الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلالة على أن خالق الإنسان هو مكون الأكوان
أنتقل بعد ذلك إلى عنصر أخير في كلمات سريعة، وهو بعنوان: الدلالة على أن خالق الإنسان هو مكون الأكوان:
وأقول هذا؛ لأن العلم الحديث بعد ما توصل إلى ما توصل إليه، ومن توصلوا كان معظمهم؛ إما من المنكرين لوجود الله عز وجل بالكلية، والمكذبين برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقول لهؤلاء وهؤلاء الذين ينكرون خالق الأرض والسموات: إن الذي كون هذه الكائنات، والذي خلق الإنسان هو رب العزة، والجلال سبحانه وتعالى والأدلة على ذلك كثيرة منَ الكون المفتوح أيضًا إلى جانب ما جاء في كتاب الله عز وجل.
وإن الذي ينظر في كتاب الله عز وجل ويستخدم عقله استخدامًا صحيحًا يصل إلى أن الإيمان بوجود الله عز وجل يقوم على أسس ثلاثة شَهِدَ بِهَا العقل، ودل عليها الكتاب والسنة، وهي أن العدم لا يخلق شيئًا، تأمل مثلًا قول الله تبارك وتعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ والأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ} (الطور: 35، 36) لو تأمل الإنسان المنكر لخالق هذه الآية، وسأل نفسه سؤالًا عقليًّا؛ هل خلق الإنسان نفسه؟ الجواب: لا. لأن الإنسان كان عدمًا، ولا يمكن لمن كان كذلك أن يوجد نفسه، فلا بد إذن أن يكون هناك من أوجد هذا الإنسان، ولذلك قال الله:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} فكل موجود لا بد له من موجد أوجده، أنت إذا دخلت بيتك، ووجدت شيئًا لم تأتِ به من قبل، لا شك أنك ستوقن، وتعتقد أن هناك من أَتَى بِهَذَا الشَّيْءِ، لذلك نحن وجدنا جميعًا، فلا بد أن نكون قد وجدنا من شيء، نرجع وننظر؛ ما هو هذا الشيء الذي أوجدنا هل نحن أوجدنا أنفسنا؟
ما يقول هذا قائل بحال؛ لماذا؟ لأننا أضعف من خلق السموات والأرض، ولم نكن قبل أن نوجد شيئًا مذكورًا بل كنا عدمًا، وبالتالي لابد أن يكونَ من أوجدنا وخلقنا ولا يكون ألا أن نسلم لرب العزة والجلال سبحانه وتعالى.
الأساس الثاني: أن الفعل مرآة لقدرة فاعله وبعض صفاته: هذا الكون الفسيح -هذا الكون الذي يحير الألباب إذا نظرت فيه- بنظامه وإتقانه، الله عز وجل خلق الكون وأحكم خلقه وصنعه سبحانه وتعالى {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُت} هذا الكون بما فيه ألا يدل على قدرة من أوجده، وعلى قدرة الحكيم الخبير.
إن هذا الكون -يا أيها الناس- يشير إلى وجود الله تبارك وتعالى، وإلى أنه سبحانه وتعالى هو الخالق وحده، وبالتالي أنادي الجميع إلى أن يعبدوه وحده دون سواه.
أما الأساس الثالث الذي أبرهن به على وجود الله تبارك وتعالى ووحدانيته: هو أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالبشر جميعًا، والناس جميعًا كانوا عدمًا، ولا يملكون شيئًا، والعدم لا يوجد نفسه فضلًا عن أن يوجد غيره، وبالتالي فكل ما في هذا الكون وما توصل إليه العلم الحديث اليوم يدعو إلى الإيمان بوجود الله تعالى، وبوحدانيته.
وأكتفي بهذا، وصلِّ اللَّهُمَّ، وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. والسلام عليكم، ورحمة الله، وبركاته.