الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لِلْمُضَارِبِ أنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ، إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَر عَلَى الأوَّلِ. فَإن فَعَلَ، رَدَّ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الأوَّلِ.
ــ
2081 - مسألة: (وليس للمُضارِبِ أن يُضارِبَ لآخَرَ، إذا كان فيه ضَرَر على الأوَّلِ. فإن فَعَل، رَدَّ نَصِيبَه من الرِّبْحِ في شَرِكَةِ الأوَّلِ)
وجُملةُ ذلك، أنَّه إذا أخَذَ مِن إنْسانٍ مُضارَبَةً، ثم أرادَ أخْذَ مُضارَبَة مِن آخَرَ بإذْنِ الأوَّلِ، جاز. وكذلك إن لم يَأذَنْ ولم يَكُنْ عليه ضَرَر، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. فإن كان فيه ضَرَر على الأوَّلِ، ولم يَأذَنْ، مِثلَ أن يَكُونَ المال الثانِي كَثِيرًا يَسْتَوْعِبُ زَمانَه فيَشْغَلُه عن التِّجارَةِ في الأوَّلِ، أو يَكُونَ المالُ الأوَّلُ كثيرًا متى اشْتَغَلَ عنه بغيرِه انْقَطَعَ عن بعضِ تَصَرُّفاتِه، لم يَجُزْ ذلك. وقال أكْثَرُ الفُقَهاءِ: يَجُوزُ؛ لأنَّه عَقْد لا يَمْلِكُ به مَنافِعَه كُلَّها، فلم يَمْنَعْ مِن المُضارَبَةِ، كما لو لم يَكُنْ فيه ضَرَر، وكالأجِيرِ المُشْتَرَكِ. ولَنا، أنَّ المُضارَبَةَ على الحَظِّ والنَّماءِ، فإذا فَعَل ما يَمْنَعُه، لم يَجُزْ له، كما لو أرادَ التَّصَرُّفَ بالعَينِ، وفارَقَ ما لا ضَرَرَ فيه. فعلى هذا، إن فَعَل ورَبِح، رَدَّ الرِّبْحَ في شَرِكَةِ الأوَّلِ، ويَقْسِمانِه، فيَنْظُرُ ما رَبِح في المُضارَبَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثّانِيَةِ، فيَدْفَعُ إلى رَبِّ المالِ منه (1) نَصِيبَه، ويَأخُذُ المُضارِبُ نَصِيبَه مِن الرِّبْحِ فيَضُمُّه إلى رِبْحِ المُضارَبَةِ الأولَى، ويُقاسِمُه لرَبِّ المُضارَبَةِ الأولَى؛ لأنَّه اسْتَحَقَّ حِصَّتَه مِن الرِّبْحِ بالمَنْفَعَةِ التي استُحِقَّتْ بالعَقْدِ الأوَّلِ، فكان بينَهما، كَرِبْحِ المالِ الأولِ. فأمّا حِصَّةُ رَبِّ المالِ الثّانِي مِن الرِّبْحِ فتُدْفَعُ إليه؛ لأنَّ العُدْوانَ مِن المُضارِبِ لا يُسْقِطُ حَقَّ رَبِّ المالِ الثّانِي، ولأنّا لو رَدَدْنا رِبْحَ الثانِي كلَّه في الشَّرِكَةِ الأولَى، لاخْتَصَّ الضَّرَرُ برَبِّ المالِ الثّانِي، ولم يَلحَقِ المُضارِبَ شيءٌ مِن الضَّرَرِ، والعُدْوانُ منه، بل رُبَّما انْتَفَعَ إذا كان قد شَرَط الأوَّلُ النِّصْفَ والثّانِي الثُّلُثَ، ولأنَّه لا يَخْلُو؛ إمّا أن يُحْكَمَ بفَسادِ المُضارَبَةِ الثّانِيَةِ، أو بصِحَّتِها، فإن كانت فاسِدَةً، فالرِّبْحُ كُله لرَبِّ المالِ، وللمُضارِبِ أجْرُ مِثْلِه، وإن حَكَمْنا بصِحَّتِها، وَجَب صَرْفُ حِصَّةِ رَبِّ المالِ إليه بمُقْتَضى العَقْدِ ومُوجِبِ الشَّرْطِ. قال شيخُنا (2): والنَّظَرُ يَقْتَضِي أن لا يَسْتَحِق
