الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي
، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف المزارعة والمساقاة وحكمهما
، وفيه فرعان:
الفرع الأول: تعريف المزارعة وحكمها
.
تعريف المزارعة
المزارعة لغةً مفاعلة من الزرع، والزرع ما استُنبت بالبذر، وهو النبات، وقال في "مقاييس اللغة":(الزاء والراء والعين أصلٌ يدل على تنمية الشيء) وعرّفت تعريفًا اصطلاحيًا: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها (1).
والمزارعة اصطلاحًا:
1 -
عند الحنفية: عقد على الزرع ببعض الخارج (2)، زاد في "البدائع": بشرائطه الموضوعة له شرعًا (3).
2 -
عند المالكية: شركة في الحرث (4).
3 -
عند الشافعية: استئجار الزارع ببعض ما يخرج من الزرع (5). أو: أن يعامل مالك الأرض رجلًا على أن يزرعها ببذرٍ لرب الأرض (6).
4 -
عند الحنابلة: دفع أرضٍ وحبٍّ لمن يزرعه أو يقوم عليه، أو دفع حبٍّ مزروعٍ لمن يعمل عليه، بجزءٍ مشاعٍ معلومٍ من المتحصل (7).
والراجح تعريف الحنفية والحنابلة -وتعريف المالكية كذلك سليمٌ في الجملة-؛ لأمرين:
1 -
أن المزارعة من جنس المشاركات، وليست من المؤاجرة المطلقة (8)، فإما أن تعرف بالجنس القريب: شركة، أو البعيد: عقد أودفع، أما تعريفها بالاستئجار فلا يُسلّم (9).
2 -
أن البذر لا يشترط كونه من رب الأرض، فقد يكون من العامل.
(1) مقاييس اللغة، مادة زرع 3/ 50، القاموس المحيط، مادة زرع ص 724 - 725، المصباح المنير، مادة زرع ص 209، المطلع ص 315، فائدة: في تهجي حرف (ز) لغات: الزاء-الزاي-الزِّي، والزين لحن. لسان العرب 19/ 86، حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي 1/ 130.
(2)
نتائج الأفكار 8/ 32، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 9/ 456 - 457، وبنحوه في طلبة الطلبة ص 524 ط. القدس.
(3)
6/ 372.
(4)
شرح حدود ابن عرفة ص 513، مواهب الجليل 7/ 152، وبنحوه في الفواكه الدواني 2/ 198.
(5)
نهاية المطلب 8/ 6.
(6)
نهاية المطلب 8/ 6، تكملة المجموع 16/ 173.
(7)
منتهى الإرادات 1/ 336، كشاف القناع 9/ 5 - 6.
(8)
القواعد الكلية (النورانية) ص 328 - 331.
(9)
القواعد الكلية (النورانية) ص 328 - 331.
حكم المزارعة
تحرير محل النزاع:
أجمعوا على فساد المزارعة التي تكون حصة أحدهما فيها أو حصة كل واحد منهما منفردة بالتعيين بوجه من الوجوه، إما بالنسبة إلى الأرض-مثل أن يقول: زارعتك على أن لك ما على الجداول ولي ما عداه- أو بالنسبة إلى الزرع -مثل أن يقول: على أن لي القمح ولك الشعير- أو بالنسبة إلى السقي-مثل أن يقول: على أن لي ما سقي بالنواضح ولك ما سقي بالمطر- أو بالنسبة إلى الحصة -مثل أن يقول: على أن لي 100 كلغ ولك ما بقي-.
ونقل الإجماع عليه ابن المنذر (1) والماوردي (2) وابن قدامة (3) وابن تيمية (4) وابن جماعة الكناني (5).
واختلفوا في المزارعة بنصيبٍ معلومٍ مشاعٍ مما يخرج من الأرض المزروعة على أقوال:
القول الأول: جواز المزارعة مطلقًا، وهو قول عمر (6) وعلي (7) وسعد (8) وابن مسعود (9) ومعاذ بن جبل (10) وابن عمر (11) وأنس (12) وعمار بن ياسر وابن عباس رضي الله عنهم (13)،
(1) الأوسط 11/ 68.
