المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيير الشريعة - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيير الشريعة

يَدلُّ على ذلك بدليلٍ قاطع، وليس علينا أن نستدِلَّ، لأنَّه هو المستدل، ونحن سائلون له عن صحة القواعِدِ التي ينبني عليها دليلُه، والسائل لا يجبُ عليه إيرادُ الدليل.

‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

، وذلك أنَّ (1) كلامَنَا في قبول مَنْ أخبر بخبر، علينا في مخالفته مَضَرَّةٌ مظنونة، ولنا في قبوله منفعة مظنونة، وذلك فيما يدخل فيه الصِّدْقُ والكَذِبُ، وقِصَّةُ ثقيف هذه ليست خبراً أخبروا به النبي- صلى الله عليه وسلم مما (2) يحتمل أنهم صدقوا فيه أو كذبوا، وإنما سألوه أن يُسْقِطَ عنهم الزكاةَ والجهادَ، والسجودَ في الصلاة فلم يُساعِدْهُمْ إلى ذلك، وليس عليه مضرة مظنونة في ترك مساعدتهم، ولا له منفعةٌ مظنونة في مساعدتهم. فأين هذا من خبر المتأوِّل المتدين المظنون صدقُه إذا أخبرك أنَّه سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ينهى عن شيءٍ ويُحَرِّمُه، وخَشِيتَ من ارتكاب ذلك المحرَّم غضبَ الله عليك وعقابه لك، وغلب على ظَنِّكَ أنك واقعٌ فيه إِن فعلتَ ذلك المحرم فتركتَه، ما الجامعُ بَيْن الأمرينِ وأين هذا من هذا؟!

‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

، وتركَ ما أنزل اللهُ عليه، واتباع أهوائهم وجهلهم وجفاوتهم، فروى الزمخشري في " الكشاف " أن ثقيفاً قالت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: لا ندخُل في أمرِك حتَّى تُعْطِينا خِصالاً نفتخرُ بها على العَربِ: لا نُعْشَرُ وَلَا نُحْشَرُ ولا نجبّي (3) في صَلَاتِنَا، وكُلُّ رِباً لنا فهو لنا، وكَل رباً علينا، فهو موضوعٌ

(1) في (ب): لأن.

(2)

في (ج) و (ش): عما.

(3)

أصل التجبية: أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: أن يضع يده على ركبتيه وهو قائم، وقيل: هو أن ينكب على وجهه باركاً وهو السجود.

ص: 209

عنا، وأن تُمَتِّعَنَا باللاتِ سنةً، ولا نكسرها بأيدينا عند رأسِ الحولِ، وأن تَمْنَعَ مَنْ قَصَدَ وادِينا وجَّاً (1)، فَعَضَدَ (2) شَجَرَه، فإذا (3) سألتك العرب لم فعلت ذلك؟ فقل: إنَّ الله أمرني بذلك وجاؤوا بكتابهم، فكتب: بِسْم اللهِ الرحمن الرحيم هذا كتاب مِن محمد رسول الله لِثقيف لا يُعْشَرون ولَا يُحْشَرونَ فقالوا: ولا يُجَبُّونَ فسكت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم قال الكاتبُ: اكتب ولا يُجبّون، والكاتب يَنْظُرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عُمَر بنُ الخطاب فَسَلَّ سيفه وقال: أسعرْتُم قَلْبَ نبينا يا مَعْشَرَ ثقيفٍ أسْعَرَ الله قلوبَكُم ناراً فقالوا: لسنا نُكلِّمُ إيَّاك إِنَّما نُكَلِّمُ محمداً فنزلت (4). انتهي كلامُه. رحمه الله، وقولهم: ولا نُجِبِّي في صلاتنا. يعنون (5): لا يركعون ولا يسجدون.

فهذا الذي سألوه هو تبديلُ الشريعة وتحريفُها، فالهَمُّ بمساعدتهم إِلى هذا من قبيل الهَمِّ بالمعاصي من غير عزمٍ، كقوله تعالى في يُوسُفَ:{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24] لأنَّه لا يجوزُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم العَزْمُ على تبديلِ الشريعة بغير إذنٍ من الله تعالى، ومما يَدُلُّ على أنهم أرادوا هذا قولُه تعالى:{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} [الإسراء: 73] فكيف يَصِحُّ أن يُقاس تحريمُ قبولِ المتأولين الصادقين في الظنِّ الراجح على مساعدة ثقيف إلى تبديلِ الشريعة، فإنّه في تصديق المتأولين العملَ بالشريعة المظنون ثبوتها، والمحافظة على أن

(1) وجّ: وَادٍ بالطائف لثقيف، وفي الحديث " إن صيد وَجٍّ وعِضاهه حرام محرم لله ". أخرجه أحمد 1/ 165، وأبو داود (2032) من حديث الزبير بن العوام وفي سنده لَيِّنَان.

