المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإشكال الثالث والعشرون: أنه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الإشكال الثالث والعشرون: أنه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

يثبت بخبرِ الواحد بخلاف التكفير والتفسيق، وقلتَ، في مثل هذه الأشياء: أقل الأحوال أن يكون هذا موجباً للشك، فلا تَحِلُّ الرواية عن أحد منهم حتى تحصل له تبرئة صحيحة من المخالفة لك في هذه المسألة القطعية، وأما سائرُ الأئمة، فإنما يلزمُك جرحُهم، أو الوقفُ فيهم، لأنَّه قد ثبت من عشرِ طرق كما يأتي بيانُه أن الأمة أجمعت على ذلك، وهذه الطرق العشر من جماعة قد تَحصَّلَ بخبرِ مثلهم التواتُر لا سيما وهم متفرقو الأوطانِ والأزمانِ، والبُلدان والأنساب، فَبَعُدَ تواطؤهم على الكذب لكنك لما علمتَ أن الأمة معصومة، وجب أن تقطع بأنهم ما صدقوا على الأمة كلها، لكن يعلم بالضرورة استحالةٌ تواطئهم على عمدِ الكذب، وصريحِ المباهتة، فيجب أن يُحْمَلَ كلامُهم على أنَّهم عَلِموا أن ذلك قولُ الأكثرين، ولم يعتدوا بالباقين إما لأنَّ المخالف إِذا ندر لم يعتبر عندهم، وإما لتوهمهم أن سكوتَ الباقين سكوت رضا، ونقول في دعواهم للإِجماع مثل ما قلنا في دعوى المعتزلة إجماع الصحابة في الإِمامة.

إذا ثبت - هذا فلا شَكَّ أنَّه قد التبس عليك الآنَ: مَن البريء من الأمة من هذه الدعوى، فلا تَحِلُّ الرواية عن أحدٍ من الأمة حتى تَحْصُلَ له براءة صحيحة غير معارضة بمثلها، شاهدة له بأنه لا يذهب إلى مخالفتك في هذه المسألة، ومن لم يحصل ذلك في حقه، بقي على الشك، فانظر أيُّها السيد إلى قول يُؤدي إلى التشكيك في قبول شهادة القاسم، ويحيى، والمنصور، والمؤيَّد فما أبعدَه عن الصواب.

‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

، وأن المخالفَ فيها غيرُ معذور بالتأويل، ألا ترى أن السيدَ -أيده الله- قال ما هذا لفظه: فيكون ردُّ روايتهم مقطوعاً به، ولا يصح الاجتهاد

ص: 314

فيه، وهذا صحيح في الأمارة الظاهرة التي يقع لِكل أحدٍ عندها الظن، وهذه المسألة من هذا القبيل. انتهي كلامه.

فبين أن الاجتهاد لا يَصِحُّ، وعلى هذا لا يُعذَرُ مَن اعتذر به، وأيضاًً قد بَيَّنَ السَّيِّد أن الأمارةَ الدالة على رد المتأولين ظاهرة يقع لكلٍ عندها الظن، فثبت بهذا أن المخالفين له -أيده الله- قد وقع لهم الظنُّ الراجح برد رواية المتأولين، وأن قبولهم للمتأولين مما هو عمل بالمرجوح قطعاً، وإنما توهموا أنَّه راجحٌ توهماً لا حقيقةَ له؛ لما لم ينظروا على الوجه الصحيح. والتقصير في النظر في المسائل القطعية حرام.

