الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأود أن أنبه عموم المسلمين إلى ضرورة أن تكون المساجد خالصة لوجه الله وحده دون سواه، فلا يذكر فيها سوى اسم الله تبارك وتعالى ولا يتقرب العبد بعمل هناك إلا إذا أراد به وجه الحق تبارك وتعالى والدار الآخرة.
وأكتفي بهذا، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2 -
المدرسة، وأهميتُها في الدعوة والتربية
دعوة الطلاب إلى الله في المدارس والجامعات:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آلة وأصحابه، ومن اهتد بهديهم إلى يوم الدين وبعد:
عنوان المحاضرة: "المدرسة، وأهميتها في الدعوة والتربية" وهذا العنوان يدخل تحت العنوان الكبير: "أهم ميادين الدعوة إلى الله".
وقد تكلمت في اللقاء السابق عن المسجد وعن دوره في ذلك، وأتكلم في هذا اللقاء -إن شاء الله كما ذكرت- عن المدرسة وأهميتها في الدعوة والتربية.
وهذه المحاضرة تشتمل على عناصر، العنصر الأول بعنوان:"دعوة الطلاب إلى الله في المدارس والجامعات" ويشتمل على النقاط التالية:
أ- أهمية الدعوة إلى الله بين طلاب المدارس والجامعات:
تظهر أهمية الدعوة إلى الله عز وجل مع هذا القطاع من الناس - أعني: بهم الطلاب في المدارس والجامعات- لأنهم من أهم قطاعات المجتمع، وذلك أنهم هم مثقفو الأمة وعقلها الناضج، وهم مستقبل الأمة وعناصر القيادة والتوجيه فيها، وهم نبض الأمة ووعيها وقدرتها على التطور، ولو ربي هؤلاء الشباب، وعلِّموا على المستوى الذي يلائم طموح كل بلد إسلامي، لقفزت هذه البلدان خطوات واسعة في ركب التقدم والعلم، تجعلها قادرة على مواكبة المتغيرات المستمرة في حياة البشر، المتجهة إلى أن يستريح الإنسان بالآلة، وأن يحقق أكبرَ قدر من الربح بأقل قدر من الجهد في أقل وقت من الزمان، وبأدنى قدر من التكاليف.
إن العلم يتجه بالناس هذا الاتجاه منذ ما سمي بعصر النهضة، ولا يزال يوالي بلوغ هذه الأهداف، ولن يستطيع العالم الإسلامي مواكبة ركب التقدم العلمي بهذه الصورة السريعة، إلا إذا عُني بتربية الطلاب في مدارسهم وجامعتهم، العناية التي تجعل منهم علماء ومكتشفين لا مجردَ متلقين، يحشون أذهانهم بمعلومات ومعارف لا تفتق ذهنًا ولا تدعو عقلًا إلى التفكير والابتكار.
وإن ذلك ليقتضي إعادة النظر بصدق وإخلاص في كل ما يتصل بالتعليم على كافة مستوياته وأنواعه، ابتداء من ضرورة إعداد المعلم إعدادًا جيدًّا على كل مستوى من مستويات عمله، ومرورًا بتوفير التمويل اللازم للتعليم، وإعطاء هذا التمويل أولوية على كل شيء في المجتمع؛ لأنه الاستثمار الحقيقي، وتوفير الأمكنة الملائمة، والارتفاع بالمستوى الكيفي للتعليم، مع العمل الدائب على محو الأمية محوًا كاملًا، وإعادة النظر بناء على ذلك في المناهج التعليمية بالمعنى الواسع للمنهج الذي يتناول كلَّ ما له صلة بعملية التعليم والتعلم؛ ذلك لأن الإسلام يدعو إلى العلم، وأول الآيات نزولًا فيه كانت دعوة إلى القراءة:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (العلق: 1، 2).
وإن إعادة النظر هذه -أعني: في عملية التعليم والتعلم والاهتمام بها- تتطلب وضوح السياسة التعليمية التي يتم وفق أهدافها كل هذا التغيير.
ب- عناية الدعاة بأهداف السياسة التعليمية:
إن عناية الدعاة بأهداف السياسة التعليمية مهم للغاية في تكوين الجيل الذي يبني أمته ويفيد مجتمعه؛ لأنه يساهم في أن تكون هذه المناهج سليمة صحيحة، تخرِّج أجيالًا تعرف مكانتها ومهمتها بعد أن تلقت التعليم المناسب للعصر الذي تعيش فيه، ويمكنني هنا أن أجمل السياسة التعليمية فيما يلي:
أولًا: اعتبار العالم الإسلامي وحدة واحدة، يجب أن تسودها ثقافة إسلامية معينة، وما يترتب على هذا الاعتبار.
ثانيًا: بناء الشخصية الإسلامية القادرة على التفاعل مع قضايا المجتمع التي تعيش فيه، وقضايا العالم الإسلامي كله، وعلى مواجهة كل المتغيرات.
ثالثًا: العمل على إقامة المجتمعات الإسلامية الملتزمة بخلق الإسلام وأدبه ومنهجه
ونظامه.
رابعًا: العمل على بناء المجتمعات الواعية المنتجة المسهمة في التنمية الشاملة.
خامسًا: العمل على تكوين أجيال من العلماء.
هذه -باختصار شديد- أهداف السياسة التعليمية، الذي يجب على الدعاة أن يحرصوا على تحقيقها والعناية بها، ويجب أن يكون التعليم وفق هذه السياسة، وأن يتم بناءً على تصورها؛ لأن هؤلاء الطلاب هم عصب الأمة الإسلامية، عصب فكرها، وعصب عملها، وعماد نهضتها، ومؤشرات مستقبلها، وإن أي مجهود يبذل في مجال إعداد الطلاب سواء أكان ذلك من الدول أم من الدعاة، لهو المجهود الطيب الذي يحقق أفضلَ النتائج على مستوى العالم الإسلامي كله.
ولذلك فإنني أدعو الدعاة إلى الله عز وجل أن يهتموا بأهداف السياسة التعليمية وصياغتها، وأن يفقهوا معناها، والمقتضيات التي تحتاج إليها.
جـ- تواصل الدعاة مع الطلاب، ودعوتهم إلى الخير:
على الدعاة إلى الله تعالى أن يعتنوا كل العناية بالطلاب، وأن يكونوا دائمًا على مقرُبة منهم، يذهبون إليهم في مدارسهم وجامعاتهم، ولا يدعون فرصة يتجمع فيها الطلاب إلا ويكونوا لهم فيها حضور؛ بل رعاية وتوجيه.
ويمكنني هنا أن أطرح سؤالًا وأجيب عليه، وهو: كيف يستطيع الدعاة إلى الله أن يصلوا إلى أماكن تجمع الطلاب؟
والجواب: إن زيارة الدعاة إلى الله عز وجل للمدارس بالتفاهم مع مديريها إحدى فرص هذا الاتصال، وإن كون أحد الدعاة وليًّا لأمر طالب في المدرسة فرصة ثانية، وإن عمل أحد الدعاة بالتدريس في المدرسة أو الجامعة فرصة ثالثة، وإن توثيق الصلة ببعض المدرسين والعاملين في المدرسة فرصة رابعة، وإن هناك فرص عديدة يعرفها الدعاة، وتكون أنسب لظروف المدرسة وظروف الجامعة وظروف