الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، شَرِكَةُ الْعِنَانِ،
ــ
أنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَينِهِمَا». رَواه أبو داودَ (1). ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«يَدُ اللهِ عَلَى الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا» (2). وأجْمَعَ المُسْلِمُون على جَوازِ الشَّرِكَةِ في الجُمْلَةِ، وإنَّما اخْتَلَفُوا في أنْواعٍ منها نُبَيِّنُها إن شاء اللهُ تعالى. والشَّرِكَةُ نَوْعانِ؛ شَرِكَةُ أمْلاكٍ، وشَرِكَةُ عُقُودٍ. وهذا البابُ لشَرِكَةِ العُقُودِ.
2040 - مسألة: (وهي على خَمْسَمةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُها، شَرِكَةُ
(1) في: باب في الشركة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 229.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني 3/ 35.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العِنانِ) والثَّانِي، شَرِكَةُ (1) المُضارَبَةِ، وشَرِكَةُ الوُجُوهِ، وشَرِكَةُ الأبدانِ، وشَرِكَةُ المُفاوَضَةِ. ولا يَصِحُّ شيءٌ منها إلّا مِن جائِزِ التَّصَرُّفِ؛ لأنَّه عَقْدٌ على التَّصَرُّفِ [في المالِ](2)، فلم يَصِحَّ مِن غيرِ جائِزِ التَّصَرُّفِ في المالِ، كالبَيعَ.
فصل: قال أحمدُ: يُشارِكُ اليَهُودِيَّ والنَّصْرانِيَّ، ولكِنْ لا يَخْلُو اليَهُودِيُّ والنَّصْرانيُّ بالمالِ دُونَه، ويَكُونُ هو الذي يَلِيه؛ لأنَّه يَعْمَلُ بالرِّبا. وبهذا قال الحَسَنُ، والثَّوْرِيُّ. وكَرِهَ الشافعيُّ مُشارَكَتَهم مُطْلَقًا؛ لأنَّه رُوِيَ عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ أنَّه قال: أكْرَهُ أن يُشارِكَ المُسْلِمُ اليَهُودِيَّ. ولا يُعْرَفُ له مُخالِفٌ في الصَّحابَةِ، ولأنَّ مال اليَهُودِيِّ وانَّصْرانِيِّ ليس بطَيِّبٍ، فإنَّهم يَبِيعُون الخَمْرَ، ويَتَعامَلُون بالرِّبا، فكُرِهَتْ مُعامَلَتُهم.
(1) سقط من: الأصل، ر، ق.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَنا، ما روَى الخَلَّالُ (1) بإسْنادِه، عن عَطاءٍ قال: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنَ مُشارَكَةِ اليَهُودِيِّ والنَّصْرانِيِّ، إلَّا أن يَكُونَ الشِّراءُ والبَيعُ بيَدِ المُسْلِمِ. ولأنَّ العِلةَ في كَراهَةِ ما خَلَوْا به مُعامَلَتُهم بالرِّبا، وبَيعُ الخَمْرِ والخِنْزِيرِ، وهذا مُنْتَفٍ فيما حَضَرَه المُسْلِمُ أو وَلِيَه. وقولُ ابنِ عباسٍ مَحْمُولٌ على هذا، فإنَّه عَلَّلَ بكَوْنِهم يُرْبُون. كذلك رَواه الأثْرَمُ (2) عن أبي حَمْزَةَ، عن ابنِ عباسٍ، أنه قال: لا تُشارِكَنَّ يَهُودِيًّا ولا نَصْرانِيًّا ولا مَجُوسِيًّا؛ لأنَّهم يُرْبُون، وإنَّ الرِّبا لا يَحِلُّ. وهو قولُ واحدٍ مِن الصَّحابَةِ لم يَنْتَشِرْ بينَهم، وهم لا يَحْتَجُّون به. وقَوْلُهم: إنَّ أمْوالهم غيرُ طَيِّبَةٍ. لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد عامَلَهم، ورَهَن دِرْعَه عندَ يَهُودِيٍّ على شَعِيرٍ أخَذَه لأَهْلِه (3)، وأرْسَلَ إلى آخَرَ يَطْلُبُ منه ثَوْبَين إلى المَيسَرَةِ (4)، وأَضافَه يَهُودِيٌّ بِخُبْزٍ وإهَالةٍ سَنِخَةٍ (5). ولا يَأْكُلُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلَّا الطَّيِّبَ. وما باعُوه مِن الخَمْرِ والخِنْزِيرِ قبلَ مُشارَكَةِ المُسْلِمِ، فثَمَنُه حَلالٌ؛ لاعْتِقادِهم حِلَّه؛ ولهذا قال عُمَرُ، رضي الله عنه: وَلُّوهُمْ
(1) وأخرجه ابن أبي شيبة موقوفًا، في: باب مشاركة اليهودي والنصراني، من كتاب البيوع. المصنف 6/ 9.