فإذا تقرر هذا، فقد ثبت أنَّه لا يجوزُ العلمُ بصغر المعصية، فوجب أن يكونَ المخالف للسيد -أيَّده الله تعالى- عاصياً معصيةً محتملة للكبر والفسق، ومحتملة للصغر، فلا يجوز في مَنْ صَحَّ عنه أنَّه خالف السَّيِّد في هذه المسألة أن يقطع بأن ظاهره الإسلامُ والإِيمان، ولا يقطع بأن ظاهره الفسقُ، بل نقف في أمره، ويكون الخلاف في الترضية عنه مثل الخلاف في الترضية عن المتقدمين على علي عليه السلام، لأنهم سواء، إذ كُلُّ منهم أخطأ في مسألة قطعية متأولاً، وأصرَّ على خطئه ومعصيته حتى مات فهذه مِئتا إشكال ونيف على مقدارٍ يسير من كلام السَّيِّد في كتابه أظهرتُ بيانها لِيظهر له أنْ (1) قد تعسَّف عليَّ في كتابه، وتعنتني في احتجاجه، فالله المستعان.

(1) في (ب): أنه.

ص: 315

الفصل الثاني: في الدليل على قَبول المتأوِّلين، ومعارضة الحُجَجِ التي أوردهَا السيدُ مِن العمومات والأحاديث، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: الكلامُ (1) في الفاسق بالتأويل. والذي حَضَرني الآنَ مِن الحجج على قَبوله خمسُ وثلاثون حُجةً، منها ما أوردتهُ للاعتماد عليه في الاحتجاج، ومنها ما أوردتهُ معارضةً لما أَورَدَه السَّيِّد من العمومات البعيدة.

الحُجَّة الأولى: الإجماعُ، وهو مِن أقوى ما يُحْتجُّ به في هذه المسألةِ؛ لأن حجج السَّيِّد كُلَّها عامَّةٌ، وهذه الحجة خاصةٌ، والإجماع الخاصُّ مُقَدَّمٌ على العمومات بإجماع، لأنَّه متأخر عنها، مُبيِّنٌ لها، فهو في أرفع مراتب الأدلَّةِ الظاهرة، وأقوى المتمسَّكَاتِ في مثل هذه المسألةِ، والذي يدل على صحة هذا الإجماعِ وجهان:

الوجه الأول: أنَّه قد ادَّعى جماعةٌ مِن الأئمة عليهم السلام، وخلقٌ مِن سائر علماءِ الإسلام أنَّ الصدرَ الأوَّل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على قَبولِهم، ونقل هذا الإجماع عَدَدٌ كثير لا يأتي عليه العَدُّ، وأنا أُشير إلى جماعةٍ يسيرة من أعيانهم لم أتمكَّن في الوقت مِن ذكر أكثر منهم، وقد شكَّ جماعة من العلماء في صحة دعوى الإجماع من غير قطع على بطلانه، ولا رواية لِخلاف كان في ذلك بين الصحابة.

فاعلمْ أَنَّه لم يُنْقلْ عن أحدٍ مِن الصحابة أنَّه لا يقبلُهم ألبتة، وكذلك

(1) في (ب) و (ش): في الكلام.

ص: 316

لم يَدَّعِ أحدٌ من الخلف، ولا مِن السَّلَفِ أَن الأمة أجمعت على رَدِّ فساق التأويل. فتأمل هاتين الفائدتين وإنما وقع الخلافُ في إجماعهم على القَبول، فطائفةٌ من الأئمة والعلماء قطعوا بأنهم أجمعُوا على ذلك، وطائفة منهم شكُّوا في ذلك، وبيان هذه الجملة يَظهر في أربعِ فوائد:

الفائدة الأولى: في الإشارة إلى طرف يسيرٍ من طرق الإجماع المروي في قبول فُسَّاق التأويل، فاعلم أنَّ طرق نقل الإجماع في هذه المسألةِ كثيرةٌ لا سبيل إلى حصرها، وقد ذكر السَّيّدُ أبو طالب أن مَنْ قَبِلَ المتأولين فإنه يذهبُ إلى أنَّ الإجماعَ قد حصل في قبولِ شهادتهم وخبرِهم، وكلامُه عليه السلام يدل على أَنَّ كُلَّ مَنْ يذهب إلى هذا المذهبِ، فقد روى الإِجماعَ على ذلك، ولا شَكَّ أن الذاهبينَ إلى هذا المذهب عدد كثير يزيدون على العددِ المشروط في التواتر أضعافاً مضاعفة، ولو حضرتنا تواليفُ كثيرٍ منهم لنقلنا ذلك عن كثيرٍ منهم بألفاظهم، ونحن نذكُرُ طرفاً يسيراً من ذلك على حسب ما حضر مِن التواليف، وجملةُ ما حضر من ذلك عشرُ طرق:

