المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الأول: إجارة المؤجر العين المؤجرة - العقود المضافة إلى مثلها

[عبد الله بن طاهر]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيدتعريف العقود والأصل في حكمها وقواعد إضافة العقود إلى مثلها

- ‌المبحث الأول: تعريف العقود

- ‌المبحث الثاني: الأصل في العقود

- ‌المبحث الثالث: القواعد والضوابط المتعلقة بالعقود المضافة إلى مثلها

- ‌المطلب الأول: الأصل في العقود التي يجوز أن يقوم فيها غير المعقود معه مقامه

- ‌المطلب الثاني: قاعدة نقل المِلك بنفس العقد المستفاد به المملوك

- ‌المطلب الثالث: قاعدة نفي الضرر

- ‌المطلب الرابع: قاعدة سد الذريعة

- ‌المطلب الخامس: ضابط فقهي

- ‌الفصل الأولعقود المعاوضات المضافة إلى مثلها

- ‌المبحث الأول: بيع المبيع

- ‌المطلب الأول: تعريف البيع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم بيع المبيع

- ‌الفرع الأول: بيع البائع للمبيع

- ‌الفرع الثاني: بيع المشتري للمبيع

- ‌المبحث الثاني: الإجارة على الإجارة

- ‌المطلب الأول: تعريف الإجارة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إجارة المؤجِر العين المؤجرة وإجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة

- ‌الفرع الأول: إجارة المؤجِر العين المؤجَرة

- ‌الفرع الثاني: إجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة

- ‌المطلب الثالث: حكم إجارة المستأجر العين المؤجرة

- ‌الفرع الأول: إجارتها لغير المؤجر

- ‌الفرع الثاني: إجارتها للمؤْجِر

- ‌الفرع الثالث: إجارة المستأجر منافع الأجير

- ‌المبحث الثالث: إقالة الإقالة

- ‌المطلب الأول: تعريف الإقالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إقالة الإقالة

- ‌المبحث الرابع: مضاربة المضارب

- ‌المطلب الأول: تعريف المضاربة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: مضاربة المضارب

- ‌الفرع الأول: مضاربة المضارب (العامل) بدفع رأس المال لآخر

- ‌الفرع الثاني: مضاربة المضارب (العامل) بتقبل رأس المال من أجنبي

- ‌المبحث الخامس: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي

- ‌المطلب الأول: تعريف المزارعة والمساقاة وحكمهما

- ‌الفرع الأول: تعريف المزارعة وحكمها

- ‌الفرع الثاني: تعريف المساقاة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم مزارعة المزارع ومساقاة المساقي

- ‌الفرع الأول: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي بدفع الأرض أو الزرع لآخر ليقوم بذلك

- ‌الفرع الثاني: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي بتقبل أرض أو زرعٍ من أجنبي

- ‌المبحث السادس: استصناع الصانع (الاستصناع الموازي)

- ‌المطلب الأول: تعريف الاستصناع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم استصناع الصانع

- ‌المبحث السابع: مقاولة المقاول (المقاولة من الباطن)

- ‌المطلب الأول: تعريف المقاولة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم المقاولة من الباطن

- ‌المبحث الثامن: الجعالة على الجعالة

- ‌المطلب الأول: تعريف الجعالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم الجعالة على الجعالة

- ‌المبحث التاسع: إحالة المحال

- ‌المطلب الأول: تعريف الحوالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إحالة المحال

- ‌المبحث العاشر: السَّلَم المُوَازي (المتوازي)

- ‌المطلب الأول: تعريف السَّلَم وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم السلم الموازي (المتوازي)

- ‌الفرع الأول: إسلام المسلَم فيه بعينه

- ‌الفرع الثاني: الإسلام في مثل المسلَم فيه

- ‌المبحث الحادي عشر: تورُّق المتورِّق (إعادة التورُّق)

- ‌المطلب الأول: تعريف التورق وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم تورق المتورِّق (إعادة التورق)

- ‌الفصل الثانيعقود التبرعات المضافة إلى مثلها

- ‌المطلب الأول: تعريف الدين وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم استدانة المدين

- ‌الفرع الأول:

- ‌الفرع الثاني: استدانة المدين المعسر لحاجة نفسه ومن يمون

- ‌الفرع الثالث: استدانة المدين المعسر لقضاء دين الغرماء

- ‌الفرع الرابع: إقراض القرض

- ‌المبحث الثاني: توكيل الوكيل

- ‌المطلب الأول: تعريف الوكالة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم توكيل الوكيل