(2)
الحاوي الكبير 7/ 450.
(3)
المغني 7/ 558، 566.
(4)
القواعد الكلية (النورانية) ص 339.
(5)
تنقيح المناظرة في تصحيح المخابرة ص 30 - 31.
(6)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة بالشطر ونحوه (3/ 104)، وعبد الرزاق، كتاب البيوع، باب المزارعة على الثلث والربع (8/ 101)(ح 14477)، وابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، من لم ير بالمزارعة بالنصف وبالثلث وبالربع بأسًا (11/ 25)(ح 21642).
(7)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وعبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 99)(ح 14471)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 26)(ح 21645).
(8)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وعبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 99)(ح 14470)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 24)(ح 21637).
(9)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وعبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 99)(ح 14470)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 24)(ح 21637).
(10)
رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 99 - 100)(ح 14472)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 25)(ح 21640).
(11)
رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 101)(ح 14479)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 26)(ح 21644).
(12)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 26)(ح 21646).
(13)
ذكره عنهما ابن جماعة في تنقيح المناظرة ص 35 - 36.
وغيرهم (1).
ومن التابعين: علقمة (2) والأسود النخعي (3) وعبد الرحمن بن أبي ليلى (4) وابنه محمد (5) وعبد الرحمن بن يزيد (6) وسعيد بن المسيب (7) وعروة (8) وعبد الرحمن بن الأسود (9) وعمر بن عبد العزيز (10) وموسى بن طلحة (11) وطاوس (12) وسالم (13) والقاسم (14) وابن سيرين (15) والحسن (16) والزهري (17).
وجمع من المحدثين منهم: سفيان الثوري والليث وسليمان بن داود الهاشمي وأبو خيثمة زهير بن حرب النسائي وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبو داود (18).
(1) المراجع السابقة والمحلى 8/ 211 - 217.
(2)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 127)(ح 21650).
(3)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 127)(ح 21650).
(4)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 126)(ح 21661).
(5)
المحلى 8/ 217، الإشراف للقاضي عبد الوهاب (3/ 1257 مع الإتحاف بتخريج أحاديث الإشراف)، الأوسط 11/ 75، المغني 7/ 555، قدمته لذكر أبيه وليس هو من التابعين.
(6)
المحلى 8/ 217، المغني 7/ 555، وينظر صحيح البخاري، الموضع السابق.
(7)
الإشراف 6/ 261، معالم السنن 5/ 54، المغني 7/ 555.
(8)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 127)
(ح 21654).
(9)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 126)(ح 21649).
(10)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 127)(ح 21651).
(11)
الأوسط 11/ 75، المحلى 8/ 217، المغني 7/ 555.
(12)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب، (3/ 105)(ح 2330)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 25)(ح 3985)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 126)(ح 21648).
(13)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 126)(ح 21647).
(14)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، كتاب الحرث والمزارعة (3/ 104)، وعبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 100)(ح 14473)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 127)(ح 21653).
(15)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 127)(ح 21653).
(16)
رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، الموضع السابق (3/ 104)، وذكره في المغني 7/ 555.
(17)
ذكره البخاري في الموضع السابق (3/ 104)، ورواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 100)(ح 14473).
(18)
عزاه لهم ابن تيمية في القواعد الكلية (النورانية) ص 322 - 324، أما الليث فقال في "المحلى" 8/ 217:(واختلف فيها عن الليث) والاستذكار 17/ 567، وعزا له الجواز القاضي عياض (الإكمال 5/ 209) وابن جماعة (تنقيح المناظرة ص 39). وينظر صحيح البخاري، كتاب المساقاة (3/ 108)، وأما البخاري فقال في فتح الباري (6/ 123): (والحق أن البخاري إنما أراد بسياق هذه الآثار الإشارة إلى أن الصحابة لم ينقل عنهم خلاف في الجواز
…
).
