الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي عشر
(دراسة بعض الدعوات ومناهجها في الدعوة)
1 -
دراسة بعض الدعوات ومناهجها في الدعوة
جماعة أهل الحديث بالهند
، وجماعة أنصار السنة المحمدية
جماعة أهل الحديث بالهند
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، وبعد:
أ-التعريف بالجماعة وبحركة أهل الحديث في شبه القارة الهندية:
قد بدأت بها لأنها أقدم الحركات الإسلامية في شبه القارة الهندية، وهي كذلك أقدم الحركات التي سأتحدث عنها فيما بعد؛ ولذلك أود أن ألفت نظر الطالب إلى أنني سأتكلم عن هذه الجماعات والدعوات من خلال ترتيبها الزمني؛ وذلك حتى لا يظن ظانٌّ أنني قدمت في الحديث جماعة على أخرى، وإنما سألتزم بالتاريخ الزمني.
وجماعة أهل الحديث في شبه القارة الهندية قامت على الدعوة لاتباع الكتاب والسنة، وفهمها على ضوء فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وتقديمهما على كل قول وهدي، وذلك في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق والسياسة والاجتماع على طريقة الفقهاء المحدثين، وكانوا يحاربون البدع والخرافات وجميع أنواع الشركيات.
ويرجع تاريخ أهل الحديث في شبه القارة الهندية إلى العهد الإسلامي الأول، حيث استضاءت بعض مناطق الهند بنور الإسلام بجهود التجار والمجاهدين العرب، الذين وصلوا إلى مقاطعات "السند" و"مالابار" على سواحل البحر الهندي، فكانت هناك مراكز للحديث في "بلاد السند وملتاد" وفد إليها المحدثون من العرب والعجم.
وقد زارها الرحالة المعروف أبو القاسم المقدسي عام ثلاثمائة وخمسة وسبعين هجرية، ووصف الحالة الدينية في "بلاد السند" في كتابه (أحسن التقاسيم) قائلًا: إن مذاهب أكثرهم على مذهب أصحاب الحديث، ولا تخلو القصبات من فقهاء على مذهب أبي حنيفة رحمه الله وأنهم على طريقة مستقيمة ومذاهب محمودة وصلاح وعفة، وقد أراحهم الله من الغلو والعصبية والفتنة.
وفي أواخر القرن الرابع بدأ الضعف يدب في نشاط أهل الحديث، وقد بلغ منتهاه في القرن التاسع الهجري؛ نظرًا لانتشار الخلافات السياسية والعصبيات، وظهور فتنة الباطنية الإسماعيلية التي جرَّت على أهل السنة الفتن والمشاكل؛ فقل الاهتمام بالسنة وفشا التقليد والتعصب للمذاهب والجمود عليها، وساد علوم اليونان، مع هذا كله؛ وُجِدَ في شبه القارة الهندية عدد من علماء أهل الحديث، من تلاميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني، والإمام السخاوي، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري وغيرهم حيث ظلوا محافظين على منهج أهل الحديث.
وأهل الحديث في شبه القارة الهندية في العصر الحديث كان لهم ظهور واضح مع بداية القرن الحادي عشر الهندي، حيث بدأ دور جديد لأهل الحديث، وذلك حينما ظهر الشيخ أحمد السرهندي رحمه الله المتوفى سنة ألف وأربعة وثلاثين هجرية، وقويت في عهد أنجال الإمام شاه ولي الله المحدث الدهلوي هادي الحركة، وكانت جهودهم في هذه الفترة مرتكزة على ثلاثة ميادين رئيسية:
الأول: ميدان الجهاد:
حيث لم تقتصر حركة شاه إسماعيل الدهلوي على إحياء العمل بالكتاب والسنة، وإقامة الخلافة على منهاج النبوة، والقضاء على التعصب المذهبي والجمود والبدع والعقائد الباطلة فقط؛ بل قادت حركة الجهاد ضد السيخ والاستعمار الإنجليزي، وبخاصة في الحدود الشمالية للهند إلى أن رحل الاستعمار الإنجليزي من الهند، وذلك في عام ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين ميلادية.
