الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الحادي عشر: إقطاع المقطَع
، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الإقطاع وحكمه
.
تعريف الإقطاع
الإقطاع في اللغة مصدر أقطع، ومادة القطع ترجع للإبانة، ومنه قطع لسانه: أسكته بإحسانه إليه، وأقطعه قطيعةً أي طائفةً من أرض الخراج، والإقطاع يكون تمليكًا وغير تمليك (1)، وهو كذلك في الاصطلاح إلا أنهم يصوغونه بلسان أهل الشرع، فمن ذلك:
1 -
تمليك الخراج مع بقاء رقبة الأرض لبيت المال (2).
2 -
تسويغ الإمام من مال الله شيئًا لمن يراه أهلًا لذلك (3).
3 -
ما يخص به الإمام بعض الرعية من الأرض الموات فيصير أولى به ممن لم يسبق إلى إحيائه (4).
4 -
قيام الإمام بتوزيع الأراضي الموات أو نحوها بين الأفراد الممتازين من الرعية سواء أكان تمليكًا أم استغلالًا أم إرفاقًا ليقوموا باستثمارها وبعث النشاط والحياة فيها (5).
حكم الإقطاع
الإقطاع من حيث الأصل جائز (6)، قال الترمذي:(والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في القطائع، يرون جائزًا أن يُقطِع الإمام لمن رأى ذلك)(7)، وله أنواع عديدة، وهي في الجملة ترجع إلى ثلاثة أنواع: إقطاع تمليك وإقطاع إرفاق (إمتاع- انتفاع) وإقطاع استغلال (استثمار)، والتمليك إما أن يكون إقطاع موات أو عامر أو معادن، ويمكن تقسيم إقطاع الإرفاق نحو هذا التقسيم (8)، وقسموا إقطاع الاستغلال إلى عُشر
(1) القاموس المحيط، مادة قطع ص 752 - 753، لسان العرب، مادة قطع 10/ 153 - 154.
(2)
حاشية ابن عابدين 6/ 303، وذكر أن للإمام أن يُملِّك الأرض كما يملك المال ولا يختص ذلك بالخراج كما في التعريف الذي نقله.
(3)
فتح الباري 6/ 183، وحكاه عن القاضي عياض، وأنه قال: وأكثر ما يستعمل في الأرض.
(4)
فتح الباري 6/ 183.
(5)
الإقطاع في الإسلام ص 35.
(6)
المبسوط 23/ 12، حاشية ابن عابدين 6/ 302، إكمال المعلم 6/ 76، 245، الاستذكار 3/ 27 - 28، ط. إحياء التراث العربي، نهاية المطلب 8/ 305، 319 - 320، المهذب 16/ 715، مغني المحتاج 2/ 472، المغني 8/ 162، الروض المربع 7/ 354.
(7)
الجامع الكبير للترمذي (3/ 58)(ح 1380).
(8)
المراجع السابقة، وينظر: الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 209 - 227،227 - 235، الأحكام السلطانية للماوردي ص 248 - 255، حاشية الدسوقي 4/ 68، المستدرك على مجموع الفتاوى 3/ 227.
وخَراج.
والأصل في الإقطاع السنة المطهرة والإجماع، فمن ذلك:
1.
عن أنس رضي الله عنه قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع البحرين-وفي روايةٍ: دعا الأنصار ليقطع لهم بالبحرين- فقالت الأنصار: حتى تُقطِع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تُقطِع لنا. قال: «سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني» (1).
2.
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا (2).
3.
روى البخاري تعليقًا بصيغة الجزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير، عقب حديث أسماء رضي الله عنهما:(وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم)(3).
4.
عن وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضًا بحضرموت (4)، وفي رواية: فأرسل معي معاوية أن أعطها إياه -أو قال: أَعْلِمْها إياه- قال: فقال لي معاوية: أردفني خلفك. فقلت: لا تكون من أرداف الملوك. قال: فقال: أعطني نعلك. فقلت: انتعل ظل الناقة. قال: فلما استُخلف معاوية أتيته فأقعدني معه على السرير فذكرني الحديث. فقال سماك: فقال: وودت أني كنت حملته بين يدي (5).
(1) رواه البخاري، كتاب المساقاة، باب القطائع (3/ 114)(ح 2376)، والرواية المذكورة عنده في باب كتابة القطائع (3/ 114)(ح 2377).
(2)
رواه أحمد (3/ 205)(ح 1670)، والبيهقي، كتاب آداب القاضي، باب ما يقول في لفظ التعديل (10/ 124)، ومع استبعاد سماع عروة بن الزبير -المولود عام 23 - من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه -المتوفى عام 32 - ، وينظر في روايته عنه: علل الدارقطني 4/ 292، المطالب العالية ح 1225، وما سمعه عروة من والده -المتوفى عام 36 - قليل فكيف بغيره؟
(3)
رواهما البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم (4/ 95)(ح 3151)، وينظر ما رواه أبو داود (ح 3072) وأحمد (10/ 485)(ح 6458) عن ابن عمر رضي الله عنهما بمعناه و"التلخيص الحبير" 4/ 1959.
(4)
رواه أبو داود، كتاب الخراج والفيء والإمارة، باب ما جاء في إقطاع الأرضين (4/ 663)(ح 3058)، والترمذي، أبواب الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في القطائع (3/ 58)(ح 1381)، وصححه الترمذي وابن حبان (ح 7205) وابن قدامة وابن الملقن. المغني 8/ 162، البدر المنير 7/ 69، التلخيص الحبير 4/ 1958.
(5)
رواه أحمد (45/ 212)(ح 27239) وابن حبان، كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة (16/ 182)(ح 7205)، والبيهقي، كتاب إحياء الموات، باب إقطاع الموات (6/ 144)، ورواه مختصرًا الدارمي، كتاب البيوع، باب القطائع (3/ 1702)(ح 2651)، قال البخاري:(وطعن مَن لا يعلم في وائل بن حجر أن وائل بن حجر من أبناء ملوك اليمن، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأكرمه وأقطع له أرضًا وبعث معه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه) ثم أسند الحديث بالرواية المختصرة السابقة وقال: (وقصة وائل مشهورة عند أهل العلم، وما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في أمره وما أعطاه معروف بذهابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مرة بعد مرة) كتاب رفع اليدين ص 101 - 104.