وهو مذهب أحمد وجميع أصحابه المتقدمين والمتأخرين (1)، وقال به من الحنفية أبو يوسف ومحمد بن الحسن (2)، ومن المالكية يحيى بن يحيى الليثي وأبومحمد الأصيلي والداودي (3)، ومن الشافعية ابن سريج وابن خزيمة وابن المنذر والخطابي والماوردي (4) والنووي (5) وابن جماعة (6) وأبو بكر الحصني الدمشقي (7) والجوري (8)، وهو مذهب ابن حزم (9).
القول الثاني: عدم جواز المزارعة مطلقًا.
ونُسب لعبد الله بن عمر (10) وجابر (11) ورافع بن خديج (12)، وهو القول الثاني لابن عباس (13) رضي الله عنهم ولطاوس (14) وسعيد (15) وقول سعيد بن جبير (16) والنخعي (17) وعكرمة (18)
(1) رؤوس المسائل الخلافية للعكبري 3/ 1024، المغني 7/ 555 - 561، القواعد الكلية (النورانية) ص 322، الإنصاف 14/ 230، ونقل عن أبي العباس ابن تيمية قوله:(هي أحل من الإجارة؛ لاشتراكهما في المغنم والمغرم) وكذا في "الطرق الحكمية" 2/ 655، و"كشاف القناع" 9/ 24،6.
(2)
بدائع الصنائع 6/ 289، خلاصة الدلائل 1/ 596، وعزاه ابن تيمية لأكثر أصحاب أبي حنيفة (القواعد الكلية ص 323)، وفي "الدر المختار":(وعندهما يصح، وبه يُفتى) 9/ 458، و"الهداية" 8/ 34.
(3)
تنقيح المناظرة ص 42، ينظر حاشية الدسوقي 3/ 372.
(4)
تنقيح المناظرة ص 41 - 42، كفاية الأخيار ص 359، القواعد الكلية ص 323، معالم السنن 5/ 54، الإشراف 6/ 260 - 262، فتح الباري 6/ 125.
(5)
المنهاج بشرح صحيح مسلم 6/ 58.
(6)
تنقيح المناظرة في تصحيح المخابرة ص 85 - 86.
(7)
كفاية الأخيار ص 359.
(8)
فتح الباري 6/ 125.
(9)
المحلى 8/ 211 - 219.
(10)
تنقيح المناظرة ص 42 - 43، وروى البخاري، كتاب المساقاة (3/ 108)(ح 2343)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 22 - 23)(ح 3935 - 3944) عنه أنه رجع لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه، وهذا لا يدل على عدم الجواز فقد يرجع عن الفعل احتياطًا مع اعتقاد الجواز، ولم أر مَن عزا له عدم الجواز غير ابن جماعة.
(11)
رواه ابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، من كره أن يعطي الأرض بالثلث والربع (11/ 133)(ح 21671).
(12)
تنقيح المناظرة ص 42 - 43، ولم أر مَن عزاه له غيره، وهو راوي حديث المنع، ومروي الصحابة يعتبر -عند بعض العلماء- مذهبًا له، كما يفهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق أنه قول رافع رضي الله عنه.
(13)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 132)(ح 21667).
(14)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 133)(ح 21672).
(15)
رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 100)(ح 14475).
(16)
رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 100)(ح 14475)، الأوسط 11/ 76.
(17)
رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 100)(ح 14475)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 133)(ح 21669).
(18)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 132)(ح 21668).
ومجاهد (1) والضحاك بن مزاحم (2)، وهو قول أبي حنيفة (3) وزفر (4) ومالك (5)، ومذهب أصحابه، وأبي ثور (6)، ونُسب للشافعي (7).
القول الثالث: جوازها تبعًا للمساقاة، وهو مذهب الشافعي (8).
القول الرابع: أن المزارعة فرض كفاية، وهو قول عند المالكية (9).
الأدلة:
أولًا: مستند الإجماع في صورة المنع: حديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال: «كنا أكثر الأنصار حقلًا، كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك، وأما الورق فلم ينهنا» (10) وفي روايةٍ لمسلم: «إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الماذيانات (11) وأقبال الجداول (12) وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا؛ فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم
(1) رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 100)(ح 14475)، وابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 134)(ح 21676).
