الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث
(إلمامة بأركان الإيمان)
1 -
إلمامة تحليلية عن أركان الإيمان (1)
مذهب السلف في الإيمان مع ذكر أركانه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين، وبعد:
عنوان محاضرة هذا اللقاء "إلمامة تحليلية عن أركان الإيمان" وهذا الموضوع موضوع مهم ومتجدد، وإن كان الطالب قد درس شيئًا من مفرداته، في علم التوحيد، إلا أنني هنا سأتناوله حسب ما جاء في توصيف، أو مفردات المقرر بذكر ملخص سريع، أو إلمامة تحليلية عن أركان الإيمان، في العناصر التالية:
العنصر الأول: مذهب السلف في الإيمان، ويشتمل على النقاط التالية: النقطة الأولى: مذهب السلف في حقيقة الإيمان وأدلته:
الإيمان عند السلف: هو اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان.
وسُئِلَ فضيل بن عياض عن الإيمان، فقال: الإيمان عندنا داخله، وخارجه الإقرار باللسان، والقبول بالقلب، والعمل به، وقال عبيد بن عمير الليثي: ليس الإيمان بالتمني، ولكن الإيمان قول يعقل، وعمل يعمل، وهذا كلام في حقيقته في غاية من الوضوح، ويوضحه أكثر -شيخ الإسلام- ابن تيمية رحمه الله تبارك وتعالى فيقول: كان من مضى من سلفنا، لا يفرقون بين الإيمان والعمل، العمل من الإيمان، والإيمان من العمل، فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه، وصدق بعمله فتلك العروة الوثقى، التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه، ولم يعرف بقلبه، ولم يصدق بعمله؛ كان في الآخرة من الخاسرين، وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف، أنهم يجعلون العمل مصدقًا للقول.
ومن القائلين بأن الإيمان قول وعمل، الأئمة الثلاثة؛ أحمد بن حنبل، ومحمد بن إدريس الشافعي، ومالك بن أنس وغيرهم، من الأئمة كسفيان الثوري، والأوزاعي، وابن جريج، ومعمر بن راشد، وغيرهم رحمهم الله تبارك وتعالى.
والأدلة على أن الإيمان اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان كثيرة جدًّا، ومنها قول الله تبارك وتعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النحل: 106) ويقول سبحانه: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (آل عمران: من الآية: 84) فهذه الآية بينت أن الإيمان يكون بالقول، والآية السابقة بينت أيضًا أن الإيمان يكون بالقلب.
ومن الأدلة على أن الأعمال أيضًا من الإيمان، إلى جانب اعتقاد القلب، وقول اللسان، تسمية الله تبارك وتعالى الصلاة إيمانًا، وذلك في قوله: جلا ذكره: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (البقرة: 143) أي: وما كان الله ليضيع صلاتكم؛ لأن الآية نزلت في الذين توفوا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم- وهم على الصلاة إلى بيت المقدس.
وقد أورد أبو عبيد القاسم بن سلام قول الله تبارك وتعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت: 1 - 2) وقوله سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} (العنكبوت: من الآية: 10) أوردهما رحمه الله كدليل على أن العمل من الإيمان، وقال بعد ذلك أفلست تراه تبارك وتعالى قد امتحنهم بتصديق القول بالفعل، ولم يكتفِ منهم بالإقرار، دون العمل حتى جعل أحدهما من الآخر، فأي شيء يتبع بعد كتاب الله تبارك وتعالى وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهاج السلف بعده الذين هم موضع القدوة والإمامة.
والحاصل أن أدلة السلف على أن الأعمال ركن في الإيمان، من القرآن الكريم كثيرة جدًّا، ومن أدلة السلف أيضًا على دخول الأعمال في الإيمان، ما جاء في