الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإقرارُ المحجور عليه بالفَلَسِ بعينٍ من أعيان ماله لغير غرمائه اختلفوا في صحته لأجلِ قُوَّةِ الظن وضعفه.
المسألة الرابعة والعشرون: لو شَهِدَ شاهدٌ على بيع يومَ الأحد، وشَهِدَ الشاهد الثاني على ذلك البيعِ يومَ الاثنين، فقد اختلفوا في قبولهما لِضعف الظَّنِّ مع كمال نصابِ الشهادة، وردُّهما يقوى في القتل والإتلاف لتعذرِ حمل الشاهدين على تكرر ذلك بخلاف إلبيع، فإنَّه يحتمل التكرُّر وفيما لا يحتمل التكرر، الظاهرُ تكاذُبهما، أو تساهلُ أحدهما في تأدية الشهادةِ بالظن، فضعف قبولُه.
المسألة الخامسة والعشرون: لما كان الظَّنُّ المستفادُ ممن يُخبر عن الواقعة عن سماعٍ أو مشاهدة أقوى مِن الظن المستفادِ ممن يُخبرُ عنه، لم تُقبل شهادةُ الفرع إلا عندَ تَعذُّرِ شهود الأصلِ، أو عند المشقةِ في حضورِهم.
المسألة السادسة والعشرون: لما كان المنكر لا شهادةَ عليه لم يكتفِ بالأصلِ وهو أنَّه لا حقَّ عليه، وذلك أنَّه أمكن تأكيدُ الظَّنِّ المستفادِ من الاستصحاب باليمين، فتعيَّن العدولُ من القوي إلى الأقوى.
المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية
لأجل قوة الظن.
المسألة الثامنة والعشرون: إذا تعارضت البينتانِ بَطل الحكم على قول، وذلك لبطلان الظَّنِّ. فهذه المسائلُ وأضعافُها مما في كتب الأصول والفروع (1) مما تداولَه العلماءُ قديماً وحديثاًً في جميع الأمصار، وَمِنْ جميع
(1) في (ب): الفروع والأصول.
المذاهب مناديةٌ نداءً صريحاً أنهم فهموا أن العلة في اشتراطِ العدالةِ في الشاهد والرَّاوي والحاكم: هو الظن، ولهذا لا تشترط العدالةُ حيث يكون الداعي طبيعيّاً، كالمُقِرِّ على نفسه. وقد تُخَصَّصُ العلةُ كما هو شأنُ كثيرٍ من العلل الشرعية بخلاف العلل العقلية. إذا عرفت هذه الشهرةَ العظيمةَ في التعليل بالظن، فاعلم أنَّ التعليلَ بالمنصب الذي ذهب إليه السَيِّد وقواه على هذا على العكسِ مِن ذلك في عدم الشهرة، وقِلَّةِ ذكر العلماء له، وتفريعهم عليه، فعدولُ السَّيِّد من هذا المستفيض المشهور إلى ذلك النادِرِ المغمورِ مما لا يَصِحُّ في مِثْلِه أن يدعي أن المسألة قطعيةٌ، وُيشَنِّعَ على مخالفه بذلك.
قال: ولأنَّ المُجْبِرَةَ والمُرْجِئَةَ لا يرتدِعون عن الكذب وغيره من المعاصي، أمَّا المُرْجِئَة فعندَهم: أنَّهم مؤمنونَ، وأنَّ اللهَ لا يُدْخِلُ النارَ مَنْ في قلبه مثقالُ حَبَّةٍ من خردلٍ من إيمان وإنْ زنى وإن سرقَ، وإن قَتَلَ (1)، والكذب أخفُّ مِن ذلك.
(1) جاء في " فيض الباري " للعلامة الشيخ أنور الكشميري 1/ 53 - 54 ما نصه: الإيمان عند السلف عبارة عن ثلاثة أشياء: اعتقاد وقول وعمل، وقد مر الكلام على الأولين أي التصديق والإقرار -وبقي العمل: هل هو جزء للإيمان أم لا؟ فالمذاهب فيه أربعة: -
قال الخوارج والمعتزلة: إن الأعمال أجزاء للإيمان، فالتارك للعمل خارج عن الإيمان عندهما. ثم اختلفوا، فالخوارج أخرجوه عن الإِيمان. وأدخلوه في الكفر، والمعتزلة لم يدخلوه في الكفر، بل قالوا بالمنزلة بين المنزلتين.
والثالث: مذهب المرجئة، فقالوا: لا حاجة إلى العمل، ومدار النجاة هو التصديق فقط، فصار الأولون والمرجئة على طرفي نقيض.
والرابع: مذهب أهل السنة والجماعة، وهم بين بين، فقالوا: إن الأعمال أيضاً لا بُدَّ منها، لكن تاركها مفسق لا مكفر، فلم يشددوا فيها كالخوارج والمعتزلة ولم يهونوا أمرها كالمرجئة.
ثم هؤلاء -أي أهل السنة- افترقوا فرقتين، فأكثر المحدثين إلى أن الإيمان مركب من الأعمال، وإمامنا الأعظم رحمه الله تعالى وأكثر الفقهاء والمتكلمين إلى أن الأعمال غير داخلة =