الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإن أطْلَقَ الإجَارَةَ، لَمْ تَصِح فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَصِحُّ فِي الآخَرِ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي ذَلِكَ.
ــ
2165 - مسألة: (فإن أطْلَقَ الإجارَةَ)
صَحَّت (ويَنْتَفِعُ بها في ذلك) وهذا اخْتيارُ أبي الخَطابِ؛ لأنَّ مَنْفَعَتَها في الإجارَةِ مُتَعَينة في التحَلِّي والوَزْنِ، وهما مُتَقارِبانِ، فوَجَبَ أن تُحْمَلَ الإجارَةُ عندَ الإطْلاقِ عليهما، كاستئْجارِ الدّارِ مُطْلَقًا، فإنَّه يَتَناوَلُ السُّكْنَى وَوَضْعَ المَتاعِ فيها. فعلى هذا يَنْتَفِعُ بها فيما شاءَ منهما. وقال القاضي: لا تَصِحُّ الإجارَةُ، وتكون قَرْضًا. وهذا مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ الإجارَةَ تَقْتَضِي الانْتِفاعَ، والانْتِفاعُ المُعْتادُ بالدراهِمِ والدَّنانِيرِ إنَّما هو بأعْيانِها، فإذا اطْلِقَ الانْتِفاعُ حُمِلَ على الانْتِفاعِ المُعتادِ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: لا تَصِحُّ الإجارَة، ولا تَكُونُ قَرْضًا؛ لأن التحَلِّيَ يَنْقُصُها، والوَزْنُ لا يَنْقُصُها، فقد اخْتَلَفَت جهَةُ الانْتِفاعِ، فلم يَجُزْ إطْلاقُها. ولا يَجُوزُ أن يُعَبرَ بها عن القَرْضِ؛ لَأنَّ القَرْضَ تَمْلِيك للعَينِ، والإجارَة تَمْلِيك للمَنْفَعَةِ تَقْتَضِي الانْتِفاعَ مع بقاءِ العَينِ، فلم يَجُزِ التَّعْبِيرُ بأحَدِهما عن الآخَرِ. ولأن التَّسْمِيَةَ والألفاظَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُؤْخَذُ نَقْلًا، ولم يُعْهَدْ في اللِّسانِ التَّعْبِيرُ بالإجارَةِ عن القَرْضِ. قال شيخُنا (1): وقولُ أبي الخَطَّابِ أصَحُّ إن شاءَ الله تَعالى؛ لأنَّ العَقْدَ متى أمْكَنَ حَمْلُه على الصحَّةِ، كان أوْلَى مِن إفْسادِه، وقد أمْكَنَ حَمْلُها على إجارَتِها للجِهَةِ التي تَجُوزُ إجارَتُها فيها. وقولُ القاضي، لا يَصِحُّ؛ لِما ذَكَرْنا. وما ذَكَر أصحاب الشافعيِّ مِن نَقْصِ العَينِ بالاسْتِعْمالِ في التَّحَلِّي، فبَعِيدٌ؛ فإن ذلك يَسِير لا أثَرَ له، فوجودُه كعَدَمِه.
فصل: ويَجوز أن يَسْتَأجِرَ نَخْلًا لتجَفِّفَ عليها الثِّيابَ، أو يَبسطَها عليها ليَسْتَظِلَّ بظِلِّها. ولأصْحابِ الشافعيِّ في ذلك وَجْهان؛ لِما ذَكَروه في الأثْمانِ. ولنا، أنَّها لو كانت مَقْطُوعَةً، لجاز اسْتِئْجارها لذلك، فكذلك النّابِتَةُ، وذلك لأنَّ الانْتِفاعَ يَحْصل بهما على السواءِ في الحالتَين، فما جاز في إحْداهما يَجوز في الأخْرَى. ولأنها شَجَرَةٌ، فجاز اسْتِئْجارها لذلك، كالمَقْطُوعَةِ. ولأنَّها مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ يمْكِن اسْتِيفاؤها مع بَقَاءِ العَينِ، فجاز العَقْد عليها، كما لو كانت مَقْطوعَةً.
(1) في: المغني 8/ 127.