الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأسَ الْمَالِ.
ــ
2089 - مسألة: (وليس للمُضارِبِ رِبْحٌ حتى يَسْتَوْفِيَ رَأسَ المالِ)
يَعْنِي أنه لا يَسْتَحِقُّ أخْذَ شيءٍ مِن الرِّبْحِ حتى يُسَلِّمَ رَأسَ المالِ إلى رَبِّه، ومتى كان في المالِ خُسْرانٌ ورِبْحٌ، جُبِرَتِ الوَضِيعة مِن الرِّبْحِ، سواءٌ كان الرِّبْحُ والخُسْرانُ في مَرّةٍ واحدةٍ، أو الخُسْرانُ في صَفقَةٍ والرِّبْحُ في أخْرَى، وأحَدُهما في سَفْرَةٍ والآخَرُ في أخْرى؛ لأنَّ الرِّبْحَ هو الفاضِل عن رَأسِ المالِ، وما لم يَفْضُلْ فليس برِبْحٍ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا.
فصل: وفي مِلْكِ العامِلِ نَصِيبَه مِن الرِّبْحِ قبلَ القِسْمَةِ رِوايَتانِ؛ إحْداهُما، يَمْلِكُه. ذَكَرَه القاضي. وهو قولُ أبي حنيفةَ. والأخْرَى،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يَمْلِكُه. ذَكَرها أبو الخَطّاب. وهو قولُ مالكٍ. وللشافعيِّ قوْلان، كالرِّوايَتَين. واحْتَجَّ مَن لم يُمَلِّكْه بأنه لو مَلَكَه، لَاخْتَصَّ برِبْحِه، ولوَجَبَ أن يَكُونَ شَرِيكًا لرَبِّ المالِ، كَشَرِيكَي العِنانِ. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّ الشَّرْطَ صَحِيح، فيَثْبُتُ مُقْتضاهُ، وهو أن يَكُونَ له جُزْء مِن الرِّبْحِ، فإذا وُجِدَ، وَجَب أن يَمْلِكَه بِحُكْمِ الشَّرْطِ، كما يَمْلِكُ المُساقِي حِصَّتَه مِن الثَّمَرَةِ بظُهُورِها، وقِياسًا على كلِّ شَرْطٍ صَحِيح في عَقْدٍ، ولأنَّه مَمْلُوك، فلا بُدَّ له مِن مالِك، ورَبُّ المالِ لا يَمْلِكُه اتِّفاقًا، ولا تَثْبُتُ أحْكامُ المِلْكِ في حَقِّه، فلَزِمَ أن يَكُونَ للمُضارِبِ، ولأنَّه يَمْلِكُ المُطالبةَ بالقِسْمَةِ، فكانَ مالِكًا، كأحَدِ شَرِيكَي العِنانِ. ولا يَمْتَنِعُ أن يَمْلِكَه، ويَكُونَ وقايَةً لرأسِ المالِ، كنَصِيبِ رَبِّ المالِ مِن الرِّبْحِ، وبهذا امْتَنَعَ اخْتِصاصُه برِبْحِه، ولأنَّه لو اخْتَصَّ برِبْحِه، لاسْتَحَقَّ مِن الرِّبْحِ أكثر مِمّا شَرَط له، ولا يَثْبُتُ بالشَّرْطِ ما يُخالِفُ مُقْتضاه. قال أحمدُ، في المُضارِبِ يَطَأ جارِيَةً مِن المُضارَبَةِ: فإن لم يَكُنْ ظَهَر في المالِ رِبْحٌ، لم تَكُنْ أمّ وَلَدِه، وإن ظَهَر فيه رِبْح، فهي أمُّ الدِه. وفيه دَلِيل على أنَّه يَمْلِكُ الرِّبْحَ بالظُّهُورِ. وهذا ظاهِر المَذهَبِ.
فصل: إذا دَفَع إلى رَجُل مائَةً مُضارَبةً، فخَسِرَ عَشَرَةً، ثم أخَذَ رَبُّ المالِ منها عَشَرَةً، لم يَنْقُصْ رَأسُ المالِ بالخُسْرانِ؛ لأنَّه قد ربَحُ فيَجْبُرُ الخُسْرانَ، لكنَّه يَنْتَقِصُ بما أخَذَه رَبُّ المالِ، وهي العَشَرَةُ، وقِسْطُها مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخُسْرانِ، وهو دِرْهَم وتُسْع، ويَبْقَى رَأسُ المالِ ثَمانِيَةً وثَمانِين وثَمانِيةَ أتْساعِ دِرْهم. فإن كان أخَذَ نِصْفَ التِّسْعِين الباقِيَةِ، بَقِيَ رَأسُ المالِ خَمْسِين؛ لأنَّه أخَذَ نِصْفَ المالِ، فسَقَطَ نِصْفُ الخُسْرانِ، وإن كان أخَذَ خَمْسِين، بَقِيَ أرْبَعَة وأرْبَعونَ وأرْبَعَةُ أتْساع. وكذلك (1) إذا رَبِح المالُ ثم أخَذَ رَبُّ المالِ بعضَه، كان ما أخَذَه مِن الرِّبْحِ ورَأسِ المالِ، فلو كان رَأسُ المالِ مائةً فرَبِحَ عِشرِين فأخَذَها رَبُّ المالِ، لبَقِىَ رَأسُ المالِ ثَلاثةً وثَمانِينَ وثُلُثًا؛ لأنه أخَذَ سُدْسَ المالِ، فنَقَصَ رَأسُ المالِ سُدْسَه، وهو سِتَّةَ عَشَرَ وثُلُثان، وحَظُّها (2) مِن الرِّبْحِ ثَلاثَة وثُلُث. ولو كان أخَذَ سِتِّين، بَقِي رَأسُ المالِ خَمْسِين؛ لأنَّه أخَذَ نِصْفَ المالِ، فبَقِيَ نِصْفُه، وإن كان أخَذَ خَمْسِين، بَقِي ثَمانِيَة وخَمْسُون وثُلُث؛ لأنّه أخَذَ رُبْعَ المالِ وسُدْسَه، بَقِيَ ثُلُثُه ورُبْعُه، وهو ما ذَكَرْنا. فإن أخَذَ سِتِّين ثم خسِر في الباقِي، فصارَ أرْبَعِين، فَرَدَّها، كان له على رَبِّ المالِ خَمْسَة؛ لأنَّ ما أخَذَه رَبُّ المالِ انْفَسَخَتْ فيه المُضارَبَةُ، فلا يَجْبُرُ برِبْحِه خُسْرانَ ما بَقِي في يَدِه، لمُفارَقَتِه إيّاه، وقد أخَذَ مِن (3) الرِّبْحِ عَشرةً؛ لأنَّ سُدْسَ ما أخَذَه رِبْح، فكانت العَشَرَةُ بينَهما، وإن لم يَرُدَّ الأرْبَعِين كُلَّها، بل رَدَّ منها إلى رَبِّ المالِ عِشرِين، بَقِي رَأسُ المالِ خمْسَةً وعِشرِين.
(1) في م: «لذلك» .
(2)
في م: «حقها» .
(3)
في م: «منه» .