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: المغني 7/ 160.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَبُّ المُضارَبَةِ الأولَى مِن رِبْحِ الثَّانِيَةِ شيئًا؛ لأنَّه إنَّما يَسْتَحِقُّ بمالٍ أو عَمَل، ولم يُوجَدْ واحِد منهما، وتَعَدِّي المُضارِبِ إنَّما هو بتَرْكِ العَمَل واشْتِغالِه عن المالِ الأوَّلِ، وذلك لا يُوجِبُ عِوَضًا، كما لو اشْتَغَلَ بالعَمَلِ في مالِ نَفْسِه، أو آجَرَ نفْسَه، أو تَرَك التِّجارَةَ للَعِبٍ أو اشْتِغالٍ بعِلْم أو غيرِ ذلك. ولأنه لو أوْجَبَ عِوَضًا لأوْجَبَ شيئًا مُقَدَّرًا لا يَخْتَلِفُ ولا يَتَقَدَّرُ برِبْحِه (1) في الثّانِي. والله أعلمُ.
(1) في الأصل: «ربحه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن دَفع إليه مُضارَبَةً واشْتَرَطَ النَّفَقَةَ، لم يَجُزْ أن يَأخُذَ لغيرِه بِضاعَة ولا مُضارَبَة وإن لم يَكُنْ على الأوَّلِ ضَرَرٌ؛ لقول أحمدَ: إذا اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ صَار أجِيرًا له، فلا يَأخُذُ مِن أحَدٍ بِضاعةً، فإنَّها تَشْغَلُه عن المالِ الذي يُضارِبُ به. قِيلَ له: وإن كانت لا تشْغَلُه؟ قال: ما يُعْجِبُنِي إلَّا أن يَكُونَ بإذْنِ صاحِبِ المُضارَبَةِ، فإَّنه لا بدَّ مِن شُغْل. قال شيخُنا (1): هذا والله أعْلَمُ، على سَبِيلِ الاسْتِحْباب، وإن فَعَل فلا شيءَ عليه، لأنَّه لا ضَرَرَ على رَبِّ المُضارَبَةِ فيه. وإن أخذَ مِن رَجُل مُضارَبَةً، ثم أخَذَ مِن آخَرَ بِضاعَةً، أو عَمِل في مالِ نَفْسِه واتَّجَرَ فيه، فرِبْحُه في مالِ البِضاعَةِ لصاحِبِها، وفي مالِ نَفْسِه له.
(1) في: المغني 7/ 161.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا أخَذَ مِن رَجُلٍ مائةً قِراضًا، ثم أخَذَ من آخَرَ مِثْلَها، فاشْتَرَى بكلِّ مائَة عبدًا، فاخْتَلَطَ العَبْدان ولم يَتَمَيَّزا، اصْطَلَحا عليهما، كما لو كانت لِرَجُلٍ (1) حِنْطَةٌ فانْثالتْ عليها أخْرَى. وذَكَر القاضي في ذلك وَجْهَين؛ أحَدُهما، يَكُونان شَرِيكَين فيهما، كما لو اشْتَرَكا في عَقْدِ البَيعِ، فيُباعان، ويُقَسَّمُ (2) بينَهما، فإن كان فيهما رِبْحٌ، دَفَع إلى العامِل حِصَّتَه والباقِي (3) بينَهما نِصْفَين. والثّانِي، يَكُونان للعامِلِ، وعليه أداءُ رَأسِ المالِ، والرِّبْحُ له والخُسْرانُ عليه. وللِشافعيِّ قَوْلان كالوَجْهَين. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنّ مِلْكَ كلِّ واحِدٍ منهما ثابِتٌ في أحَدِ العَبْدَين، فلا يَزُولُ بالاشْتِباهِ عن جَمِيعِه ولا عن بَعْضِه بغيرِ رِضاه، كما لو لم يَكُونا في يَدِ المُضارِبِ، ولأنَّنا لو جَعَلْناهُما للمُضارِبِ، أدَّى إلى أن يَكُونَ تَفْرِيطُه سَبَبًا لانْفِرادِه بالرِّبْحِ وحِرْمانِ المُتَعَدَّى عليه، وعَكْسُ ذلك أوْلَى، وإن جَعَلْناهُما شَرِيكَين أدَّى إلى أن يَأخُذَ أحَدُهما رِبْحَ مالِ الآخَرِ بغيرِ رِضاه، وليس له مالٌ ولا عَمَل.