(2)
رواه ابن أبي شيبة، الموضع السابق (11/ 134)(ح 21674).
(3)
مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الرد على أبي حنيفة (20/ 210 - 211)(ح 37666 - 37671)، نتائج الأفكار 8/ 32، خلاصة الدلائل 1/ 596.
(4)
نخب الأفكار 16/ 303، تنقيح المناظرة ص 87.
(5)
الإشراف للقاضي عبد الوهاب (3/ 1257 مع الإتحاف)، الفواكه الدواني 2/ 198 - 199، إكمال المعلم للقاضي عياض 5/ 209، حاشية الدسوقي 3/ 372، وينظر: التمهيد 16/ 368 - 375، 17/ 574 - 598، وممن عزاه لمالك: الخطابي (معالم السنن 5/ 54) وابن جماعة (تنقيح المناظرة ص 45) وابن حجر (فتح الباري 6/ 125)، وفي الموسوعة الفقهية الكويتية (37/ 50 مادة مزارعة) أن المالكية ذهبوا لجواز عقد المزارعة، وفي تحقيق الروض المربع 7/ 71 أن مذهب مالك: لا يجوز إعطاء الأرض مزارعة إلا أن تكون أرضًا وشجرًا ومقدار البياض من الأرض ثلث مقدار الجميع. وهذا إنما قاله مالك في المساقاة (الموطأ مع التمهيد 17/ 572 - 574، الأوسط 11/ 76 - 77).
(6)
الأوسط 11/ 77.
(7)
سنن الترمذي مع تحفة الأحوذي 4/ 731، الأوسط 11/ 77، الإشراف 6/ 261، معالم السنن 5/ 54، كفاية الأخيار ص 359، فتح الباري 6/ 125.
(8)
الأم 4/ 12 - 13، مختصر المزني ص 123 - 124، المهذب مع تكملة المجموع 16/ 171، الإعلام لابن الملقن 7/ 484، نهاية المطلب 8/ 16، نهاية المحتاج 5/ 176 - 177، ومعنى التحريم المنسوب إليه ما كان في الأرض البيضاء، أي بلا مساقاة.
(9)
مواهب الجليل 7/ 152، وينظر ما سبق ص 28.
(10)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب، (3/ 104)(ح 2327) ومسلم، كتاب البيوع (5/ 24)(ح 3953) واللفظ له.
(11)
الأنهار الكبار، أو ما نبت حول السواقي.
(12)
الجدول النهر الصغير، وأقبالها أوائلها أو رؤوسها.
مضمون فلا بأس به» (1).
ثانيًا: أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرع (2)، وفي روايةٍ: أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما خرج منها (3).
المناقشة:
1.
حديث ابن عمر منسوخ بما ورد من أحاديث النهي عن المزارعة وعن المخابرة، كحديث رافع وجابر وزيد وأبي هريرة رضي الله عنهم وتأتي ألفاظها في أدلة القول الثاني.
الجواب:
1/عدم التسليم بدعوى النسخ لأمرين:
أولهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم عمل بها إلى أن مات، وعمل بها خلفاؤه الراشدون من بعده وعامة أصحابه، قال أبو جعفر محمد الباقر:(ما بالمدينة أهلُ بيتِ هجرةٍ إلا يزرعون على الثلث والربع)(4) وقال: (عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على الشطر، ثم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم أهلوهم إلى اليوم، يعطون الثلث والربع)(5) قال ابن قدامة: (ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ؛ لأن النسخ إنما يكون في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما شيء عمل به إلى أن مات ثم عمل به خلفاؤه بعده وأجمعت الصحابة -رضوان الله عليهم- عليه وعملوا به ولم يخالف فيه منهم أحدٌ فكيف يجوز نسخه ومتى كان نسخه؟ فإن نسخ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف عمل به بعد نسخه؟ وكيف خفي نسخه فلم يبلغ خلفاءه مع اشتهار قصة خيبر وعملهم فيها؟ فأين
(1) رواه مسلم، كتاب البيوع (5/ 24)(ح 3952).