- ‌الفرع الأول: توكيل الوكيل إذا نهاه موكله عن التوكيل

- ‌الفرع الثاني: توكيل الوكيل إذا أذن له موكله في التوكيل

- ‌الفرع الثالث: توكيل الوكيل إذا أطلق موكله الوكالة

- ‌المبحث الثالث: إبضاع المبضَع

- ‌المطلب الأول: تعريف الإبضاع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: إبضاع المبضَع

- ‌المبحث الرابع: إعارة المعار

- ‌المطلب الأول: تعريف الإعارة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم إعارة المعار

- ‌المبحث الخامس: إيداع الوديعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيداع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم إيداع الوديعة

- ‌المبحث السادس: وقف الوقف

- ‌المطلب الأول: تعريف الوقف وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم وقف الوقف من قِبل الموقوف عليه

- ‌المبحث السابع: هبة الموهوب

- ‌المطلب الأول: تعريف الهبة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: هبة الموهوب

- ‌المبحث الثامن: إيصاء الوصي (الموصَّى) وتوصية الموصى له والموصي

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيصاء والوصية وحكمهما

- ‌المطلب الثاني: حكم إيصاء الوصي وتوصية الموصى له والموصي

- ‌الفرع الأول: إيصاء الوصي

- ‌الفرع الثاني: توصية الموصى له

- ‌الفرع الثالث: حكم توصية الموصي بالوصية

- ‌المبحث التاسع: إعتاق الرقيق

- ‌المطلب الأول: تعريف العتق والرِّقِّ وحكمهما

- ‌المطلب الثاني: حكم إعتاق الرقيق

- ‌الفرع الأول: إعتاق القِنّ

- ‌الفرع الثاني: إعتاق المبعَّض

- ‌الفرع الثالث: إعتاق المكاتب

- ‌الفرع الرابع: إعتاق أم الولد

- ‌الفرع الخامس: إعتاق المُدَبَّر وتدبيره

- ‌المبحث العاشر: مكاتبة المكاتب

- ‌المطلب الأول: تعريف المكاتبة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: حكم مكاتبة المكاتب

- ‌المبحث الحادي عشر: إقطاع المقطَع

- ‌المطلب الأول: تعريف الإقطاع وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم إقطاع المقطَع

- ‌الفصل الثالثعقود التوثقة المضافة إلى مثلها

- ‌المبحث الأول: رهن المرهون

- ‌المطلب الأول: تعريف الرهن وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم رهن المرهون

- ‌الفرع الأول: رهن المرهون من طرفٍ ثالثٍ

- ‌الفرع الثاني: رهن المرهون من المرتهن (الزيادة في الدين)

- ‌المبحث الثاني: كفالة الكفيل وضمان الضمين (الضامن)

- ‌المطلب الأول: تعريف الكفالة والضمان وحكمهما

- ‌الفرع الأول: تعريف الكفالة وحكمها

- ‌الفرع الثاني: تعريف الضمان وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم كفالة الكفيل وضمان الضمين

- ‌المبحث الثالث: إعادة التأمين

- ‌المطلب الأول: تعريف التأمين وحكمه

- ‌المطلب الثاني: حكم إعادة التأمين

- ‌خاتمة

- ‌ثبت تراجم الأعلام

- ‌المصادر والمراجع

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث والآثار

- ‌فهرس الإجماعات

- ‌فهرس الفوائد

الفصل: ‌الفرع الأول: إجارة المؤجر العين المؤجرة

فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الطلاق: (6)، وقوله عز وجل:{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} القصص: (26)، وأما السنة فأحاديث عديدة من أصرحها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة -ذكر منهم-: رجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يوفه أجره» (1)، وأجمع المسلمون على جوازها في الجملة، واعتراض عبد الرحمن بن الأصم المعتزلي وغلامه إبراهيم بن عُلية الجهمي لا أثر له في الخلاف؛ لأنه غير معتدٍ بهما، وكذلك القاساني الظاهري؛ لأنه وإياهم مسبوقون بإجماع مُنعقد (2).

‌المطلب الثاني: حكم إجارة المؤجِر العين المؤجرة وإجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة

، وفيه فرعان:

‌الفرع الأول: إجارة المؤجِر العين المؤجَرة

.

