الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ كَانَ لِلْحَمْلِ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ.
ــ
2147 - مسألة: (فإن كان للحَمْلِ، لم يَحْتَجْ إلى ذِكْرِه)
لعَدَمِ الغَرَضِ في مَعْرِفَتِه. فإن اتفَقَ وُجُودُ غَرَضٍ في الحُمُولةِ، مثلَ أن يكون المَحْمُولُ شيئًا تَضُرُّه كثرةُ الحَرَكَةِ، كالفاكِهَةِ والزُّجاجِ، أو كَوْنِ الطرِيقِ ممّا يَعْسُرُ على بعضِها دُونَ بعضٍ، فيَنْبَغِي أن يَذْكُرَه في الإجارَةِ، ذَكَرَه شيخُنا (1). وتُشْتَرَطُ مَعْرِفةُ المَتاعِ برُؤيَةٍ أو صِفَةٍ، ويَذْكُرُ جِنْسَه
(1) في: المغني 8/ 98.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن حَدِيدٍ أو قُطْنٍ أو نحوه؛ لأنَّ ضَرَرَه يَخْتَلِفُ، وقَدْرَه بالوَزْنِ إن كان مَوْزُونًا، أو بالكَيلِ إن كان مَكِيلًا؛ لأنَّ البَيعَ يَصِحُّ بكلا الأمْرَين، ويَحْصُلُ بالمُشاهَدَةِ؛ لأنَّها مِن أعْلَى طُرُقِ العِلْمِ، والصِّفَةِ إذا ذَكَر القَدْرَ والجِنْسَ. وذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّه إذا قال: أجَرْتُكَها لتَحْمِلَ عليها ثَلاثمائةِ رَطْلٍ ممّا شِئْتَ. جاز، ومَلَك ذلك، لكنْ لا يُحَمِّلُه حِمْلًا يَضُرُّ بالحَيوانِ. فلو أراد حَمْلَ حَدِيدٍ أو زِئْبَقٍ، يَنْبَغِي أن يُفَرِّقَه على ظَهْرِ الحَيوانِ، فلا يَجْتَمِعُ في مَوْضِعٍ واحدٍ مِن ظَهْرِه، ولا يَجْعَلُه في وعاءٍ يَمُوجُ فيه فيَكُدُّ البَهِيمةَ ويُتْعِبُها. وإنِ اكْتَرَى ظَهْرًا للحَمْلِ مَوْصُوفًا بجِنْسٍ، فأرادَ حَمْلَه على غيرِ ذلك الجِنْس، وكان الطّالِبَ لذلك المُسْتَأجِرُ، لم يُقْبَلْ منه؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ المُطالبَةَ بما لم يَعْقِدْ عليه. وإن طَلَبَه المُؤْجِرُ، وكان يَفُوتُ به غَرَضُ المُسْتَأجِرِ، مثلَ أن يكونَ غَرَضُه الاسْتِعْجال (1) في السَّيرِ، أو أن لا يَنْقَطِعَ عن القافِلَةِ، فيُعَيِّنُ الخَيلَ أو البغال، أو يكونَ غَرَضُه السُّكُونَ؛ لكَوْنِ المَحْمُولِ ممّا يَضُرُّهُ الهَزُّ، أو قُوَّتَها وصَبْرَها؛ لطُولِ الطرِيقِ وثِقَلِ الحُمُولَةِ، فيُعَيِّنُ الإبِلَ، لم يَجُزِ
(1) في ر، ق:«الاستعمال» .
فَصْلٌ: وَالثَّانِي، مَعْرِفَةُ الأجْرَةِ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ،
ــ
العُدُولُ عنه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ غَرَضَ المُسْتَأجِرِ، فلم يَجُزْ ذلك كما في المَرْكُوبِ. وإن لم يُفَوِّتْ غَرَضًا، جاز، كما يجوزُ لمَن اكْتَرَى على حَمْلِ شيءٍ حَمْلُ مِثلِه. فإنِ اكْتَرَى بَهِيمَةً لحَمْلِ ما شاء، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه يَدْخُلُ فيه ما يَقْتُلُ البَهِيمَةَ، وكذلك إن شَرَط طاقَتَها؛ لأنه لا ضابِطَ له.
فصل: قال، رضي الله عنه:(الثّانِي، مَعْرِفَةُ الأجْرَةِ بما يَحْصُلُ به مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ) قِياسًا عليه. ولا نَعْلَمُ في ذلك خِلافًا. وقد رُوِيَ عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «مَنِ اسْتَأجَرَ أجِيرًا، فَلْيُعْلِمْهُ أجْرَهُ» (1). ويُعْتَبَرُ العِلْمُ بالرُّؤيَةِ أو بالصِّفَةِ، كالبَيعِ. فإن كان العِوَضُ مَعْلُومًا بالمُشاهَدَةِ دُونَ القَدْرِ، كالصُّبْرَةِ، جاز في أحَدِ الوَجْهَين، كالثَّمَنِ في البَيعِ. والثاني، لا يَجُوزُ؛ لأنَّه قد يَنْفَسِخُ العَقْدُ بعدَ تَلَفِ الصُّبْرَةِ، فلا يَدْرِي بكم يَرْجِعُ، فاشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ قَدْرِه، كعِوَضِ السَّلَمِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْنا، وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ، ثم الفَرْقُ بينَهما أنَّ المَنْفَعَةَ هاهُنا أُجْرِيَتْ مُجْرَى الأعْيانِ؛ لأنها مُتَعلِّقةٌ بعَينٍ حاضِرَةٍ، والسَّلَمُ يتَعَلَّقُ بمَعْدُومٍ، فافْتَرَقا. وللشافعيِّ نَحْوُ ما ذَكَرْنا في هذا الفَصْلِ.
فصل: وكُلُّ ما جاز أن يكونَ ثَمَنًا في البَيعِ، جاز عِوَضًا في الإِجارَةِ؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، أشْبَهَ البَيعَ.
(1) أخرجه النسائي، في: باب الثالث من الشروط فيه المزارعة والوثائق، من كتاب المزارعة. المجتبى 7/ 29 بنحوه موقوفًا على أبي سعيد. والبيهقي، في: باب لا تجوز الإجارة حتى تكون معلومة. . . .، من كتاب الإجارة. سنن البيهقي 6/ 120، مرفوعًا. وابن أبي شيبة، في: باب من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 303، موقوفًا على أبي هريرة وأبي سعيد.