وبعد تقسيم القارة إلى "الهند" و"الباكستان" واصل المجاهدون جهادهم وفتحت أحد كتائبهم مدينة "مظل آباد" وتحت قيادة الشيخ فضل إله الوزير أبادي فتحت باقي الرقعة التي تشكل كشمير الحرة الآن.
2 -
ميدان التأليف:
إن لأهل الحديث دورًا بارزًا في إحياء ونشر الثقافة الإسلامية، من خلال الاهتمام بمجال التأليف والتصنيف في القرآن وعلومه، وعلوم الحديث، وبيان السنة وشروحها، مع الدفاع عن العقيدة والرد على المبتدعة، وأهل الاعتقادات الباطلة، فكان منهم العلماء والمحدثون، ومن أبرز الشخصيات في هذا المجال: العلامة صديق حسن خان الذي اشتغل بالتصنيف والتأليف ونشر كتب الحديث ودواوين السنة، فألف ما يبلغ قريبًا من ثلاثمائة كتاب، مع اشتغاله بمهمات الدولة كما شكل مجلسًا علميًّا مكونًا من العلماء السلفيين؛ ليقوم بمهمات التأليف والترجمة، وإفادة المسلمين بالتدريس، وأنشأ لذلك عدة مطابع على حسابه الخاص لطبع ونشر وتوزيع كتب السلف الصالح.
أما الميدان الثالث: فهو ميدان التدريس:
حيث برز اهتمام أهل الحديث بالدعوة والتدريس وإنشاء المدارس والجامعات، ومن أبرز الشخصيات في هذا الجانب العلامة الشيخ نذير حسين الْمُحَدِّث الدهلوي، والذي انتهت إليه رئاسة الحديث في بلاد الهند واستمر في تدريس العلوم الشرعية والحديث في "دهلي" قرابة ستين عامًا، بالإضافة إلى الدعوة إلى الإسلام الصحيح، حتى قيل: إنه اعتنق في عصره نحو مليونين من المسلمين العقيدة الصحيحة تائبين عن العقائد الشركية والبدعية.
وتخرج على يده عدد من أعلام السنة والدعوة في العصر الحديث، أمثال الإمام المحدث عبد الله الغزنوي، وشمس الحق العظيم آبادي مؤلف (عون المعبود شرح سنن أبي داود) والعلامة عبد الرحمن المباركفوري صاحب (تحفة الأحوذي
شرح سنن الترمذي) والعلامة محمد بشير السهسواني صاحب (صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان) والشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي المغربي، والشيخ محمد بن ناصر المبارك النجدي، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق النجدي، والذي نشر سند شيخه في بلاد الحجاز ونجد وغيرهم.
ولازالت مدرسته إلى اليوم بدهلي والمعروفة بجامعة السيد نذير حسين الدهلوي تخرج العلماء والدعاة.
ب- مؤسس الجماعة والشخصيات البارزة فيها:
في عام 1324 هجرية قرر علماء أهل الحديث برئاسة شيخ الإسلام أبي الوفاء ثناء الله الأمرتسري تشكيل جمعية لهم تقوم على نشر الدعوة على منهج الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقد امتدوا حركتهم هذا من حركة أهل الحديث في شبه القارة الهندية، وقد أرادوا بذلك نشر علوم السنة -كما أشرت- والعقيدة الصحيحة كما أرادوا أيضًا مقاومة الحركات الهدامة، ومواجهة تحديات العصر، تحت اسم: مؤتمر أهل الحديث لعموم الهند.
وعين شيخ الإسلام أبي الوفاء ثناء الله قامع الفتنة القاديانية وصاحب التصانيف الكثيرة في الدفاع عن الإسلام ومقاومة الهندوسية والنصرانية ومنكري السنة، وغيرها من فرق وملل الضلال، بالإضافة إلى ما له من مساهمات فعالة في الحركة السياسية والوطنية والمؤتمر الوطني العام، فقد كان أمينًا عامًّا للجمعية، بالإضافة إلى عضويته في ندوة العلماء وجمعية علماء الهند، وانتخب المحدث العلامة عبد الله الغازي فوري رئيسًا للجمعية فغطت جهودهما الهند وقراها.