(2)

عضد الشجرة يَعْضِدُها: قطعها.

(3)

في (ج) وإذا.

(4)

" الكشاف " 2/ 460. وانظر " أسباب النزول " ص 196 للواحدي.

(5)

في (ب): يعني.

ص: 210

لا يَضِيعَ شيء منها لا معلوم ولا مظنون. وكيف يَحْرُمُ قبول من ثبت في الظن الراجح أنَّه بلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله من الحق خوفاً مِن عقاب الله تعالى على كتم العلم على تحريم قبول مَنْ صَرَّحَ بأنه يُرِيدُ تبديل كلامِ الله وتحويلَ شريعةِ رسول الله وما العلةُ الجامعة بينهما؟ فأما قولُ السيد: إِنَّ الله قد سمَّى هَمَّه صلى الله عليه وسلم بمساعدتهم (1) ركوناً إليهم، فنقول له: إنما سمى ذلك ركوناً إن صحَّت هذه القِصة، لأنَّه لم يَمِلْ إليهم لظن صدقهم فيما قالوه، ولا لِخوف مضرَّةٍ مظنونة تلحقه بمخالفتهم (2)، وإنما هَمَّ بذلك بمجردِ الطبيعة البشرية، وما كان فيه عليه الكلامُ مِن محبة اللُّطْفِ، وتيسيرِ الأمور، وكثرةِ الرفق بالخلق، والتأليف لهم إلى إلإِسلام، فقد أثَّرَ قولُهم فيه حتى مَيَّلُوا طبعَه الكريم بمجرد السؤال، فميله (3) إليهم بطبعه الشريف مِن غير عزم سببٌ من أسبابِ مقاربة الركونِ إليهم، فلهذا قال تعالى:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] فهذا همٌّ طبيعي محض ليس مما نحنُ فيه في مَرَاحٍ ولا مغْدَى، وإنما الذي يُشبه مسألتنا ما قدمناه من أمانه عليه السلام لهم في الأصلاح التي كانت بينَه وبينَهم، فلم يكن عليه السلام يُنْكِرُ على المسلمين دخولَهم بلادَ الكفار ثقةً بوفائهم في أمانهم وصدقهم في قولهم، وعدم غدرهم في عهدهم، وكذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّه اعتمر عمْرَةَ القضاء (4) في الأمان الذي جرى بينه وبينَهم، ولم يكن

(1) في (ب): لمساعدتهم.

(2)

في (ب): لمخالفتهم.

(3)

في (ب): فميله عليه السلام.

(4)

انظر صحيح البخاري رقم (4251) كتاب المغازي: باب عمرة القضاء.

قال ابن الأثير: أدخل البخاري عمرة القضاء في المغازي، لكونها كانت مسببة عن غزوة الحديبية.

وقال الحافظ في " الفتح " 7/ 500: واختلف في سبب تسميتها عمرة القضاء، فقيل =

ص: 211

في شيء من فعله عليه السلام، ولا مِن فعل المسلمين الذي أقرَّهم عليه ركونٌ إليهم لما كان اعتماداً على الظن الصحيح الراجح الحاصلِ عن القرائن العقلية الدائمة الصِّدق أو الأكثرية (1)، وهذا مقتضى المعقول في المظنون إلا ما خصَّه الدليلُ.

الإشكال الثامن عشر: أن السيد -أيَّده الله- تَشَدَّد (2) في معرفة صِحَّةِ الحديثِ، ثم روى هذا الحديثَ في قصة ثقيف مع ما فيه من الإشكالِ في أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم لكاتبه أن يكتب لهم ألا يركعُوا ولا يسجُدوا مِن غير إذن من الله، لأنَّه لو أَذِنَ له في ذلك لم يُنْزِلْ عليه الوعيدَ الشديد لو فعل ذلك فإن كان هذا صَحَّ للسيد -أيَّدهُ الله- فلا يمتنِعُ أن يصِح لِغيره شيء من الحديثِ، وإن لم يكن صَحَّ له، فلا ينبغي أن يحتجَّ بما لم يَصِحَّ بل لا ينبغي أن يَرْويَه. ثم في تأويله إشكال، وفي القرآن دليلٌ على أن النبِيَّ صلى الله عليه وسلم لم يرْكَنْ إلَيْهِمْ قليلاً ولا كثيراً ولا كاد يركن ركوناً كثيراً، وإنما الذي في القرآن " شيئاً يسيراً "، فلو كان قد ساعدهم إلى تغيير الصلاةِ، وأمر كاتبه أن يكتُبَ لهم ذلك مع أنها أعظمُ أركانِ الدين، لكان قد ركن إليهم، وُيوَضِّحُ