صورة المسألة: إذا أجر إنسان عينًا من الأعيان كعقارٍ فهل يجوز له أن يؤجرها لغير المستأجر الأول في نفس مدة الإجارة، سواءٌ مضى من مدة الإجارة الأولى زمنٌ أو لم يمضِ، وسواءٌ قصد المستأجر الثاني الانتفاع أم استيفاء الأجرة من الأول؟

الحكم:

أولًا: الحكم التكليفي:

فيه قولان:

القول الأول: لا يجوز ذلك، وهو مذهب الحنابلة (3)، حيث نصوا على أن المنفعة تنتقل للمستأجر بالإجارة ولا يملك المؤجر التصرف فيها (4).

(1) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب إثم من باع حرًا (3/ 82)(ح 2227).

(2)

الإشراف لابن المنذر 6/ 286، الإشراف للقاضي عبد الوهاب البغدادي ص 260 مسألة 590 مع الإتحاف، المغني 8/ 6، نهاية المطلب 8/ 65 المجموع 16/ 191، وينظر: المحلى 8/ 182، مراتب الإجماع ص 105، وقال أهل السنة: لا يعتبر في الإجماع وفاق القدرية والخوارج والرافضة. شرح الكوكب المنير 2/ 227، والمعتزلة من القدرية.

(3)

المغني 8/ 25، شرح الزركشي 4/ 228، والفصل بين الحكمين التكليفي والوضعي خاص بهذه المسألة؛ لأن الأقوال في المسألة غير متواردة، فمن ذكر الحكم التكليفي نصًّا لم يذكر الوضعي، وكذا العكس.

وتسمية الحكم التكليفي بهذا الاسم لأنه الغالب والأشهر، ولابن تيمية نظر في هذه التسمية. مجموع الفتاوى 1/ 25.

(4)

وجعله بعض المشايخ المعاصرين مذهب الحنفية وقياس مذهب الشافعية في أحد القولين، وذكر أن القول الثاني قياس مذهب المالكية (اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية 7/ 293 - 294) استنادًا لما جاء في مواهب الجليل (7/ 523):(وكل تصرف لا يبطل حق المستأجر لا يُمنع أصله)، وذكر بعض المعاصرين أن القول الأول عليه عامة الفقهاء، وهذا أوجه من السابق.

ص: 48

القول الثاني: يجوز، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية (1)، وحقيقته بيع الدين على غير من هو عليه.

ثانيًا: الحكم الوضعي:

فيه قولان:

القول الأول: أن الإجارة الثانية تكون موقوفة على إجازة المستأجر الأول، فإن أجازها جازت وإن أبطلها بطلت، وهو مذهب الحنفية (2) وقول الشافعي في القديم (3).

القول الثاني: إذا أجر المؤجر العين لغير المستأجر الأول ففيه حالتان:

الأولى: إن أجرها قبل تسليم العين للمستأجر الأول: فتنفسخ الإجارة الأولى (4).

الثانية: إن أجرها بعد تسليم العين للمستأجر الأول: ففيه احتمالان عند الحنابلة:

الأول: لم تنفسخ الإجارة، وعلى المستأجر جميع الأجرة، فإذا منعه بالعقد الثاني من الانتفاع فله على المالك أجرة المثل في المدة التي يؤجرها لغيره، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة (5).

الثاني: تنفسخ الإجارة في المدة التي عقد عليها المؤجر مع غير المستأجر (6).

الأدلة:

أدلة القول الأول في الحكم التكليفي:

الدليل الأول: أن المستأجر يملك المنافع بالعقد، كما يملك المشتري المبيع بالبيع، ويزول مِلك المؤجر عنها، كما يزول مِلك البائع عن المبيع، فلا يجوز له التصرف فيها؛ لأنها صارت مملوكة لغيره، كما لا يملك البائع التصرف في المبيع (7).

(1) الأخبار العلمية في الاختيارات الفقهية للبعلي ص 221، وفيه:(ويجوز للمُؤْجِر إجارةُ العينِ المُؤْجَرَة من غير المستأجر في مدة الإجارة، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول) ا. هـ، اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية للبرهان ابن قيم الجوزية ص 129 - 130، الإنصاف 14/ 359 - 360.

(2)

بدائع الصنائع 4/ 317،271، 5/ 248 - 250، حاشية ابن عابدين 7/ 318 - 319.

(3)

في نهاية المحتاج 3/ 354 أن بيع الفضولي في القديم موقوف، وقال:(وشراؤه وسائر عقوده)، المجموع 10/ 397 - 404

(4)

قال في المغني 8/ 26 والإنصاف 14/ 436: (وجهًا واحدًا).