الطريق الأولى: طريق الإمام المنصور بالله عليه السلام، فإنه عليه السلام ادَّعى إجماعَ الأمة على قبول فساق التأويل، وذلك معروف في تصانيفه عليه السلام، وقد تيسَّر لي في وقت كتابة هذا الجواب نقلُه عنه عليه السلام من موضعين:

الموضع الأول: كتاب " صفوة الاختيار " في أصول الفقهِ من تصنيفه عليه السلام، فإنه قال فيه ما لفظُه:

مسألة: اختلف أهل العلم في خبرِ الفاسقِ مِن جهة التأويل، فحكى شيخُنا الحسن بن محمد رحمه الله عن الفقهاء بأسرهم، والقاضي، وأبي

ص: 317

رشيد أنَّه يقبل إلَاّ أن يُعلم أنَّه ممن يستجيزُ الكذب كالخطَّابية (1) ومَنْ ضاهاها، وحُكي عن الشيخين أبي علي (2) وأبي هاشم (3) أنَّه لا يقبل، قال رحمه الله: وكان القاضي يقول: مذهبُ (4) أبي علي وأبي هاشم أقيسُ، ومذهبُ الفقهاء أقربُ إلى الأثر، وكان يعتمِدُ الأولَ، وهو الذي نختارُه. والذي يدُلُّ على صحته إجماعُ الصحابة على قبوله، وإجماعُهم حجةٌ على ما يأتي بيانُه، أما أنهم أجمعوا، فذلك معلوم من ظاهر حالهم لمن تَصَفَّحَ أخبارَهم، واقتصَّ آثارهم، وذلك لأن الفتنة لما ظهرت فيهم، وتفرَّقوا فِرَقاً، وصاروا أحزاباً، وانتهي أمرُهم بينهم إلى القتلِ والقتالِ، وكان بعضُهم يروي عن بعضٍ بغير مناكرةٍ بينَهم، بل اعتمادُ أحدهم على ما يرويه عمَّن يُوافقه كاعتماده على ما يرويه عمَّن يُخالفه، وذلك ظاهر فيهم كروايتهم عن النعمان بنِ بشير (5)، وروايتهم عن أصحاب الجمل، وعن

(1) هم أصحاب أبي الخطّاب محمد بن مقلاص، أبو زينب الأسدي الكوفي الأجدع الزراد البزاز، المقتول عام (138) هـ، وانظر تفصيل القول في هذه الفرقة في " مقالات الإسلاميين ": 10 - 13، و" التبصير ": 73، و" الفرق بين الفرق ": 247 - 250، و" الملل والنحل " 1/ 179 - 181، و" خطط المقريزي " 1/ 352، و" نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام " 2/ 231 - 245.

(2)

هو شيخُ المعتزلة، وصاحبُ التصانيف، أبو علي محمد بن عبد الوهّاب البصري الجبائي، المتوفّى سنة (303) هـ مترجم في " سير أعلام النبلاء " 14/ 183 - 185، وكان -كما يقول الإمام الذهبي- على بدعته - متوسعاً في العلم، سيال الذهن، وهو الذي ذلل الكلام وسهله، ويسر ما صعب منه.

(3)

هو أبو هاشم، عبد السلام بن محمد بن عبد الوهّاب البصري، المتكلم المشهور، شيخ المعتزلة وابن شيخهم، تُوفي ببغداد في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة. " العبر " 2/ 187.

(4)

تحرفت في (ب) إلى: بمذهب.