فصل: إذا تَعَدَّى المُضارِبُ بفِعْلِ ما ليس له فِعْلُه، فهو ضامِنٌ للمالِ، في قولِ أكْثَرِ أهْلَ العِلْمَ. رُوِيَ ذلك عن أبِي هُرَيرَةَ، وحَكِيمَ بنَ حِزام، وأبي قِلَابَةَ، ونافِع، وإياس، والشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، والحَكَمِ (4)،
(1) في الأصل: «لرجلين» .
(2)
في الأصل: «يقسمان» .
(3)
في الأصل: «الثاني» .
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحَمّادٍ، ومالكٍ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأي. وعن علي، رضي الله عنه: لا ضَمانَ على مَن شُورِكَ في الرِّبْحِ. ورُوِيَ مَعْنَى ذلك عن الحَسَن، والزُّهْرِيِّ. ولَنا، أنَّه مُتَصَرِّفٌ في مالِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، فلَزِمَه الضَّمان، كالغاصِبِ، ولا نَقُولُ بمُشارَكَتِه في الرِّبْحِ، فلا يَتَناوَلُه قولُ علي، رضي الله عنه. ومتى اشْتَرَى ما لم يُؤذَنْ فيه، فرَبِح فيه، فالرِّبْحُ لرَبِّ المالِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال أبو قِلَابَةَ، ونافِعٌ. وعن أحمدَ، أنهما يَتَصَدَّقان بالرِّبْحِ (1). وبه قال الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والحَكَمُ، وحَمّاد. قال القاضي: قولُ أحمدَ: يَتَصَدَّقان بالرِّبْحَ. على سبِيلِ الوَرَعِ، وهو لرَبِّ المَالِ في القَضاءِ. وهذا قولُ الأوْزاعِيِّ. وقال إيَاسُ بنُ مُعاويَةَ، ومالك: الرِّبْحُ على ما شَرَطاهُ؛ [لأنَّه نَوْعُ نَقْدٍ، فلا يَمْنَعُ كَوْنَ الرِّبْحِ بينَهما على ما شرَطاه](2)، كما لو لَبِس الثَّوْبَ، ورَكِب دابَّةً ليس له رُكُوبُها. وقال القاضي: إنِ اشْتَرَى في الذِّمَّةِ ثم نَقَدَ المال، فالرِّبْحُ لرَبِّ المالِ. وإنِ اشْتَرَى بعَينِ المالِ، فالشِّراءُ باطِل في إحْدَى الرِّوايَتَين. والأخْرَى، هو مَوْقُوفٌ على إجازَةِ المالِكِ (3)، فإن أجازَه، صَحَّ، وإلَّا بَطَلَ. والمَذْهَبُ الأوَّلُ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَم. وقال أبو بكر: لم يَرْو أنَّه يتَصَدَّقُ بالرِّبْح إلَّا حَنْبَلٌ. واحْتَجَّ أحمدُ بحدِيثِ عُرْوَةَ البارِقِيِّ، وهو ما روَى [أبو لَبِيدٍ](4)، عن عُرْوَةَ بنِ الجَعْدِ، قال: عَرَض للنبيِّ صلى الله عليه وسلم جَلَبٌ،
(1) بعده في الأصل: «على سبيل الورع» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «رب المال» .
