المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الثاني: رهن المرهون من المرتهن (الزيادة في الدين) - العقود المضافة إلى مثلها

[عبد الله بن طاهر]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيدتعريف العقود والأصل في حكمها وقواعد إضافة العقود إلى مثلها

- ‌المبحث الأول: تعريف العقود

- ‌المبحث الثاني: الأصل في العقود

- ‌المبحث الثالث: القواعد والضوابط المتعلقة بالعقود المضافة إلى مثلها

- ‌المطلب الأول: الأصل في العقود التي يجوز أن يقوم فيها غير المعقود معه مقامه

- ‌المطلب الثاني: قاعدة نقل المِلك بنفس العقد المستفاد به المملوك

- ‌المطلب الثالث: قاعدة نفي الضرر

- ‌المطلب الرابع: قاعدة سد الذريعة

- ‌المطلب الخامس: ضابط فقهي

- ‌الفصل الأولعقود المعاوضات المضافة إلى مثلها

- ‌المبحث الأول: بيع المبيع

- ‌المطلب الأول: تعريف البيع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم بيع المبيع

- ‌الفرع الأول: بيع البائع للمبيع

- ‌الفرع الثاني: بيع المشتري للمبيع

- ‌المبحث الثاني: الإجارة على الإجارة

- ‌المطلب الأول: تعريف الإجارة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إجارة المؤجِر العين المؤجرة وإجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة

- ‌الفرع الأول: إجارة المؤجِر العين المؤجَرة

- ‌الفرع الثاني: إجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة

- ‌المطلب الثالث: حكم إجارة المستأجر العين المؤجرة

- ‌الفرع الأول: إجارتها لغير المؤجر

- ‌الفرع الثاني: إجارتها للمؤْجِر

- ‌الفرع الثالث: إجارة المستأجر منافع الأجير

- ‌المبحث الثالث: إقالة الإقالة

- ‌المطلب الأول: تعريف الإقالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إقالة الإقالة

- ‌المبحث الرابع: مضاربة المضارب

- ‌المطلب الأول: تعريف المضاربة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: مضاربة المضارب

- ‌الفرع الأول: مضاربة المضارب (العامل) بدفع رأس المال لآخر

- ‌الفرع الثاني: مضاربة المضارب (العامل) بتقبل رأس المال من أجنبي

- ‌المبحث الخامس: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي

- ‌المطلب الأول: تعريف المزارعة والمساقاة وحكمهما

- ‌الفرع الأول: تعريف المزارعة وحكمها

- ‌الفرع الثاني: تعريف المساقاة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم مزارعة المزارع ومساقاة المساقي

- ‌الفرع الأول: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي بدفع الأرض أو الزرع لآخر ليقوم بذلك

- ‌الفرع الثاني: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي بتقبل أرض أو زرعٍ من أجنبي

- ‌المبحث السادس: استصناع الصانع (الاستصناع الموازي)

- ‌المطلب الأول: تعريف الاستصناع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم استصناع الصانع

- ‌المبحث السابع: مقاولة المقاول (المقاولة من الباطن)

- ‌المطلب الأول: تعريف المقاولة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم المقاولة من الباطن

- ‌المبحث الثامن: الجعالة على الجعالة

- ‌المطلب الأول: تعريف الجعالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم الجعالة على الجعالة

- ‌المبحث التاسع: إحالة المحال

- ‌المطلب الأول: تعريف الحوالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إحالة المحال

- ‌المبحث العاشر: السَّلَم المُوَازي (المتوازي)

- ‌المطلب الأول: تعريف السَّلَم وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم السلم الموازي (المتوازي)

- ‌الفرع الأول: إسلام المسلَم فيه بعينه

- ‌الفرع الثاني: الإسلام في مثل المسلَم فيه

- ‌المبحث الحادي عشر: تورُّق المتورِّق (إعادة التورُّق)

- ‌المطلب الأول: تعريف التورق وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم تورق المتورِّق (إعادة التورق)

- ‌الفصل الثانيعقود التبرعات المضافة إلى مثلها

- ‌المطلب الأول: تعريف الدين وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم استدانة المدين

- ‌الفرع الأول:

- ‌الفرع الثاني: استدانة المدين المعسر لحاجة نفسه ومن يمون

- ‌الفرع الثالث: استدانة المدين المعسر لقضاء دين الغرماء

- ‌الفرع الرابع: إقراض القرض

- ‌المبحث الثاني: توكيل الوكيل

- ‌المطلب الأول: تعريف الوكالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم توكيل الوكيل