(5)

هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة، الأميرُ العالمُ، صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنُ صاحبه، ولد سنة اثنتين، وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وعُدَّ من الصحابة الصِّبيان باتفاق، وكان من أمراء معاوية، فولَاّه الكوفة، ثم وليَ قضاء دمشق بعد فضالة، ثم ولي إمرة حمص، روى =

ص: 318

نَقَلَةِ أصحاب النَّهروان (1) وغيرهم، وكانوا في أمرهم بين راوٍ عنهم، وعاملٍ على مقتضى الرواية، وساكتٍ عن الإِنكار، وذلك يُفيد معنى الإِجماع، ولأنَّهم لما افترقوا، لم يختلفوا في أن الكذبَ لا يجوزُ، بل المعلوم من حالِهِم التشديدُ على مَنْ فعل ما يعتقدون قُبْحَهُ، أو كذب في شيء من كلامه.

ومن ذلك ما رُوي أن الخوارجَ لما نادت قَطَرِيَّ بنَ الفجاءة (2) من خلفه: يا دابَّة يا دابة، فالتفت إليهم، وقال: كفرتُم، فقالوا: بل كفرت لِكذبك علينا وتكفيرك إيانا، وما قلنا لك إلَاّ ما قال اللهُ سبحانه:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] ثم قالُوا له: تُبْ من تكفيرك إيَّانا، فقال لعُبيدة بن هلال (3): ما ترى؟ قال: إن أقررت بالكفر، لم يقبلوا توبتَك، ولكن قُلْ: إنَّما استفهمتكُم، فقلتُ: أكفرتم؟ فقالوا: لا ما كفرنا. ثم انصرفوا، فإذا كان الأمرُ كما ترى، كان من يقول: من كذب، كفر، روايتُه أولى من رواية مَنْ يقول: من كذب

= عن النبي صلى الله عليه وسلم مئة وأربعة عشر حديثاًً، اتَّفق الشيخان له على خمسة، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بأربعة. قُتل في آخر سنة أربع وستين. " سير أعلام النبلاء " 3/ 411.

(1)

بليدة قديمة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، وفيها سنة 38 هـ كانت وقعة بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وبين الخوارج، قُتل فيها رأس الخوارج عبد الله بن وهب السبأي وأكثر أصحابه. " العبر " 1/ 44.

(2)

هو الأمير أبو نعامة التميمي المازني، الفارس المشهور، رأسُ الخوارج، خرج زمن ابن الزبير، وهزم الجيوش، واستفحل بلاؤه، وقد كسر جيش الحجاج غير مرة، وغلب على بلاد فارس، وله وقائع مشهودة، وشجاعة نادرة، وشعر فصيح سائر، وخُطب بليغة، وقد استوفي أخبارَه المُبَرّدُ في " الكامل " 3/ 355 وما بعدها، وقد قُتل سنة تسع وسبعين هـ " سير أعلام النبلاء " 4/ 151 - 152.

(3)

هو عُبَيدة بن هلال اليَشكري، من رؤساء الأزارقة، وشعرائهم، وخطبائهم، كان مع قطري بن الفجاءة، ثم ولي بعده أمر الخوارج، قتله سفيانُ بن الأبرد الكلبي سنة (77) هـ في حصن قُومِس بجبالِ طبرستان، وانظر " البيان والتبيين " للجاحظ 1/ 55، و" الاشتقاق " لابن دريد: 343، و" الكامل " لابن الأثير 4/ 441 - 443.

ص: 319

فسق، لأن الإنسان قد يتجاسر على الفسق، ولا يتجاسر على الكفر، وقولُ مَنْ يقول: إن مَنْ عُرِفَ بالكذب في المعاملات لا يُقبل خبرُه، فكيف يُقبل خبرُ من عُرِفَ بالكذب على أفاضِل (1) الصحابة، وساداتِ المسلمين من المهاجرين والأنصار، وانتقاصهم لا يتَّسِقُ، لأن المعلوم مِن حالهم أنَّهم لا يكذبون على أفاضِلِ الصحابة في الرواية عنهم، وإنَّما يكذبون عليهم في الاعتقاد، وذلك خارج عن باب الإخبار، وكانوا لا ينتقِصُونَ إلَاّ مَنْ يعتقدون الصوابَ في انتقاصه ومحاربته.

