الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحببنا التبركَ بالاستكثار من كلامه، فمن استكثر من كلامه، فقد استكثر مِن طيب.
الطريق الثانية: طريقُ الإمامِ المؤيَّدِ بالله يحيى بنِ حمزة عليه السلام، فإنَّه قال: إن الإجماعَ منعقدٌ على قبول رواية الخوارج مع ظهور فسقهم وتأويلهم، قلتُ: ما خلا الخطابية. هذا كلامُه عليه السلام في " المعيار ".
وقال عليه السلام في باب الأذان في " الانتصار ": وأما كفارُ التأويلِ -وهم المجبرة، والمشبِّهة والروافض والخوارجُ- فهؤلاء اختلف أهلُ القبلة في كفرهم، والمختارُ أنهم ليسوا بكُفَّارٍ، لأن الأدلة بكفرهم تحتمِلُ احتمالاتٍ كثيرة. وعلى الجملة، فمن حكم بإسلامهم، أو بكفرهم، قضى بصحة أذانهم، وقبول أخبارهم وشهاداتهم.
وقال عليه السلام في كتاب " الشهادات " من هذا الكتاب: ومن كَفَّر المجبرة والمشبِّهة، قَبِلَ أخبارَهم، وأجاز شهاداتهم على المسلمين وعلى بعض، وناكحوهم، وقبروهُم في مقابر المسلمين، وتوارثوا هُمْ والمسلِمُونَ (1).
الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله
عليه السلام، فإنه قال في كفار التأويل دَعْ عنك الفساقَ ما هذا لفظُه: فعلى هذا شهادتُهم جائزة عند أصحابنا. هكذا ثبت هذا اللفظ عنه في كتاب " اللمع " وكتاب " التقرير " وغيرهما أنَّه روى جواز الشهادة دَعْ عنك الرواية عنِ الكفار، دع عنك الفساقَ عن أصحابِنا بلفظ العموم من غير استثناء لأحد منهم، لا متقدِّمٍ ولا
(1) في (ب): والمسلمين.
متأخر. وقد تمسَّك السَّيِّد أيَّدَهُ اللهُ بمثل هذا في الإجماع، فروى في كتابه عن أبي طالب عليه السلام أنَّه قال: إلَّا أن المشهورَ والمعمولَ عليه عند أصحابنا ما يقتضيه أصولُه مِن المنع منه.
قال السَّيِّد أيَّده الله: فقولُه " عند أصحابنا " لفظ عموم يقتضي حكايةَ إجماعهم هذا لفظ السَّيِّد في المسألة الأولى في وضع اليُمنى على اليُسرى، فقد احتججنا على السَّيِّد بما نَصَّ على أنَّه طريق إلى معرفة الإجماعِ وهذا غايةُ الإنصاف، ولم نُوافِقْه على ما ذكره إلَاّ وهو كما قال، لأنَ المؤيَّد عليه السلام لولا أنَّه لا يعلمُ فيه خلافاً بين أصحابنا، لقال: عندَ بعض أصحابنا، أو عند أكثرهم، أو عند كثير منهم، أو عند متأخريهم أو متقدميهم، لكنه عليه السلام ترك هذه العبارات التي تُفيد الاختلافَ، وعدل عنها إلى العبارة العامة المستغرقة المفيدة لاجتماعهم على قبولِ كفار التأويل، والواجبُ حمل كلام العلماء على ظاهره، لا سيّما وقد قال أخوه السيد أبو طالب عليه السلام ما لفظه: ومن يُجيزُ شهادَتهم يذهب إلى أن الإجماعَ قد حصل في قبول شهادتهم وخبرهم، ذكره في " اللمع " وغيره فهذه رواية من أبي طالب عن أخيه المؤيَّد بالله عليه السلام أنَّه يذهب إلى أن الإجماعَ قد حصل على قبولِ خبرهم وشهاداتهم، فبيَّنَ بهذا أن الظاهر من كلام المؤيَّد بالله عليه السلام أنَّه يذهب إلى أن الإِجماعَ قد حصل على قبولِ خبرهم وشهاداتهم، فتبيَّن بهذا أن الظاهرَ مِن كلام المؤيد بالله عليه السلام دعوى إجماعِ (1) العِترة، وهو حجة ظاهرة.
الطريق الرابعة: طريقُ السَّيِّد الإمام أبي طالبِ عليه السلام، فإنه قال في كتاب " المجزىء " ما لفظُه: والذي يَعْتمِدُهُ الفقهاءُ في نصرة
(1) في (ب): دعوى الإجماع.
المذهب الأول -يعني قبولَ المتأولين- هو الرجوعُ إلى إتِّفاقِ الصحابة والتابعين على ذلك قالوا: لأن المعلومَ مِن حالهم أنهم كانوا يُراعون في قبول الحديث والشهادة الإِسلامَ الذي هو إظهارُ الشهادتين، والتنزّه عمَّا يُوجب الجرحَ، وُيسقِطُ العدالةَ من أفعالِ الجوارح دونَ أمر المذاهب، وأنهم كانوا مجمعينَ على التسوية بين الكل فيمن هذه حاله في قبول شهادته وحديثه مع العلْمِ باختلافهم في المذاهب، وهذه حكايةٌ من أبي طالب عليه السلام عن جميع الفقهاء أنَّهم ادَّعوا العلم بالإجماع.
ولما فرغَ مِن الحكاية أرادَ عليه السلام أن يُحَرِّرَ دعواهم للإجماع بِأفْصحَ مِن عبارتهم، ويقَرِّرَ مَا رَوَوهُ بأوضح مِن دلالتهم، فقال عليه السلام ما لفظُه: وُيمكن أن يُزاد في نصرة هذه الطريقة أن يقال: إنَّه لا إشْكَال في حدوثِ الفسق في أواخر أيَّامِ الصحابة فيما يتعلَّق بالاعتقاد، كمذهب الخوارج، وفيما يتعلق بأفعال الخوارج كفعل (1) البُغاة، والمعلوم من أحوال جماعتهم أن شهادتَهم كانت تُقْبَلُ وأخبارُهم لا تُرَدُّ، ولو رد ذلك لكان ينقل الرد كما نُقِلَ سائرُ الأحوال المتعلقة بمنازعة بعضهم لبعض. ثم تكلَّم عليه السلام في ما يُجاب به، وما ينقض به تلك الأجوبة على منهاج أهل النظر والإنصافِ من غير تجريح على المخالف، ولا دعوى لِوضوح (2) دليله في المسألة حتَّى لا يخفى على أحدٍ، كما فعل السَّيِّد أيده الله، ولم يَرْضَ بعبارتهم في دعوى الإِجماع حتى هذَّبها، فأحسنَ تهذيبَها، وحرَّرها فأجاد تحريرَها، وختَمَ كلامَه في المسألة بأن قال: والمسألةُ محتمِلَةٌ للنظر. ولم يقل كما قال السَّيِّدُ -أيَّده الله-: إن المسألة قطعيةٌ، وإن الحق معه دون
(1) في (ب): كأفعال.
(2)
تحرفت في (ب) إلى: " لو صرح ".