- ‌الفرع الأول: توكيل الوكيل إذا نهاه موكله عن التوكيل

- ‌الفرع الثاني: توكيل الوكيل إذا أذن له موكله في التوكيل

- ‌الفرع الثالث: توكيل الوكيل إذا أطلق موكله الوكالة

- ‌المبحث الثالث: إبضاع المبضَع

- ‌المطلب الأول: تعريف الإبضاع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: إبضاع المبضَع

- ‌المبحث الرابع: إعارة المعار

- ‌المطلب الأول: تعريف الإعارة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إعارة المعار

- ‌المبحث الخامس: إيداع الوديعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيداع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم إيداع الوديعة

- ‌المبحث السادس: وقف الوقف

- ‌المطلب الأول: تعريف الوقف وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم وقف الوقف من قِبل الموقوف عليه

- ‌المبحث السابع: هبة الموهوب

- ‌المطلب الأول: تعريف الهبة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: هبة الموهوب

- ‌المبحث الثامن: إيصاء الوصي (الموصَّى) وتوصية الموصى له والموصي

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيصاء والوصية وحكمهما

- ‌المطلب الثاني: حكم إيصاء الوصي وتوصية الموصى له والموصي

- ‌الفرع الأول: إيصاء الوصي

- ‌الفرع الثاني: توصية الموصى له

- ‌الفرع الثالث: حكم توصية الموصي بالوصية

- ‌المبحث التاسع: إعتاق الرقيق

- ‌المطلب الأول: تعريف العتق والرِّقِّ وحكمهما

- ‌المطلب الثاني: حكم إعتاق الرقيق

- ‌الفرع الأول: إعتاق القِنّ

- ‌الفرع الثاني: إعتاق المبعَّض

- ‌الفرع الثالث: إعتاق المكاتب

- ‌الفرع الرابع: إعتاق أم الولد

- ‌الفرع الخامس: إعتاق المُدَبَّر وتدبيره

- ‌المبحث العاشر: مكاتبة المكاتب

- ‌المطلب الأول: تعريف المكاتبة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم مكاتبة المكاتب

- ‌المبحث الحادي عشر: إقطاع المقطَع

- ‌المطلب الأول: تعريف الإقطاع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم إقطاع المقطَع

- ‌الفصل الثالثعقود التوثقة المضافة إلى مثلها

- ‌المبحث الأول: رهن المرهون

- ‌المطلب الأول: تعريف الرهن وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم رهن المرهون

- ‌الفرع الأول: رهن المرهون من طرفٍ ثالثٍ

- ‌الفرع الثاني: رهن المرهون من المرتهن (الزيادة في الدين)

- ‌المبحث الثاني: كفالة الكفيل وضمان الضمين (الضامن)

- ‌المطلب الأول: تعريف الكفالة والضمان وحكمهما

- ‌الفرع الأول: تعريف الكفالة وحكمها

- ‌الفرع الثاني: تعريف الضمان وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم كفالة الكفيل وضمان الضمين

- ‌المبحث الثالث: إعادة التأمين

- ‌المطلب الأول: تعريف التأمين وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم إعادة التأمين

- ‌خاتمة

- ‌ثبت تراجم الأعلام

- ‌المصادر والمراجع

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث والآثار

- ‌فهرس الإجماعات

- ‌فهرس الفوائد

الفصل: ‌الفرع الثاني: رهن المرهون من المرتهن (الزيادة في الدين)

1.

ما تقدم من الأدلة مع مناقشة دليل القول الآخر.

2.

أنّ في هذا القول سدًّا لذريعة النزاع والاختلاف المتوقع بين المرتهنين.

3.

تفاوت الذمم، والراهن لم يرضَ بذمة المرتهن الجديد.

‌الفرع الثاني: رهن المرهون من المرتهن (الزيادة في الدين)

.

صورة المسألة: إذا رهن زيد عقارًا عند سعد، فزيد المدين هو الراهن، وسعد الدائن هو المرتهن، فهل لزيد أن يستدين دينًا آخر من سعد ويجعل ذلك العقار بعينه رهنًا عن الدين الجديد الثاني، فيضمُّه إلى الأول في الاستيثاق بالرهن الأول؟

الحكم:

فيه قولان:

القول الأول: لا يجوز رهن المرهون للمرتهن، ولو كانت قيمة الرهن كافية للدينين، ولو كانا من جنس واحد، فإن فعل فيبطل الثاني دون الأول، وهو مذهب الحنفية (1) والشافعية (2) والحنابلة (3) وابن حزم (4).

القول الثاني: يجوز رهن المرهون للمرتهن، فيكون رهنًا للدينين، وهو مذهب المالكية (5) والقول القديم عند الشافعية (6) وقول أبي يوسف (7) والمزني (8) وابن قيم الجوزية (9).

