الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانوا مقلِّدين لمن يقبل المتأولين، أو لمن لا يقبلهم، لأنهم يستحِلُّونَ شهادة المتأولين، وهذا عند السَّيِّد باطِلٌ قطعاً، ولا يحِلُّ نصبُ من يستحل الحكم بالباطل القطعي، وكلُُّ هذا مخالف لما عليه أهلُ الإسلام في جميع أقطار الدنيا، فكان أولى بالبطلان.
الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين
، وذلك لأنَّهم حكام، ولا يجوزُ نصب مَنْ يستحِلُّ الحكم بالباطل القطعي، ولأنَّهم يستحلون نصبَ الحكام الذين يَرَوْن قبولَ المتأولين، وفي هذا مفسدة عظيمة وهي توليةُ مَن يَسْتَحِلُّ الحكمَ بالباطل.
الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين
من كبار الأئمة الميامين لهذا الوجه الذي ذكرناه في الإشكال الذي قبلَ هذا، وكُلُّ هذا في غاية النكارة، فما أدى إليه، فهو أنكر، والبعد عنه أولى وأجدر.
الإشكال الثاني والعشرون: أن السَّيِّد -أيده الله- يلزمه أن يكون المؤيَّدُ بالله والفقهاء مجروحين عنده غيرَ مقبولين في الرواية، هذا بإقراره، ويلزمه مثلُ ذلك في حق المنصور، والإمام يحيى بن حمزة، والقاضي زيد، وعبدِ الله بن زيد، والهادي، والقاسم وسائر الأئمة.
فإن قلت: هذه عبارة منكرة.
قلت: لا شَكَّ في ذلك، ولكن أنكرُ منها ما أدى إليها.
فإن قلت: وأينَ كلامُ السَّيِّد الذي يلزم هذا منه؟
قلت: هو متفرق في موضعين من رسالته.
أحدهما: قولُه، إن الكاذب لا تُقْبَلُ روايتُه وإن كان متأولاً قياساً على
الخطابية، والجامع بينهما أن كل واحد منهما قد استحل الكذب للتأويل، فلما أجمعت الأمةُ على رَدَّ رواية الخطابية لعلة استحلالهم للكذب متأولين، لَزِمَ في كل من استحل الكذب متأولاً أن ترد روايته. وسيأتي الجوابُ عن هذه الشبهة الضعيفة، وإنما نذكر ها هنا طرفاً مما يلزمه، فنقول، كُلُّ مَن خالف في مسألة قطعية، فقد كذب متأولاً، فالمعتزلة قد كذبوا متأولين حيث قالوا: إن الخليفة بعدَ النبي صلى الله عليه وسلم غيرُ أمير المؤمنين علي عليه السلام، وكذلك كُل متأول خالف في القطعيات، وقد قررت أن القول بردِّ رواية المتأولين قطعي، فيلزمك أن المخالف لك فيه كاذب متأول، لأنَّه قال: إن المتأول مقبول، وهذا عندك كذبٌ قطعاً، وقد استحله المخالف لك فوجب رَدَّ شهادته وروايته قياساً على الخطابية.
فنقول: أما المؤيَّد، والفقهاء، وأبو الحسين، وقاضي القضاة فيلزمُك أنهم غيرُ مقبولين في الشهادة، ولا في الرواية، لأنَّك قررت أنهم قد خالفوك في هذه المسألة القطعية، وأما المنصورُ بالله، ويحيى بنُ حمزة، والقاضي زيد، وعبدُ الله بنُ زيد، فلأنهم قد كذبوا متأولين في موضعين.
أحدُهما: قولُهم: إن المتأولين مقبولون.
وثانيهما: في قولهم: إن الأمة مجمعة على ذلك، وهذه أغلظ من الأولى، لأنهم عندك ما قنِعُوا بما كذبوا حتى نسبُوه إلى الأمة والأئمة.
وأما الهادي، والقاسم، فإنما يلزمُك ذلك، لأن أبا مضر قد نسبه إليهم وهو ثقة، لأنَّه لم يختر ذلك لنفسه مذهباً، إنما حكى ذلك عنهم، وقولك: إن أبا جعفر قد عارضه لا ينفعُك، لأنك قد قلت في رسالتك: إن الجارح مُقَدَّمٌ على المعدل، والمثبت مُقدَّمٌ على النافي، وكذا لا ينفعك أن تقول: إن هذه الأشياء لم تواتر عنهم، لأنك قد قلتَ في رسالتك: الجرح