(2)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة (3/ 105)(ح 2329)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 26)(ح 3962).
(3)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة مع اليهود (3/ 105)(ح 2331) واللفظ له، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 27)(ح 3966).
(4)
رواه البخاري معلقًا مجزومًا به، كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة بشطر ونحوه (3/ 104)، ورد ابن حجر على من أنكره. فتح الباري 6/ 123.
(5)
رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 101)، وابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، من لم ير بالمزارعة بالنصف وبالثلث وبالربع بأسًا (11/ 125)(ح 21642،21643) واللفظ له.
كان راوي النسخ حتى لم يذكره ولم يخبرهم به؟) (1).
ثانيهما: أن هذه الأحاديث المشار لها محمولة على محل الاتفاق السابق، وسيأتي الجواب عنها مفصّلًا، ولا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع، وقد أمكن.
2/أنه لو تعذر الجمع وامتنع التأويل وتعين المصير إلى النسخ لكان نسخ حديث رافع رضي الله عنه وما في معناه أولى وأقوى؛ لأنه لابد من نسخ أحد الخبرين ويستحيل القول بنسخ حديث خيبر مع ما تقدم في الوجه الأول (2).
2.
أن اليهود كانوا عبيدًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذه المعاملة مخارجة بين العبد والسيد.
الجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم ولم يسترقهم حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه، وقد شرط عليهم صلى الله عليه وسلم أن يقرّهم ما شاء، ولو كانوا رقيقًا ما صلح ذلك، ثم إن معاذًا رضي الله عنه عامل أهل اليمن بذلك، أفكانوا عبيدًا له؟ وكان الصحابة يتعاملون به، كما سبق (3).
الدليل الثاني: قال أبو العباس ابن تيمية: (فإذا كان جميع المهاجرين كانوا يزرعون والخلفاء الراشدون وأكابر الصحابة والتابعين من غير أن ينكر ذلك منكر لم يكن إجماع أعظم من هذا، بل إن كان في الدنيا إجماع فهو هذا)(4) وقال ابن قيم الجوزية بعد أثر محمد الباقر السابق: (فهذا -والله- هو العمل الذي يستحق تقديمه على كل عمل خالفه، والذي مَن جعله بينه وبين الله فقد استوثق، فيا لله العجب، أي عمل بعد هذا يقدم عليه، وهل يكون عمل يمكن أن يقال: إنه إجماع. أظهر من هذا وأصح منه)(5) ولكن يشكل عليه مخالفة رافع وجابر رضي الله عنهما وبعض التابعين، ولكن إن قلنا: إن الإجماع ينعقد على أحد القولين المتقدمَين فإنه قد يصح، لما قاله الخطابي:(وهي عمل المسلمين في بلدان الإسلام وأقطار الأرض شرقها وغربها، لا أعلم أني رأيت أو سمعت أهل بلدٍ أو صقعٍ من نواحي الأرض التي يسكنها المسلمون يبطلون العمل بها)(6).
الدليل الثالث: القياس على المساقاة في أنها معاملة على الأصل ببعض نمائه، وهذا يلزم
(1) المغني 7/ 557 - 558.
(2)
المغني 7/ 559، تنقيح المناظرة ص 74 - 75.
(3)
القبس 17/ 500 - 501، الذخيرة 6/ 94، تكملة المجموع 16/ 134، القواعد الكلية ص 327 - 328.
(4)
القواعد الكلية ص 327، مجموع الفتاوى 30/ 81،269.
(5)
إعلام الموقعين 4/ 246 - 248، فهذا عمل أهل المدينة وغيرهم، فيلزم من يقول بذلك.
(6)
معالم السنن 5/ 54، وصححتُ كلمة (في) من تنقيح المناظرة ص 81، وينظر في رفع الخلاف وانعقاد الإجماع باتفاق العصر الثاني على أحد القولين: التحبير للمرداوي 4/ 1652، شرح الكوكب المنير 2/ 272، قوادح الاستدلال بالإجماع ص 293 - 310، وينظر في كون نفي الخلاف إجماعًا أو لا: إجماعات ابن عبد البر في العبادات 1/ 52 - 55.