الأدلة:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: أن هذا رهنُ مرهونٍ، ورهن المرهون لا يجوز، قياسًا على ما لو رهنه لطرفٍ آخر (10).

المناقشة: بالمنع من إلحاق الفرع بالأصل، فليست العلة في منع رهن المرهون لطرف آخر

(1) العناية 8/ 241، حاشية ابن عابدين 10/ 149 - 150.

(2)

الأم 3/ 154، نهاية المطلب 6/ 132، البيان 6/ 34.

(3)

كشاف القناع 8/ 153، الروض المربع 6/ 396.

(4)

المحلى 8/ 101.

(5)

حاشية الدسوقي 3/ 237، بشرط تساوي الأجلين ورضا الحائز للرهن سواء كان المرتهن الأول أو أمينًا غيره.

(6)

الحاوي الكبير 6/ 88، نهاية المطلب 6/ 132.

(7)

الأوسط 10/ 542، العناية 8/ 241، الاختيار 2/ 66.

(8)

نهاية المطلب 6/ 132.

(9)

الفروسية ص 299 - 300، ونُسب لابن تيميّة. اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية 7/ 75.

(10)

نهاية المطلب 6/ 132.

ص: 240

كونه رهنًا لمرهون، بل لتفاوت الذمم، وحفظًا لحق المرتهن الأول، فإذا كان هو المرتهن الجديد فالذمة واحدة، والتوثق موجود، ولا منازع له في الوثيقة (1).

الدليل الثاني: أنه تعلق بجملة الرهن كل جزءٍ من أجزاء الدين الأول، فلم يبق فيه موضعٌ لتعلُّق حقٍّ آخر بخلاف الضمان، فإن محله الذمة، وهي متسعة لكل دينٍ يَرِد عليها (2)، ودليله أنه لو قضى الحق الأول إلا جزءًا يسيرًا لتعلق به الرهن.

المناقشة:

1.

أن هذا الحكم ليس متفقًا عليه، فعن أبي حنيفة رواية أنه إذا رهن شيئين بحق فتلف أحدهما كان الباقي رهنًا بما يقابله من الحق لا بجميعه (3).

الجواب: أن أبا حنيفة ليس ممن يعهد عنه روايتان (4)، وأن هذا مخالف للإجماع (5).

الرد: لأبي حنيفة رحمه الله روايتان في عدد من المسائل، كما هو حال سائر الأئمة (6).

2.

أنه لا أثر للفرق بينهما بسعة الضمان وضيق الرهن؛ لأن لهما أن يوسّعاه أضعاف ما هو متعلق به بأن يُغير الرهن (7).

3.

أن الحق الثاني لا ينافي الحق الأول، فيمكن أن يتعلق الحقان بهذا المرهون.

الدليل الثالث: أنها زيادة لا تلحق بالعقد فلا تصح، قياسًا على الزيادة في الثمن بعد لزوم البيع (8).

المناقشة: أنه تعليل بمحل النزاع، فللمخالف أن يقول: إنها زيادة تلحق بالعقد فتصح قياسًا على زيادة الرهن (9)، وهذا أصلٌ أقرب من القياس على البيع.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن للراهن أن يزيد المرتهن رهنًا مع رهنه أو

(1) الفروسية ص 301 - 302.

(2)

الفروسية ص 300، وفيه جواب عن دليل أو إيراد مقدر: قياس الرهن على الضمان.

(3)

الفروسية ص 300.

(4)

الواضح لابن عقيل 2/ 219.

(5)

الأوسط 10/ 541، أن من أدى بعض المال وأراد إخراج بعض الرهن فليس له ذلك .... إلخ

(6)

وكلام ابن عقيل في "الواضح" لعله أغلبي، ومن أمثلة نسبة الروايتين لأبي حنيفة: حاشية ابن عابدين 6/ 370، 10/ 156 - 157، شرح النووي على مسلم 3/ 435 - 436، 6/ 222، الإعلام لابن الملقن 5/ 54، المغني 11/ 423، 447، 512، 12/ 269.

(7)

الفروسية ص 300.

(8)

كشاف القناع 8/ 153.

(9)

يتضح بالدليل الأول للقول الثاني.

ص: 241

رهونًا) (1)، فكذلك يجوز أن يزيد المرتهن الراهن دينًا مع دينه أو ديونًا، قال الجويني في"نهاية المطلب":(فإذا لم يمتنع هذا في أحد الجانبين-وحكم العقود التساوي- لم يمتنع في الجانب الآخر، ولما منعنا الزيادة في الثمن بعد لزوم العقد منعناها في المثمن)(2) أي في عقد البيع.