= المراد: ما وقع من المقاضاة بين المسلمين والمشركين من الكتاب الذي كتب بينهم بالحديبية، فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الصلح، ولذلك يقال لها: عُمرة القضية، قال أهل اللغة: قاضى فلاناً: عاهده، وقاضاه: عاوضه، فيحتمل تسميتها بذلك لأمرين، قاله عياض، ويرجح الثاني تسميتها قِصاصاً، قال الله تعالى {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص} قال السهيلي: تسميتها عمرة القصاص أولى، لأن هذه الآية نزلت فيها. قلت (القائل الحافظ ابن حجر): كذا رواه ابن جرير، وعبد بن حميد بإسناد صحيح عن مجاهد، وبه جزم سليمان التيمي في " مغازيه "، وقال ابن إسحاق: بلغنا عن ابن عباس، فذكره، ووصله الحاكم في " الإكليل " عن ابن عباس، لكن في إسناده الواقدي.

(1)

في (ج) و (ش): والأكثرية.

(2)

في (ج) و (ش): شدد.

ص: 212

هذا ما رواه أبو داود بإسناد صحيح في كتاب الخراج عن عثمان بن أبي العاص أنَّ وفدَ ثقيف لما قَدِمُوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجدَ لِيكون أرَقَّ لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يُحْشَرُوا ولا يُعْشَرُوا ولا يُجَبُّوا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" [لكم أن] لا تُعْشَرُوا ولا تُحْشَرُوا ولا خَيْرَ في دِينٍ لَيْسَ فيه ركوع "(1).

وروى أبو داود أيضاًً عن جابر رضي الله عنه بسندٍ صحيح أيضاًً فقال: حدثنا الحسنُ بنُ صباح، حدثنا إسماعيلُ بن عبدِ الكريم، قال: حدثني إبراهيمُ بنُ عقيل بن منبه، عن أبيه، عن وهب قال: سألتُ جابِرَ بنَ عبدِ الله عن شأن ثقيف إذ بايعت، فقال: اشترطَتْ على النبي صلى الله عليه وسلم أنْ لا صَدَقَةَ عَلَيْهَا، ولا جِهَاد، وأنه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بعدَ ذلك يقول:" سَيتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إذَا أسْلَمُوا "(2).

قال الخطَّابي (3): وُيشبه أن يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما سَمَح لهم بالجهادِ والصَّدَقةِ، لأنهما لم يكونا وَاجِبَيْنِ في العاجل، لأنَّ الصدقةَ إنما تجبُ بحُؤول الحَوْلِ، والجهادُ إنما يجب بحضورِ العدو، وأما الصلاةُ فهي واجبة في كلِّ يومٍ وليلة في أوقاتها المؤقَّتَةِ، فلم يجز أن يشترِطَ تركها، وقد قَدَّمنا عن جابر رضي الله عنه أنَّه سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" سَيَتَصَدَّقونَ ويُجَاهِدونَ إذَا اسْلَمُوا ".

(1) هو في سنن أبي داود (3026)، وأخرجه أحمد 4/ 218، والطبراني في " الكبير "(8372) ورجاله ثقاث إلا أن الحسن البصري راويه عن عثمان لم يصرح بالتحديث، وهو مدلس، وقد ذكر في ترجمته أنَّه لم يسمع من عثمان بن أبي العاص. فقول المصنف رحمه الله بإسناد صحيح، فيه ما فيه.

(2)

هو في سنن أبي داود (3025) وسنده حسن.

(3)

في " معالم السنن " 3/ 34 - 35.

ص: 213

وقال البغوي (1) في " تفسيره ": واختلفوا في سببِ نزولها، فقال سعيدُ بن جبير: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يستلِم الحجرَ الأسودَ، فمنعته قريش، وقالوا: لا نَدَعُكَ حتى تُلِمَّ بآلهتنا فَحَدَّث نفسه: ما عليَّ أن أفعلَ ذلك، والله يعلم إنِّي لها لكارِهٌ وأُحِبُّ (2) أن يَدَعُوني حتى أستلِمَ الحَجرَ. وقيل: طلبوا منه أن يَمَسَّ آلِهَتَهُم حتى يُسلِمُوا، ويتبعوه، فحدَّث نفسه بذلك، فأنزل اللهُ هذه الآية.