مالكًا والشافعي دون أبي حنيفة؛ لأنه يمنع من المساقاة أيضًا.
الدليل الرابع: القياس على المضاربة بجامع أنه عقد على عمل في المال ببعض نمائه، وأن المضارب يعمل في المال بجزءٍ من نمائه، وهو معدوم مجهول، فكذلك هاهنا.
الدليل الخامس: القياس على الإجارة من حيث إنها عقد على منافع معدومة (1).
الدليل السادس: أن القواعد المصلحية وقياس النصوص تشهد للمزارعة بالصحة، فإن الأرض عين تنمى بالعمل وتقاس على الأصول المذكورة؛ ولأن الحاجة ماسة إليها جدًا؛ لأن أصحاب الأرض قد لا يحسنون العمل أو لا يقدرون عليه والعمال قد لا يكون لهم أرض، وحكمة الشارع تقتضي الرفق بالطائفتين وتحصيل مصلحة الجهتين، كما في المضاربة، بل الحاجة هنا أمس؛ لضرورة الناس إلى القوت، ولأن الأرض الزراعية لا تصلح لغير العمل عليها بخلاف المال والشجر، وقد قال الشافعي:(الأمر إذا ضاق اتسع)(2).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: حديث رافع بن خديج رضي الله عنهما وجاء بألفاظ عديدة منها: عن عمه ظُهير بن رافع قال: لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرٍ كان لنا رافقًا. قلت: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق. قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما تصنعون بمحاقلكم» قلت: نؤاجرها على الربع وعلى الأوسق من التمر والشعير. قال: «لا تفعلوا ازْرَعوها أو أزْرِعوها أو أمسكوها» . قال رافع: قلت سمعًا وطاعة (3).
المناقشة: قد أجاب العلماء عن هذا الاستدلال بأجوبة عديدة (4)، أقتصر -مختصرًا- منها على ما ذكره ابن قدامة (5):
1.
أنه قد جاء عن رافع رضي الله عنه تفسير المنهي عنه في حديثه بما لا يختلف فيه، وهو ما سبق في موطن الاتفاق، فيحمل المجمل على المفسر.
2.
أن خبره ورد في المؤاجرة والكراء بالربع ونحوه ومحل النزاع في المزارعة، وما ورد من
(1) ينظر في الأدلة القياسية: الأوسط 11/ 75، القواعد الكلية ص 328 - 335، فتح الباري 6/ 127 ذكرها ابن حجر دليلًا لصحة المساقاة، والمزارعة في معناها.
(2)
تنقيح المناظرة ص 85 - 86، تهذيب السنن 5/ 61، وهذه المقولة أجاب بها الشافعي في ثلاثة مواضع. الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 208.
(3)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمرة (3/ 107)(ح 2339)، ومسلم كتاب البيوع، (5/ 23 - 24)(ح 3949).
(4)
صحيح ابن حبان 11/ 594 - 612، الإشراف 6/ 260، سنن البيهقي 6/ 128 - 130، نصب الراية 4/ 180.
(5)
المغني 7/ 558، تهذيب السنن 5/ 58.
روايات بلفظ المزارعة يحمل على المؤاجرة أيضًا حملًا لأحد اللفظين على الآخر، وإن كان جمهور العلماء على جواز الإجارة أيضًا.
3.
قال الإمام أحمد: (حديث رافع ألوان)(1)، ومعناه أن حديث رافع رضي الله عنه مضطرب جدًا.
4.
أنه قد أنكره فقيهان من فقهاء الصحابة وهم زيد بن ثابت (2) وابن عباس (3).
الدليل الثاني: عن جابر رضي الله عنه قال: كانوا يزرعونها بالثلث والربع والنصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها فإلم يفعل فليمسك أرضه» (4).
الدليل الثالث: عن زيد رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة قال ثابت بن الحجاج: قلت: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع (5).