المناقشة: أن الدين مستغرق للرهن وليس الرهن مستغرقًا للدين، بدليل سقوط الدين بكل الرهن وسقوط الرهن لا بكل الدين، ولذلك جاز دخول رهنٍ ثانٍ على أولٍ في دين واحد، ولم يجز دخول دينٍ ثانٍ على أولٍ في رهنٍ واحدٍ (3).

الجواب: عدم التسليم بالمقدمة الأولى، فالاستغراق المذكور حكمي، والنظر في الاستغراق الحقيقي الخارجي، فإن كانت قيمة الرهن أكبر من قدر الدين الأول فليس الدين مستغرقًا للرهن حينئذٍ، ولو لم يستغرقهما معًا، يكفي أن يكون توثقةً لجزء من الدين الجديد.

الدليل الثاني: قال ابن قيم الجوزية: (لما ملكا تغيير العقد ورفعه ثم جعل الرهن وثيقة بالدينين مَلَكَا أن يجعلاه وثيقة بهما مع بقاء العقد، وأي فائدة أو مصلحة حصلت لهما بتغيير العقد وفسخه وتعريض الحق للضياع بإبطال الرهن، ومعلوم أن الشارع لا يشرع ما هو عبث لا مصلحة فيه، فيقول إذا أردتما الزيادة في الدين فافسخا عقد الرهن وأبطلاه ثم زيدا فيه، فتغيير صفته أسهل عليهما وأقل كلفةً وأبين مصلحةً)(4).

الترجيح

الراجح جواز رهن الرهن من المرتهن ولو لم يفِ الرهن بالدينين معًا.

أسباب الترجيح:

1.

قوة الأدلة ومناقشة ما يعارضها.

2.

استناده للأصل في العقود والمعاملات.

3.

أن الشارع لا يشرع ما هو عبث لا مصلحة فيه، مثل أخذ الرهن ثم إعادته ليكون عن الدينين -كما يقوله أصحاب القول الأول-، وهذا مثل خلع الخف الأيمن ثم لبسه إذا أدخله قبل أن يغسل قدمه اليمنى (5)، ومثل رد اللقمة إلى السفرة ثم أخذها إذا قدمها له ضيف

(1) الأوسط 10/ 541، الإجماع ص 138، ومخالفة زفر قد تكون لاحقة للإجماع وقد تكون سابقة.

(2)

6/ 132.

(3)

الحاوي الكبير 6/ 90.

(4)

الفروسية ص 301.

(5)

الروض المربع 1/ 320 - 321.

ص: 242

آخر دون إذن المضيف (1).

تنبيه:

يشتبه بهذه المسألة ما لو كان للمدين الراهن رهنٌ بدين عند الدائن المرتهن، فطلب منه دينًا آخر فاشترط الدائن رهنًا آخر يستوعب ثمنه الدينين أو عرض المدين ذلك عليه، فمن العلماء من أجازه؛ لعموم أدلة مشروعية الرهن، ومنهم مَن منعه لشبهة الربا، جاء في"المدونة":(أرأيت إن ارتهنت من رجل جارية، قيمتها خمسمائة درهم بخمسمائة درهم أسلفته إياها، ثم جاءني بعد ذلك فقال: أسلفني خمسمائة أخرى. فقال: لا، إلا أن ترهنني جاريتك فلانة الأخرى بجميع الألف -وقيمتها ألف درهم- قال مالك: لا خير في هذا؛ لأن هذا قرض جر منفعة؛ ألا ترى أنه أقرضه على أن زاده في سلفه الأول رهنا)(2) وجاء في"المغني": (إذا كان له على رجل ألف فقال: أقرضني ألفًا بشرط أن أرهنك عبدي هذا بألفين. فنقل حنبل عن أحمد أن القرض باطل، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه قرض يجر منفعة، وهو الاستيثاق بالألف الأول، وإذن بطل الرهن، فإذا قيل: أليس لو شرط أنه يعطيه رهنًا بما يقترضه جاز؟ قلنا: ليس هذا قرضًا جر منفعة؛ لأن غاية ما حصل له تأكيد الاستيفاء لبدل ما أقرضه وهو مثله، والقرض يقتضي وجوب الوفاء، وفي مسألتنا شرط في هذا القرض الاستيثاق لدينه الأول فقد شرط استيثاقًا لغير موجب القرض، ونقل أن القرض صحيح، ولعل أحمد حكم بصحة القرض مع فساد الشرط كيلا يفضي إلى جر المنفعة بالقرض، أو حكم بفساد الرهن في الألف الأول وحده وصححه فيما عداه)(3).

(1) الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 332.

(2)

6/ 359، وينظر 6/ 353،215.

(3)

6/ 508، الشرح الكبير 12/ 470، وبنحوه في "الحاوي الكبير" 6/ 246.

ص: 243