(4)
في م: «أبو الوليد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأعْطانِي دِينارًا، فقال:«يا (1) عُرْوَةُ، ائْتِ الجَلَبَ، فاشْتَرِ لَنَا شَاةً» . فأتَيتُ الجَلَبَ فساوَمْتُ صاحِبَه، فاشْتَرَيتُ شاتَين بدِينار، فجِئْتُ أسُوقُهُما -أو أقُودُهما- فلَقِيَني رجل بالطَّرِيقِ، فساوَمَنِي، فبعْتُ منه شاةً بدِينارٍ، فجِئْتُ بالدِّينار وبالشّاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، هذا دِينارُكُم، وهذه شاتُكُم. قال:«وكَيفَ صَنَعْتَ؟» . فحَدَّثْتُه الحَدِيثَ، فقال:«اللَّهُمَّ بَارِكْ له في صَفْقَةِ يَمِينهِ» . رَواه الأثْرَمُ (2). ولأنَّه نَمَاءُ مالِ غيرِه بغيرِ إذْنِ مالِكِه فكان لمَالِكِه، كما لو غَصَب حِنْطَةً فزَرَعَها. فأمّا المُضارِبُ، فَفِيه رِوَايتَانِ؛ إحْداهما، لا شيءَ له؛ لأَنه عَقَد عَقْدًا لم يُؤذَنْ له فيه، فلم يَكُنْ له شيء، كالغاصِبِ. وهذا اخْتِيارُ أبي بَكْر. والثّانِيَةُ، له أجْر؛ لأنَّ رَبَّ المالِ رَضِيَ بالبَيعِ وأخَذَ الرِّبْحَ، فاسْتَحَقَّ العامِلُ عِوَضًا، كما لو عَقَدَه بإذْنٍ (3). وفي قَدْرِ الأجْرِ رِوايتان؛ إحْداهُما، أجْرُ مِثْلِه ما لم يُحِطْ بالرِّبْحِ؛ لأنَّه عَمِل ما يَسْتَحِقُّ به العِوَضَ، ولم يُسَلَّمْ له المُسَمَّى، فكان له أجْرُ مِثْلِه، كالمُضارَبَةِ الفاسِدَةِ. والثّانِيَةُ، له الأقَل مِن المُسَمَّى أو أجْرِ المِثْلِ؛ لأنه إن كان المُسَمَّى أقَلَّ، فقد رَضِيَ به، فلم يَسْتَحِقَّ اكْثَرَ منه، وإن كان أجْرُ المِثْلِ أقَلَّ، فلم يَسْتَحِقَّ أكثر منه؛ لأَنه لم يَعْمَلْ ما أمِرَ به. فإن قَصَد الشراءَ
(1) زيادة من: ر 1، وفي المسند 4/ 376:«أي» .
(2)
تقدم تخريجه في 11/ 56.
(3)
في م: «بإذنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لنَفْسِه، فلا أجْرَ له، رِوَايَةً واحِدَةً. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: إنِ اشْتَرَى في ذِمَّتِه ونَقَد المال، فلا أجْرَ له، رِوَايةً واحِدةً، وإنِ اشْتَرَى بعَينِ المالِ، فعلى رِوايَتَين.