(5)

الإنصاف 14/ 435، كشاف القناع 9/ 115.

(6)

الاحتمالان في: المغني 8/ 25 - 26، شرح الزركشي 2/ 228، وفي "المعايير الشرعية"، معيار الإجارة، ص 137،148، البند 4/ 2/2 عدم صحة إجارة المؤجر للعين المؤجرة لمدة معينة في تلك المدة، ما دام العقد الأول قائمًا.

(7)

المغني 8/ 25، الشرح الكبير 14/ 437.

ص: 49

الدليل الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبيع بعضكم على بيع بعض» (1).

وجه الدلالة: أن الإجارة نوعٌ من البيع عند جمهور العلماء خلافًا لابن حزم (2)، فلا يجوز لمن أجر عينًا أن يؤجرها لغيره؛ لأن المعنى الذي من أجله نهي عن البيع على بيع أخيه في الأعيان موجود في البيع على بيع أخيه في المنافع.

الدليل الثالث: أن المشغول لا يشغل (3)، وهذه العين مشغولة بالعقد الأول مع المستأجر الأول فلا يجوز شغلها في نفس المدة بما ينافي ما هي مشغولة به، ومن ذلك إعادة إجارتها.

الدليل الرابع: أن المستأجر الثاني لا يقصد العين ولا منفعتها؛ لأنها تحت يد غيره إن كانت مقبوضة، فلم يبق إلا قصد الأجرة، وهي دين في ذمة المستأجر الأول، وهذا من ربا النسيئة، ومع تفاوت الأجرتين يكون ربا فضل ونسيئة.

المناقشة: أن هذا من بيع الدين على غير من هو عليه، وليس من الربا، وأيضًا هو لن يأخذ ممن دفع له حتى يكون من الربا، بل هو بالحوالة أشبه.

الجواب: بيع ما في ذمة غيره بيعٌ لما لا يملك، والربح فيه ربحٌ لما لم يضمن.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: أنه تصرف من المؤجر في ما استحقه على المستأجر، وهو الأجرة، قال أبو العباس ابن تيمية:(وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد الإجارة الثانية ظنًا منه أن هذا كبيع المبيع، وأنه تصرفٌ في ما لا يملك، وليس كذلك بل هو تصرف في ما استحقه على المستأجر)(4).

الدليل الثاني: قياسه على جواز تصرفه في العين بالبيع، بجامع التصرف الناقل للملك في كلٍّ من البيع والإجارة.

المناقشة:

أولًا: أن الأصل محل خلاف، فمحمد بن الحسن يمنع صحة البيع للعين المؤجرة في

(1) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب لا يبيع على بيع أخيه (3/ 69)(ح 2139)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 3)(ح 3811) المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما بالرفع، وورد الجزم في رواية لمسلم وفي بعض نسخ البخاري.

(2)

فتح القدير 7/ 146، مختصر المزني ص 126، المهذب مع المجموع 16/ 246، المغني 8/ 7، المحلى 8/ 183.

(3)

الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 334.

(4)

الأخبار العلمية في الاختيارات الفقهية ص 221.

ص: 50

قول (1).

ثانيًا: أن البيع وارد على العين والإجارة على المنفعة، والمنفعة مملوكة للمستأجر الأول.

الدليل الثالث: أنه تصرف لا يمنع حق المستأجر ولا يعود عليه بالضرر وفيه منفعة للمالك وللمستأجر الثاني، فجاز.

المناقشة:

أولًا: عدم التسليم بأنه لا يمنع حق المستأجر، فلو أراد المستأجر الثاني السكنى في العقار أو ركوب واستعمال السيارة المؤجرة لترتب عليه منع أحد المالكَين من استيفاء ملكه.

ثانيًا: أن المؤجر لا يخلو إما أن يكون مالكًا للمنفعة بعد إجارتها أو غير مالك، فإن كان مالكًا فما معنى عقد الإجارة مع المستأجر الأول وما أثره؟! وإلم يكن مالكًا فكيف يؤجر ما لا يملك، والإجارة بيع للمنافع، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«لا تبع ما ليس عندك» (2).

أدلة الحكم الوضعي:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن عروة البارقي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه (3).

وجه الدلالة: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعروة في تصرفه الذي لم ينشأ عن إذنٍ في شراء شاتين وفي بيع إحداهما، فإذا جاز اعتبار الإجازة في بيع الأعيان فكذلك في بيع المنافع، قال أبو العباس ابن تيمية:(وهذا -أي وقف العقود على الإجازة- في النكاح والبيع والإجارة وغير ذلك) ثم قال: (والقول بوقف العقود عند الحاجة متفق عليه بين الصحابة

مع أن القول بوقف العقود مطلقًا هو الأظهر في الحجة، وهو قول الجمهور، وليس ذلك إضرارًا أصلًا) (4).

