الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له: إني أردت الخروج إلى خيبر. فقال: «إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقًا فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته» (1) في أحاديث أخر.
ونَقَلَ الإجماع على جوازه جماعة من أهل العلم (2).
المطلب الثاني: حكم توكيل الوكيل
، وفيه ثلاثة أفرع:
الفرع الأول: توكيل الوكيل إذا نهاه موكله عن التوكيل
.
صورة المسألة: توكيل الوكيل من إضافة المصدر إلى فاعله، إذا وكّل موكِّلٌ وكيلًا فنهاه عن أن يوكِّل غيره بالعمل الموكول إليه فما حكم توكيله؟ كأن يقول زيد لسعدٍ: بع سيارتي، ولا يباشر البيع أحد غيرك، أو وكلتك في تزويج أختي، وليس لك أن توكل غيرك.
الحكم:
لا يجوز توكيل الوكيل إذا نهاه موكله عن التوكيل، قال في "الحاوي الكبير":(وهذا متفق عليه)(3) وقال في"المغني": (بغير خلاف)(4).
الدليل: أن ما نهاه عنه غير داخل في إذنه، فلم يجز له فعله بالوكالة قياسًا على فعل ما لم يوكله فيه، كما لو وكله أن يشتري له بيتًا فاستأجر له سوقًا.
الفرع الثاني: توكيل الوكيل إذا أذن له موكله في التوكيل
صورة المسألة: إذا وكل موكِّل وكيلًا وأذن له أن يوكل غيره في القيام بالعمل الموكول إليه فما حكم توكيله؟ وقد يكون الإذن خاصًا في التوكيل كأن يقول للوكيل: وكلتك أن تطلق
(1) أشار له البخاري في تبويبه، كتاب فرض الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين
…
وما أعطى جابر ابن عبد الله تمر خيبر (4/ 88 - 89)، ورواه أبو داود، كتاب الأقضية، باب في الوكالة (5/ 475)(ح 3632)، والدارقطني، باب الوكالة (3/ 387)(ح 4226)، والبيهقي، كتاب الوكالة، باب التوكيل في المال .. وغير ذلك (6/ 80) من طريق أبي داود، قال في نصب الراية 4/ 94:(وأعله ابن القطان بابن إسحاق، وأنكر على عبد الحق سكوته عنه، فهو صحيح عنده) وتضعيف الأحاديث بعنعنة ابن إسحاق ليس سديدًا، إنما يضعف من حديثه ما فيه نكارة ومخالفة للأحاديث الصحيحة؛ لذا قال ابن حجر عن هذا الحديث:(بسندٍ حسنٍ). التلخيص الحبير 4/ 1891، والمدلِّس إذا كان ثقة غير مكثر من التدليس -بمعنى إسقاط الرواة أو الإرسال- لا يُردُّ من حديثه إلا ما دلسه فعلًا بالاعتبار وجمع الطرق، وسائر حديثه مقبول، عنعن أو صرح بالتحديث.
(2)
الإقناع في مسائل الإجماع 2/ 156، الدر المختار مع حاشية الطحطاوي 3/ 264، نتائج الأفكار 6/ 3، التمهيد لابن عبد البر 11/ 300،10/ 357، بداية المجتهد مع الهداية في تخريج أحاديث البداية 8/ 121، إرشاد الفقيه لابن كثير 2/ 62، نهاية المطلب 7/ 33، كفاية الأخيار ص 325، المغني 7/ 196. تنبيه: قال أبو العباس ابن تيمية: (الوكالة عقد جائز باتفاق العلماء) مجموع الفتاوى 33/ 120، المراد بالجواز في مقابلة اللزوم لا الحكم التكليفي.
(3)
6/ 518.
(4)
7/ 207.
زوجتي تطليقة، وأذنت لك أن توكل في ذلك من تشاء. وقد يكون الإذن عامًا كأن يقول للوكيل: وكلتك أن تراجع مطلقتي فاصنع ما شئت.
تحرير محل النزاع:
إذا أذن الموكل لوكيله في التوكيل إذنًا خاصًا صريحًا جاز له أن يوكل بالإجماع قال ابن المنذر: (وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوكيل إذا أراد أن يوكل به غيره، وقد جعل الموكل ذلك إليه في كتاب الوكالة أن له أن يوكل به غيره)(1).
وقال في"المغني": (لا نعلم في هذين خلافًا)(2).
أما إذا أذن له إذنًا عامًا ففيه قولان:
القول الأول: جواز توكيل الوكيل، وهو مذهب الحنفية (3)، والمالكية (4) والحنابلة (5) ووجه عند الشافعية (6).
القول الثاني: عدم جواز توكيل الوكيل، وهو الوجه الأصح للشافعية (7).
الأدلة:
دليل محل الاتفاق قوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} النساء: (29) والتجارة التي يقوم بها وكيل الوكيل قد رضي بها الموكل، وفيه تنبيه على جوازه في غير التجارة من التبرعات والولايات ونحوها، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«لا يحل مال امراءٍ مسلم إلا بطيب نفس منه» (8)، والإجماع المنقول في ذلك.
(1) الإشراف 8/ 286، وقوله:(في كتاب الوكالة) لا مفهوم له، والله أعلم.
(2)
7/ 208، والمراد بهذين هذه المسألة والتي قبلها.
(3)
المبسوط 19/ 192 نص عليه القدوري في "مختصره" 3/ 358 مع اللباب، خلاصة الدلائل 1/ 496.
(4)
إذا كان الوكيل مفوضًا إليه في جميع الأشياء-وكالة عامة- مواهب الجليل 7/ 192، حاشية الدسوقي 3/ 388.
(5)
الكافي 2/ 239، المغني 7/ 208.
(6)
المهذب 15/ 266.
(7)
البيان 6/ 412 - 413، المهذب 15/ 266.
(8)
رواه أحمد (24/ 239)(ح 15488)، (34/ 299)(ح 20695)، (34/ 560)(ح 21082)، والدارقطني، كتاب البيوع (2/ 605)(ح 2846 - 2850)، والبيهقي، كتاب الغصب، باب لا يملك أحد بالجناية شيئًا
…
(6/ 97) وباب مَن غَصَب لوحًا فأدخله في سفينة أو بنى عليه جدارًا (6/ 100) بهذا اللفظ من حديث حنيفة عم أبي حرة الرقاشي رضي الله عنه، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وفيه ضعف، وله شاهد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، فقد قواه البيهقي بضم حديث ابن عباس رضي الله عنهما إليه، كما في "مختصر الخلافيات" 3/ 420، وصححه ابن حبان (13/ 316 - 317)(ح 5978) من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، والحاكم (1/ 93) من حديث ابن عباس، وجود إسناده من حديث عمرو بن يثربي رضي الله عنه في "نصب الراية" 4/ 169، و"الدراية" 2/ 201، وألفاظها مقاربة.