ولما انقسمت شبه القارة الهندية في عام ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين من الميلاد إلى الهند وباكستان ضعفت حركة هذه الجمعية لفترة ما، وفقدوا بسبب ذلك أكبر مؤسسة تعليمية لهم، وهي دار الحديث الرحمانية "بدهلي" وعندئذ سارعوا إلى تشكيل الجمعية من جديد في كلتا الدولتين؛ فاستعادتا قوتهما وأسسوا الجامعات والمعاهد والمدارس الجديدة؛ لتلبية حاجات العصر وتدريس علوم الكتاب والسنة على مذهب السلف الصالح.
ومن أبرز الجامعات التي اعتنوا بها وأنشئوها في الهند: الجامعة السلفية "ببنارس" وهي أكبر جامعة عربية إسلامية في الهند، تأسست في عام ألف وثلاثمائة وثلاثة وثمانين من الميلاد، بالإضافة إلى الجامعة الرحمانية تأسست عام ألف وثلاثمائة وثلاثة وثمانين من الهجرة النبوية بالإضافة إلى الجامعة الرحمانية، والجامعة الأحمدية السلفية، وجامعة دار السلام "بعمر أباد" والجامعة السلفية بالقرية السلفية في "كدا" والجامعة الإسلامية في "بومباي" وجامعة ابن تيمية وجامعة الإمام البخاري -رحمهما الله تعالى- في "بيهاور".
أما في باكستان: فإن الجامعة السلفية "بفيصل آباد" تعد أول وأكبر جامعة إسلامية تأسست في باكستان بعد الانفصال، وذلك في سبعة شعبان ألف وثلاثمائة وأربع وسبعين من الهجرة النبوية بالإضافة إلى الجامعات الأخرى.
وأود بعد الحديث عن تأسيس الجامعة في العصر الحاضر أن أذكر أبرز الشخصيات التي كانت في جماعة أهل الحديث، وابدأ بأبرزهم في باكستان، ومن أبرزهم الشيخ محمد داود الغزنوي، وهو من المؤسسين لجمعية أهل الحديث بباكستان، وأول رئيس لها وشارك العلامة محمد إسماعيل في تأسيس الجامعة
السلفية بمدينة "فيصل آباد"، كما تحمد له مواقفه من إقامة النظام الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان، وله جهود علمية في الرد على منكري السنة والقاديانية، وعند تأسيس الجامعة الإسلامية بالمدينة اختير عضوًا بالمجلس الاستشاري الأول لها، كما شارك في وضع مناهجها الدراسية.
ومن أبرزهم أيضًا العلامة محمد إسماعيل السلفي، الذي نشأ في ظل أسرة متدينة، وطلب العلم في مراحل مبكرة على يد أبيه، ورحل في طلبه على يد أفاضل علماء عصره، وكان رحمه الله من الرواد الأوائل الذين ساهموا في تأسيس جمعية أهل الحديث بباكستان، وكانت لجهوده الدعوية والسياسية أثرها البالغ على البلاد، فتولى الخطابة في جامع أهل الحديث، وترأس هيئة التدريس في الجامعة المحمدية التي أنشأها، كما عين مشرفًا على مقر جمعية تنظيم أهل الحديث "بالبنجاب" ثم انتخب أمينًا عامًّا للجنة العمل لجمعية أهل الحديث في مؤتمر "دهلي" وبعد فصل باكستان عن الهند انتخب أمينًا عامًّا لجمعية أهل الحديث بباكستان حتى وفاته -رحمه الله تعالى.
ومن أبرز الشخصيات أيضًا في هذه الجماعة في باكستان: العلامة الشيخ إحسان إلهي ظهير، أحد خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وهو له مؤلفات قيمة يشكر عليها رحمه الله تبارك وتعالى ومعظم هذه المؤلفات في الرد على أهل البدع والأهواء.
ومن أبرز الشخصيات الأخرى: العلامة المحدث أبو محمد بديع الدين شاه الراشدي السندي، أحد كبار علماء السنة في العصر الحاضر، وصاحب الأسانيد المتصلة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وله مشاركات جيدة في علوم الكتاب والسنة تأليفًا وتصنيفًا، وقد درس في الحرمين الشريفين وله تلاميذ كثيرون من الهند وباكستان وغيرهما.