فصل: وعلى العامِلِ أن يَتَوَلَّى بنَفْسِه كلَّ ما جَرَتِ العادَةُ أن يَتَولَّاه المُضارِبُ؛ مِن نَشْرِ الثَّوْبِ، وطَيِّه، وعَرْضِه على المُشْتَرِي، ومُساوَمَتِه، وعَقْدِ البَيعِ، وأخْذِ الثَّمَنِ، وانْتِقادِه (1)، وشَدِّ الكِيسِ، وخَتْمِه، وإحْرازِه، ونحو ذلك. ولا أجْرَ له عليه؛ لأنَّه استحَقَّ الرِّبْحَ في مُقابَلَتِه. فَإنِ اسْتَأجَرَ مَن يَفْعَلُ ذلك، فالأجْرُ عليه خاصَّةً؛ لأن العَمَلَ عليه. فأمّا ما لا يَليه في العادَةِ، كالنِّداءِ على المَتاعٍ، ونَقْلِه إلى الخانِ، فليس على العامِلِ عَمَلُه، وله أن يَكْتَرِيَ مَن يَعْمَلُه. نصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ العَمَلَ في المُضارَبَةِ غيرُ مَشْرُوطٍ؛ لمَشَقَّةِ اشْتراطِه، فرُجِعَ فيه إلى العُرْفِ. فإن فَعَل العامِلُ ما لا يَلْزَمُه مُتَبَرِّعًا، فلا أجْرَ له. وإن فَعَلَه ليَأخُذَ عليه أجْرًا، فنَصَّ أحمدُ على أنَّه لا شيءَ له. وخَرَّجَ أصحابُنا وَجْهًا، أن له الأجْرَ، بِناءً على الشَّرِيكِ إذا انْفَرَدَ بعَمَل لا يَلْزَمُه، هل له أجْر لذلك؟ على رِوايَتين. وهذا مِثْلُه. قال شيخُنا (2): والصَّحِيحُ أنَّه لا أجْرَ له في المَوْضِعَين؛ لأنَّه عَمِل في مالِ غيرِه عَمَلًا لم يُجْعَلْ له في مُقابَلَتِه شيء، فلم يَسْتَحِقَّ شيئًا، كالأجْنَبِيِّ.
(1) في الأصل: «إنقاده» .
(2)
في: المغني 7/ 164.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا غُصِبَ مالُ المُضارَبَةِ أو سُرِق، فهل للمُضارِبِ المُطالبَةُ به؟ على وَجْهين؛ أحدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّ المُضِارَبَةَ عَقْد على التِّجارَةِ، فلا يَدْخُلُ فيه الخُصُومَةُ. والثّانِي، له ذلك؛ لأنه يَقْتَضِي حِفْظَ المالِ، ولا يَتمُّ ذلك إلا بالخُصُومَةِ والمُطالبَةِ، سِيَّما إذا كان غائِبًا عن رَبِّ المالِ، فإنَّه حينَئذٍ لا مُطالب (1) بِه إلَّا المُضارِبُ، فإن تَرَكَه ضاع. فعلى هذا، إن تَرَك الخُصُومَةَ والطَّلَبَ به في هذه الحالِ، ضَمِن؛ لأنه ضَيَّعَه وفَرَّطَ فيه. فأمّا إن كان رَبُّ المالِ حاضِرًا، وعَلِم الحال، فإنَّه لا يَلْزَمُ العامِلَ طَلبه، ولا يَضْمَنُه إذا تَرَكَه؛ لأنَّ رَبَّ المالِ أوْلَى بذلك مِن وَكِيله.
فصل: وإذا اشْتَرَى المُضارِبُ عَبْدًا، فقَتَلَه عَبْد لغَيرِه، ولم يَكُنْ ظَهَر في المالِ رِبْح، فالأمْرُ لرَبِّ المالِ؛ إن شاء اقْتَصَّ، وإن شاء عَفَا على غيرِ مالٍ، وتَبْطُلُ المُضارَبَةُ فيه؛ لذَهاب رَأسِ المالِ. وإن شاء عَفَا على مالٍ، فإن عَفَا على مِثْلِ رَأسِ المالِ أو أقَلَّ أَو أكثرَ، فالمُضارَبَةُ بحالِها، والرِّبْحُ بينَهما على ما شَرَطَاه؛ لأنَّه وُجِد بَدَل عن رَأسِ المالِ، فهو كما لو وَجَد بَدَلَه بالبَيعِ، وإن كان في العَبْدِ رِبْح، فالقِصَاصُ إليهما، والمُصالحَةُ كذلك؛ لكَوْنِهما شَرِيكَين فيه. والحُكْمُ في انْفِساخِ المُضارَبَةِ وبَقائِها على ما تَقَدّمَ.
(1) في م: «لا يكون مطالبا» .