(1) بدائع الصنائع 4/ 317.

(2)

رواه من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه أبو داود، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (4/ 181)(ح 3503)، والنسائي، كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع (7/ 289)(ح 4613)، والترمذي، أبواب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (2/ 514)(ح 1232)، وابن ماجه، أبواب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك (3/ 308)(ح 2187)، وأحمد (24/ 25 - 26)(ح 15311)، وله شاهد عند الخمسة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وحديث حكيم قال عنه الترمذي:(حسن) وقال البيهقي: (إسناد حسن متصل). السنن 5/ 313، وصححه ابن حبان وابن حزم وابن الملقن وابن القيم والألباني. المحلى 8/ 519، زاد المعاد 5/ 716، البدر المنير 6/ 448، التلخيص الحبير 4/ 1727، إرواء الغليل 5/ 132.

(3)

رواه البخاري، كتاب المناقب، بابٌ، (4/ 207)(ح 3642) والبخاري يذكر أبوابًا دون تراجم في صحيحه أحيانًا.

(4)

مجموع الفتاوى 20/ 577 - 580، 29/ 249، إعلام الموقعين 3/ 250 - 256، الأشباه والنظائر للسبكي 1/ 238.

ص: 51

المناقشة: التسليم بصحة تصرف الفضولي لكن هذا ليس منه؛ لأن الفضولي يتصرف لصالح المالك، كمن يبيع سيارة شخص بغير إذنه ليكون الثمن للمالك، وهنا المؤجر تصرف لصالح نفسه في ما لا يملك، وليس لصالح المالك (المستأجر الأول).

الدليل الثاني: أنه لا ضرر على المستأجر الأول مع تخييره في إمضاء الإجارة أو فسخها.

أدلة القول الثاني:

أولًا: دليل انفساخ الإجارة وفساد العقد الأول إذا أجرها المؤجر قبل تسليم العين: أن العاقد (المؤجر) قد أتلف المعقود عليه (المنافع) قبل تسليمه فانفسخ العقد، كما لو باع طعامًا فأتلفه قبل تسليمه (1).

المناقشة: عدم التسليم بأن الإجارة إتلاف للمنافع، والإجارة عقد لازم لا يشترط له القبض.

ثانيًا: دليل عدم انفساخ الإجارة وفساد العقد الثاني إذا أجرها بعد تسليم العين: أن المؤجر تصرف في ما ملكه المستأجر بغير إذنه، فأشبه ما لو تصرف في المبيع بعد قبض المشتري له، وقبض العين يقوم مقام قبض المنافع (2).

المناقشة: عدم التسليم بحكم الأصل، فإذا باع إنسانٌ ملك غيره فإنه يكون موقوفًا على إجازة المالك ولا يبطل البيع؛ لما أبداه أصحاب القول الآخر من أدلة.

ثالثًا: دليل انفساخ الإجارة وفساد العقد الأول إذا أجرها بعد تسليم العين: أن المستأجر لم يقبض المنافع بعد، فأشبه التصرف في العين المباعة قبل قبضها أو تلف المكيل قبل تسليمه.

المناقشة: أن المنافع تحدث شيئًا فشيئًا وقبض العين بمثابة القبض الحكمي للمنافع المتجددة.

منشأ الخلاف في الحكم التكليفي:

يرجع الخلاف في هذه المسألة لحكم بيع الدين على غير من هو عليه بثمن حال أو مؤجل، فجمهور العلماء على تحريمه مطلقًا (3)، وذهب المالكية (4) والشافعية في الأصح عندهم (5)

(1) المغني 8/ 26، الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 334.

(2)

المغني 8/ 25.

(3)

بدائع الصنائع 5/ 300، تبيين الحقائق 4/ 83، العزيز شرح الوجيز 4/ 300 - 304، الأشباه والنظائر ص 309، شرح منتهى الإرادات 3/ 316 الروض المربع 6/ 351.

(4)

التاج والإكليل 6/ 523، حاشية الدسوقي 3/ 63، ولهم شروط.

(5)

البيان 5/ 71، حاشيتا قليوبي وعميرة 2/ 215، مغني المحتاج 2/ 94.

ص: 52