أما أبرز الشخصيات في الهند فهم كما يلي:
الشيخ عبد الوهاب الأروي أول رئيس لجمعية الحديث بالهند، بعد التشكيل الجديد، والشيخ عبد الجليل الرحمن أمين عام وصاحب (تفسير القرآن) بالأردن بالإضافة إلى إصداره مجلة (مصباح) الأردية ومن أبرزهم أيضًا الشيخ عبد الحميد بن عبد الجبار الرحماني، وقد تخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وقد تولى منصب الأمين العام للجمعية في فترة سابقة، وله جهود مشكورة في مركز أبي الكلام الذي ترأسه فترة من الزمن.
ومن أبرزهم أيضًا رئيس الجامعة السلفية ببنارس ومحدث الديار الهندية: الشيخ عبيد الله الرحماني المباركفوري مؤلف (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح) والعلامة الشيخ عبد الصمد شرف الدين، بالإضافة إلى الدكتور الأديب مقتضى حسين الأزهري، وكيل الجامعة السلفية ببنارس ورئيس تحرير مجلة صوت الأمة، ورئيس إدارة البحوث العلمية بالجامعة، بالإضافة إلى عدد كبير من العلماء وطلبة العلم البارزين في خدمة السنة والدعوة.
ولأهل الحديث في شبه القارة الهندية دور كبير في كل ناحية من نواحي الحياة: دعوة وتدريسًا وتصنيفًا، كما أن لهم شخصيات بارزة في مختلف المجالات العلمية، سواء كان ذلك في العقيدة أو العبادة أو الأحوال الشخصية أو الأمور المدنية: كالاقتصاد الإسلامية والسياسة الشرعية، وأبرز العلماء الذين اهتموا بهذه المجالات على سبيل المثال لا الحصر الشيخ محمد حسين البتلوي رحمه الله والشيخ محمد إبراهيم السلكوتي وغير هؤلاء ممكن كان لهم دور بارز في نشاط حركة أهل الحديث في شبه القارة الهندية في العصر الحاضر.
جـ- أفكار ومعتقدات جماعة أهل الحديث:
عقيدة أهل السنة هي عقيدة السلف الصالح وهي عقيدة جماعة أهل الحديث بالهند؛ ولذلك قامت أفكارهم ومعتقداتهم على ما يلي:
أولًا: التوحيد: فأهل الحديث إيمانًا منهم من أن التوحيد هو أصل الدين، يبدءون عملهم بنشر التوحيد الخالص، وغرسه في قلوب الناس مع تفصيل أنواع التوحيد الثلاثة، وخاصة توحيد الألوهية الذي يخطئ فيه كثير من الناس، مع إيمانهم بتوحيد الربوبية وما يقتضيه من الحاكمية لله تعالى، ولا يكتفون بإقرار وتطبيق النظام السياسي الإسلامي فقط؛ وإنما أن يكون الله -جل وعلا- هو صاحب التشريع وحده دون سواه.
وأيضًا مما صاروا عليه في أفكارهم ومعتقداتهم الإتباع: فأهل الحديث يركزون على اتباع ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ضوء فهم السلف الصالح؛ ولذلك لا يرون التقليد الجامد الذي يدعو إلى الالتزام بمذهب فقهي معين بدون سؤال عن دليل؛ بل ينادون بفتح باب الاجتهاد لكل من تحققت لديه شروط ويدعون إلى احترام العلماء المجتهدين والأئمة المتبعين بشكل خاص.
وأيضا من أفكارهم ومعتقداتهم تقديم النقل على العقل: فهم يقدمون الروايات على الرأي حيث يبدءون بالشرع ثم يخضعون له العقل؛ لأنهم يرون أن العقل السليم يتفق مع نصوص الشرع الصحيحة؛ ولذلك لا تصح معارضة الشرع بالعقل ولا تقديمه عليه، وهم في جانب التزكية الشرعية وأعني بذلك: تزكية النفس تزكية شرعية، نجدهم يتخذون الوسائل المشروعة الذي جاء بها الكتاب والسنة، وينكرون على أتباع التزكية البدعية من الصوفية وغيرهم.
