الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد حرصت أن أُفَصِّلُ هذا، وأبينه؛ كي أرد به على من يتعرضون ويقفون أمام أنظمة الإسلام وشرائعه التي جاء بها كتاب الله، وبينها رسول الهدى والرحمة -صلوات الله وسلامه عليه- وبكل ذلك يتضح لنا ويظهر أن نظام الإسلام الاقتصادي أيضًا هو الوحيد -أو هو النظام الفريد- الذي يمكن أن يلبي حاجة الأفراد وحاجة المجتمعات، وهو النظام الوحيد القادر على أن يقيم نظامًا اجتماعيًّا يَتَّسِمُ أَفْرَادُهُ فِيهِ بِالرَّاحَةِ وَالْهُدُوءِ والمودة والصلة والتراحم.
ورأس المال يوزع بينهم بطرقٍ مضبوطة، ومع هذا كله، فالإسلام يعطي لكلٍّ قيمة عمله بقدر ما يعمل ويجتهد، وَيُمَلِّكُهُ بقدر ما يكد، وينصح.
دور الاقتصاد الإسلامي بالنسبة للعالم الإسلامي
أنتقل بعد ذلك إلى العنصر الثالث من عناصر هذا اللقاء، وهو بعنوان: دور الاقتصاد الإسلامي في العالم" ويشتمل هذا العنصر على النقاط التالية:
أ- دَوْرُ الاقْتِصَادِ الْإِسْلَامِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ: الاقتصاد الإسلامي هو المنهج الاقتصادي الوحيد الذي يتوافر له التجاوب لدى الشعوب الإسلامية، فالعالم الإسلامي اليوم يصل إلى مِلْيَار ونصف المليار من سكان هذا الكوكب، والإسلام -إن شاء الله تعالى- فِي تَوَسُّعٍ مطَّردٍ بعيد المدى، بل الإسلام اليوم لعله يكون أكثر الأديان نموًّا، فهو من ناحيةٍ يَكْسِبُ كل يومٍ أرضًا جديدة، وقوىً مضافة على امتداد جبهة عريضة في العالم.
وَتَرْتَبِطُ هَذِهِ الْجُمُوعُ الإسلامية التي ذَكَرْتُ إلى عددها قبل قليل، ترتبط بتعاليم الإسلام؛ عقائديًّا، كما ترتبط به سياسيًّا واقتصاديًّا، ومن ثم فإن خير سبيلٍ لتحريك هذه الجموع والحصول على استجابتها السريعة يكون عن طريق الإسلام، وباسم الإسلام.
وإننا لا نذكر أن الثورة البلشيفية سَنَةَ 1917 مِيلَادِيَّة قد لقيت مقاومة شديدة في المناطق الإسلامية بالاتحاد السوفيتي، والتي تَتَرَكَّزُ فيها أغلبية مسلمة -كمناطق القوقاز، وما إلى ذلك- وأن القادة السوفيت لم يستطيعوا أن ينفذوا إلى هذه المناطق، إلا بعد أن ادعوا أنهم جاءوا لإعمال تعاليم الإسلام من حيث القضاء على الاحتكار والاستغلال، وإقامة المساواة والشورى، وبناء الاقتصاد على أساسٍ جديد، وغير ذلك من الشعارات التي رفعوها.
وبالتالي يَظْهَرُ أن الإسلام له دور كبير في المسلمين، وَيُضَافُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَسَاسَ الاقْتِصَادِ الْإِسْلَامِيّ هو الشريعة الإسلامية، وهي أحكام يؤمن المسلمون بقدسيتها وحرمتها، ووجب تنفيذها بحكم عقيدتهم الدينية، وإيمانهم أن الإسلام دين نزل من السماء على خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم وأنه لا يقتصر على مجرد العبادة والهداية الروحية، ولكنه -أساسًا- أُسْلُوبٌ لِلْحَياة، فيجدر بنا إذن أن نقيم اقتصادنا على أساس تعاليم الإسلام؛ لنضمن له الفاعلية وقوة التنفيذ، وهو غاية ما يتطلع إليه أَيُّ تنظيم اقتصادي ينشد النجاح والاستقرار.
ومن هنا تبرز -من زاوية أخرى- أهميةُ الاقتصاد الإسلامي ودوره بالنسبة للعالم الإسلامي، وبوصفه للمنهج الاقتصادي الذي تَرْتَبِطُ به عقائديًّا جماهير هذا العالم، وتتوافر له الفاعلية وقوة التنفيذ.
وثمة نقطة أخرى تُحَتِّمُ على المسئولين في العالم الإسلامي إعمال الاقتصاد الإسلامي والتزامه، وهي القضاء على هذا التمزق الذي يعاني منه أفراد الأمة الإسلامية -موزعين بين ضميرهم الديني وقوانينهم الوضعية- فهذه القوانين الوضعية تواجه نفوسًا أبيَّةً لدى المسلمين، وتؤرِّق ضمائِرَهم، وبالتالي تجعلهم قلقين متفرقين متمزقين، ولا يُلَبِّي، وَلا يَقُومُ بدورٍ حقيقيٍ لدى المسلمين إلا ما جاء به النظام الإسلامي.
ومن هنا تبرز -كما ذكرت- أهمية الاقتصاد الإسلامي، ويبرز دوره بالنسبة للعالم الإسلامي -بوصفه المنهج الاقتصادي- الذي يحقق لجماهير هذا العالم الوحدة والتناسق بين حياتهم المادية وحياتهم الروحية.
النقطة التالية تحت هذا العنصر، وهي:
ب- بعنوان "دور الاقتصاد الإسلامي بالنسبة للعالم أجمع":