجْهان، نَذْكُرُهما في المُضارَبَةِ.
(1) في الأصل: «يزاد للإنفاء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال له: اعْمَلْ برأيِكَ. جاز له أن يَعْمَلَ كلَّ ما نَفَع (1) في التِّجارَةِ؛ مِن الإبضاعِ، والمُضارَبَةِ بالمالِ، والمُشارَكَةِ به، وخَلْطِه بمالِه، والسَّفَرِ به، والإيداعِ، والبَيعِ نَساءً، والرَّهْنِ، والارْتهانِ،
(1) كذا بالنسخ إلا في الأصل فغير منقوطة، وفي المغني 7/ 131:«يقع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والإقالةِ، ونحو (1) ذلك؛ لأنَّه فَوَّضَ إليه الرَّأيَ في التَّصَرُّفِ الذي تَقْتَضِيه الشَّرِكَةُ، فجاز له كلُّ ما هو مِن التِّجارَةِ. فأمّا التَّملِيكُ بغيرِ عِوَضٍ؛ كالهِبَةِ، والحَطِيطَةِ لغيرِ فائِدَةٍ، والقَرْضِ، والعِتْقِ، ومُكاتَبَةِ الرَّقِيقِ، وتَزْويجِهم، ونحوه، فليس له فِعْلُه؛ لأنَّه إنّما فَوّضَ إليه العَمَلَ بِرَأْيِه في التِّجارَةِ، وليس هذا منها.
(1) في الأصل: «يجوز» .