الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَ دَينًا، لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ.
ــ
2097 - مسألة: (وإن كان دَينًا، لَزِم العامِلَ تَقاضِيه)
سواء ظَهَر في المالِ رِبْح أولم يَظْهَرْ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَلْزَمُه إلَّا أن يَظْهَرَ رِبْح لأنَّه لا غَرَضَ له في العَمَلِ، فهو كالوَكِيلِ. ولَنا، أنَّ المُضارَبَةَ تَقْتَضِي رَدَّ المالِ على صِفَتِه، والديُون لا تَجْرِي مَجْرَى النّاضِّ، فلَزِمَه أن ينضَّه، كما لو ظَهَر رِبح، وكما لو كان رَأسُ المالِ عَرْضًاٍ. ويُفارِقُ الوَكِيلَ؛ فإنَّه لا يَلْزَمُه رَدُّ المالِ كما قَبَضَه، ولهذا لا يَلْزَمُه بَيعُ العُرُوض. ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ الفَسْخِ مِن العامِلِ أو رَبِّ المالِ، فإنِ اقْتَضَى منه قَدْرَ رَأس المالِ، أو كان الدَّينُ قَدْرَ الرِّبْحِ، أو دُونَه، لَزِم العامِلَ تَقاضِيه أيضًا؛ لأنَّه إنَّما يَسْتَحِقُّ نَصِيبَه مِن الرِّبْحِ عندَ وُصُولِه إليهما على وَجْهٍ يُمْكِنُ قِسْمَتُه ووُصولُ كلِّ واحدٍ منهما إلى حَقِّه، و (1) لا يَحْصُلُ ذلك إلا بعدَ تَقاضِيه.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا مات أحَدُ المُتَقارِضَين، أو جُنَّ، انْفَسَخَ القِراضُ. وقد ذَكَرْناه، فإن كان برَب المالِ، فأرادَ الوارِثُ أو وَلِيُّهِ إتْمامَه، والمالُ ناضٌّ، جاز، ويَكُونُ رَأسُ المالِ وحِصَّتُه مِن الربْحِ رَأسَ المالِ، وحِصةُ العامِلِ مِن الرِّبْحِ شَرِكَةً له مُشَاع. وهذه الإشاعَةُ لا تَمْنَعُ؛ لأنَّ الشرِيكَ هو العامِلُ، وذلك لا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ. وإن كان المالُ عَرْضًا وأرادُوا إتْمامَه، فظاهِرُ كَلام أحمدَ جَوازُه، لأنَّه قال في رِوايَةِ عليِّ بنِ سعيدٍ: إذا مات رَبُّ المالِ، لَم يَجُزْ للعامِلِ أن يَبِيعَ ويَشْتَرِيَ إلَّا بإذْنِ الوَرَثَةِ. فظاهِرُ هذا إبْقاءُ العامِلِ على قِراضِه. وهو مَنْصُوصُ الشافعي؛ لأنَّ هذا إتْمام للقِراضِ، لا ابْتِداء له، ولأنَّ القِراضَ إنَّما مُنِعَ منه في العُرُوضِ، لأنه يَحْتاجُ عندَ المُفاصَلةِ إلى رَدِّ مِثْلِها أو قِيمَتِها، ويَخْتَلِفُ ذلك باخْتِلافِ الأوقاتِ، وهذا غيرُ مَوْجُودٍ ههُنا، لأنَّ رَأسَ المالِ غيرُ العُرُوضِ، وحُكْمُه باقٍ، ألا تَرَى أنَّ للعامِلِ أن يبيعَه ليُسَلمَ رَأسَ المالِ ويَقْسِمَ الباقِيَ؟ وذَكَر القاضي وَجْهًا آخَرَ، أنَّه لا يَجُوزُ، لأنَّ القِراضَ قد بَطَل بالمَوْتِ، وهذا ابْتِداءُ قِراض على عُرُوض. قال شيخُنا (1):
(1) في: المغني 7/ 175.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا الوَجْهُ أقْيَسُ؛ لأنَّ المال لو كان ناضًّا، كان ابْتِداءَ قَرْضٍ، وكانت حِصَّةُ العامِلِ مِن الرِّبْحِ شَرِكَةً يَخْتَصُّ بها دُونَ رَبِّ المالِ. وإن كان المالُ ناقِصًا بخَسارَةٍ أو تَلَفٍ، كان رَأسُ المالِ المَوْجُودَ منه حال ابْتِداءِ القِراضِ، فلو جَوَّزْنا ابْتِداءَ القِراضِ هاهُنا وبِناءَهُما على القِراضِ، لصارَتْ حِصَّةُ المُضارَبَةِ مِن الرِّبْحِ غيرَ مُخْتَصَّةٍ به، وحِصَّتُهما (1) مِن الرِّبْحِ مُشْتَرَكَةً بينَهما، وحُسِبَتْ عليه العُرُوضُ بأكْثَرَ مِن قِيمَتِها فيما إذا كان المالُ ناقِصًا، وهذا لا يَجُوزُ في القِراضِ بلا خِلافِ. وكَلامُ أحمدَ مَحْمُولٌ على أنَّه يَبِيعُ ويَشْتَرِى بإذْنِ الوَرَثَةِ، كبَيعِه وشِرائِه بعدَ انْفِساخِ القِراضِ. فأمَّا إن مات العامِلُ أو جُنَّ، وأرادَ رَبُّ المالِ ابْتِداءَ القِراضِ مع وَارِثِه أو وَلِيِّه والمالُ ناضٌّ، جاز، كما قُلْنا فيما إذا مات رَبُّ المالِ. وإن كان عَرْضًا، لم يَجُزِ ابْتِداءُ القِراضِ [إلَّا على الوَجْهِ الذي يُجَوِّزُ ابتداءَ القِراضِ](2) على العُرُوضِ، بأن تُقَوَّمَ العُرُوضُ، ويُجْعَلَ رَأسُ المالِ قِيمَتَها يَوْمَ العَقْدِ؛ لأن الذي كان منه العَمَلُ قد جُنَّ، أو مات، وذَهَب عَمَلُه، ولم يَخْلُفْ أصْلًا يَبْنِي عليه وارِثُه، بخِلافِ ما إذا مات رَبُّ المالِ، فإنَّ مال القِراضِ مَوْجُودٌ، ومَنافِعَه مَوْجُودةٌ، فأمْكَنَ اسْتِدامَةُ العَقْدِ، وبِناءُ الوارِثِ عليه. وإن كان المالُ ناضًّا، جاز ابْتِداءُ القِراضِ فيه، فإن لم يَبْتَدِئاه، لم يَكُنْ للوارِثِ شِراءٌ ولا بَيعٌ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ إنَّما رَضِيَ باجْتِهادِ مَورُوثِه (3)،
(1) في ق، م:«حصتها» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «وارثه» .