كما أنهم أيضًا يحذرون من البدع؛ لأنهم يرون أن أمر الابتداع في الحقيقة استدراك على الله تبارك وتعالى وتشريع بالرأي والعقل، ومن ثم يدعون إلى
الالتزام بالسنة وتجنب أنواع البدع كلها ويحذرون من الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ لأن خطورة هذا النوع من الحديث كبير جدًّا على الأمة ولا بد من التحري في الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جميع المجالات، وأكثر ما يجب أن يهتم بهم في ذلك مسائل العقائد والأحكام.
وهم -مع كل ذلك- يدعون إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، ويرون أن الجهاد من أفضل الأعمال، وأنه ماضٍ إلى يوم القيامة؛ لإعلاء كلمة الله تعالى، ودفع الفساد من الأرض، وهم يسعون إلى تطبيق النظام الشرعي وذلك بالسعي لتأصيله وإقراره في جميع مجالات الحياة الشخصية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية وما إلى ذلك بالطرق المشروعة.
ويعتقد أهل الحديث: أنه بتحقيق التوحيد الخالص لله رب العالمين وبالعمل الموافق لسنة النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم وهديه يتحقق النصر والتمكين؛ فهما شرطا قبول الأعمال، وهما أيضًا شرطا النصر والتمكين وعودة الخلافة الإسلامية، حسب الوعد الإلهي: قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} (النور: من الآية: 55).
ولذلك فهم يَسْعَوْنَ بالدعوة بالوسائل الشرعية على أساس تصفية التوحيد من البدع والانحرافات العقدية والسلوكية، وتصفية الأحاديث من الموضوعات وتربية الأمة على ذلك، كما أنهم يحاربون الفرق الضالة المنحرفة الخارجة على أهل السنة والجماعة: كالرافضة والقاديانية والبرلوية والبابية والبهائية وغيرها، ويتصدون لحملات الأذكار الهدامة المعاصرة المعادية للإسلام: كالعلمانية والرأسمالية والشيوعية والاشتراكية وغيرها؛ وذلك باتخاذ كل الوسائل المشروعة.
د- انتشار الجماعة ومواقع نفوذها:
تتركز جماعة أهل الحديث في كل من بلاد الهند وباكستان وبنجلادش ونيبال وكشمير وسيريلانكا وجزر فيجي ولهم مركز في بريطانيا، وجمعيتهم في هذه الدول كلها معروفة باسم: جمعية أهل الحديث، ونجد أن في كل دولة من هذه الدول المذكورة مركزًا للجمعية، تتبعه فروع موزعة حسب الولايات والمديريات، إلا أن للجمعية قيادة مستقلة في كل دولة، وذلك أمر إداري بحت؛ لكنه يجمعهم جميعًا المنهج السلفي الموحد الذي تتبناه الجمعية في الأصل.
ولجمعية أهل الحديث علاقة مع بعض الجمعيات الأخرى خارج شبه القارة الهندية، التي تتفق معها في الأصول والمنهج: كجماعة الدعوة إلى القرآن والسنة بأفغانستان، والجمعيات المحمدية بأندونسيا وسنغافورة وماليزيا، وجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر والسودان وإريتريا وجمعيات إحياء التراث الإسلامي بالكويت وجمعية دار البر بدبي، وغيرها من الدعوات السلفية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى عضوية جمعيات أهل الحديث في الندوة العالمية للشباب الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والمجلس الإسلامي العالمي بلندن والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بالقاهرة.
ويتضح مما تقدم أن جمعية أهل الحديث من أقدم الجمعيات والجماعات الإسلامية في شبه القارة الهندية، ومن مقاصدها الأولية تصفية الإسلام من البدع والانحرافات، ودعوة الناس إلى اتباع منهج السلف الصالح في مجال العلم والعمل، واختيار طريقة الفقهاء والمحدِّثين في المسائل الفقهية، وذلك بإتباع الدليل ونبذ التعصب المذهبي بكافة صوره وأشكاله.