الدليل الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه» (6).
الدليل الخامس: عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة (7).
الجواب عن الاستدلال بهذه الأحاديث من أوجه:
1.
أنها محمولة على محل الاتفاق، وليس هذا من التكلُّف أو ليّ أعناق النصوص، بل إن حديث جابر جاء من روايات تفسّر المراد كما في حديث رافع رضي الله عنهما، فمن ألفاظ حديث جابر رضي الله عنه:«كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذينات» (8) وجاءت روايات كثيرة عنه تفسّره بالكراء -أي الإجارة- (9)، وكذلك المزارعة المنهي عنها في حديث
(1) ونقله عنه ابن المنذر والخطابي في المراجع السابقة والنووي في المجموع (4/ 434 - 435) وغيرهم، ومن ألفاظ الحديث هذا اللفظ واللفظان المذكوران في مستند الإجماع السابق، وغيرهما مما يأتي، وعليه يكون من الأحاديث اليسيرة المستثناة في قول المحدثين بأن أحاديث الصحيحين تفيد القطع واليقين إلا أحرفًا يسيرة. تدريب الراوي 1/ 145 - 153.
(2)
رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب في المزارعة (5/ 271)(ح 3390)، والنسائي، كتاب المزارعة، النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع (7/ 50)(ح 3927)، وابن ماجه، كتاب الرهون، باب ما يكره من الزراعة (3/ 522)(ح 2461)، وأحمد (35/ 464)(ح 21588)، حسنه ابن عبد الهادي، وينظر: نصب الراية 4/ 181 تنقيح التحقيق 4/ 199، غاية المرام ص 169.
(3)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، بابٌ، (3/ 105)(ح 2330)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 25)(ح 3958).
(4)
رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمرة (3/ 107)(ح 2340)، واللفظ له، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 19)(ح 3917 - 3927).
(5)
رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب في المخابرة (3/ 286)(ح 3407)، وأحمد (35/ 496)(ح 21631).
(6)
رواه البخاري، الموضع السابق (3/ 107)(ح 2341)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 21)(ح 3931).
(7)
رواه مسلم، كتاب البيوع (5/ 25)(ح 3955).
(8)
رواه مسلم، كتاب البيوع (5/ 20)(ح 3925).
(9)
رواه مسلم، كتاب البيوع (5/ 19)(ح 3919 - 3928).
ثابت هي المزارعة المحرمة، وهي المخابرة، ودليل ذلك الجمع بين هذه النصوص الثابتة وما ورد من حديث خيبر وعمل الصحابة.
2.
أنها تدل على استحباب أن يزرع الأرض بنفسه أو يدفعها دون مقابل لأخيه، والحث على ذلك، وأن كراهية المعاملة لما حصل من نزاع وخلاف، وليس على التحريم، كما في حديث زيد وابن عباس رضي الله عنهم السالفين.
3.
نسخها بحديث خيبر (1).
4.
أن هذا يمكن أن يكون في أول الإسلام؛ ليتعاون الصحابة رضي الله عنهم، من جنس المؤاخاة المقتضية للتوارث ثم نسخت، والنهي عن لحوم الأضاحي لدفع حاجة الدافة ثم زال (2).
الدليل السادس: أنها أصول تصح إجارتها فلا تصح المعاملة عليها ببعض كسبها (3).
المناقشة: هذا قياس فاسد الاعتبار؛ لمخالفته فعل النبي صلى الله عليه وسلم وسائر أصحابه، وهو معارض بالأصول السابقة في أدلة الجواز (4).
دليل القول الثالث: الجمع بين أدلة القولين السابقين، وحمل حديث خيبر على أنها كانت مساقاة، وأن البياض المتخلل بين النخيل كان يسيرًا (5).
المناقشة:
1.
أن خبير كانت بلدًا كبيرًا، يأتي منها أربعون ألف وسق أو أكثر، وخلو مثل هذا البلد من أرض بيضاء منفردة بعيد جدًا، ويبعد أن يكون عاملهم على بعض الأرض دون بعض فينقل الرواة كلهم القصة دون تفصيل مع الحاجة إليه.