وقال ابنُ عباس: قَدِمَ وَفْدُ ثقيف على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالُوا: نبايعُك على أن تُعطِينَا ثلاثَ خصال، قالوا: لا نجبي في الصلاة، أي: لا ننحني، ولا نكسَر أصنامنا بأيدينا، وأن تمتعنا بالَّلاتِ سنةً من غير أن نَعْبدَها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" لا خَيْرَ في دينٍ لا رُكُوعَ فيه ولا سُجُود، وأما أن لا تكسِرُوا أصنامَكم بأيديكم، فذلك لكم، وأما الطاغية -يعني اللاتَ والعُزَّى- فإني غيرُ ممتعكم بها ". فقالوا: يا رسول الله إنا نُحِبُّ أن تَسْمَعَ العربُ أنك أعطيتَنا ما لم تُعْطِ غيرَنا، فإن خَشِيتَ أن العرب تقولُ: أعطيتَهم ما لم تُعطنا، فقل: اللهُ أمرني بذلكَ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فَطَمِعَ القَوْمُ في سكوته أن يُعطِيَهُم ذلك، فأنزل اللهُ عز وجل هذه الآية.

قلت: الصحيح أن الآية نزلت في وفد ثقيف، فقد ثبت ذلك بالإسناد الصحيح من طريقين في سنن أبي داود (3)، وكذا هو في " عين المعاني " و" تفسير الواحدي " و" تفسير عبد الصمد " وبكُلِّ حالٍ، فليس في شيءٍ من هذه الأحاديثِ والأقوالِ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سَاعَدَ وَفْدَ

(1) وذكره من قبله الطبري في تفسيره 15/ 88، ونقله ابن الجوزي في " زاد المسير " 5/ 67، وقال بإثره: وهذا باطل.

(2)

في (أ) و (ب) و (ج): وجد، والمثبت من هامش (ب).

(3)

الذي في سنن أبي داود لم يرد فيه سبب النزول، وما جاء في غيره لا يصح.

ص: 214

ثقيف إلى شيء من تغيير الشريعة بغير إذنٍ من الله تعالى على وجه صريح.

وإذا تطابق الرُّواةُ والحُفَّاطُ على مخالفة الثقة عَدُّوا حديثه منكراً، وإن لم يكن في لفظه، ولا في معناه نَكَارَةٌ، فكيف إذا كان كذلك، وينبغي التثبتُ الكثيرُ في رواية هذا الحديث بهذا اللفظ الذي ذكره العلامة رحمه الله، فكُلُّ أحدٍ يُؤْخَذ مِن قوله وُيترك إلا مَنْ عصمه اللهُ مِن رسله وأنبيائه، والله سبحانه أعلم.

فإذا صحَّ للسيدِ أن يَرْويَ هذا الحديثَ، ويتأوَّلَه ويجعلَه معارضاً لكتاب الله، جاز لِغيره أن يَرْوِيَ من الأحاديث المتشابهة ما هوَ دُونَ هذا ومثله (1) ويتأوَّلَه، ويقول: إنَّه غير معارضٍ للقرآنِ.

فإن قلتَ: إنَّك لم تروِ الحديثَ بتمامه.

قلت: قد رويت أوَّله، وأشرتَ إليه بطُوله بقولك: القصة واستكملها (2)، والظاهِرُ أنَّكَ لا تستحِلُّ الروايةَ عن المحدثين والرجوع إلى تفاسيرهم، فلم نحملك على أنك أردتَ أخذ رواياتِهِم التي ذكرناها، لأنَّك صرحت بأنه عليه السلام هَمَّ أن يُسَاعِدَهُم إلى قولهم هكذا على الإطلاق فنسبتَ إليه الهَمَّ بتغيير الشريعة، وتمتيعهم باللات، والكذبَ على الله، لأن فيما سألوه أن يقول: الله أمره بذلك ولم يأمره به، وهو عليه السلام مُنَزَّهٌ: من (3) هذا، لأن الإجماعَ منعقِدٌ على تنزيهه من معاصي

(1) في (ج) و (ش): أو مثله.

(2)

في (ج): أتم القصة واستكملها، وفي (ش) بقولك القصة يعني: أتم القصة واستكملها.

(3)

في (ج): عن.

ص: 215