الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون عقد الاستصناع الثاني (الموازي) بين المصرف ومؤسسته أو طرف ثالث يتفق معه بحيث يكون المصرف هو المستصنع في العقد الجديد مع الطرف الثالث؛ ليتسلم المصرفُ السلعةَ ثم يسلمها بموجب العقد الأول للمستصنع الأصلي، وقَصَد بذلك الحيلة على القرض الربوي لم يجز؛ لأنه حيلة على الربا.
2 -
لو تقدم صاحب أرض لشركة تمويل بطلب بناء مركز تجاري على أرضه، واشترط أن يكون هو المقاول من الباطن -بمعنى أن يتقاول مع الشركة على مشروع على أن تتقاول معه في ذلك المشروع- لم يجز؛ لأنه من بيع العينة.
المطلب الخامس: ضابط فقهي
.
كل عقدٍ أضيف إلى مثله يُشترط لصحته ما يُشترط لصحة العقد الأصلي، وقد يستقل العقد المضاف بشروط.
ومثال ذلك: يشترط في الهبة كون الواهب أهلًا للتبرع مالكًا للموهوب وكون الموهوب موجودًا متقومًا متميزًا مع قبض الموهوب له (1)، فيشترط في هبة الموهوب كل ما سبق من الشروط، وهكذا في سائر العقود.
تنبيهان:
الأول: جاء في "الأشباه والنظائر" لابن نجيم: (كل عقدٍ أُعيد وجُدِّد فإن الثاني باطل)(2) وليس هذا من العقود المضافة لمثلها؛ لأن المقصود منه إعادته مع الطرف الأول، ومحل البحث أعم من ذلك فأحيانًا يكون إبرام العقد مع العاقد الأول كرهن المرهون من المرتهن، وأحيانًا -وهو الغالب- يكون مع طرفٍ ثالثٍ، قال بعدها:(فالصلح بعد الصلح باطل، كما في جامع الفصولين، والنكاح بعد النكاح كذلك، كما في القنية، والحوالة بعد الحوالة باطلة، كما في التلقيح إلا في مسائل: الأولى: الشراء بعد الشراء صحيح، أطلقه في جامع الفصولين وقيده في القنية بأن يكون الثاني أكثر ثمنًا من الأول أو أقل أو بجنس آخر وإلا فلا، الثانية: الكفالة بعد الكفالة صحيحة لزيادة التوثيق، بخلاف الحوالة فإنها نقل فلا يجتمعان، كما في التلقيح، وأما الإجارة بعد الإجارة من المستأجر الأول فالثانية فسخ للأولى، كما في البزازية).
(1) بدائع الصنائع 6/ 184 - 186، بداية المجتهد 8/ 208 - 210، المهذب 17/ 282 - 303، كشاف القناع 10/ 121 - 122.
(2)
ص 176.
الثاني: جاء في "بدائع الصنائع": (الشيء لا يستتبع مثله)(1) وذلك في معرِض التعليل للمنع من مضاربة المضارب بغير إذن رب المال؛ لذا قال بعدها: (ولهذا لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد كذا هذا) وفي "الاختيار" أن الشريك ليس له أن يشارك؛ لأن الشيء لا يستتبع مثله (2)، وفي "حاشية ابن عابدين" أنه لو اشترى بيتًا وفوقه آخر لم يدخل العلو ما لم ينص عليه؛ لأن الشيء لا يستتبع مثله (3).
ومعنى القاعدة أن العقد المطلق المتضمن للتصرف كالمضاربة والوكالة والمقاولة ليس من مقتضاه إبرام مثل العقد مع آخَر بصفته طرفًا في العقد الأول، إذن لا بد من شرطٍ أو إذن يسوِّغ ذلك، وعليه فالقاعدة لا تؤيد الحكم الذي ذكره ابن عابدين، وهذا كما يظهر ليس شاملًا لكل العقود المضافة إلى مثلها، وإلا لما جاز منها شيء، فمنها ما يكسب مطلق التصرف، ومنها ما يشترط فيه إذن الطرف الآخر، وسيتضح أن المباح من هذه العقود أكثر من الممنوع.
وحجية القواعد الفقهية يرجع لكونها نصًّا بذاتها أو مستنبطة من عدة نصوص أو من فروع المذاهب الفقهية، ولا شك في حجية الأول والثاني متى صح المستند، أما النوع الثالث
–وهذه منها- فليس بلازم الحجية، والله أعلم.
(1) 6/ 150.
(2)
3/ 17، 4/ 71.
(3)
7/ 444.