2.
أن ما يذكرونه من التأويل لا دليل عليه سوى الجمع بين الحديثين، والجمع بينهما بحمل بعضها على ما فسره راويه أولى من التحكم بما لا دليل عليه.
(1) المغني 7/ 559، وقال الليث:(وكان الذي نهي عن ذلك ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه؛ لما فيه من المخاطرة) صحيح البخاري (الجامع الصحيح) 3/ 108.
(2)
فائدة: قد يظن الناظرُ الفعلَ أو الحكم من السنة المطلقة، ويغفل عن كونه متعلقًا بسببٍ، ولهذا أمثلة متعددة، أذكر منها قول أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهرًا
…
ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعدُ. قال: فقيل: وما تراهم قد قدموا؟ رواه مسلم (2/ 135) وأصله متفق عليه، والجملة الأخيرة مرفوعة، رواها كذلك ابن خزيمة (1/ 316،314)(ح 621)، وابن حبان (5/ 323 - 324)(ح 1986).
(3)
الموطأ مع الاستذكار 17/ 556 - 567.
(4)
ومما يدلّ على بُعد هذا القول عن التطبيق قول ابن تيمية (مجموع الفتاوى 30/ 81): (ولهذا كان أبو حنيفة يفتي بأن المزارعة لا تجوز ثم يفرع على القول بجوازها ويقول: إن الناس لا يأخذون بقولي في المنع؛ ولهذا صار صاحباه إلى القول بجوازها كما اختار ذلك من اختاره من أصحاب الشافعي وغيره).
(5)
الأم 4/ 12 - 13، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد ص 297.
3.
أن قولهم يفضي إلى تقييد كل واحد من الحديثين، وما ذكره أصحاب القول الأول تقييدٌ لأحدهما وحده (1).
دليل القول الرابع: يمكن أن يستدل له بعموم الحاجة إلى المزارعة في كل حين وكل مكان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ويكون الواجب كفائيًا؛ لأنه مما يطلب تحصيله في الجملة لا على كل مكلف (2).
المناقشة: أن المزارعة من المباحات، وهي من جملة الحرف والصنائع، فمتى استغنى الناس عنها بالاستيراد -مثلًا- أو أنواع التجارات الأخرى فلا يمكن تأثيمهم بغير دليل صريح.
الترجيح
الراجح جواز المزارعة مطلقًا (3).
أسباب الترجيح:
1.
ما ذكر من الأدلة الصريحة.
2.
تتابع عمل الصحابة والتابعين عليه.
3.
مناقشة أدلة المخالفين.
4.
أن إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، وبهذا القول تجتمع النصوص وتأتلف.
5.
أن كون نصيب العامل مشاعًا يُظهِر اجتهاده في العمل، وهذا أنفى للغرر وأقرب للعدل.
تنبيه:
المخابرة المنهي عنها هي المزارعة المنهي عنها، ومن أسمائها المحاقلة، وذهب بعض العلماء إلى التفريق بينهما (4)، قال ابن تيمية:(والصحيح أنه نهى عن المزارعة، كما نهى عن المخابرة، وكما نهى عن كراء الأرض، وهذه الألفاظ في أصل اللغة عامة لموضع نهيه وغير موضع نهيه، وإنما اختصت بما يفعلونه لأجل التخصيص العرفي لفظًا وفعلًا، ولأجل القرينة اللفظية، وهي لام العهد وسؤال السائل، وإلا فقد نقل أهل اللغة أن المخابرة هي المزارعة والاشتقاق يدل على ذلك)(5).
(1) وفيه أوجه أخرى: المغني 7/ 559 - 560، تنقيح المناظرة لابن جماعة الشافعي ص 80 - 81.
(2)
ينظر: الموافقات 1/ 206 - 210.
(3)
المراد في محل الخلاف وبتحقق شروطه.
(4)
نهاية المطلب 8/ 6 - 7، تنقيح المناظرة ص 28، كفاية الأخيار ص 358 - 359.
(5)
القواعد الكلية ص 351.