فأما من عُلِمَ مِن حاله استجازةُ الكذب على آحاد الناس فيما يرويه عنهم فضلاً عن فضلاء الصحابة، لم يُقبل خبره كما قلنا في الخطابية ومَنْ شاكلهم، وإنَّما منعنا مِن قبول خبرِ الفاسق مِن جهة التصريح، فلأنا نعلم منه التجاسرَ على الكذب، والإقدامَ على القبيح، فلا تَسْكُنُ النفسُ إلى صدقه فيما يرويه، ولا يَغْلِبُ على الظن صحةُ ما يقوله، وليس كذلك الفاسق من جهة (2) التأويل لأنَّه لا (3) يُقْدِمُ على ما يعلم كونه قبيحاً، فصح ما قلناه. انتهي كلام المنصور عليه السلام في كتاب " الصفوة ".

الموضع الثاني: كتاب " المهذب "(4) فإنَّه عليه السلام قال في كتاب " الشهادات " منه ما لفظه: وقد ذكر أهلُ التحصيلِ من العلماء جوازَ (5) قبولِ أخبار المخالفين في الاعتقادات، وروى عنهم المحققون بغير مناكرةٍ، ذكره عليه السلام في كتاب " الشهادات " محتجّاً به على قبولِ

(1) في (ب): على فاضل الصحابة.

(2)

من قوله: " التصريح " إلى هنا سقط من (ب).

(3)

سقطت " لا " من (ب).

(4)

تحرف في (ب) إلى: المهدي.

(5)

سقطت من (ب).

ص: 320

شهادتهم.

قال عليه السلام: لأن الإخبارَ نوع من الشهادة، وتجري مجراها في بعضِ الأحكام، والدليلُ على أنَّه عليه السلام ادَّعى الإجماعَ في هذا الكلامَ وجوه:

أولها: -وهو أقواها- أنَّه احتجَّ على جواز الشهادة بالقياسِ على الأخبار، واحتجَّ على قبولهم في الأخبار بأنَّ المحصلين ذهبوا إلى جواز ذلك بغيرِ مناكرة، فلو أراد بالمحصِّلين بعضَ العلماء، أو أراد بغير مناكرة مِن بعضهم مع وجود المناكرة مِن البعض، لم يكن ذلك إجماعاًً، ولو لم يكن إجماعاً، لم يكن فيه حجة، وقد ثبت أنَّه جعله حجةً، وقاسَ عليها، ولفظهُ صالح لإفادة دعوى الإجماع في اللغة من غير تعسُّفٍ ولا تأويل، فوجب القولُ بظاهره، وتأكَّد الظاهرُ بهذه القرينة.

وثانيها: أنَّ ظاهر كلامه يقتضي دعوى الإجماعِ من غير قرينة، وذلك لأنَّ قولَه: إن أهلَ التحصيل من العلماء ذكروا جوازَ ذلك يَعُمُّ جميعَ أهلِ التحصيل ولم يخرج مِن هذا اللفظ إلَاّ مَنْ ليس مِن أهل التحصيل، ومن لم يكن مِن أهل التحصيل، فليس بمجتهد لا في الوضع اللغوي، ولا في العرف الطارىء، لأنَّه ليس يَصحُّ أن يقَالَ لِعالم مجتهدٍ من علماء الإسلام: إنَّه ليس مِن أهل التحصيل.

وثالثها: قولُه بغيرِ مناكرة مطلقٌ يقتضي نفي المناكرة (1) عن جميع الأُمَّةِ، وقد أطلق القولَ في ذلك، ولم يُقيده بقيدٍ، فأفاد الإجماعَ على أنه عليه السلام قد صرَّح بدعوى الإجماع في كتاب " الصفوة "، وإنَّما

(1) تحرف في (ب) إلى: الناكرة.

ص: 321