(2)
أخرجه البيهقي، في: باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا. . . .، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 5/ 335. وابن أبي شيبة، في: باب مشاركة اليهودي والنصراني، من كتاب البيوع. المصنف 6/ 8.
(3)
تقدم تخريجه في 11/ 87.
(4)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 216، 217. والنسائي، في: باب البيع إلى الأجل المعلوم، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 258 ، 259. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 147.
(5)
تقدم تخريجه في 11/ 87.
وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ بِمَاليهِمَا لِيَعْمَلَا فِيهِ ببَدَنَيهِمَا، وَرِبْحُهُ لَهُمَا، فَيَنْفُذَ تَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ في نَصِيبهِ، وَالْوَكَالةِ في نَصِيبِ شَرِيكِهِ.
ــ
بَيعَها وخُذُوا أَثْمانَها (1). فأمّا ما يَشْتَرِيه أو يَبِيعُه مِن الخَمْرِ بمالِ الشَّرِكَةِ أو المُضارَبَةِ فإنّه يَقَعُ فاسِدًا، و (2) عليه الضَّمانُ؛ لأنَّ عَقْدَ الوَكِيلِ يَقَعُ للمُوَكِّلِ، والمُسْلِمُ لا يَثْبُتُ مِلْكُه على الخَمْرِ والخِنْزِيرِ، فأشبَهَ شِراءَ المَيتَةِ والمُعامَلَةَ بالرِّبا. وما خَفِي أمْرُه ولم يُعْلَمْ، فهو مُباحٌ بالأصْلِ. فأمّا المَجُوسِيُّ، فإنَّ أحمدَ كَرِهَ مُشارَكَتَه ومُعامَلَتَه؛ لأنَّه يَسْتَحِلُّ ما لا يَسْتَحِلُّ هذا. قال حَنْبَلٌ: قال عَمِّي: لا يُشارِكُه ولا يُضارِبُه. وهذا، واللهُ أَعْلَمُ، على سَبيلِ الاسْتِحْبابِ لتَرْكِ مُعامَلَتِه، والكَراهَةِ لمُشارَكَتِه. فإن فَعَل، صَحَّ؛ لأنَّ تَصَرُّفَه صَحِيحٌ.
فصل: وشَرِكَةُ العِنانِ (أن يَشْتَرِكَ اثْنان بماليهما ليَعْمَلا فيه ببَدَنَيهما، ورِبْحُه لهما، فيَنْفُذَ تَصَرُّفُ كلِّ واحدٍ منهما فيهما بحُكْمِ المِلْكِ في نَصِيبِه، والوَكالةِ في نَصِيبِ شَرِيكِه) وهي جائِزَةٌ بالإِجْماعِ. ذَكَرَه ابنُ المُنْذِرِ. وإنَّما اخْتُلِفَ في بعضِ شُرُوطِها، واخْتُلِفَ في عِلَّةِ تَسْمِيَتِها بهذا الاسْمِ، فقِيلَ: سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّهما يَتَساوَيان في المالِ والتَّصَرُّفِ،
(1) تقدم تخريجه في 10/ 430.
(2)
في الأصل: «أو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالفارِسَيْن إذا سَوَّيا بينَ فَرَسَيهما وتساوَيا في السَّيرِ، فإنَّ عِنانَيهما يَكُونان سَواءً. وقال الفَرّاءُ: هي مُشْتَقَّةٌ مِن عَنَّ الشيءُ، إذا عَرَض، يُقالُ: عَنَّتْ [لي حاجَةٌ](1). إذا عَرَضَتْ، فسُمِّيَتِ الشَّرِكَةُ بذالك؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما عَنَّ له أن يُشارِكَ صاحِبه. وقيل: هي مُشْتَقَّة مِن المُعانَنَةِ، وهي المُعارَضَةُ، يُقالُ: عانَنْتُ فُلانًا. إذا عارَضْتُه بمثْلِ مالِه وأفْعالِه، فكلُّ واحدٍ مِن الشَّرِيكَين مُعارِضٌ لصاحِبِه بمالِه وأفْعالِه. وهذا يَرْجِعُ إلى قولِ الفَرّاءِ.
(1) في م: «إلى حاجبها» .